في تدخل له أمام اللجنة السياسية للأمن وحقوق الإنسان بالجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط قدم أحمد الزيدي عرضا سياسيا تناول فيه ديناميكية الإصلاحات الكبرى التي يشهدها المغرب انطلاقا من نضالات عمرت لسنوات تحمل فيها الاتحاد الاشتراكي ضمن الأحزاب الوطنية المناضلة مسؤوليته وأدى من أجلها الثمن غاليا من أجل مغرب متحرر، مغرب عادل ديمقراطي وحداثي، انطلاقا من هذه النضالات وتراكماتها وصولا إلى دستور يوليوز 2011 كإحدى المحطات البارزة في نضال متواصل مشيرا إلى أن التجربة المغربية متميزة في إشارة إلى الأوضاع في كل من الجزائر ،تونس،مصر،ليبيا والأردن والتي لا يمكن وضعها يشير رئيس الفريق الاشتراكي في نفس التصور في إشارة إلى الحراك الذي تشهده المجتمعات العربية عموما والمغاربية بالتحديد مؤكدا على الخصوصيات المختلفة. ذلك أن المغرب يقول أحمد الزيدي سلك طريق الإصلاحات الدستورية في وقت مبكر وفي ارتباط مع الاصلاحات السياسية مشكلا بذلك الاستثناء الذي نؤكده اليوم ليس من منطلق النرجسية بل من واقع لا أخال الزملاء في البرلمانات الأروبية إلا أن الوقوف عنده بكل موضوعية، وهي فرصة اليوم لمن ليس لهم معرفة حقيقية بالأوضاع في المغرب مراجعة أطروحاتهم السطحية والتي تعود سطحيتها ربما لضعف التواصل الذي نتمنى أن نعوضه بديناميكية أكثر تواصلية. الديناميكية التي يشهدها المغرب اليوم هي نتاج إرادة وتوجه ديمقراطي برعاية جلالة الملك محمد السادس وبانخراط كل مكونات الأحزاب الوطنية والتنظيمات النقابية والجمعوية والحقوقية وهيئات المجتمع المدني بمختلف مكوناتها وفي طليعتها الحركات الشبابية المغربية التي وصلت حدا من الارتقاء بمسؤولياتها والتي نستطيع القول هنا بأنها كانت في صلب معادلة المناداة بالإصلاحات السياسية مركزة طلباتها على محاربة الفساد وتحقيق العدالة المجتمعية والحفاظ على كرامة الوطن وأبنائه وهو ما عبرت عنه بإسقاط الفساد. يعتز مجلس النواب اليوم وهو يقدم لكم خلاصة هذه الديناميكية مجسمة في الإصلاحات الدستورية التي جاء بها الدستور الجديد، ويعتز بالدينامية المواكبة والتي قال عند لحظات بشأنها السفير السيد «بيرنار دينو» ليون ممثل الاتحاد الأوروبي جنوب البحر الأبيض المتوسط أنها تتعلق ببلد كالمملكة المغربية يحقق مكاسب وفي هدوء من خلال الاستجابة لمطالب في إطار الدستور والعمل بها المسؤول الأوروبي كان يرد بذلك بكيفية غير مباشر وعلى بعض المندوبين كالمندوب الجزائري الذي لم يستسغ الحديث عن الحراك الديمقراطي في المنطقة دون ذكر الجزائر فيما يلي جزء من مداخلة الأخ أحمد الزيدي الذي وضع نصها لدى سكرتارية رئاسة اللجنة. في هذه اللحظات التي نجتمع فيها هنا بالبرلمان الأوروبي حول التحولات التي تشهدها الساحة العربية والمغاربية بالتحديد يعرف المغرب تحولات وأوراشا مفتوحة في ظل دستور جديد ، لم يأت من فراغ، بل من تجربة عريقة أعتز بأن أقدم لكم اليوم بعض أبرز محطاتها، وأرجع شيئا ما إلى الوراء لا ذكر بالسباق التاريخي الذي جاءت الإصلاحات في ظله فالتحولات السياسية التي عاشتها أوروبا وبالخصوص أوروربا الشرقية نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات والمتمثلة أساسا فإنهيار الاتحاد السوفياتي ونهاية القطبية الثنائية وسقوط جدار برلين (9نونبر1989)، وبعد عقدين من الزمن اندلعت في أواخر 2010 وبداية 2011 موجة عارمة من «الثورات» والاحتجاجات في مختلف أنحاء العالم العربي بدأت محمد البوعزيزي والثورة التونسية التي أطلقت وثيرة الشرارة في كثير من الأقطار العربية، أطلق عليها اسم «الربيع العربي» وترجع أسباب هذه التظاهرات والاحتجاجات المفاجئة إلى فساد الأنظمة وعنوانها العريض «انتشار الفساد» ومعه انتشار ثقافة الريع والمحسوبية وقمع الشعوب مما أدى إلى الركود الاقتصادي وسوء الأحوال المعيشية إضافة إلى التضييق السياسي الذي أدى إلى غياب حرية التعبير وعدم احترام حقوق الإنسان وإحساس المواطن بالمهانة. تطورت هذه الاحتجاجات إلى ثورات في كل من تونس ومصر وليبيا ومظاهرات مسترسلة في كل من اليمن وسوريا وأخرى غير منتظمة تطالب بالإصلاحات السياسية والدستورية في البعض الآخر من العالم العربي قادتها الحركة الشبابية التي ساهمت في تسريع عملية إنزال بعض الإصلاحات السياسية والدستورية إلى أرض الواقع. لعلني لن آتي بجديد إذا قلت لكم أن المغرب وهذا شيء يشهد به جميع المراقبين الجديين لم ينتظر حراك الربيع العربي للقيام بالإصلاحات السياسية ، بل يكاد يكون الوحيد في العالم العربي إلى جانب اختياره التعددية الحزبية ومحاربة الحزب الوحيد منذ بداية الاستقلال ، اختار كذلك طريق الإصلاح التدريجي ، معتبرا أن الديمقراطية تتعلم ، وليست معطى قبلي، بل تؤخذ بالتدريج. الثابت أن المغاربة بدؤوا مبكرا يتمرسون على العمل الديمقراطي منذ الستينات رغم الصراعات وكل العوائق والمواقف القاسية للسلطة خلال الستينات وبداية السبعينات وحتى الثمانينات والتي أحدثت تعثرا مريبا في التطور الديمقراطي بالمغرب. لكن بالمقابل فإن ارتفاع المستوى الثقافي نسبيا سواء من حيث التعليم أو درجة الشهادات أو من حيث نوعية الوعي الثقافي والفكري الذي تولد لدى الشباب والفئات المتوسطية من المجتمع، مثل الشرط الأساسي للمطالبة بالديمقراطية. وبالتالي فإن الإصلاحات الدستورية الأخيرة التي عرفها المغرب لم تأت من فراغ بل هي نتيجة لتراكمات لخمس عقود من الزمن وقد عاشها الإطار السياسي الذي أنتمي إليه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بسجونها واعتقالاتها التعسفية وآلامتها العميقة، وبالصمود في وجه كل أنواع البطش آنداك من أجل مجتمع ديمقراطي حداثي يؤمن بالتطور ويجعله في مقدمة أهدافه الإستراتيجية. إن هناك محطات تاريخية لا بد من الوقوف عندها لفهم مغزى هذا التحول. أ دستور 1962 *حدد طبيعة النظام السياسي المغربي كنظام ملكية دستورية. * نص على منع نظام الحزب الوحيد * أسس لنظام برلماني من غرفتين، مجلس النواب ومجلس المستشارين. ب دستور 1970 : سجل تراجعا عن دستور 1962 قاطعته أحزاب الحركة الوطنية ج دستور مارس 1972 عرف مقاطعة بعض الأحزاب رغم الاستجابة لبعض مطالب أحزاب الحركة الوطنية التي اعتبرتها غير كافية . د دستور شتنبر 1992 نحن في بداية التسعينات حيث عرف العالم تغييرات كبيرة ، بعد انتهاء فترة الحرب الباردة بين المعسكر الغربي والشرقي، مما جعل قوى المعارضة السياسية ترفع من حدة مطالبها من جديد بإصلاح الدستور، عبر رفع مذكرتين حول الإصلاح الدستوري إلى الملك: الأولى في شهر أكتوبر 1991 من حزبي الاتحاد الاشتراكي و الاستقلال وبدعم من منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، والثانية في شهر يونيو 1992 من طرف أحزاب الكتلة الديمقراطية التي كانت قد تأسست في ماي 1992 من أحزاب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي هذا المسعى النضالي والحضاري جعل دستور 92 يصنف كخطوة متقدمة إذ تضمن الدستور الجديد بعض المطالب وبعض المبادرات أهمها: على مستوى المؤسساتي ، إحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والمجلس الدستوري وإقرار مبدإ الجهوية أيضا تم الإقرار بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وتحديد 30 يوما لإصدار الملك الأمر بتنفيذ كل قانون بعد المصادقة عليه من طرف البرلمان بعد أن ظل مفتوحا لسنوات. على مستوى تدبير الشأن العمومي حدث تطور نوعي بخصوص تشكيل الحكومة إذ تم التنصيص دستوريا على أن الوزير الأول يقترح التعيين، وإقرار حق الحكومة في اللجوء إلى المجلس الدستوري في مجال القوانين العادية والقوانين التنظيمية. ولأول مرة سيتم تكريس المسؤولية المزدوجة للحكومة أمام الملك وأمام البرلمان من خلال إخضاع برنامج الحكومة للتصويت بالثقة من قبل مجلس النواب والإجابة على الأسئلة الشفهية للبرلمان في أجل أقصاه 20 يوما. دستور 1992 جاء بإشارة أخرى قوية مفادها الرغبة في تقوية سلطة الرقابة لدى البرلمان، من خلال دسترة لجان تقصي الحقائق. لن أتوقف عند الصراع بين النظام والمعارضة حسبي أنكم تقدرون الفاتورة واحدة من أبرز محطاته وهي ما يهمنا هنا هو التطور الإيجابي للوصول إلى العهد الديمقراطي ونتوقف عند محطة دستور 1996 . جاء هذا التعديل الدستوري في سياق اقتراح «التناوب» على أحزاب المعارضة إضافة إلى بعض الإشارات الإيجابية ، لفائدة عدد من زعماء المعارضة المنفيين أبرزهم عبد الرحمان اليوسفي الذي عاد من المنفى مباشرة ليقود فيما بعد حكومة التناوب التوافقي. كان أهم مستجدات دستور 1996 ، التأسيس لمؤسسة تشريعية تتكون من غرفتين : مجلس النواب ينتخب بالاقتراع العام المباشر، ومجلس المستشارين ينتخب باقتراع غير مباشر، وإحداث المحكمة العليا والتنصيص على إحداث المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي سيتأخر إنشاؤه ثم إحداث المجلس الأعلى للحسابات. بالرغم من الملاحظات التي لأبديناها حول هذا التطور في حينه فقد اعتبرناها خطوة متقدمة وقفزة نوعية سجلها الملاحظون الدوليون بجانب التصويت ولأول مرة بشبه الإجماع على هذا الدستور. وبالموازاة مع الإصلاحات الدستورية، عرف المغرب إصلاحات سياسية هامة منها على سبيل المثال وليس الحصر: إحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (دستور1992) إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة(IER ) (2004) مدونة الأسرة (2005) المبادرة الوطنية للتنمية البشرية(ماي 2005) إحداث اللجنة الاستشارية للجهوية (يناير2010) من أجل إعداد تصور متكامل للجهوية المتقدمة بالمغرب قبل نهاية سنة 2010. ويعتبر هذا الحدث إشارة قوية وواضحة لاقتراب موعد الإصلاحات الدستورية، لأن تطبيق التصور الجديد للجهوية يتطلب بالضرورة إصلاحات دستورية قبلية. هذه الأوراش التي حدثت في عهد حكومة التناوب كانت الرعاية الملكية منطلقها الأساسي وقاطرتها المتحركة بسرعة أوراش إصلاحية، وتنموية وتوجه نحو المستقبل بكل يقين. تتويجا لهذه التراكمات ، جاء الخطاب الملكي ل 9 مارس في الوقت المناسب كجواب لمتطلبات المرحلة، وكدافع من أجل تسريع الإصلاحات الدستورية بالمغرب. فما هي المراحل التي قطعتها؟ وما هي الآليات التي استعملت لإعداد مشروع الدستور؟ ثم ما هي مضامين هذا الأخير وكيف تم الشروع في تفعليه لعل هذه الأسئلة بالتحديد هي التي ينتظر منا هذا اللقاء الجواب عنها ، وفيما يلي محاولة للإجابة على هذه الأسئلة. أ الإعلان عن الإصلاحات الدستورية عن طريق الخطاب الملكي ل :9 مارس 2011 في سياق تاريخي حساس وخاص ، وما تشهده الأوضاع الإقليمية من مد ديمقراطي في صيغة ثورات وتظاهرات (تونس ، مصر، ليبيا،....) ومع ارتفاع الطلب على التغيير السياسي ، عن طريق الأحزاب والحركية النشطية لشباب 20 فبراير وانخراط الفعاليات الديمقراطية في هذا الورش الكبير الذي جاء في خطاب جلالة الملك يوم 9 مارس، ليعلن عن بلورته في شكل مشروع مجتمعي تمثل في تعديل دستوري شامل، أثار موجة من الارتياح، عبرت عنها مختلف القوى السياسية والمدنية، واقتنع الجميع أن المبادرة الملكية هي بصدد إحداث ثورة حقيقية مجسمة في الاستجابة السريعة ، لتطلعات المجتمع المغربي ، ولنبض الشارع. تعديل جاء شاملا وواضحا، وتضمن المطالب الأساسية للقوى السياسية والمجتمع المدني والشارع المغربي، باعتراف الفاعلين والمحللين السياسيين أنفسهم.( نعم إنها خطوة كبيرة وكبيرة جدا وهي المتاحة في الوقت الراهن في مجتمع يتسم بالديناميكية والتطلع الدائم للأحسن. لقد اعتمد التعديل الدستوري الجديد سبعة مرتكزات أساسية . 1- التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة، الغنية بتنوع روافدها اللغوية كرصيد لجميع المغاربة. 2- ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان بكل أبعادها السياسية التوصيات الوجيهة لهيأة الإنصاف والمصالحة. 3- الارتقاء بسلطة القضاء إلى سلطة مستقلة وتعزيز سلطات المؤسسات القضائية ، توطيدا لسمو الدستور، ولسيادة القانون والمساواة أمامه. 4- توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها، وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها من خلال مجموعة من الإجراءات أكتفي هنا نظرا لضيق الوقت للإشارة لبعضها: برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة يتبوأ فيها مجلس النواب مكانة الصدارة، عبر توسيع مجال القانون وتخويله اختصاصات جديدة، كفيلة بنهوضه بمهامه التمثيلية والتشريعية والرقابية. حكومة منتخبة منبثقة عن الإرادة الشعبية . تكريس تعيين الوزير الأول من الحزب الأول الذي تصدر انتخابات مجلس النواب . تقوية مكانة الوزير الأول كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية .- دسترة مؤسسة مجلس الحكومة. 5- تعزيز الآليات الدستورية لتأطير المواطنين بتقوية دور الأحزاب السياسية في نطاق تعددية حقيقة، وتكريس حكامة المعارضة البرلمانية والمجتمع المدني. 6- تقوية آليات تخليق الحياة العامة، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة. 7- دسترة هيأة الحكامة الجيدة، وحقوق الإنسان وحماية الحريات وفي التكريس الدستوري للجهوية المتقدمة عبر انخراط الجميع في مواصلة آنصاج تصور اللجنة الاستشارية وفتح المجال أمام نقاش وطني واسع وبناء، يستهدف التكريس الدستوري للجهوية واعتماده على بعض التوجهات الأساسية : أذكر من بينها : تخويل الجهة المكانة الجديرة بها في الدستور ، ضمن الجماعات الترابية، وذلك في نطاق الدولة والوطن والتراب، ومتطلبات التوازن والتضامن الوطني مع الجهات وفيما بينها. التنصيص على انتخاب المجالس الجهوية بالاقتراع العام المباشر. تخويل رؤساء المجالس الجهوية سلطة تنفيذ مقرراتها بدل العمال والولاة. تعزيز مشاركة المرأة والشباب في تدبير الشأن الوطني والمحلي والجهوي في الحقوق السياسية عامة وذلك بالتنصيص على تيسير ولوج هذه الشرائح للمهام الانتخابية. إعادة النظر في تركيبة وصلاحيات مجلس المستشارين في اتجاه تكريس التمثيلية الترابية للجهات. يتبع تمت الإشارة إلى كيفيات إعداد الدساتير من فقرات سابقة اسمحوا لي أن أتوقف عند التجربة المغربية والكيفية التي تم بها إعداد وثيقة الدستور، فخلافا للتجارب السابقة، انطلاقا من دستور1962 ومرورا بكل التعديلات السابقة، ظلت اعداد الدستور اختصاصا ملكيا محضا، يقوم به القصر بمساعدة خبراء فرنسيين بالخصوص وبعض الفقهاء المغاربة، في حين كانت المعارضة الوطنية تكتفي بتسليم مذكرات ومطالب، لا تؤخذ في نهاية المطاف بعين الاعتبار. خلافا لهذه المنهجية، اختار المغرب هذه المرة مقاربة تشاركية تتمثل في إحداث آليتين هامتين: 1- لجنة استشارية لمراجعة الدستور، مكونة من ثمانية عشر من أساتذة قانون ومفكرين وسياسيون من خيرة الأطر المغاربة ومن مختلف التخصصات المعرفية. اللجنة حدد دورها في الإصغاء والتشاور مع المنظمات الحزبية والنقابية والفعالية النسائية والشبابية والجمعوية وأعمالها خلال شهور يونيو 2011. 2- آلية سياسية ، مهمتها المتابعة والتشاور، وتبادل الرأي، بشأن الإصلاح المقترح ، تضم بصفة خاصة، رؤساء الهيئات السياسية والنقابية، مناقشاتها استغرقت ثلاثة أشهر من المشاورات والعمل المتواصل والجاد، سلم إثرها رئيس اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، للملك يوم الجمعة 10 يونيو مشروع الدستور الذي تم إعداده . كما سلم من جهته رئيس الآلية السياسية للمتابعة والتشاور وتبادل الرأي بشأن مشروع مراجعة الدستور، لعاهل البلاد تقريرا عن مداولات الآلية والآراء والاقتراحات. والملتمسات التي عبر عنها زعماء الأحزاب والنقابات ومختلف الفعاليات بعد إطلاعهم على المضامين الرئيسية لمشروع مسودة الدستور. وبناءا على أشغال الآليتين السالفتي الذكر، توجه جلالة الملك يوم الجمعة 17 يونيو 2011، بخطاب إلى الأمة، دعاها من خلاله إلى الاستفتاء على الدستور وإعطاء رأيها في هذا المشروع الوطني الذي حدد له تاريخ فاتح يوليوز 2011، كما تناول في هذا الخطاب الهام الخطوط العريضة والمحاور الأساسية، التي يعالجها مشروع أول دستور في عهده، مؤكدا على أهمية المرحلة الجديدة ومبرزا أهم مميزات الدستور الجديد مشيرا إلى أنه «لأول مرة في تاريخ بلادنا» يتم إعداد دستور»من صنع المغاربة ولأجل جميع المغاربة» . لا أستطيع لضيق الوقت المحدد لي استعراض كل مضامين الدستور الجديد المكون من 180 مادة أي ضعف مواد الدستور السابق اكتفي بالإشارة إلى أبرز المضامين: 1 تكريس ثوابت الهوية المغربية بتعدد روافدها وانفتاحها: دولة إسلامية ذات سيادة، متشبثة بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار. أمة موحدة قائمة على تنوع روافد هويتها: العربية، الأمازيغية، الحسانية، الصحراوية، الإفريقية، الأندلسية، العبرية. 2 تعاقد لغوي على التعددية والانفتاح: تكريس الطابع الرسمي للغة العربية وتفعيل ترسيم الأمازيغية ضمن مسار متدرج باعتبارها لغة وطنية. إحداث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية. 3 ميثاق حقيقي لحقوق وواجبات المواطنة والحريات الأساسية: سمو المواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، على التشريعات الوطنية. * حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو الون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوية أو اللغة أو الإعاقة؛ * ترسيخ ترسانة من الحقوق والحريات ترقى إلى مستوى المجتمعات الديمقراطية المتقدمة؛ * توسيع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛ 4- تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية: * المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؛ * إحداث هيئة للمناصفة ولمحاربة كل أشكال التمييز؛ * تنصيص القانون على إجراءات التمييز الإيجابي لصالح النساء، في مجال الولوج إلى الوظائف العمومية والانتخابات 60 امرأة مرشحة اليوم لولوج البرلمان القادم (25 نونبر 2011) أي ضعف العددي بالنسبة للبرلمان الحالي وذلك كتطور ينشد الثلث في أفق المناصفة؛ 5- سيادة الأمة وسيادة الدستور: * السيادة الأمة، التي تمارسها مباشرة عن طريق الاستفتاء، وبصفة غير مباشرة عبر ممثليها؛ * انتخاب ممثلي الشعب في المؤسسات الوطنية عن طريق الاقتراع العام المباشر عبر انتخابات حرة ونزيهة؛ * سمو الدستور الذي تخضع له جميع السلطات بدون استثناء، مع إمكانية كل مواطن أن يدفع بدستورية القوانين؛ 6- الفصل بين السلط في إطار ملكية دستورية، ديمقراطية، برلمانية: * ملكية مواطنة، ضامنة لأسس الأمة، وتضطلع بمهام سيادية وتحكيمية، مع حذف كل إشارة على قداسة شخص الملك، وله واجب التوقير والاحترام، والتمييز الواضح بين سلطات الملك بوصفة أمير المؤمنين، وبوصفه رئيس للدولة وممثلها الأسمى، ورمز الوحدة الوطنية والترابية والتحكيم الأعلى وضمان الاختبار الديمقراطي والمصالح الأساسية للبلاد؛ * اعتبار رئيس الحكومة مسؤلا حقيقيا وموجها للفريق الحكومة، مع وضع الإدارة رهن تصرفه، وممارسته لسلطة تنفيذية حقيقية، ولصلاحيات واسعة في مجال التعيين في الوظائف المدنية؛ * برلمان قوي باختصاصات مدعمة، يمارس السلطة التشريعية، ويصوت على القوانين ويراقب الحكومة ويتولى تقييم السياسات العمومية؛ - نظام ثنائية برلمانية يخول مكانة الصدارة لمجلس النواب، الذي له وحده أن يضع مسؤولية الحكومة على المحك، وغرفة ثانية ذات عدد مقلص وذات طابع ترابي مع تمثيلية نقابية ومهنية؛ - توسيع مجال القانون ليرتفع عدد مواده من 30 إلى 60 مادة من بينها 26 قانون تنظيمي ولا سيما ما يتعلق بالضمانات في مجال الحقوق والحريات والعفو العام، والتقطيع الانتخابي ومجالات الحياة المدنية والاقتصادية والاجتماعية؛ - دعم آليات المراقبة مع إضفاء طابع المرونة على شروط النصاب القانونية لأعمالها: ملتمس الرقابة،لجن تقصي الحقائق، الإحالة على المحكمة الدستورية وطلب عقد الدورات الاستثنائية؛ - توازن مرن بين السلطات التشريعية والتنفيذية، حكومة مسؤولة مستقبلا أمام مجلس النواب فقط. ويمكن لرئيس الحكومة أن يحل هذا المجلس بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء. وذلك بعد استشارة الملك ورئءيس الغرفة الأولى ورئيس المحكمة الدستورية، 7- الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة: * دسترة الضمانات الأساسية لاستقلالية القضاء: نظام أساسي خاص مدعم بموجب قانون تنظيمي؛ * محكمة دستورية تسهر على احترام سمو الدستور، ينتخب نصف أعضائها من قبل مجلسي البرلمان؛ 8- تعزيز النظام الدستوري للفاعلين في مجال الديمقراطية المواطنة والتشاركية: * ترسيخ الدور المركزي للأحزاب السياسية في ممارسة الديمقراطية؛ * تخويل المعارضة البرلمانية نظاما حقيقيا كتوليها رئاسة لجنة العدل والتشريع، والولوج المنصف لوسائل الإعلام الرسمية والاستفادة من التمويل العمومي والمشاركة الفعلية في مراقبة الحكومة وفي عمل لجان تقصي الحقائق؛ * تأكيد دور النقابات باعتبارها فاعلا في مجال الديمقراطية الاجتماعية، وكذلك في المجال السياسي من خلال استمرارها بالغرفة الثانية؛ * الاعتراف فاعلا في الديمقراطية التشاركية، على الصعيد الوطني، وعلى المستوى المحلي؛ * ترسيخ نظام ودور وسائل الإعلام في النهوض بالديمقراطية وحقوق وحريات المواطنين؛ * التنظيم والضبط الديمقراطي لقطاعات الصحافة والاتصال السمعي البصري (دسترة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري)؛ 9- الديمقراطية الترابية والجهوية المتقدمة: * دسترة الجهوية المتقدمة: التوزيع الجديد والديمقراطي للصلاحيات بين الدولة والجهات؛ * التنصيص على المبادئ الموجهة للجهوية المغربية؛ - الوحدة الوطنية والترابية، التوازن، التضامن والتدبير الديمقراطي؛ - تحويل رؤساء هذه المجالس سلطة تنفيذ قراراتها (بدل ممثلي الدولة) - مبادئ التدبير الحر والتفريع؛ - انتخاب المجالس الجهوية بالاقتراع المباشر؛ - تكريس المجالس الجهوية لهيئة ناخبة في انتخابات مجلس المستشارين؛ * إعطاء أسس دستورية قوية لإعادة تشكيل النظام الترابي في اتجاه: - تحويل أكبر للصلاحيات من المركز إلى الجهات؛ إحداث أشكال جديدة من الشراكة والتعاقدية بين الدولة والجهات والجماعات الترابية؛ - تنمية لا تمركز الدولة المركزية؛ - إحداث صندوق التضامن بين الجهات وصندوق إعادة التأهيل الاجتماعي للجهات؛ 10- دعم وتقوية مجال الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة، ودولة القانون في المجال الاقتصادي: * قاعدة تلازم ممارسة المسؤوليات والوظائف العمومية بالمحاسبة؛ * مبدأ توازن مالية الدولة؛ * المبادئ الأساسية لاقتصاد السوق الاجتماعي ولدولة القانون في المجال الاقتصادي؛ * حق الملكية والمبادرة الحرة وحرية المنافسة؛ * إجراءات قوية في مجال النزاهة ومحاربة الفساد: معاقبة كل أشكال الانحراف في تدبير الأموال العمومية، والرشوة واستغلال النفوذ؛ * المنع القطعي للترحال البرلماني سواء بتغيير الانتماء السياسي أو بتغيير الفريق أو المجموعة البرلمانية؛ * تأطير وضبط شروط الاستفادة من الحصانة البرلمانية تجديدها فيما يتعلق بالرأي والتصويت داخل البرلمان، والمساواة أمام القانون فيما عدا ذلك)؛ * الحكامة الأمنية الجيدة: إحداث مجلس أعلى للأمن بوصفه هيئة للتشاور حول القضايا الاستراتيجية للأمن الداخلي والخارجي للبلاد؛ * دسترة مجلس المنافسة وهيئة النزاهة ومحاربة الرشوة وكذا المؤسسات المستقلة الأخرى المكلفة بحماية وتنمية حقوق الإنسان والضبط والحكامة الجيدة، ولا سيما مجلس حقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط؛ III- الشروع في تفعيل دستور 2011 * في إطار تفعيل مضامين الدستور الجيد، شرع البرلمان المغربي في الدراسة والتصويت على مشاريع القوانين الواردة في جدول أعمال الدورة الاستثنائية، ابتداء من يوم 13 شتنبر، تاريخ افتتاح الدورة، وذلك حسب ترتيب أعطى الأولوية للمشاريع ذات العلاقة بالانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها يوم 25 نونبر 2011. وعليه فقد صادق البرلمان المغربي خلال هذه الدورة على مشاريع القوانين التالية: 1- مشروع قانون رقم 36.11 يتعلق بتجديد اللوائح الانتخابية العامة وضبطها بعد معالجتها بالحاسوب. يندرج هذا المشروع في إطار التدابير التي اتخذتها الحكومة لتنظيم الانتخابات التشريعية التمهيدية لمجلس النواب والتي تتعلق بعملية إعداد الهيئة الناخبة الوطنية لتكون جاهزة لإجراء الاستحقاقات المقبلة وفيما يلي الإجراءات الأساسية التي يتضمنها هذا المشروع: - فحص التسجيلات المضمنة في اللوائح الانتخابية الحالية وإخضاعها لمعيار الإقامة الفعلية في تراب الجماعة أو المقاطعة؛ - ضبط جميع التسجيلات من خلال اعتماد البطاقة الوطنية للتعريف كوثيقة رسمية وفريدة لإثبات هوية الناخبين؛ - إجراء التنظيمات القانونية وتنقية اللوائح الحالية من الأخطاء المادية؛ - إعادة النظر بشكل جذري في تركيبة الهياكل المكلفة قانونا بالإشراف على اللوائح الانتخابية ومراجعتها؛ إسناد الإشراف على عملية المعالجة المعلوماتية للوائح، للجنة وطنية تقنية يرأسها رئيس غرفة بالمجلس الأعلى، وتضم ممثلين من الأحزاب السياسية؛ 2- مشروع قانون رقم 30.11 يقضي بتحديد شروط وكيفيات الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات. يهدف هذا المشروع إلى تطوير تجربة الملاحظة ببلادنا والارتقاء بها من الممارسة العرفية إلى التنظيم القانوني، وذلك لسد الفراغ التشريعي فيما يتعلق بممارسة مهام الملاحظة المستقلة والمحايدة قصد السهر على نزاهة وحرية الانتخابات، وضمان تكافؤ الفرص بين كافة الأطراف المعنية بالعملية الانتخابية. ويتضمن هذا المشروع أربعة أبواب أساسية: 1- الأحكام العامة؛ 2- شروط وكيفيات اعتماد ملاحظي الانتخابات؛ 3- اللجنة الخاصة لاعتماد ملاحظي الانتخابات؛ 4- حقوق والتزامان الملاحظ الانتخابي؛ 3- مشروع قانون تنظيمي رقم 27.11 يتعلق بمجلس النواب. يندرج هذا المشروع في سياق تنزيل الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية العميقة والمتميزة التي تشكل الدعامة الأساس لتعاقد سياسي متجدد لترسيخ دولة القانون وحقوق الإنسان من خلال إرساء مؤسسة تشريعية ناجعة وذات مصداقية في مناخ الالتزام الجماعي بالقانون والتعبئة والثقة. ويتضمن هذا المشروع إضافة إلى الأحكام العامة المحددة لعدد أعضاء مجلس النواب وأسلوب الاقتراع والتقطيع الانتخابي، مضامين أخرى يمكن إيجازها فيما يلي: - أهلية الناخبين وشروط القابلية للانتخابات؛ - حالات النفي؛ - الترشيح والحملة الانتخابية، والمخالفات والعقوبات الخاصة بالانتخابات، والعملية الانتخابية؛ - قواعد وضع المحاضر وإحصاء الأصوات وإعلان النتائج، والمنازعات الانتخابية. 4- مشروع قانون تنظيمي رقم 29.11 يتعلق بالأحزاب السياسية (قيد الدرس بلجنة الداخلية) وفي الختام واعتبارا للحيز الزمني المخصص للمداخلة قال رئيس الفريق الاشتراكي أنه سيسلم وثيقة مكتوبة بما لم تتضمنه هذه المداخلة. 1