نظم فرع تمارة لاتحاد كتاب المغرب مؤخرا بالصخيرات، لقاء لتقديم وتوقيع الترجمة العربية لرواية بيدرو بارامو» للكاتب المكسيكي خوان رولفو، والتي أنجزها الكاتب والمترجم عبد الغني أبو العزم، بمشاركة سعيد يقطين وسعيد بنعبد الواحد. وقال عبد الغني أبو العزم إنه بدأ ترجمة رواية رولفو في بداية الثمانينات، مباشره بعد حصول غارسيا ماركيث على جائزة نوبل، بتوصية من الباحثة أماليا إيرياط، أستاذة النقد الأدبي بجامعة لوس آنديس بكولومبيا، التي نصحته بقراءة رواية «بيدرو بارامو»، التي تعتبر المنبع المتدفق لفهم مسارات تشكل الرواية في أمريكا اللاتينية، باعتبارها منطلق التخييل الذي اكتسح جل الروايات في أغلب بلدانها. واعتبر «أننا أمام رواية ذات نكهة خاصة، واصفة للحياة الفلاحية في المكسيك بكل تصوراتها وخيالاتها، ولأنها تعد نموذجا حيا ونابضا، استطاعت أن تلهم عددا كبيرا من كتاب الرواية، الأمر الذي لا ينكره أحد في أمريكا اللاتينية، لما تزخر به من أحداث ووقائع، صيغت بأسلوب أخاذ تتجاذبه الواقعية والغرائبية، ذي حبكة فنية جذابة، تحقق شهية القراءة والمتعة الأدبية. ومن جهته، اختار سعيد بنعبد الواحد نصا لرولفو حول الكتابة عنده، (نشر بمجلة جامعة مكسيكو سنة 1980) فقرأه، بعد ترجمته إلى العربية. يقول رولفو إنه يرى وجود ثلاث خطوات في الكتابة، الأولى تتمثل في خلق الشخصية، والثانية في خلق الأجواء التي تتحرك فيها الشخصية والثالثة في الكيفية التي تتحدث بها الشخصية، وكيف تعبر عن ذاتها. ويضيف: «لم أومن أبدا بالإلهام، لأن الكتابة مسألة عمل، أن تجلس للكتابة لترى ماذا يأتي، وتملأ صفحات وصفحات، حتى تظهر فجأة كلمة تضع بين أيدينا مفتاح سر ما يجب أن نقوم به، وما سيؤول إليه ذلك». ويستطرد قائلا «أحيانا أكتب خمس صفحات، ستا أو عشرا ولا تظهر تلك الشخصية التي أريدها، تلك الشخصية الحية التي يجب أن تتحرك لوحدها. وفجأة تظهر وتبرز، فيتبعها المرء ويسير وراءها. وبقدر ما تصير الشخصية حيوية، يمكن للمرء أن يعرف أين يسير، ويتبعها، يستطيع أن يوجهها إلى دروب يجهلها، لكن، نظرا لحيويتها، ستوصله إلى واقع، أو وهم إذا شئنا». وبعد تعرضه للدور الهام الذي يلعبه الخيال في الكتابة، لدرجة قد يوصف معها الكاتب بحاكي أكاذيب، تطرق إلى عنصر لا يقل أهمية، يتعلق بموضوع الكتابة، الذي لخصه في ثلاثة مواضيع أساسية: الحب والحياة والموت. واعتبر أن ميزته أنه يقصي ذاته تماما من الحكاية، وأنه لا يحكي أبدا قصة فيها تجارب شخصية، مؤكدا أن هذه العملية كانت من أصعب الأمور عليه؛ أن يقوم بتخيل كل شيء، وأن يحكيه دون أدنى تدخل من الواقع. وعبر المستشار الثقافي للسفارة المكسيكية بالرباط خورخي بالديس دياث فليث، عن فخره لرؤية كاتب مكسيكي كبير كخوان رولفو يترجم إلى العربية، مشيرا إلى أن رولفو كان باحثا في اللغة والتقاليد والعادات المكسيكية. وأضاف بالديس أن لرولفو تأثيرا كبيرا على كتاب المرحلة، ككارلوس فوينطس وغابرييل غارسيا ماركيث الحائز على جائزة نوبل للآداب، كما أن روايته «بيدرو بارامو» ومجموعته القصصية «السهل يحترق» تدرسان حاليا في جميع أسلاك التعليم بالمكسيك. وفي إشارة إلى الرواية، اعتبر الملحق الثقافي, أن رواية رولفو، توجد فيها، فضلا عن طابعها السردي، مجموعة من العناصر الشعرية، حيث يمكن قراءتها كقصيدة شعرية، كما أن الكاتب استطاع أن يزيل في الرواية مجموعة من الأقنعة، وحمل الخصائص المكسيكية إلى الكونية، وهو يتحدث عن الحياة والموت. وقدم الناقد ورئيس اتحاد كتاب الأنترنيت العرب، سعيد يقطين، شهادة في حق المترجم عبد الغني أبو العزم، حيث اعتبره موسوعي المعرفة والإنتاج، إذ يعتبر مؤلفا ومترجما ومحققا وسياسيا وحقوقيا ومثقفا. تجدر الإشارة إلى أن خوان رولفو (1986-1917)، له أربع مؤلفات ما بين قصص وروايات هي «السهل المحترق»، و»بيدرو بارامو»، و»قل لهم أن لا يقتلوني»، و»الطائر الذهبي»، غير أن رواية «بيدرو بارامو» هي التي استأثرت باهتمام النقاد، لما تميزت به من خصائص.