«الجبهة المغربية للحكامة الجيدة في تدبير الشأن الثقافي» أعلنت عشر منظمات ثقافية عن ميلاد الجبهة المغربية للحكامة الجيدة في التدبير الثقافي، أرادها الموقعون على البيان التأسيسي، أن تكون إطارا ثقافيا تنسيقيا وتشاوريا، غايته النهوض بمهمة الدفاع عن الشأن الثقافي المغربي وتعزيز مكتسباته، والتصدي لكل مظاهر سوء التدبير التي قد تنتج عن هذا الطرف أو ذاك. وجاء تأسيس هذه الجبهة، في سياق الوضع المتردي الذي يعرفه الشأن الثقافي في بلادنا، وفي ظل التجاذب الحاصل منذ مدة بين وزارة الثقافة والعاملين الأساسيين في الحقل الثقافي والفني، ورغبة هؤلاء الفاعلين الثقافيين في جعل الثقافة بمفهومها الشامل منخرطة في دينامية الإصلاح والتطور الذي يعرفه المغرب، خاصة منذ إقرار الدستور الجديد الذي خص الثقافة المغربية بمكانة لائقة، وكذلك التنصيص على إحداث هيئة دستورية تعنى بالثقافة واللغات وترسيم اللغة الأمازيغية. وكانت المنظمات الثقافية: اتحاد كتاب المغرب، بيت الشعر في المغرب، النقابة المغربية لمحترفي المسرح، النقابة المغربية للمهن الموسيقية، جمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي، نقابة الفنانين التشكيليين المغاربة المحترفين، التنسيقية الوطنية للفرق المسرحية المحترفة، المكتب الوطني لقطاع الثقافة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل والمرصد المغربي للثقافة، قد أعلنت في ندوة صحفية الخميس الماضي بمقر اتحاد كتاب المغرب بالرباط، عن ميلاد الجبهة المغربية للحكامة الجيدة في التدبير الثقافي، لتكون قوة اقتراحية، ضاغطة وفاعلة داخل الساحة الثقافية ولتعمل، إلى جانب الإطارات الثقافية الوطنية الأخرى، على تعميق الحاجة المعنوية والمادية إلى الثقافة، كأفق لتجديد الوعي بالذات والذاكرة والآخر، وذلك وفق توجه جديد، يتوخى اعتماد مبادرات ومنظور مغاير في تدبير الشأن الثقافي ببلادنا، عبر آليات التتبع والتشاور والاقتراح والمراقبة، وتحسيس كل الجهات المعنية، من قطاعات حكومية، وأحزاب، ومجالس جهوية، وقطاع خاص، وهيئات دستورية، ومؤسسات تشريعية وتنفيذية، والمجتمع المدني...، بضرورة إبلاء الثقافة ما تستحق من اعتبار ضمن برامجها وأهدافها السياسية والثقافية والتوقعية المستقبلية. وأعلن المؤسسون أن باب الانضمام إلى الجبهة يبقى مفتوحا في وجه كافة الفاعلين الثقافيين المغاربة، أفرادا وجماعات، المؤمنين بالمبادئ والأهداف التي تأسست هذه الجبهة على قاعدتها. وتأمل هذه المنظمات والجمعيات الثقافية أن يشكل تأسيس هذه الجبهة، حسب ما جاء في بيان التأسيس، مناسبة لكافة الفاعلين والعاملين في مختلف القطاعات الرسمية والخاصة، المنتخبة والمدنية لإعادة الاعتبار للثقافة، من خلال سن سياسة عمومية مندمجة، تؤمن بحيوية الممارسة الثقافية ودورها في التنمية المجتمعية، وبناء الذات المواطنة المتشبعة بهويتها، والمنفتحة في الوقت نفسه على العالم وتحولاته المتسارعة. واعتبار الإنفاق على الشأن الثقافي مسألة ضرورية وذات أولوية وطنية، من شأنه أن يسهم في ترسيخ قيم الحداثة والتعددية والديمقراطية، ومن ثم الإسهام في بناء الإنسان المغربي المؤمن بتاريخه والمتطلع لصنع مستقبله، في تفاعل مع ثقافات العالم، دون تحجر ولا تزمت. وجاء الإعلان عن تأسيس «الجبهة المغربية للحكامة الجيدة في تدبير الشأن الثقافي»، بسبب ما وصفه المؤسسون، ب»الأيام الحرجة» التي تمر منها الثقافة المغربية منذ مدة، بسبب ما تتعرض له من إهمال وتهميش وسوء تقدير وخصوصا من وزارة الثقافة القطاع الحكومي الوصي على الشأن الثقافي ببلادنا، حسب ما تضمنه بيان التأسيس الذي صاغه المؤسسون الذين أكدوا من خلاله على أن الرأي العام المغربي، أصبح يعي جيدا أن وزارة الثقافة وضعت نفسها، في المدة الأخيرة، في تعارض مع دورها الموكول إليها كجهة مخول لها مهمة إعداد وتنفيذ السياسة الحكومية المتعلقة بالتراث والتنمية الثقافية. وأكدت «الجبهة المغربية للحكامة الجيدة في تدبير الشأن الثقافي» أن أكبر تحد يعترض الشأن الثقافي المغربي، هو انعدام الاستراتيجية الثقافية العمومية وارتفاع حدة الاحتقان والتوتر بين الفاعلين الثقافيين المغاربة، أفرادا وهيآت، ووزارة الثقافة. من جراء ما وصفته ب»النظرة التبخيسية» لدور هؤلاء الفاعلين، وعدم اعتبارهم شركاء للوزارة في النهوض بالحياة الثقافية ببلادنا، وتنمية الفن داخل المجتمع، والتشجيع على الولوج إلى فضاءاته المتعددة كخدمة عمومية مجانية. واعتبرت أن هذا التحدي هو الذي يعمق، في نظرها، من المشاكل الموضوعية والذاتية التي تعيشها الثقافة المغربية، بالإضافة إلى ضعف الميزانية المرصودة لها من قبل الدولة، وكذا الخصاص الملحوظ في الموارد البشرية المؤهلة في مجالات المهن الثقافية، والنقص البين في التشريعات القانونية، وغياب آليات التنسيق وانعدام صيغ التفاعل والتعاون بين القطاع الوصي وباقي المتدخلين الآخرين، وخاصة الجماعات المحلية، على اعتبار أن هذه الأخيرة من المفترض أن تشكل الحجر الزاوية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على مستوى الجهة. وذكرت الجبهة في بيان التأسيس، أن العمل الثقافي لا يمثل للجماعات المحلية خدمة عمومية يومية يحتاجها المواطن على غرار باقي الخدمات الأخرى اللازمة للحياة من ماء وكهرباء وتطهير، لتظل الثقافة بمفهومها المبتذل، حسب المصدر ذاته، مجرد شكل من الأشكال الترفيهية والاحتفالية التي تقوم بها المجالس المحلية في المناسبات فقط. والدليل على ذلك، يضيف البيان، هو أن أغلب الجماعات المحلية لا تتوفر، ضمن منظومتها الإدارية، على بنية إدارية خاصة ومكلفة بالعمل الثقافي. بالإضافة إلى قلة البنيات التحتية وهشاشتها، وانعدام التجهيزات الثقافية، وخضوع الدعم المُوجّه للجمعيات الثقافية لمعايير غير شفافة. وفي سياق ذي صلة، اعتبرت الجبهة، أن مساهمة القطاع الخاص في الشأن الثقافي، والإنتاج الثقافي والفني تبقى ضعيفة وباهتة، باستثناء بعض المبادرات المحدودة لبعض المؤسسات والمقاولات المواطنة، والتي أسهمت في إنتاج بعض الأنشطة والأعمال الفنية وإحداث بعض الجوائز الثقافية.