الأسعار تحلق عاليا بزيادة تقدر ب 9% و«الشناقة» يلهبونها أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري أن العرض المرتقب من الأغنام والماعز لعيد الأضحى يقدر ب 6 مليون رأس منها 4.4 مليون رأس من ذكور الأغنام و 1.6 مليون رأس من الماعز وإناث الأغنام. وتنبني هذه التوقعات، حسب بلاغ للوزارة توصلت بيان اليوم بنسخة منه، على عناصر ثلاث تهم حصيلة المواسم الثلاثة الماضية والحالة الصحية للقطيع وأسعار اللحوم خلال السنة الجارية. فعيد هذه السنة، يقول بلاغ الوزارة، يحل بعد ثلاث مواسم فلاحية جيدة مكنت من توفير مواد كلئية هامة ساهمت في الرفع من مستوى القطيع كما وكيفا حيث يتميز القطيع الوطني، الذي ارتفع معدل ولاداته إلى 90 بالمائة، بوضعية صحية جيدة نتيجة « المراقبة المستمرة والتأطير الصحي المتواصل وتنفيذ حملات التلقيح ضد الأمراض الحيوانية المعدية التي تقوم بها المصالح البيطرية التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية». كما يحل العيد، يضيف البلاغ ذاته، في سنة تميزت بارتفاع أسعار الحيوانات الحية واللحوم الحمراء بنسبة 9 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية « بسبب ارتفاع أسعار المواد العلفية خاصة منها المستوردة وكذلك بفعل عمليات الاحتفاظ بالحيوانات المهيأة للتسمين بمناسبة عيد الأضحى». وهو ما يعني أن أسعار هذه السنة ستشهد ارتفاعا لا يعير أدنى اعتبار لميكانيزمات السوق التي من المفروض منطقيا أن تدفع بأثمان الخروف إلى مستويات منخفضة بالنظر إلى ارتفاع العرض مقارنة بالطلب الذي قدره بلاغ وزارة الفلاحة والصيد البحري في حدود « 5.1 مليون رأس منها 4.7 مليون رأس من الماعز وإناث الأغنام «. وقد حرص بلاغ الوزارة، خلافا للسنوات الماضية، على عدم تقديم حدود دنيا وقصوى للأسعار مكتفيا بالإشارة إلى أن أثمنة الأضاحي «تختلف حسب الجودة والصنف وسن الأضحية وكذلك حسب المناطق ومكان البيع وكذا الفترة التي تفصل عن العيد»، ومشيرا إلى أن « مصالح الوزارة ستعمل على تتبع تطور الأسعار والعرض المتوفر في مختلف الأسواق، خاصة في المحلات التجارية الكبرى ونقط البيع الرئيسية على مستوى المدن». وهي تطمينات بعيدة عن الواقع في ظل التباينات الواضحة للأثمان المعلنة. فإلى حدود صباح أول أمس الاثنين، تجاوزت أسعار بيع الأكباش من سلالة «الصردي» 55 درهما للكيلوغرام الواحد، في حين تراوحت أضاحي سلالة «تمحضيت» في الضيعات بين 40 و45 درهما للكيلوغرام. أسعار صباح أول أمس قد تختلف، من دون شك، عما ستشهده الأسواق خلال الأيام القليلة القادمة التي تفصلنا عن العيد. فهامش الارتفاع والانخفاض، يقول مصدر مسؤول بقسم سلسلة الإنتاج الحيواني بوزارة الفلاحة للجريدة، لا يمكنه تجاوز حدود معقولة بالنظر إلى الموفورات من الأغنام والماعز المخصصة للذبح، بمناسبة عيد الأضحى لهذه السنة. هذا الهامش، الذي يتسع ويضيق، يقول المصدر ذاته، تتحكم فيه عوامل جانبية، توسع العلاقة المباشرة بين الفلاح/ الكساب وبين المواطن/ المشتري، ولا تقيم أدنى وزن ل»حقيقة السوق» كمحصلة طبيعية للعلاقة الأوتوماتيكية بين العرض والطلب . هذا الواقع نبه إليه، من جهة، فلاحون، شددوا في تصريحات لبيان اليوم، على غياب استقرار الأسعار نتيجة «اشتداد مضاربات السماسرة والشناقة بالأسواق». وشدد عليه، من جهة أخرى، عضو بالفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، الذي حصر، في حديث للجريدة، التباين الحاصل بين توقعات الوزارة وتجاوزات الباعة، في عوامل عديدة منها الارتفاع الذي شهدته أثمنة الأعلاف بنسبة 9 %، منذ بداية فصل الصيف المنصرم بفعل تحكم المضاربين في سوق الفوراج وفرينة والدرى والشعير والفول والنخالة، ينضاف إليها محاولات البعض نسج علاقة وهمية بين نقل المواشي والحمولة التي تنص مدونة السير على احترامها .. ويبدو أن سيناريو السنة الماضية، يقول المصدر ذاته، سيتكرر. فالمواطن قد لا يجد، مرة أخرى، صدى لنداءات الوزارة التي وعدت، قبل العيد بدعم الأعلاف، دون تحديد هامش للأثمان التي قد تتراوح بين 45 و55 درهما للكيلو غرام، كما تعهدت بعدم تجاوز حدود قصوى للأسعار تخضع للعرض والطلب وللجودة والصنف وسن الأضحية والمناطق ومكان البيع وللفترة التي تفصل عن العيد. فقد يجد المواطن، كما الفلاح، انعكاسا لمعطيات أخرى تغيبها الوزارة في بلاغها الرسمي، لتترك المجال رحبا وواسعا للوسطاء الذين يوسعون هامش التواصل المباشر بين الفلاح والمواطن/ المشتري. وإذا كان العالم القروي، يقول عضو الفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، يتوقع آفاقا جيدة لفترة ما بعد بيع الثروة الحيوانية، فإن الإحراج هو هاجس الغالبية الساحقة من الأسر المغربية لفترة ما بعد العيد ومصاريفه المرتفعة، خاصة وأن العديد منها لجأ إلى القروض الاستهلاكية التي لا يوجد أي قانون منظم للإشهار المتعلق بها، باستثناء القانون 31/08 المتعلق بحماية المستهلك، حسب تصريح محمد بنقدور، رئيس الكونفدرالية المغربية لحماية المستهلك أدلى به لبيان اليوم، لتصبح بذلك هذه الإعلانات الإشهارية مجرد إغراءات وهدايا مزيفة، تنتج عنها مديونية مفرطة وعجز عن الأداء يفضي إلى مشاكل اجتماعية ومالية لا حصر لها، تبدأ بانتهاء فترة العيد وعودة المواطنين إلى مزاولة نشاطهم اليومي العادي.