يحيي المغرب، على غرار باقي بلدان العالم، اليوم العالمي للتغذية الذي يصادف 16 أكتوبرمن كل عام ويخلد هذه السنة تحت شعار ''أسعار المواد الغذائية: من الأزمة إلى الاستقرار''، وذلك ضمن سياق عالمي يطبعه إرتفاع في أسعار المواد الغذائية الأساسية هو الأعلى من نوعه منذ 30 عاما. ويتوفر المغرب على آليات عدة من شأنها تنمية القطاع الفلاحي و تحصين ساكنته من تقلبات الأسعار في السوق الدولية للمواد الغذائية. ومن هذا المنطلق، تبنى المغرب «مخطط المغرب الأخضر» الذي يتوخى زيادة الاستثمارات وتنظيم الإنتاج الفلاحي وضمان الاكتفاء الغذائي الذاتي. ويتم ذلك عبر تطوير قطاع فلاحي حديث وناجع يستوعب قواعد السوق بفضل موجة جديدة من الإستثمارات الخاصة. كما تبنى المغرب مقاربة تضامنية تستهدف حماية الساكنة التي تعاني من الهشاشة من خلال مقاربة تضامنية موجهة لمحاربة الفقر من خلال رفع الدخل الفلاحي للفلاحين الأكثر هشاشة. ويرى مدير الأسعار والمنافسة بالوزارة المكلفة بالشؤون الاقتصادية والعامة بوسلمام حسان، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، ''إن المغرب اتخذ إجراءات لتحقيق الاكتفاء الذاتي، الذي يشكل أولوية بالنسبة له، وذلك عبر توقيع عقود برامج مع ممثلي المهنيين الفلاحيين في إطار مخطط المغرب الأخضر». وأضاف أن ''نظام دعم الأسعار، الذي يتم من خلال صندوق المقاصة والمكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني، يمنع انتقال «عدوى» ارتفاع الأسعار إلى الأسواق الداخلية، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته بوضوح على مستوى السوق الوطني، الذي حافظ على نفس مستويات الأسعار ولم يعرف أي زيادات كبيرة بالرغم من تقلب مؤشرات المواد الغذائية على الصعيد الدولي». وولا بد من التذكير أن الدعم المباشر للمواد الغذائية (من قبيل الحبوب والسكر والمواد الأساسية) والدعم غير المباشر الموجه لقطاع المحروقات الذي يؤثر في إنتاج العديد من الأغذية يساهم في ضمان نظام غذائي صحي ومتوازن لمجموع المغاربة. أرقام تبعث على القلق يشكل ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية تهديدا للأمن الغذائي في البلدان النامية وللاكتفاء الغذائي الذاتي. وهكذا، عرف سعر الذرة ارتفاعا بنسبة 74 في المائة في الأشهر ال18 الأخيرة، فيما تضاعف سعر الأرز ثلاث مرات مسجلا ارتفاعا بنسبة 166 في المائة، وهو ما أغرق 20 دولة في اضطرابات بسبب «الجوع». وشهدت الأسعار بعد سنة 2008 انخفاضا مؤقتا لكن هذه الحقبة لم تعمر طويلا إذ سرعان ما تلاها في 2010 ارتفاع في أسعار الحبوب قفز إلى نسبة 50 في المائة، فيما حافظت، في بداية السنة الجارية، على إيقاعها التصاعدي. ويسبب ارتفاع الأسعار أضرارا بليغة للبلدان الهشة والفقيرة بحكم أنه يثقل كاهل ميزان وارداتها من المواد الغذائية. وصرفت البلدان الدخل الضعيف مبلغا قياسيا يقدر ب164 مليار دولار لاستيراد حاجياتها الغذائية. كما تسبب ارتفاع الأسعار خلال 2011-2010، استنادا إلى أرقام البنك العالمي، في إفقار 70 مليون إنسان. عوامل تقلبات أسعار المواد الغذائية تتعدد أسباب تقلبات أسعار المواد الغذائية وترتبط بعوامل مختلفة من بينها الاضطرابات المناخية. وفي هذا الصدد، ترى الخبيرة الاقتصادية بمصلحة التجارة والأسواق بقسم التنمية الاقتصادية والاجتماعية التابع لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن التقلبات المناخية التي عرفتها روسيا وأوكرانيا أدت إلى إيقاف صادراتهما من الحبوب جراء الجفاف. وبالنسبة لرئيس المجلس العام للتنمية الفلاحية محمد آيت القاضي فإن ''المرونة في تخصيص الأراضي للذرة وفول الصويا، المستعملة في إنتاج الوقود الحيوي، تخفض نسبة المساحات المخصصة لزراعة المواد الغذائية الأخرى.'' جهود الفاو لمواجهة ارتفاع الاسعار تم إطلاق مبادرة مواجهة ارتفاع أسعار المواد الزراعية منذ 2007. وتساهم منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» بفعالية في توزيع البذور والأسمدة لمساعدة الفلاحين الفقراء في 90 دولة تعاني من تقلبات الأسعار. وفي هذا الإطار، ساعدت المنظمة الدول لبرمجة أزيد من 5 مليارات دولار من الاستثمارا ت للقطاع الفلاحي، وفي 2010 خصصت 800 مليون دولار لمشاريع تعاون تقني مستعجلة في أكثر من 70 دولة من ضمنها المغرب. ويوضح ممثل المنظمة بالمغرب جون لوك بيرنار في هذا السياق أن ''الموضوع الذي تتم معالجته هذه السنة يرتبط بالمشاكل التي سببتها أسعار المنتجات الزراعية والمواد الغذائية التي تدفع الساكنة في البلدان السائرة في طريق النمو نحو أوضاع غالبا ما تكون عسيرة كالنقص الغذائي». وأضاف أن المنظمة ''تتباحث مع المغرب بشأن التفكير في طرق خفض أسعار المواد الغذائية والمواد الفلاحية، وتعزيز المردودية، وكيفية تحقيق تأقلم كامل للتنمية الزراعية مع حاجيات السكان بشكل يجعلهم قادرين على الحصول على المواد التي هم في حاجة إليها بأسعار معقولة تتناسب مع مداخيلهم''.