(أجرى الحوار .. الحسنية عقاد) - أكد خبير مغربي في مجال البحث الزراعي أن المغرب، وعيا منه بالتحديات التي تفرضها التغيرات المناخية على التوازنات البيئية وتأثيرها على الإنتاج الفلاحي في ظل الحاجة المتزايدة لتأمين الغذاء، بذل منذ بداية الثمانينيات مجهودات ملموسة في مجال البحث والتنمية الزراعية. وأثار رياض بلاغي رئيس قسم البيئة والموارد الطبيعية بالمعهد الوطني للبحث الزراعي الانتباه، في حديث لوكالة المغرب العربي للانباء، أن هذه المجهودات، وإن كانت غير كافية، فقد كان لها تاثير إيجابي على القطاع الفلاحي الذي يساهم بما بين 15 و20 في المئة في الإنتاج الداخلي الخام، ويضطلع بدور هام في تأمين الغذاء لأكثر من 30 مليون مغربي. //التكنولوجيات في خدمة تنمية فلاحية مستدامة// وقال السيد رياض بلاغي، بمناسبة اليوم العالمي لكوكب الأرض الذي يصادف الاحتفاء به يوم 22 أبريل من كل سنة، إن الجهود المبذولة في ميدان البحث والتنمية حفزت على تطوير عدد من التكنولوجيات الفلاحية، لا سيما في مجال التحسين الجيني للبذور والنباتات وأساليب السقي والحماية المتصلة بصحة النباتات والتخصيب المعدني وتوسيع المكننة. وسجل أن هذه التكنولوجيات لم تحقق الأثر المنتظر منها في مجال تحسين إنتاجية الزراعات البورية، باستثناء التحسين المسجل على المستويين الجيني والحمائي للقمح الطري. وأضاف أنه خلال الفترة (1979-2008) مكن استخدام الكيلوغرام الواحد من المبيدات الحشرية من تحقيق زيادة في الانتاجية ب 64ر0 قنطار للقمح الطري، موضحا أن الحماية المتصلة بالجانب الصحي للنباتات مكن من تحقيق ربح في الانتاجية ما بين 8ر12 و63ر1 و5ر27 قنطارا في مقابل استخدام كيلوغرام واحد من المبيدات على التوالي بالنسبة لعلف الماشية والكروم والشمندر السكري. كما تم تسجيل زيادة هامة في الانتاجية بالنسبة للخضراوات خاصة الطماطم سواء المزروعة في الحقول أو بالبيوت المغطاة، بنحو 9ر37 قنطار للطماطم في مقابل الكيلوغرام الواحد من المبيدات. // المخطط الاخضر والسعي إلى جعل القطاع الفلاحي محركا حقيقيا للتنمية// وأشار الخبير المغربي إلى انه في سياق عالمي يسكنه هاجس ضمان الأمن الغذائي ويجثم عليه التخوف من آثار التغيرات المناخية، وفي ظل ارتفاع أسعار المنتوجات الفلاحية، والرغبة في إشراك المنتجين الفلاحيين في دينامية التنمية ومحاربة الفقر، أعاد المغرب النظر في الاستراتيجية الفلاحية سعيا إلى تأهيلها وإعادة هيكلتها وتحديد مهامها. وأوضح أنه في سياق هذه الدينامية يندرج المخطط الأخضر الذي يتوخى الارتقاء بالفلاحة لتكون محركا للتنمية الاقتصادية الوطنية خلال الخمس عشرة سنة القادمة، مشيرا إلى سعي المخطط، على الخصوص، إلى ترشيد استعمال الماء في مجال السقي ورفعه إلى مستوى الفعل الاستراتيجي الحاسم وصولا إلى ضمان فلاحة مستدامة ذات مردودية أكبر وقدرة أوسع على احترام التوازنات البيئية. وأضاف أن المخطط الأخضر تبنى مقاربة شاملة موجهة لتعبئة جميع المتدخلين في مجال التنمية الفلاحية. واوضح أن هذه المقاربة تستند إلى محورين; أولهما يتوخى النهوض بفلاحة عصرية قادرة على إنتاج الوفرة ومستجيبة لقواعد السوق، وذلك عن طريق الارتكاز على الاستثمار الخاص ضمن القطاعات ذات القيمة المضافة العالية والانتاجية الكبيرة، وثانيهما يتصل بمواكبة فلاحة متضامنة تسعى للمساهمة في مكافحة الفقر، لاسيما بالمناطق ذات الاقتصاد الهش، من خلال تكثيف وتنويع وتثمين المنتوجات الفلاحية المحلية وتحسين مداخيل الفلاحين. // الفلاحة قطاع استراتيجي يواجه تحديات جمة// وتأكيدا لاستراتيجية هذا القطاع ضمن الحركية الاقتصادية للبلاد، أشار هذا الخبير إلى إسهام الانشطة الفلاحية بقوة في تغذية المخزون الوطني من العملة الصعبة عبر ولوج منتوجاتها للأسواق العالمية، وكذا توفيرها لإمكانات الاستقرار لفائدة الساكنة بالوسط القروي، ودعمها لمسلسل مكافحة الفقر (لحوالي 15 مليون قروي) وتشغيلها موسميا ل(8 ملايين عامل)، وأيضا تزويدها لقطاع الصناعات الغذائية بالمواد الأولية وبفرص الشغل (من 3 الى 4 ملايين بالوسط القروي وما لا يقل عن 60 ألفا بقطاع الصناعات الغذائية). واضاف أن هذه الأنشطة تتوسع أيضا على مستوى المناطق المحاذية للمناطق الجافة وشبه الجافة وبالواحات والمناطق الجبلية، وتساهم من ثمة في تحقيق التنمية المستدامة، على الخصوص، من خلال الحفاظ على الموارد الطبيعية خاصة الماء (وفقا لمحددي الندرة والتنافسية، مع العلم أن الفلاحة تستهلك لوحدها أكثر من 80 في المائة من هذا المورد الهام على الصعيد الوطني). وفي سياق ذلك، أكد رئيس قسم البيئة والموارد الطبيعية بالمعهد الوطني للبحث الزراعي أن النهوض بالفلاحة على الصعيد الوطني يتطلب قدرات استثمارية هامة من لدن القطاع الخاص، ويستدعي مساهمة البنوك التجارية، وتدبيرا ملائما وكذا تنظيما جيدا للمنتجين ووفرة على مستوى الوعاء العقاري المخصص لها وترشيدا لاستخدام الماء في مجال السقي وأيضا تأهيلا لبنيات التأطير.