شدد مدير البحث الوطني للبحث الزراعي بالمغرب أول أمس الاثنين 5 نبر بمراكش على أن نظام البحث العلمي الوطني في حاجة ماسة إلى العمل مع الجامعات والمتخرجين منها ،وكذا إلى إبرام شركات مع القطاع الخاص للنهوض بالبحث العلمي، والذي لا يحظى إلا ب7‚0 % من الناتج الداخلي الخام ، مشيرا في افتتاح الاجتماع السنوي للمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية إلى أن الانكباب على البحت العلمي يعتبر أحد الحلول الناجعة للحد من الفقر والرفع من مستوى معيشة الساكنة القروية. واستعرض حميد نرجس حملة من الإصلاحات والتحديات التي يواجهها البحث العلمي بالمغرب لعل أهمها أن بلدنا يمر من مرحلة انتقالية على جميع الأصعدة، ومن تم لم يعد مقبولا الأخذ بعين الاعتبار حاجات المزارعين فقط ، ولكن أيضا النظر إلى انتظارات المستهلكين، وهو ما يفرض إنتاج أصناف فلاحية بديلة قادرة على التنافس أفضل من المنتجات الزراية الحالية . وأشار المتحدث نفسه إلى أن شح الموارد المائية يعتبر إضافة إلى التغيرات المناخية من أهم المشاكل التي تواجه الفلاح المغربي ،وهي أيضا النقطة التي أخذت قسطا وافرا من نقاشات الخبراء وصناع القرار ومؤسسات البحث العلمي طيلة أشغال هذا الاجتماع الذي حضره حوالي 1000 خبير وباحث زراعي من القارات الخمس. وحسب مداخلة مدير المعهد الوطني للبحث الزراعي فإن 13 ألف شخص يعملون في حقل البحث العلمي الزراعي بالمغرب ثلاث أرباعهم ينتمون إلى الجامعات و21% يعملون في مراكز الأبحاث. كما أن 90في المائة من مختبرات البحث العلمي هي مختبرات تابعة للقطاع العام وفق إحصاء أجري سنة ,1997 كما أن 80 في المائة من الباحثين يجرون أبحاثهم في ميادين الصيد البحري والفلاحة والماء و20 في المائة في مجال الطاقة والصحة والأشغال العمومية. وفي الجلسة الافتتاحية نفسها تناولت كلمة إدريس جطو الوزير الأول المغربي وعدا بأن ترفع الحكومة من المخصصات المالية للبحث العلمي في غضون العقد الحالي من 25‚0 في المائة إلى 1 في المائة من الناتج الداخلي الخام الفلاحي ، كما أشار الوزير الأول في كلمته تلاها بالنيابة عنه عبد الرحيم الهاروشي الوزير المنتدب المكلف بالتنمية الاجتماعية والتضامن والأسرة إلى أنه لا يمكن تدبير المستقبل بعقلية الماضي ، حيث يتوجب على الدولة أن تأخذ على عاتقها حث الفلاحين على اتخاذ إجراءات جريئة ومجازفة بإدخال التقنيات الحديثة في زراعتهم للرفع من مردودية الإنتاج. وبقدر ما كان باقي كلام الوزير الأول مجرد وعود وكلام فضفاض عن طموحات وإشارات عامة دون أرقام مضبوطة ، بقدر ما أعلن حميد نرجس عن بعض البرامج -اعتبرت هادفة - تقتضي تطوير وإحكام النظام الوطني للبحث الزراعي من قبيل إنجاز دراسة لتقييم هذا النظام ، ووضع برنامج معلوماتي لتدبير الأبحاث الزراعية ، و إبراز البعد الجهوي في عمل مراكز المعهد بمنحها الاستقلال الإداري والمالي، مشيرا أن قطاع التعليم العالي والبحث العلمي أيضا بصدد وضع نظام لدعم البحوث الزراعية. وإن كانت الجلسة الافتتاحية قد أبرزت تفاصيل خاصة عن البحث الزراعي بالمغرب والإشكاليات المطروحة على الفلاحة الوطنية، فإن جل ورشات وجلسات هذا الاجتماع طغى عليها الحديث عن انشغالات العالم فيما يتصل بقضايا الصحة الغذائية ومساهمة التكنولوجيا الزراعية في التقليص من الفقر والمجاعة ونقص الأغذية ، ومخاطر الاستعمال المفرط لمبيدات الحشرات وتأثير المواد البيولوجية في تلويث المياه ، والبحث عن التحسين الوراثي للأصناف الزراعية وما يطرحه ذلك من توجسات المستهلك من جهة ، وضرورة أحداث تشريعات حكومية منظمة لهذا الميدان من جهة ثانية. وبدا للعيان من خلال الأرقام المهولة أن طريق البحث الزراعي مازال طويلا من أجل المساهمة في الحد من الفقر وتوفير الغذاء ، إضافة إلى أن اهتمامات الأسرة الدولية بالفقراء تطغى عليها الأقوال بدل الأفعال. يشار أن آخر أيام هذه التظاهرة التي ستختتم بعد غد الخميس، سيخصص لاجتماع عمل عام خاص بأعضاء المجموعة الاستشارية . وبالإضافة إلى المعرض المقام بقصر المؤتمرات لعرض منتجات ومنشورات مؤسسات البحث العلمي، فإنه تجري بالموازاة مع ذلك ورشة تكوينية لقرابة 20 صحفيا مغربيا وأجنبيا الدف منها إطلاعهم على مستجدات البحوث الزراعية ، وتنظيم نقاش حول دور وسائل الإعلام في إخراج الخبرة العلمية من لغتها المتخصصة في المختبرات إلى لغة مبسطة يتلقها بيسر المزارع والجمهور الواسع.