لم يفلح المغرب في توفير ما يكفي من البذور المختارة التي تساعد على زيادة المحصول من الحبوب، إذ لا تتجاوز مساهمة الحبوب المختارة، التي يستعملها المغرب في إنتاج الحبوب، نسبة 10 في المائة، مما يؤشر على ضعف الاهتمام بالبحث الزراعي وتكثير الحبوب. وقد اعتبر مصدر مهني مطلع، في تصريح ل«المساء»، على هامش المؤتمر الدولي الذي تحتضنه الدارالبيضاء منذ يوم أول أمس الثلاثاء وإلى غاية يوم غد الجمعة، أن تلك النسبة جد قليلة في المغرب، على اعتبار أن المساحة التي يخصصها المغرب للحبوب تصل إلى أكثر من 5 ملايين هكتار، مما يعني أن أكثر من 4.5 ملايين هكتار في المغرب من الأراضي الفلاحية، تستعمل فيها بذور عادية تؤثر سلبا على مردودية الأراضي الفلاحية. وعزا ذات المصدر هذه الوضعية، التي لا تعكس المكانة التي تحتلها الفلاحة في الاقتصاد الوطني، إلى قلة الموارد المالية التي تخصصها السلطات العمومية للبحث الزراعي في البذور المختارة، إذ لا تتعدى 0.01 في المائة من الناتج الداخلي الخام، هذا في الوقت الذي ترصد فيه الشركات المتخصصة في إنتاج البذور حوالي 25 في المائة من رقم مبيعاتها للبحث. وذهب ذات المصدر إلى أن احتكار الدولة لقطاع تسويق البذور المختارة يحول دون توسيع استعمالها في الأراضي الفلاحية بالمغرب، فشركة «سوناكوس» تحتكر 95 في المائة في سوق الحبوب، بينما لا توفر الشركات الخاصة سوى 5 في المائة منها. وشدد على أن الشركات الخاصة تتردد في الإقدام على الاستثمار في مجال البذور في المغرب، إذ يعتبر قرار من هذا القبيل، في نظر محدثنا، مغامرة حقيقية في ظل سيطرة الدولة على القطاع، مشيرا إلى أن استثمارا كهذا يتطلب ما بين 30 و40 مليون درهم، علما بأن هامش الربح في هذا القطاع لا يتعدى 5 في المائة. وأكد أن البذور المختارة لا يمكن أن تكون سوى نتيجة بحث وتكثير في المغرب، إذ يصعب استيرادها من الخارج، لأنها لا توافق طبيعة التربة المغربية، مما يعني أن التوفر على بذور مختارة في المغرب، يقتضي، في رأيه، رفع يد الدولة عن القطاع، والاهتمام أكثر بالبحث الذي تضرر أكثر من قرار المغادرة الطوعية، على اعتبار أن العديد من الباحثين الأكفاء انتهزوا الفرصة وتحولوا إلى العمل في ضيعات كبيرة توفر لهم أجورا جد مرتفعة. يشار إلى أن السلطات العمومية اتخذت مؤخرا القرار الخاص بالتزويد بالبذور المعتمدة للحبوب الخريفية برسم الموسم المقبل 2008-2009، ويتوخى هذا القرار تقوية برنامج تكثير البذور بالمناطق السقوية لبلوغ 20 ألف هكتار بدل 14 ألف هكتار، ووضع نظام جديد لدعم سلسلة البذور، والذي يتمحور حول تحديد سعر محفز لمكثري البذور، باعتماد أسعار سوق الحبوب كمرجع مع منحة نسبتها 15 في المائة عن التكثير. ويقدر مبلغ الدعم المقترح برسم الموسم الفلاحي 2008-2009 ب115 درهما للقنطار للبذور المعتمدة للحبوب الخريفية. وتعتبر وزارة الفلاحة أن النظام الجديد يرتكز على تمكين شركات البذور من مرونة أكبر في تحديد أثمان البيع، عبر الحفاظ على فارق معقول مع الحبوب العادية لا يتجاوز 30 في المائة، مشيرة إلى أن الغلاف الإجمالي للدعم، الذي تقدمه الدولة لقطاع البذور، يبلغ حوالي 125 مليون درهم ممول من صندوق التنمية الفلاحية. وتنظم الجمعية المغربية للبذور والشتائل، المنضوية تحت لواء الكنفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، منذ يوم أمس الأربعاء وإلى غاية يوم غد الجمعة، مؤتمرا دوليا للبذور، يحضره حوالي 300 مشارك من 50 دولة، ويراد لهذا الملتقى أن يكون فضاء لتبادل التجارب وتسهيل الاستثمار، والمبادلات التجارية، وربط شراكات تساعد على الرقي بالبحث العلمي في هذا المجال.