نظمت جمعية زاكورة للتربية الأسبوع الماضي بكلية الطب بالدار البيضاء ندوة دولية حول موضوع «اللغة واللغات». وأوضح نور الدين عيوش رئيس المؤسسة، في افتتاح هذه الندوة، أنه تلبية لحاجة برامجها التربوية، ترمي مؤسسة زكورة للتربية خلق آليات بيداغوجية قادرة على الاستجابة الفعالة لهدف محو الأمية وملائمة للفئات المستهدفة من الأطفال واليافعين والكبار، مشيرا إلى أن هذه الفئات يتكلم لسانها في غالب الأحيان بالدارجة المغربية أو بالأمازيغية أو بهما معا. وأضاف عيوش أن الوضعية اللغوية بالمغرب تعد غنية ومعقدة مبرزا أن الإشكال المطروح حاليا هو أن آليات التواصل بصفة عامة، والتعليم بالمغرب بشكل خاص، يجب أن يكونا أكثر نجاعة وإفادة ليس فقط للواقع الاجتماعي واللغوي والثقافي، بل أيضا لمواجهة الرهانات الحالية المتعلقة بالتطور الاقتصادي والانفتاح على العالم والانخراط في ركب الديمقراطية والحداثة. وبعد أن أشار إلى عدد من الأسئلة المتعلقة بكيفية التعامل مع التعددية اللغوية التي تميز المغرب، ذكر عيوش أن قضية اللغة تتميز في كل بقاع العالم بكونها قضية شديدة الحساسية لأنهت تمس هوية كل فرد. وأكد رئيس مؤسسة «زكورة للتربية» أن هذه الأخيرة تتوخى على إثر هذه الندوة رسم ورقة طريق للتفكير والعمل في المجالين اللغوي والتربوي، مشيرا إلى أن هذه الورقة ستوضع رهن المسؤولين عن التربية والجمعيات والمنظمات التي تعمل في هذا المجال. من جهته، أكد السيد كلود هاجيج، أستاذ «بكوليج دو فرانس»، في محاضرة افتتاحية للندوة على الأهمية القصوى التي تكتسيها اللغة في حياة الأفراد والشعوب، وفي التواصل بين مختلف مكونات المجتمع. وفي نفس السياق، ذكر هاجيج أن اللغات ليست فقط نسقا من الأصوات، وإنما هي أيضا مجموعة من العمليات الذكية التي ينتج عنها إخراج الصوت بطرق خاضعة لقواعد معينة ومرتبة في جمل محددة. وأضاف الأستاذ أن هناك أبعادا أخرى، تجعل من اللغات عنصرا أكثر أهمية لدى الإنسان، وتتمثل هذه الأبعاد بصفة خاصة في تنوعها الفاتن ودورها الاجتماعي، واستعمالاتها للإقناع والإخبار والتعبير عن كوامن الذات ودورها كرهان في تأكيد الهوية والتضامن الوطني. ويشار إلى أن هذه الندوة، التي حضر افتتاحها كذلك عدد من الشخصيات من عالم السياسة والثقافة والجامعة، تمحورت أشغالها حول عدد من المواضيع التي تهم «اللغة الأم والتنوع اللغوي» و»اللغة والإصلاح اللساني والحداثة» و»اللغة المنطوقة واللغة المكتوبة، تجارب مغربية». كما تم خلال هذه التظاهرة، التي استغرقت يومين، تنظيم ورشتين الأولى حول «اللغات والتربية النمطية والتنوع والفعالية»، والثانية حول «اللغات والمجتمع الإبداع والعولمة والدمقرطة». وإلى ذلك أيضا، عرض خبراء مغاربة وأجانب والعديد من فعاليات المجتمع المدني عصارات أبحاثهم وخبراتهم عبر حوار مفتوح طيلة يومين. ويندرج تنظيم هذه الندوة في إطار مهمة مؤسسة زاكورة الرامية لتعليم الأطفال ومحو الأمية لدى الكبار، كما تروم فتح نقاش حول علاقة اللغات بالتعليم من جهة وعلاقتها بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية من جهة أخرى.