تطرق اللقاء الأخير الذي جمع وزير الداخلية بمسؤولي الأحزاب لموضوع إعداد ميثاق شرف توقعه الهيئات السياسية وتلتزم بموجبه بتقديم مرشحين نزهاء خلال الانتخابات المقبلة، وبالتالي تكون الخطوة إضافة إلى المقتضيات القانونية من أجل محاربة الفساد الانتخابي، وجعل المحطة الديمقراطية القادمة مختلفة جذريا عن سابقاتها. إن المبادرة، وبغض النظر عن ما يمكن أن تثيره من ملاحظات وتفصيلات، تروم أساسا تحصين المسلسل الانتخابي من سلوكات الإفساد، ومن انقضاض لوبيات المفسدين، ما سيشكل، لو تم، كارثة على الدينامية الإصلاحية التي أسس لها الدستور الجديد. التحدي اليوم أمام بلادنا إذن، هو أن تستعيد السياسة والانتخابات والمؤسسات التمثيلية والأحزاب مصداقيتها ونبل أدوارها، وأن تعود الثقة للناس في بلادهم وفي المستقبل. الاستثمار الأنجع سياسيا اليوم هو في هذه الثقة أولا، وبالتالي أن نقنع المغاربة أن الحركية التغييرية التي دخلها المغرب لا تراجع عنها، وأن البلاد لن تسمح للفاسدين بوأد المسار في بدايته، والعودة بالأشياء كلها إلى الصفر، لأن ذلك سيجعل الوثيقة الدستورية المتقدمة التي صادق عليها المغاربة في فاتح يوليوز بلا معنى، وبلا أثر ملموس في الواقع. صحيح أن تقديم مرشحين نزهاء وأكفاء ، نساء ورجالا، ويمتلكون تجربة سياسية ومهارات معرفية ومصداقية وطنية وأخلاقية، سيساعد على تجويد العرض الانتخابي، ومن ثم تحسين تركيبة البرلمان المقبل، وهذا يجعل مسؤولية الأحزاب كبيرة على هذا الصعيد، لكن مع ذلك، فان مسؤولية الإدارة الترابية المعنية بتنظيم الانتخابات، مركزيا وفي المناطق، تبقى، بدورها، ذات أهمية كبيرة من حيث ضرورة الحرص أولا على الإعداد اللوجيستي والتدبيري والتواصلي للاستحقاقات، وثانيا من حيث الحياد الايجابي لمسؤوليها، ومن حيث تأمين تكافؤ الفرص بين الأطراف المرشحة، ومن حيث الحزم والنجاعة في مواجهة الحملات السابقة لأوانها التي بدأت من الآن، ومن حيث مراقبة الأموال التي تصرف في الانتخابات ، إنفاقا ومصادر وطرق، ومن حيث احتمال / تسرب/ بعض أباطرة الفساد من ذوي الملفات المشبوهة والمعروفة لدى أجهزة السلطة للوائح المرشحين، أو لقوائم ممولي المرشحين وصانعي اللوائح في الخفاء. وطبعا، لابد لتدخلات السلطات أن تتقيد بالقانون، وتجعل كامل عملها يتم في شفافية وتحت إشراف القضاء. المعركة ضد الفساد في الانتخابات إذن يجب أن تعني الجميع / سلطات وقضاء وأحزاب/، لكن أيضا منظمات المجتمع المدني والنقابات ووسائل الإعلام والجمعيات الحقوقية وتنظيمات الشباب والنساء والمثقفين والفاعلين الاقتصاديين... معركتنا هذه، معركة وطنية، ويجب أن ننتقل جميعا من الإرادة السياسية المعلنة لمحاربة الفساد إلى الإجراءات الملموسة والعملية، والى الانخراط في جبهة وطنية واسعة ضد الفساد الانتخابي، وضد المفسدين، ومن أجل النزاهة. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته