دبي تطلق خدمة التوصيل بالطائرات بدون طيار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط    كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    والي بنك المغرب يعلن الانتهاء من إعداد مشروع قانون "العملات الرقمية"    "هيئة تحرير الشام" تخطط للمستقبل    8 قتلى في حادثتين بالحوز ومراكش    27 قتيلا و2502 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    فينيسيوس أفضل لاعب في العالم وأنشيلوتي أحسن مدرب    بنك المغرب يخفض سعر فائدته الرئيسي إلى 2,5 في المائة    قطاع الطيران... انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ    جوائز "الأفضل" للفيفا.. البرازيلي فينيسيوس يتوج بلقب عام 2024    تشييع رسمي لجثمان شهيد الواجب بمسقط رأسه في أبي الجعد    المغرب والسعودية يوقعان بالرياض مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي الحكومي    القنيطرة.. افتتاح معرض لإشاعة ثقافة التهادي بمنتوجات الصناعة التقليدية    صحيفة 'لوفيغارو': المغرب يتموقع كوجهة رئيسية للسياحة العالمية    إحصاء 2024: الدارجة تستعمل أكثر من الريفية في الناظور    الرباط.. انعقاد اجتماع لجنة تتبع مصيدة الأخطبوط    العام الثقافي 'قطر-المغرب 2024': الأميرة للا حسناء وسعادة الشيخة سارة تترأسان بالدوحة عرضا لفن التبوريدة        مجلس الشيوخ الشيلي يدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية (سيناتور شيلي)    المغرب "شريك أساسي وموثوق" للاتحاد الأوروبي (مفوضة أوروبية)    كلمة الأستاذ إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خلال اجتماع اللجنة الإفريقية للأممية الاشتراكية    رسمياً.. المغرب يصوت لأول مرة بالأمم المتحدة على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    فيفا ينظم بيع تذاكر كأس العالم للأندية‬    بنعلي: رفع القدرة التخزينية للمواد البترولية ب 1,8 مليون متر مكعب في أفق 2030    لماذا لا تريد موريتانيا تصفية نزاع الصحراء المفتعل؟    84% من المغاربة يتوفرون على هاتف شخصي و70 % يستعملون الأنترنيت في الحواضر حسب الإحصاء العام    ردود فعل غاضبة من نشطاء الحركة الأمازيغية تُشكك في نتائج بنموسى حول نسبة الناطقين بالأمازيغية    الأميرة للا حسناء تترأس عرض التبوريدة    النظام الأساسي لموظفي إدارة السجون على طاولة مجلس الحكومة    دفاع الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال يؤكد أن وضعه الصحي في خطر    تحقيق قضائي لتحديد دوافع انتحار ضابط شرطة في الدار البيضاء    ارتفاع معدل البطالة بالمغرب إلى 21% مع تسجيل ضعف في نسبة مشاركة النساء بسوق الشغل    مراكش.. توقيع اتفاقية لإحداث مكتب للاتحاد الدولي لكرة القدم في إفريقيا بالمغرب    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    حاتم عمور يطلب من جمهوره عدم التصويت له في "عراق أواردز"        ضابط شرطة يضع حدّاً لحياته داخل منزله بالبيضاء..والأمن يفتح تحقيقاً    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    سرطان المرارة .. مرض نادر يُشخّص في المراحل المتقدمة    كيوسك الثلاثاء | حملة توظيف جديدة للعاملات المغربيات بقطاع الفواكه الحمراء بإسبانيا    زلزال عنيف يضرب أرخبيل فانواتو بالمحيط الهادي    شوارع المغرب في 2024.. لا صوت يعلو الدعم لغزة    الصين تعارض زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية    ماكرون سيعلن الحداد الوطني بعد إعصار شيدو المدمر في أرخبيل مايوت    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    أفضل لاعب بإفريقيا يحزن المغاربة    لماذا لا يستطيع التابع أن يتحرر؟    عن العُرس الرّيفي والتطريّة والفارس المغوار    علماء يكتشفون فصيلة "خارقة" من البشر لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الواحد الراضي باسم المكتب السياسي .. نجاح الانتقال الديمقراطي، و نجاح التنمية الشاملة يتوقفان على المشاركة السياسية الواعية من مكونات المجتمع

صادق المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على اقتراح الكاتب الأول للحزب بترك الدورة الحالية، المنعقدة يوم السبت بمقر الحزب بالرباط، مفتوحة لاستكمال النقاش.
وقد جاء مقترح عبد الواحد الراضي بعد ما عرفت الدورة الرابعة للمجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تدخل أزيد من 45 مناضلا من أصل 82 مسجلا في لائحة التدخلات ، وضيق الحصة الزمنية لاستكمالها في نفس اليوم .
التدخلات التي استغرقت زمنا طويلا جاءت بعد كلمة الكاتب الاول عبد الواحد الراضي، و التي استهلها بالتذكير بالتاريخ المجيد للاتحاد وللمسيرة النضالية الاخلاقية لقادته ، ودعوته إلى استلهامها لاستعادة وهج الاتحاد الذي ضحى من أجل ذلك الشهداء والمناضلون مثل المهدي، عمر وعبد الرحيم.
وقال عبد الواحد الراضي أن زمن الاصلاح السياسي والمؤسساتي والدستوري بالنسبة للاتحاد قد حان وأنه لا بد منه لتجاوز الازمة، ولا سيما أزمة المسلكيات وازمة الثقة في السياسة والطبقة السياسية.
ومن جهة أخرى،رصدت التدخلات الازمة العامة التي يعيشها المغرب والتي تتجلى أخطر سماتها في الهوة الكبيرة التي أصبحت بين المجتمع وما يسمى بعالم السياسة ...
وانصبت التدخلات التي عرفها الشوط الأول من الدورة حول الدفاع عن المكتسبات وأنه « لا أحد يمكنه أن يعصف بما راكمته بلادنا من مكاسب» ودعا العديد من أعضاء المجلس الوطني في هذه الدورة الاتحاديين إلى ضرورة تحصين الاتحاد لتبقى قراراته مستقلة، كما كان على الدوام، كما تم التأكيد أيضا على مقررات المؤتمر الوطني الثامن التي يجب تنفيذها والالتزام بها.
وكانت الجلسة قد شهدت تدخلات من طرف عضوين من المكتب السياسي ، هما محمد بوبكري وعبد الهادي خيرات، كما شهدت نقاشا صريحا وملتزما حول قضايا الصورة التي يتلقاها المناضلون عن الحزب.
أخواتي، إخواني،
تأتي هذه الدورة في أجواء تخليد ذكرى الراحلين عمر بنجلون، وعبد الرحيم بوعبيد، إنها مناسبة لنؤكد مرة أخرى أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سيظل وفيا لقيمه، ولمثله العليا ولشهدائه الأبرار وأنه سيستمر بأجيال جديدة من المناضلين المخلصين مناضلا من أجل ترسيخ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
إنها مناسبة كذلك لنقف بإجلال وتقدير أمام قادة حزبنا الذين صنعوا تراثنا النضالي المشترك، وبنوا هذا البيت الاتحادي بإيمان وتفان وإخلاص.
أخواتي، إخواني،
يتضمن التقرير الذي سنعرضه على أخوتكم تحليلا شاملا للوضعية الراهنة التي تجتازها بلادنا خاصة ما يرتبط بالتطورات الأخيرة لقضيتنا الوطنية، وحصيلة النشاط الحزبي بين دورتي المجلس الوطني، وأوراش الإصلاحات المستقبلية سواء على المستوى التنظيمي، أو السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي أو على مستوى تحسين برامج عمل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في مجال السياسة الخارجية.
1.
الوضعية الراهنة : القضية الوطنية
أيتها الأخوات، أيها الإخوة:
في الفترة الأخيرة، تصدرت قضيتنا الوطنية محور اهتماماتنا وانشغالاتنا.خاصة، بعد الذي شهدته مدينة العيون في صحرائنا المغربية من أحداث دامية وتخريبية أليمة، وبعد الحملة الإعلامية التضليلية الواسعة التي قام بها خصوم وحدتنا الترابية، وتزعمتها بالخصوص أوساط إعلامية وسياسية إسبانية. وكان من تبعاتها الموقف الذي اتخذه البرلمان الإسباني، والبرلمان الأوروبي، واللذان أقل ما يقال فيهما، أنهما لم يراعيا الحقيقة في ما جرى، كما لم يراعيا حرمة السيادة الوطنية، وكذلك المصالح المشتركة بيننا.
وأمام هول ما حدث، وأمام تلك الحملة التضليلية الواسعة،كان ولابد من أن ينتفض الشعب المغربي، من أقصاه إلى أقصاه، في أكبر تظاهرة مليونية عرفها تاريخه النضالي، ليظهر للجميع تلك الحقيقة الراسخة، والتي لا يستطيع أي كان أن يحجبها تلك الحقيقة المتمثلة في التفاف كافة مكونات الأمة دفاعا عن وحدتنا الترابية.
ولأنكم على دراية كاملة بتفاصيل الأحداث وتشعباتها، فسنكتفي في هذا التقرير بتقديم بعض الخلاصات التي قد تساعدنا على التفكير الجماعي فيما ينتظرنا من مهام مستقبلية.
أولا: مازالت كل المواقف والسلوكات التي يتخذها خصوم وحدتنا الترابية، تندرج ضمن العرقلة الدائمة للمفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي لهذا النزاع.
ثانيا: من الوسائل المستحدثة لدى الخصوم في هذا الرهان الفاشل، أنهم يسعون إلى استغلال الحرية والتعددية القائمين لنقل الصراع إلى داخل أرض الوطن، وزرع الفتن بين مواطنيه الصحراويين كلما أمكنهم ذلك. ومن تم استعمال «حقوق الإنسان» كبضاعة دعائية وسياسية على المستوى الدولي.
وما نريد توضيحه الآن، ليس أكثر من أن أصحاب هذا الرهان ليست لهم من المصداقية ما يجعلهم قادرين على هذا التحدي. فعلاوة على تآكلهم الداخلي المتزايد،بفعل قدوم العشرات والمئات من المواطنين والأطر الصحراوية إلى أرض الوطن، كلما أمكنهم ذلك، هناك أيضا حالة الحصار والقمع التي يعيشها أهلنا في محتجزات تندوف وفي أبشع ضروب إهدار «حقوق الإنسان». ولعل في اعتقال المناضل «مصطفى ولد سلمى» وما تعرض له من تعذيب وتنكيل، وإبعاد، خير مثال على ذلك،ناهيك عن خشية الخصوم ورفضهم لأي لجنة أممية لتقصي حقيقة الأوضاع في المخيمات، بل وحتى لإحصاء العدد الحقيقي للاجئين هناك.
إن تطوير وتعزيز الديمقراطية في بلدنا، والمضي إلى النهاية في مشروع الجهوية المتقدمة وكذا مشروع الحكم الذاتي لمناطقنا الصحراوية، وكل الإصلاحات السياسية الأخرى في عموم الوطن، كل ذلك يعزز موقعنا في هذا الصراع المفتعل. وبموازاة مع ذلك، فإن أوضاع حقوق الإنسان في مخيمات تندوف، ينبغي أن تكون محط استهداف كل أنشطتنا السياسية والدبلوماسية.
وإذا كان ينبغي بعد استكمال لجنة تقصي الحقائق حول أحداث العيون لأشغالها، أن نتدارس بعمق الخلاصات التي ستنتهي إليها وذلك قصد تعزيز المكتسبات التي تم تحقيقها بأقاليمنا الجنوبية في مختلف ميادين التنمية والتي غيرت تماما المشهد العام بأقاليمنا الصحراوية ورصد الصفوف وتعزيز الوحدة الوطنية واسترجاع سبتة ومليلية المحتلتين.
ثالثا : لأسباب عديدة لا يسمح المجال بذكرها، يشكل المجال الدبلوماسي محور رهانات الخصوم في تمطيط الزمن وعرقلة الحل العادل الوحيد الممكن الذي طرحه المغرب في مشروعه للحكم الذاتي.ولذلك سنحتاج دوما إلى مضاعفة الجهود التي تبدلها الدبلوماسية المغربية لإفشال مناورات الخصوم على كل المسارات التي أضحت تستوجبها الدبلوماسية المعاصرة. ونعني بها: الدبلوماسية الرسمية، والدبلوماسية الموازية البرلمانية والشعبية، والدبلوماسية الاقتصادية. وغني عن القول أن هذه المسارات المختلفة والمندمجة، تحتاج إلى وضع استراتيجيات متنوعة لتتناغم مع اختلاف وتنوع المصالح والمواقع الجيوبوليتيكية في العالم.
علينا أن نوضح لكل فاعليات شعوب الاتحاد المغاربي، كيف أن هذا الصراع المفتعل ينعكس على مصالحها الوطنية لما يبدده من طاقات هائلة للتنمية المشتركة في هذا العصر الذي تتدافع فيه أقطاب اقتصادية كبرى. إن استحضار هذه الواجهة المغاربية، سيظل مع ذلك شرطا حاسما في إفشال مخططات الخصوم والتي تكتوي بأضرارها كل شعوب هذه المنطقة.
أيتها الأخوات، أيها الإخوة:
لعل المعضلة الكبرى التي طرحت علينا خلال هذه المرحلة من تطور انتقالنا الديمقراطي، ما بات يعرف لدى الجميع بضرورة «إرجاع الاعتبار للعمل السياسي».
إذ رغم كل الأوراش الكبرى التي فتحت، ورغم كل الإصلاحات التي بوشرت، لاحظنا جميعا، وخاصة في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، كيف ضعفت المشاركة، وكيف ضعف الاهتمام بالشأن العام لدى جماهير واسعة من الشعب المغربي، وكيف شحب بالتالي المشهد السياسي في كل جوانبه.
والحق أننا منذ فترة ليست بالقصيرة، إنتبهنا إلى هذا الخطر الذي بات يتهدد تجربتنا الديمقراطية، لأننا نعتقد، أن نجاح الانتقال الديمقراطي، ونجاح التنمية الشاملة فيه، يتوقفان، في شروطنا الانتقالية الخاصة، على المشاركة السياسية الواعية من قبل كل مكونات الشعب المغربي، وإلا فإن حالة العجز والإعاقة ستظل كامنة في كافة المجالات.
إن وعينا هذا، هو الذي جعلنا منذ الانتخابات التشريعية السابقة ندعوفي برنامجنا إلى ضرورة القيام ب»جيل جديد من الإصلاحات»، تطال كل مجالات وأدوات الحكامة الناجعة، كما تطال مخططاتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في ضوء ما برهنت عليه التجربة نفسها من نقائص مختلفة.
والحق أيضا، أنه لا يمكن «إرجاع الاعتبار للعمل السياسي» إلا بمنظور إصلاحي شامل تقوم به الدولة والأحزاب وكل قوى المجتمع المدني.
ويزيدنا ثقة في هذا التصور الإصلاحي الشامل المتجدد الذي ندعوله، ونعمل من أجله، أن الخطابات الملكية الأخيرة، سواء بمناسبة عيد العرش، أوذكرى ثورة الملك والشعب، وذكرى المسيرة الخضراء، وفي افتتاح السنة التشريعية، وغيرها، كلها تضمنت نفس الروح، كما نصت بالحرف على العديد من هذه الإصلاحات والرؤى التي نحتاجها.
2. حصيلة النشاط الحزبي بين دورتي المجلس الوطني
أخواتي، إخواني،
منذ المجلس الوطني الأخير انخرط حزبنا في مرحلة جديدة انطلقت من قناعة واضحة وإرادة راسخة في تفعيل مقررات المؤتمر الوطني الثامن، والانكباب على تشخيص الاختلالات ومعالجتها في سياق التحضير للاستحقاقات القادمة في شروط تنظيمية وسياسية تؤهلنا للقيام بدورنا كاملا في الحقل السياسي الوطني والدولي.
واليوم ونحن نلتقي في اجتماع مجلسنا الوطني لابد أن نقوم بجرد تقييمي لما أنجزناه من التزامات في هذا الشأن، ولما يتعين علينا أن نتخذه من إجراءات تعزيزية حتى يكون أداؤنا في مستوى المهام المنوطة بنا وفي مستوى انتظارات شعبنا.
أولا : على المستوى التنظيمي
أوصى المؤتمر الوطني بجعل سنة 2010 سنة التجديد التنظيمي، وتعميق النقاش في كل الجوانب المتعلقة بالمسألة التنظيمية.
ورغم مخلفات الانتخابات الجماعية الأخيرة في بعض الأقاليم، وخاصة في المدن الكبرى فقد كان حرص جميع الاتحاديات والاتحاديين على تجاوز كل الصعاب والمعوقات التي طبعت الحياة الحزبية لمدة غير قصيرة من خلال تنفيذ قرارات المؤتمر السياسية والتنظيمية.
ولقد شكلت الندوة الوطنية للتنظيم ومختلف الاجتماعات والأيام الدراسية فضاءات للحوار الجاد والمسؤول حول السمات العامة للمرحلة التي تجتازها بلادنا، وآفاق المستقبل، والإصلاحات الدستورية والسياسية والتنظيمية الواجب الانخراط فيها.
كما شكلت اجتماعات المكتب السياسي مع كتاب الجهات والأقاليم سواء بعد دورة المجلس الوطني الأخير مباشرة، أو عند التحضير للدخول السياسي والاجتماعي خلال الصيف الماضي، محطات تنظيمية لتشخيص الوضع الحزبي والسياسي في كافة الجهات والأقاليم، ورسم آفاق العمل بهدف تجاوز الاختلالات، وتعزيز أساليب القرب، وتحسين أساليب اشتغالنا، لكي نتمكن من تعميق تجذرنا في المجتمع.
وهكذا وعلى مستوى التجديد التنظيمي سجل حزبنا نتائج إيجابية في العديد من الأقاليم الحزبية التي عقدت مجالسها الإقليمية العادية، ومجالسها الإقليمية التنظيمية لتجديد هياكلها، وأحدثت أقاليم جديدة. وبقيت أقاليم محدودة لم تعقد تلك المجالس، والمكتب السياسي يعمل حاليا بالتنسيق المباشر مع الكتابات الجهوية المعنية على حل بعض المشاكل التنظيمية المطروحة.
ولابد بهذا الصدد أن نكون صرحاء فيما بيننا لنقول أن واقعنا التنظيمي في بعض الأقاليم مازال يراوح مكانه، ويبدو عاجزا عن مواجهة المعارك اليومية، والاستحقاقات .
المقبلة بما يليق بمؤهلاتنا وطموحاتنا وبانتظارات جماهيرنا، كما أن بعض اللجان الوطنية للمجلس الوطني مازلنا ننتظر منها مضاعفة جهودها لتفعيل ما تزخر به من طاقات وما سطرته من برامج.
وحسب التقارير المتوفرة لدينا في المكتب السياسي فإن الواقع التنظيمي، هو واقع أصبح على العموم في حاجة قصوى إلى مجهود استثنائي لإيجاد أفضل الصيغ والحلول التي تمكن حزبنا من استثمار أفضل وأنجع لما يزخر به من طاقات محلية لم نتمكن لحد الآن من استيعابها وإدماجها في الصيرورة الحزبية المحلية.
ومن المؤكد كذلك أنه بفضل العديد من المسؤولات والمسؤولين الحزبيين على المستوى الوطني والمحلي والذين أبانوا على روح عالية من التضحية ونكران الذات في سبيل حماية الحزب، ومواجهة كل التحديات والإكراهات، بفضل مؤهلات الإخوة والأخوات رفع صوت الحزب عاليا في الحواضر والبوادي، واستطاع حزبنا أن يحتل مكانة مرموقة في المشهد السياسي المغربي.
هؤلاء الإخوة الصامدون يستحقون منا تحية التقدير والاعتزاز، ولا يفوتني في هذا السياق أن أتوجه إلى ثلة من خيرة مناضلينا الذين ابتعدوا عن الحياة الحزبية لسبب من الأسباب، لأقول لهم أن حزبكم يحتاج إلى عطائكم ونضاليتكم، وما عليكم إلا أن تستأنفوا نشاطكم النضالي حتى نستطيع جميعا إرساء قواعد انطلاقاتنا الجديدة نحو أفق الحداثة الحزبية بكل ما للكلمة من معان.
هذا فيما يتعلق بالهياكل الحزبية الأفقية، أما فيما يخص اللجان الوطنية للمجلس الوطني فقد تمت هيكلتها واختارت رؤساءها ومقرريها ونوابهم، وحددت برامجها، وبدأت في تنفيذها من خلال الأوراق والأرضيات التي حضرتها، واللقاءات الدراسية التي نظمتها.
أما على مستوى التنظيمات الحزبية العمودية المتمثلة في القطاعات الحزبية والمهنية، فقد انخرطت في برنامج تحريك مختلف لجان التنسيق القطاعية الوطنية بمساهمة اللجنة الوطنية للعمل النقابي والجمعوي، ومازالت حصيلة هذا العمل تسجل تفاوتا بين القطاعات التي هي اليوم مدعوة إلى المزيد من العمل من أجل انتظام واستمرارية عملها، وتجديد هياكلها، وكذلك الجهات والأقاليم هي مدعوة إلى المزيد من الحرص على هيكلة لجان التنسيق القطاعية الإقليمية والجهوية لمختلف القطاعات، وإنشاء لجان قطاعية جديدة لما تفرضه الظروف الراهنة والتحولات المتسارعة من تجديد متواصل في مفهوم العمل الحزبي ومن تأهيل للأداة التنظيمية، لجعلنا في مستوى المهام الجديدة المطروحة على حزبنا وعلى بلادنا.
وعلى الرغم من الفتور الذي تعرفه بعض مناحي أداء حزبنا على مستوى قطاعي النساء والشبيبة الاتحادية فقد انخرطت الأخوات في القطاع النسائي الاتحادي، بعد عدة لقاءات تداولية وتنظيمية مع المكتب السياسي في الأعباء التنظيمية، إذ انطلقت اجتماعات الكتابة الوطنية وتم إعادة توزيع المهام داخلها، وشكل المجلس الوطني للتنظيم النسائي الاتحادي بتاريخ 19 دجنبر الحالي فرصة لتحسين تصورنا الحزبي للقضية النسائية والمصادقة على مشاريع المقررات والإجراءات المرتبطة بمؤتمرهن الوطني. الذي توجت أشغاله بالنجاح من خلال تدارس مختلف القضايا المدرجة في جدول أعماله،و انتخاب أجهزته القيادية،و هي مناسبة للتعبير لكافة الأخوات عن التهاني الحارة على هذا الانجاز التنظيمي .
أما بالنسبة للشبيبة الاتحادية فقد كان للمكتب السياسي عدة لقاءات مع مكتبها الوطني أسفرت على إعادة الحياة لهذا الجهاز التنظيمي الأساسي والحيوي وعن تكوين لجنة تحضيرية لعقد المؤتمر الوطني للشبيبة الاتحادية خلال شهر يناير القادم.
وعلى نفس المنوال عقد المكتب السياسي اجتماعات مع الفريق الحكومي للتعرف على نشاط الإخوة في الفريق الحكومي والتأكيد على التوجهات الحزبية في ممارستهم لتلك المسؤولية.
كما عقد المكتب السياسي مع الفريق الاشتراكي بمجلسيه عدة لقاءات وأيام دراسية لجرد حصيلة الفريق البرلماني وعرض برامجه القادمة (تجدون طيه تقريري الفريقين البرلمانيين بمجلس النواب ومجلس المستشارين).
أما الجمعية الاشتراكية للمستشارات والمستشارين الاتحاديين فقد انخرطت في وضع برنامج متكامل ومتجدد لتأطير عمل المستشارات والمستشارين المحليين، وعقدت عدة لقاءات دراسية وتكوينية مع رؤساء الجماعات المحلية الاتحاديون، ومع المستشارات الاتحاديات، كما نظمت عدة لقاءات تكوينية على مستوى الفروع والأقاليم والجهات.
وندعو بهذه المناسبة كافة التنظيمات الحزبية المحلية التعاون مع الجمعية الاشتراكية في تنظيم وهيكلة فروع الجمعية، ودعم مجهوداتها للاستمرار في تعميق التواصل وتوسيع مهام التأطير والتنسيق لعمل المستشارات والمستشارين الاتحاديين لتشمل كافة الفروع الحزبية المحلية.
وفي مجال التواصل الحزبي لابد وأن نقر بالقصور الذي يعتري واجهة من أهم واجهات العمل الحزبي، ونحن نأمل أن يتطور هذا التواصل الداخلي والخارجي، وذلك بتطوير صحافة الحزب اليومية وموقع الحزب على الإنترنيت ودراسة إمكانية إصدار نشرة داخلية ومجلة فكرية تكون منبرا للاجتهاد والحوار والإبداع.
وستكون فرصة إعادة هيكلة المؤسسة الاشتراكية للأبحاث والدراسات فرصة لتحيين برامجها وتوجهاتها وطرق اشتغالها لتستمر في دورها الريادي في مجال الفكر والثقافة والدفاع عن المشروع الحداثي الديمقراطي.
ثانيا : على المستوى السياسي :
أخواتي، إخواني،
تمشيا مع التوجهات العامة التي سطرها المؤتمر الوطني الثامن، والذي ألح على ضرورة الإصلاح السياسي والدستوري، والانخراط في إصلاحات اقتصادية واجتماعية من أجل بناء دولة ديمقراطية حديثة تضمن لنساء ورجال المغرب حياة كريمة ومشاركة واسعة في الحياة العامة.
في هذا السياق وضعنا مذكرة حول الإصلاحات الدستورية بمضامين الإصلاح الذي نطمح إليه، ورفعناها إلى جلالة الملك مقدرين أن هذا الإصلاح يتوقف إلى حد بعيد على ما سيبادر إليه جلالة الملك في هذا الإطار، وعلى ما سيتبلور من توافق وطني حول مضمونه.
كما حرصنا على إعادة إطلاق نقاش وطني هادئ وواسع حول الإصلاحات السياسية، وحرصنا على أن يكون حول هذا المسار الإصلاحي الجوهري جميع الفرقاء السياسيين، مما أصبح معه اليوم، الجميع يقر بأن بلادنا في حاجة ماسة إلى إصلاحات سياسية ومؤسساتية، عبر إصلاح وتصحيح القانون الانتخابي واعتماد مساطير جديدة لضمان نزاهة الاقتراع، والحد من مظاهر الاستخفاف بالإرادة الشعبية المتجلية في استعمال المال، وتدخل بعض الإدارات الترابية، وإعادة إنتاج ظواهر من الأساليب القديمة.
إصلاحات أكدنا أنه يجب أن تعطي الأولوية لنظام الاقتراع المباشر والاستغناء ما أمكن عن أسلوب الاقتراع غير المباشر، والوقوف ضد الترحال الحزبي، واختلاقا الخرائط الحزبية، ومحاربة المفسدين، وتوسيع مجال الحريات العامة، وتعزيز حقوق الإنسان.
واعتبرنا في لقاءاتنا مع باقي الفرقاء السياسيين، أن من شأن هذه الإصلاحات أن تساهم في تطوير وتحيين المجال السياسي وعقلنته، وترسيخ العمل الديمقراطي، وأن تشيع جوا من الثقة والنزاهة في الحياة العامة.
وبخصوص تصور الحزب للجهوية الموسعة عمد المكتب السياسي إلى تكوين لجنة سياسية من أجل بلورة تصورات أولية ومقترحات تفصيلية، وقد أسفرت أشغال هذه اللجنة عن صياغة تصور أولي حول الجهوية الموسعة تم عرضه على اللجنة الاستشارية للجهوية، كما عقدت اللجنة ندوة صحفية في الموضوع لتوضيح الأسس والمتطلبات التي اعتمدتها اللجنة في صياغة مقترحات الحزب وتصوراته الأولية، ولازالت اللجنة تشتغل لبلورة مقترحات تفصيلية تؤسس لتصور واضح ومتكامل للجهوية الموسعة.
إن هذه الحصيلة المقتضبة من نشاط هياكلنا ومؤسساتنا الحزبية تؤكد بشكل واضح أن حزبنا تمكن من اجتياز تلك الظرفية التنظيمية الصعبة التي مر بها. وأننا مصممون جميعا على متابعة مجهودنا بجرأة وتفان وإخلاص من أجل تطبيق التوجهات والبرامج التي أقرها مؤتمرنا الوطني الثامن ليحافظ حزبنا على موقعه في الحقل السياسي الوطني فاعلا ومؤثرا ومشاركا بنجاعة ووضوح في بناء صرح الدولة الحديثة.
أخواتي، إخواني،
إننا عازمون في المكتب السياسي على جعل سنة 2011 سنة استكمال النهوض الشامل بالحزب وتجديد برامجنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتدقيق سياستنا في مجال محاربة الفوارق والفقر وضمان العيش الكريم للفئات الشعبية، ومواصلة النضال من أجل الإصلاحات السياسية والمؤسساتية كإحدى ضرورات المرحلة الحالية انسجاما مع الدور المركزي الذي لعبه حزبنا في مسلسل الإصلاحات التي انطلقت منذ تسعينات القرن الماضي
1 أوراش الإصلاح وتطوير الأداء الحزبي
1- تفعيل توصيات الندوة الوطنية للتنظيم:
أوصى المؤتمر الوطني الثامن بعقد ندوة وطنية حول التنظيم لتأهيل الأداة الحزبية في اتجاه تجاوز الاختلالات، وتعزيز أساليب القرب في النضال والتأطير والتواصل، وتوسيع نسيج الحزب العلائقي، وإقرار قواعد جديدة للتدبير الديمقراطي الشفاف، وصولا إلى تجسيد النموذج الحزبي الذي يليق بشعبنا وتحولات عصرنا.
وأنتجت الندوة الوطنية للتنظيم وثيقة أساسية هي خلاصات تجربتنا على أرض الواقع، وتضمنت تصورا دقيقا، وآليات واضحة تربط التدبير بالديمقراطية، والمسؤولية بالمساءلة، وتقلد المهام بالفعالية والكفاءة، والعمل اليومي بالتخطيط والبرمجة.
وسيتولى مجلسنا الوطني اليوم التداول بشأن التوصيات الصادرة عن الندوة الوطنية للتنظيم (تجدون طيه توصيات الندوة الوطنية للتنظيم).
كما سبق أن أحالت الندوة الوطنية للتنظيم التي قررها المؤتمر الثامن، على لجنة تفعيل الأداة الحزبية، الأفكار التي انتهت إليها قصد صياغتها في قالب قانوني.
وتبعا لذلك، اجتمعت لجنة تفعيل الأداة الحزبية بدعوة من المكتب السياسي وبحضوره وتداولت حول المهمة التي عهد لها بها.
وبعد النقاش الذي راج أثناء تلك الجلسة، وهو النقاش الذي هم مجددا نمط الاقتراع، تم اقتراح تقديم اجتهاد حول طريقة ثالثة مختلفة عن نمط الاقتراع الفردي المنصوص عليه في النظام الداخلي، ومتميزة عن نمط الاقتراع باللائحة بالشكل الذي اقترح في الدورة الأولى للمؤتمر الثامن.
وبالفعل، اجتمعت اللجنة المنبثقة عن لجنة تفعيل الأداة الحزبية وهيأت مقترحات ذات طبيعة قانونية تهم الاجتهاد في قلب نمط الاقتراع باللائحة.
وتم عرض هذا المقترح-الاجتهاد على لجنة تفعيل الأداة الحزبية التي اجتمعت يوم 16/10/2010، وبعد المناقشة التي دارت حول ذلك المقترح والملاحظات والتدقيقات التي طلبت بشأنه من اللجنة المنبثقة عن لجنة تفعيل الأداة الحزبية إعادة صياغة المقترح بناء على الملاحظات التي قدمها أعضاء اللجنة في هذا الاجتماع وبالفعل اجتمع مجددا أعضاء الجنية المكلفة بالصياغة و انهت عملها الذي تقدمه هذه الورقة في صياغة أولية قابلة لكل تغيير أو إضافة (تجدون طيه مقترحات بخصوص مسطرة انتخاب الأجهزة الحزبية).
2 الإصلاحات الدستورية والسياسية
تبعا للقرارات الصادرة عن المؤتمر الوطني الثامن، والتي تم التأكيد عليها في البيان العام، عمد المكتب السياسي إلى تقديم مذكرة خاصة بالإصلاحات الدستورية إلى عاهل البلاد، ضمنها تصوراته المستنبطة من النقاش العام الذي دار في المؤتمر، كما عملنا خلال الدخول السياسي لهذه السنة على دفع الأجهزة الحزبية، وخاصة منها اللجنة السياسية ولجنة المؤسسات المنتخبة، إلى الاشتغال على موضوع الإصلاحات السياسية. وفي هذا الصدد، وفي اجتماع مع رؤساء ومقرري اللجان الوظيفية، أكدنا قبل الدخول السياسي على ضرورة الاهتمام بموضوع الإصلاحات السياسية، وخاصة منها المتعلقة بقضايا الانتخابات.
وقد تم عقد لقاء أولي للجنتين، تحت إشراف المكتب السياسي، تم خلاله تحديد منهجية العمل المتمثلة في استغلال الفترة التي تفصلنا عن موعد الاستحقاقات في تنظيم النقاش بشكل يجمع بين التشاور والإشعاع من خلال اعتماد أسلوب المنتديات الجهوية المفتوحة حول المواضيع التي تستأثر باهتمام الرأي العام والطبقة السياسية من جهة، والتي ستشكل أرضية صلبة لتأسيس مواقف الحزب من جهة أخرى، وبمساهمة الأطر الحزبية، ومجموعة الأكاديميين في مختلف التخصصات، وممثلين عن المجمع المدني، وفعاليات مختلفة.
كما تم عقد يوم دراسي يوم السبت 04 دجنبر 2010، تحت إشراف المكتب السياسي، حضره أعضاء اللجنتين، والفريق الحكومي والبرلماني، وكتاب الجهات والأقاليم، حول موضوع الإصلاحات السياسية، حيث أبرز المتدخلون أنه اعتبارا لكون حزبنا قد ظل لعقود طويلة، يفضح كل أشكال التزوير الفظيع الذي كانت تقوم به الإدارة، فإنه مطالب اليوم بالاستمرار في هذه المسيرة إلى غاية الوصول إلى عملية سياسية نظيفة، قادرة على إفراز مشهد سياسي واضح مبني على برامج شاملة لأحزاب متجذرة في المجتمع المغربي، وذلك من خلال نقاش داخلي موسع يتلوه نقاش داخل الدوائر التي يتحرك فيها الاتحاد من أغلبية حكومية كتلة ويسار وأحزاب صديقة، ثم بينها وبين الإدارة المشرفة على الانتخابات من أجل الوصول إلى توافق وتراض حولها.
هذا، وينبغي التذكير في البداية بمطالبة الحزب باعتماد أسلوب الاقتراع الفردي الإسمي ذي الدورتين لما يتيحه هذا الأسلوب من إمكانيات للعمل المستقل في الدورة الأولى، والعمل «التحالفي» في الدورة الثانية، وبدفاع حزبنا عن نظام الاقتراع باللائحة، خلال حكومة الأخ عبد الرحمان يوسفي، لما كان يتيحه آنذاك من إمكانيات لمحاربة بعض مظاهر الفساد الانتخابي المرتبطة أساسا بإمكانيات التزوير أو الضغط على الناخب. إلا أن التجربة، بينت بالملموس أن أسلوب اللائحة لم يؤد إلى النتائج المنتظرة منه. فالحديث عن استعمال المال، وإمكانية إفساد العميلة الانتخابية لازالا قائمين، وعدد الأحزاب السياسية في تصاعد، ومعه ارتفعت نسبة العزوف بشكل كبير.
أما بخصوص الاقتراع غير المباشر، والمتعلق بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين، وأعضاء الغرف المهنية الأربعة، وأعضاء مجالس العمالات والأقاليم، فإنه لا يضرنا في شيء أن نستمر في اعتماد نظام اللائحة، لكن وفق تقنيات جديدة، تؤدي إلى إفراز أغلبيات واضحة يسهل عليها العمل «بارتياح» خلال ولايتها التمثيلية، مع معالجة نظام انتخاب أعضاء المجالس الجهوية، في إطار التصور الخاص لحزبنا للجهوية الموسعة.
هذا، ويجب الإشارة إلى أن مسألة تغيير نمط الاقتراع، يجب أن تكون مبنية على خطة متوسطة المدى، تراعي تسلسل الاستحقاقات التشريعية والجماعية. فالاستحقاقات الجماعية القادمة، هي وحدها القادرة في البداية على إعادة ربط صلة الناخب بالمرشح. لذا، علينا الانطلاق منها للرجوع للاقتراع الفردي، لنؤكد ذلك في استحقاقات 2017 التشريعية. وضمن هذا المسار، ينبغي الإشارة إلى أن إجراء انتخابات 2012 التشريعية ينبغي أن يحاط بكل الضمانات التي تجعل أسلوب اللائحة يعطي النتائج المرجوة منه، ومن ذلك :
1 : العمل على عقلنة المشهد الحزبي من خلال فتح المجال أمام الأحزاب المتجذرة في المجتمع للحصول على أغلبية تمكنها من تسيير مجلس النواب من خلال أغلبية واضحة، وذلك برفع العتبة إلى 8 %، في إطار الرفع التدريجي من هذه النسبة لتستقر في 10 % لاحقا.
2 : توسيع الدوائر الانتخابية بشكل يرفع من عدد المقاعد المخصصة للدائرة. وفي هذا الصدد، نقترح أن يتم اعتبار الإقليم أو العمالة (مهما كان حجمها) دائرة انتخابية واحدة. إن حزبنا لا يتعامل مع التقسيم الانتخابي من حيث طابعه التقني، بل نم حيث اعتباره آلية سياسية، أدت إلى زعزعة العديد من مواقع الحزب وبالتالي ضياع الاتحاد في مقاعد كانت أصلا لصالحه.
3 : البحث عن طرق بديلة للمحافظة على التمثيلية النسائية ودعمها وتشجيعها. وفي هذا الصددن فإن حزبنا الذي كان رائدا في هذا المجال، سيبقى دائما في صدارة الداعين إلى استعمال كل تقنيات دعم المشاركة السياسية للمرأة.
أما بخصوص مدونة الانتخابات، فإن استغلال عروض ومناقشات اليوم الدراسي، ستجعل حزبنا متوفرا على أرضية متكاملة، تكون بمثابة ورقة عمل مع كل الأحزاب التي يمكن أن نتحاور معها بمشاركة منظمات المجتمع المدني وتحت أنظار الرأي العام الوطني في شكل منتديات كما أسلفنا. وإذا كان المكتب السياسي قد عقد عدة اجتماعات أولية مع أحزاب شقيقة وصديقة للتحاور وتبادل وجهات النظر، والبحث عن نقط الالتقاء ونقط الاختلاف، فإننا لازلنا نعتبر أن مدونة الانتخابات تحتاج إلى المزيد من الإصلاحات لمعالجة الاختلالات التي يمكن أن تلحق بعملية الاقتراع. والمكتب السياسي الآن في مرحلة جمع الاقتراحات التي يرى أنها ستدعم سلامة ونزاهة عملية الاقتراع. وتتمحور الخطوط الرئيسية لهذه المقترحات في تدقيق تعامل القانون مع العملية الانتخابية في مختلف مراحلها.
فبالنسبة للوائح الانتخابية، نقترح أن يتم اعتبار بطاقة التعريف الوطنية، الوثيقة الوحيدة للتعريف بالهوية عند التسجيل باللوائح الانتخابية، أو عند الإدلاء بالتصويت، وإسناد رئاسة اللجنة الإدارية ولجنة الفصل إلى قاض يعينه رئيس المحكمة الابتدائية؛ وإيداع نسخة من اللوائح الانتخابية بكتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية، التي تصبح صاحبة الاختصاص في الطعون المتعلقة باللوائح الانتخابية، وتطوير برامج المعالجة المعلوماتية لضبط اللوائح الانتخابية بشكل أفضل محليا ووطنيا، كما يقترح حزبنا أن يتم جعل يوم الاقتراع يوم الأربعاء، مع منح موظفي الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والأعوان، وأجراء القطاع الخاص كامل التسهيلات لأداء واجبهم الوطني وممارسة حقهم الدستوري.
ولكي تمر الحملات الانتخابية في جو تطبعه المنافسة النزيهة والنظيفة، فإننا نقترح إلزامية احتفاظ وزارة الداخلية للهيئات السياسية المشاركة في الاستحقاقات السابقة برموزها المتعارف عليها؛ وتوسيع منع استعمال رموز الدولة ليشمل بالإضافة إلى اللونين الأحمر والأخضر كل شعارات ورموز الدولة الرسمية في وثائق الحملات الانتخابية، وتوسيع منع الحملات الانتخابية يوم الاقتراع لتشمل الأشكال الإلكترونية الحديثة. كما أننا نقترح منع الحملات الدعائية حول حصيلة عمل المجالس الجهوية، ومجلس العمالات والأقاليم، ومجالس الجماعات والمقاطعات، والغرف المهنية طيلة مدة سنة السابقة ليوم الاقتراع، وذلك بأي شكل أو صيغة كانت.
أما بخصوص عملية الاقتراع، فإننا نؤكد على ضرورة تحديد معدل معين لإحداث مكاتب التصويت، حتى لا يتم الإكثار من عدد المكاتب بشكل يجعل الهيئات السياسية والمرشحين غير قادرين على تغطيتها بالمراقبين؛ وحذف إمكانية تعيين موظفي الجماعات المحلية كرؤساء لمكاتب التصويت، وإعطاء الأسبقية في ذلك لمتقاعدي الوظيفة العمومية؛ مع منع تعيين أصول المرشحين أو فروعهم أو أولياؤهم أو أصهارهم المباشرين في مكاتب التصويت المعنية، ومنح المتضررين من ذلك صلاحية تنبيه الإدارة إلى ذلك. كما أننا نقترح كذلك إلزامية أداء رؤساء مكاتب التصويت لليمين قبل الشروع في مزاولة مهامهم، على أن يؤدي أعضاء مكتب التصويت نفس اليمين أمام رئيس المكتب قبل بداية الاقتراع، ويؤديها أعضاء لجان الفحص قبل الشروع في مزاولة مهمتهم.
ومن أجل التوفر على وسائل الإثبات الكافية، نقترح أن يتم الاحتفاظ بالأوراق الصحيحة إلى جانب الأوراق الملغاة والمتنازع حولها وغير القانونية؛ والتنصيص القانوني على دور ملاحظي المجتمع المدني خلال مختلف أطوار العملية الانتخابية...
أما في مجال العقوبات، فإننا نعتبر أنه من الضروري ملائمة العقوبات الواردة بمدونة الانتخابات مع العقوبات الواردة في القانون الجنائي.
إلى غير ذلك من المقترحات التي سنجمعها لاحقا في وثيقة واحدة.
ولا يمكن أن نختم هذا الموضوع، دون أن نشير إلى التحولات التي تعرفها الساحة الانتخابية نتيجة انتقال الصراع الذي كان يؤطر الانتخابات بين الأحزاب الوطنية والديمقراطية من جهة، والإدارة المشرفة على الانتخابات من جهة أخرى، إلى صراع ضد ظاهرة ما فتئت تتفاقم عند كل استحقاق : إنها ظاهرة انتشار استعمال المال واستغلال الوسائل اللوجيستيكية العمومية. لقد أصبح المال أداة حاسمة في السلوك الانتخابي، وتحولت وسائل الدولة والجماعات والمشاريع العمومية إلى وسائل للدعاية مما خلق منافسة غير شريفة لصالح الجهات التي تستعمل هذه الوسائل.
وفي مجال الإصلاحات السياسية، فإننا نعتبر أن المدخل السياسي هو أساس كل الإصلاحات اللاحقة مهما كانت طبيعتها. وهنا يجب أن نعترف أن قانون الأحزاب السياسية، كآلية لعقلنة وترشيد المشهد الحزبي والسياسي عموما، لم يحقق رهانه المتمثل في تأهيل المؤسسة الحزبية وحل معضلاتها لكي تنهض بمهام التأطير والوساطة والتمثيلية وإنتاج النخب، كما سجل ذلك التقرير التركيبي المعد من قبل لجنة تقييم انتخابات 07 شتنبر 2007.
كما أن مجال الحريات العمومية يحتاج إلى المزيد من الترسيخ بهدف قطع الطريق على كل احتمال للرجوع بالأوضاع إلى الوراء. وفي هذا الصدد، نعتبر أنه من الضروري إعادة النظر في قوانين الحريات العامة من خلال المزيد من التقليص من إمكانيات المنع، في المجالات الثلاثة الأساسية : الصحافة والنشر، التجمعات العمومية، وتأسيس الجمعيات. وذلك بالتزامن مع مراجعة كل ما يمس الحريات العمومية في قانون المسطرة الجنائية؛ كما أن استكمال تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، سيشكل خطوة هامة نحو الطي النهائي لملف المختطفين وبالتالي لما أصبح يعرف بسنوات الرصاص. كما أنه يجب التسريع في وتيرة إصلاح نظام العدالة، لما سيكون في ذلك من وقع إيجابي على مختلف المتعاملين مع مرفق القضاء، وإلى المزيد من ترسيخ دولة الحق والقانون، وبالتالي المساهمة الفعالة في القضاء على كل مظاهر الفساد التي تمس بسمعة المغرب.
وبالإضافة لذلك، فإنه في مجال الفضاء الإعلامي السمعي البصري، ينبغي الانتقال إلى مرحلة أرقى من خلال إصلاح القطب العمومي وإعادة النظر في السياسة الإعلامية العمومية بما يضمن إعادة التصالح بين المواطن المغربي ووسائل إعلامه الوطنية، ومنحها مصداقية دولية.
أما بخصوص سياسة إدارة التراب الوطني المعتمدة لحد الآن، فإننا نعتبر أنها لازالت تحتاج إلى المزيد من التوطيد. فالمغرب الذي قدم مقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، وفتح ورش الجهوية الموسعة، يجب أو يواكب ذلك سياسة متقدمة على مستوى اللاتمركز وعلى مستوى اللامركزية الإقليمية، حيث أن الجماعات المحلية خاصة منها الحضرية والقروية، تستحق المزيد من الاستقلالية في العمل والوسائل المادية الكافية للقيام ببرامج تكمل سياسة الدولة من جهة، وتجسد سياسة القرب من جهة أخرى.
لقد عرفت الساحة السياسية والإعلامية، والعلمية والأكاديمية، في الشهور الأخيرة، نقاشا حول آفاق الجهوية الموسعة على إثر تنصيب الملك للجنة الاستشارية للجهوية في 3 يناير 2010. وقد كانت التصورات التي قدمتها الأحزاب السياسية ضمن المحاور الرئيسية باعتبارها أرضيات ستستند إليها اللجنة من أجل بلورة مقترحات ملموسة لعرضها على صاحب الجلالة.
وفي هذا الإطار، لاحظ المتتبعون أن المقترحات الحزبية تراوحت بين تصورات أولية ومقترحات تفصيلية، سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون. وهو ما أصبح يستلزم توضيح بعض الأسس والمنطلقات التي استند إليها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لوضع تصوره، من أجل رفع بعض اللبس الذي يقع فيه المهتمون بخصوص الحد الأدنى والحد الأقصى لمقترحات الأحزاب السياسية عند إجراء مقارنة بين مقترحاتها.
لقد تم الترويج كثيرا لبعض المقترحات باعتبار أنها تحمل مشروعا أكثر تطورا، وتم وصف المشاريع الأخرى بأنها عامة وتنقصها الدقة. ومن المنطقي أنه لا يمكن فهم أي مقترح إلا من خلال مناقشة الأسس والمنطلقات التي اعتمدها. أما الباقي فمجرد تفاصيل يمكن الحسم فيها بسرعة إذا كان المنطلق سليما، وهو ما ستعتكف عليه اللجنة السياسية خلال الأيام القادمة لعقد يوم دراسي حول الجهوية الموسعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.