أفضت المشاورات بين وزارة الداخلية والأحزاب حول مشاريع القوانين الانتخابية إلى التوافق بشأن تركيبة اللائحة الوطنية، والتي تم تخصيص ثلثها (أي 30 مقعدا) للشباب. وبعيدا عن كل الجدل الذي أثير في الفترة الأخيرة بشأن تمثيلية الشباب، فإن المطلوب اليوم هو الحرص على عدم تحويل هذا المقتضى إلى نوع جديد من الريع، وبالتالي جعل الشباب يقرن الانخراط في العمل السياسي بإدراج اسمه ضمن اللائحة الوطنية، لأن ذلك سيقودنا إلى تكريس مزيد من العزوف، ومزيد من الاختلالات في مشهدنا السياسي والحزبي والانتخابي. إن جعل الشباب (أقل من أربعين سنة) ممثلا في البرلمان، لا يعني أننا وجدنا الأجوبة المناسبة لمطالب الشباب ولكل الأسئلة التي كانت وراء حراك الشارع، ذلك أن شبابنا اليوم يحتاج إلى الشغل، وإلى تعليم جيد ومنتج ومرتبط بسوق العمل، وإلى مدرسة عمومية ذات جودة في التكوين وفي الشهادات، ويحتاج الشباب أيضا، كما العديد من الفئات المستضعفة من شعبنا، إلى خدمات صحية في المستوى، وإلى السكن، وإلى النهوض بكافة حقوقه الاجتماعية والاقتصادية، وهي رهانات حقيقية تتطلب اليوم، تقوية نضال المنظمات الشبابية وتمتين حضورها في الميدان وارتباطها بنبض شعبنا. لا يجب أن يتحول موضوع «تمثيلية الشباب في المؤسسات» إلى موضة في حياتنا السياسية والحزبية، أو إلى وسيلة لمزيد من قتل السياسة، وإغراقها في الريع والعبث، وهنا للمنظمات الشبابية الحزبية خصوصا مسؤولية كبرى، من خلال اعتبار المقتضى الجديد مجرد واجهة للاستمرار في نضالها، داخل أحزابها وفي الشارع، واعتبار الهدف الأهم هو تقوية بنائها الداخلي والإشعاعي، واستنهاض إمكاناتها التعبوية والتنظيمية على واجهة المطالب الاجتماعية والاقتصادية للشباب المغربي، من أجل فرض جيل جديد من الإصلاحات، يطور النفس التحديثي والإصلاحي الذي حمله الدستور الجديد. المؤسسة التشريعية المقبلة في حاجة إلى كفاءات سياسية وطنية ذات تجربة ومراس، وتمتلك المصداقية السياسية والوطنية. المؤسسة التشريعية المقبلة يجب أن تنبثق عن انتخابات تختلف جذريا عن سابقاتها، وتكون الاستحقاقات القادمة بلا فساد أو تزوير وفي هذه المعركة لا بد للشباب ومنظماته أن ينخرط بقوة لمواجهة الفساد والمفسدين في الميدان، وإذا كسب المغرب هذا الرهان الأساسي، فسيكون ذلك أكثر أهمية لمستقبل شبابنا وشعبنا، وأكثر تأثيرا على تطور مسارنا الديمقراطي والتنموي، وأكثر جدوى في معركة التأويل الديمقراطي لأحكام الدستور. التحدي اليوم إذن، هو في الحيلولة دون تحويل اللائحة الوطنية إلى ساحة سباق وعراك بين الراغبين من الشباب خصوصا، وجعل ذلك مدخلا جديدا لتشجيع الانتهازية والريع في حقلنا الانتخابي، وبدل ذلك المطلوب تقديم الأكثر كفاءة وتجربة ونضالية، حتى يكون الشباب قد ساهم فعليا في تحسين مستوى تركيبة برلماننا المقبل. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته