نظم فرع اتحاد كتاب المغرب بالجديدة، بفضاء المكتبة الوسائطية يوم رابع يونيو 2010 لقاء ثقافيا مع الباحثة الفرنسية بريجيت لوبيز (الأستاذة بجامعة ليل الثالثة بفرنسا) خصص لتقديم المؤلف الجديد للكاتب المغربي المصطفى اجماهري، الصادر، باللغة الفرنسية، تحت عنوان «وقائع سرية عن مازغان-الجديدة 1950-1850». تابع اللقاء جمهور غفير من المثقفين والطلبة والباحثين المغاربة والأجانب، وأداره ذ. الحبيب الدائم ربي (اتحاد كتاب المغرب) الذي قدم الكاتب والكتاب من خلال سرد مجموعة من المحطات الدالة في سيرة صاحب الوقائع السرية، مشيرا إلى أن تحول ذ. اجماهري إلى الاهتمام بالتاريخ المحلي حدث بعدما التقى، في ثمانينينات القرن الماضي، بالمرحومين المؤرخ غي مارتيني والسوسيولوجي عبد الكبير الخطيبي. ومند ذلك التاريخ وهو يعكف على النبش في تاريخ الجديدة والإقليم كانت حصيلتها تسعة كتب صدرت على نفقته الخاصة باستثاء الكتاب الأخير الذي ساهمت، مشكورة، في طبعه الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية. بعد ذلك أعطيت الكلمة للباحثة الجامعية بريجيت لوبيز التي وضعت مقدمة الكتاب، لتتحدث عن سياق هذا التقديم وانجذابها الشخصي لطريقة التناول المعتمدة في كتابة التاريخ المحلي باعتباره ذريعة للفهم قصد التعايش والتواصل مع الآخر وكذا بين الساكنة المحلية من جهة وبين الشعوب والثقافات على اختلافها من جهة أخرى. بل ها هو نموذج حي في التواصل يستمر في الحاضر من خلال تعاونها مع المؤلف، وهي القادمة من بعيد، لتقديم عمل رصين، قالت، إنه أتاح لها التعرف على منطقة هامة في قلب المغرب. كما أشارت الباحثة إلى أن ذ. اجماهري اختار في مؤلفه الجديد الكتابة التشويقية الغنية بالتفاصيل، حيث ينطلق غالبا من معلومة صغيرة ثم يتتبعها، بصبر وأناة، عبر رحلة في الزمان والمكان إلى أن ينجح في الإلمام بخباياها في محاولة منه لتقديم صورة متكاملة عنها قدر الإمكان. وختمت الضيفة تدخلها بالتذكير بكونها تشعر بسعادة بالغة وهي تتعرف في عين المكان على هذا الفضاء الجذاب الذي شهد تلك «الوقائع السرية» لفترة تناهز قرنا من الزمان. وجاءت مساهمة الأستاذ عبد المجيد نوسي (جامعة شعيب الدكالي) لتكشف عن مجمل التمثلات التي شملتها الوقائع المروية في الكتاب، انطلاقا من ميكانزمات بناء صورة الآخر المحلي والأجنبي مسجلا غياب تآليف تسلط الضوء على التاريخ الجهوي والمحلي ببلادنا. أما الصحفي الفرنسي ميشال أمنكال فقد ركز على انفتاح الفضاء الجديدي، عبر تاريخه، على التعدد الثقافي والديني حيث ساد التعايش والتواصل باستمرار بين أهل الجديدة والوافدين من الأجانب، منوها بالمجهود الذي بذله الباحث المصطفى اجماهري في عمله الأخير الذي سلط الضوء على محطات غير معروفة في تاريخ مدينة الجديدة والمنطقة والمغرب عموما. وتناول الكلمة بعد ذلك ذ. المصطفى اجماهري الذي تحدث عن المراحل التي قطعها في كتابة هذا المؤلف وصعوبة الحصول على وثائق وأرشيفات تساعد على كشف الغموض عن كثير من الأسئلة المحيرة. كما اقترح الكاتب، على من يعنيهم الأمر، توظيف بعض هذه الوقائع التاريخية في خلق مشاريع أو إحياء تظاهرات أو تنشيط لقاءات، وذلك من أجل الاستفادة منها في تحقيق الإشعاع الثقافي والإنماء السياحي والاقتصادي، فضلا عن توطيد العلاقة مع شعوب صديقة. وأعطى أمثلة عن ذلك من خلال فكرة إحياء مسار الكاتب سان إكزوبيري إلى قصبة بولعوان في إطار مغربي فرنسي، وتخليد ذكرى الكاتبة السويسرية غريت آوير التي أقامت بالجديدة في نهاية القرن التاسع عشر، وخلق تظاهرة سنوية لهواة الطوابع البريدية بمقر البريد المركزي بالجديدة اعتبارا لكون الجديدة أول مدينة مغربية تؤسس خدمة بريد خاص في القرن التاسع عشر، وإحياء مشروع المتحف التاريخي الذي كان وضع خطاطته الباحث الفرنسي إيفان إبان الحرب العالمية الثانية. وختم اللقاء بحفل توقيع كتاب «الوقائع السرية» الذي أكد الباحثون على قيمة وأهمية ما يتضمنه من معطيات ومعلومات.