المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معلمة المغرب
موسوعة علمية رائدة
نشر في العلم يوم 24 - 06 - 2010

• في إطار سنة مصر في المغرب وبدعوة كريمة من مدير المركز الثقافي المصري الدكتور أحمد عفيفي اخترت للمشاركة ضمن سلسلة المحاضرات التي يعقدها المركز تحت عنوان
« قراءة في كتاب «،الحديث عن «معلمة المغرب « وهو عمل من إنجاز الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر ، بإشراف الأستاذ الدكتور محمد حجي الذي غيبه الموت منذ أزيد من سبع سنوات رحمه الله .
دعاني إلى هذا الاختيار الوفاء للأعلام المغاربة الذين يعملون في صمت بوطنية وعلم وتضحية ، وفي إطار ثقافة الاعتراف لمن أسدوا الخدمات الجلى للبحث والدرس والتأليف، ويرحلون أيضا في صمت بعيدا عن الأضواء وعن الفضاءات الاحتفالية بهم وبأعمالهم كما هو الشأن بالنسبة للمهرجانات الغنائية أو السينمائية أو غيرها. الاحتفاء بموسوعة « معلمة المغرب « هو احتفاء بالشخصية المغربية ، واحتفاء بالعلم والثقافة ، واحتفاء بالعلماء الذين شمروا عن ساعد الجد ليقدموا لنا الوطن بمختلف تجلياته ومناطقه وأبنائه ،ليعرفوا بالحضارة المغربية منذ أقدم العصور ، فالمعلمة دائرة معارف مغربية متنوعة ، نجح الأستاذ محمد حجي بمساعدة زملائه من الباحثين والمهتمين وذوي الكفاءات في إصدارها في حلل بهية وإخراج أنيق ، فللجميع الشكر على هذه الجهود العلمية وعلى هذا الطبق المتنوع من المعلومات ، وللمؤسس وصاحب المشروع الأستاذ الدكتور محمد حجي الرحمة والمغفرة والجزاء على كل الخدمات التي قدمها لوطنه ولأبنائه الطلاب وغيرهم .
للأستاذ الدكتور محمد حجي رحمه الله أياد بيضاء في التنبيه إلى الحفاظ على الهوية الوطنية المغربية والعمل على الاعتزاز بها من خلال محاضراته ومؤلفاته وأعماله على اختلافها منذ أن كان يختلف إلى مجالس الدرس والعلم في مسقط رأسه سلا أو أثناء متابعته لدراساته العليا بجامعة محمد الخامس بالرباط أو بجامعة السوربون بباريس.
كان تاريخ المغرب وحضارته حاضرين بقوة في فكر الأستاذ العميد محمد حجي ، وكانت اللغة العربية وسيلته للتبليغ والإبلاغ، فالبحثُ في تاريخ المغرب وزواياه والتعريفُ بأعلامه ومؤلفات أبنائه على تعددها وكثرتها شكل هاجسا أرقه طول حياته ،وبعث فيه حميّة الاعتزاز باستمرار بالوطن وأبنائه ورواده من المفكرين والعلماء ، والعمل على التعريف بسموق حضارته وغنى تربته ،وتنوع غاباته ، فكان التفكير الجاد في خوض مغامرة علمية هي مشروع معلمة المغرب ، بعد مخاض عسير لمشروعات سابقة لم يكتب لها النجاح لكتابة موسوعة مغاربية تضم أقطار المغرب العربي في الستينات برعاية المكتب الدائم لتنسيق التعريب في العالم العربي ،ولم ينجح من هذا المشروع إلا القسم الخاص بالأعلام البشرية والحضارية وأنجزه الأستاذ العلامة عبد العزيز بنعبد الله وصدر في خمسة أجزاء ، أو موسوعة مغربية تجنّد لإخراجها الزعيم عبد الخالق الطريس سنة 1933 ثم سنة 1943 ، لكن لم يكتب للمشروعين النجاح المؤمل .
تجربة الأستاذ محمد حجي ( 1923 2003 ) في ميدان التدريس والتأليف ساعدته على النجاح في المشروع ( مشروع معلمة المغرب ) الذي جنّد له طاقاته المادية والمعنوية ، وعمل على إخراجه من حيّز التفكير إلى حيّز الوجود .
كيف كانت بداية مشروع معلمة المغرب الذي أصبح واقعا نعتز به وبصاحبه ، وقد تجاوزت أعدادها اليوم أربعا وعشرين ، وفي انتظار صدور الجزء الخامس والعشرين بإذن الله .
لم يشغل العمل العلمي الأستاذ محمد حجي ( وكان معلما وأستاذا بالثانوي ثم أستاذا جامعيا ) أو الإداري ( وكان مديرا لمدرسة المعلمين بمراكش ومفتشا للتعليم الثانوي ونائبا لوزارة التربية الوطنية ورئيسا لقسم البحث والعمل التربوي ثم عميدا لكلية آداب الرباط، ومديرا للمعهد المولوي ) عن التفكير أولا في إنشاء « الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر سنة 1980 « وهي الجمعية التي كانت تهدف إلى إصدار « حولية الكتاب المغربي لتكون سجلاّ منظما لكل ما يصدر من كتب ومجلات،مما كتبه المغاربة في أي موضوع، وبأية لغة ، داخل المغرب وخارجه ، أو كتبه غير المغاربة وله تعلّق ببلادنا أو نشروه فيها لأغراض علمية « ( افتتاحية الكتاب المغربي للأستاذ محمد حجي ، العدد الأول ، مارس 1983 ) . وأطلق على هذه الحولية اسم « الكتاب المغربي « مجلة بيبليوغرافية نقدية « .
يشير المدير المسؤول عن هذه المجلة الأستاذ محمد حجي إلى « أن الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر» تبنّت منذ تأسيسها سنة 1980 فكرة إصدار معلمة المغرب بعد مجلة الكتاب المغربي ،ومن ثم كان مشروع المعلمة يتغيّى كلَّ ما يتعلق بأرض المغرب المغرب وسكانه وتاريخه وحضارته . فهي موسوعة علمية رائدة توزعت موادها كالآتي :
أولا : الأرض المغربية : ويتناول هذا القسم :
1) المظاهر والثروات المعدنية: من تضاريس ومياه وأنهار وعيون وتربة ومعادن ونباتات وحيوانات .
2) العمران : المدن والقرى والتجمعات السكنية ، وفي إطارها القصور والفصبات والمآثر التاريخية
3) التقسيمات الجغرافية والإدارية : الجهات ن الأقاليم ،العمالات وغيرها
ثانيا : السكان : ويتناول الحديث في هذا القسم :
1) عناصر السكان :القبائل وفروعها ،الطوائف ، الأسر ، الأمازيغ ،العرب ، الأندلسيون ، اليهود إلى غيرها
2) الأعلام البشرية : أعلام السياسة والأدب ،والعلم والدين والفن وغيرهم
ثالثا : المظاهر الحضارية : وتشمل :
1) المظاهر السياسية ، : الدول ، الإمارات ، الوقائع البارزة ، الثورات الخ
2) المظاهر الثقافية : اللغات ، التربية ، التعليم ،الآداب ،الفنون
3) المظاهر الاجتماعية، الأسرة ، الأعياد ، المواسم ، الأعراف الخ
4) المظاهر الدينية : المؤسسات الدينية ، المسجد ، الرباط ، الزاوية الضريح
5) المظاهر الاقتصادية : الإنتاج ، الفلاحة ، ، الصناعة ، التجارة الخ .
هذه هي أهم المحاور التي اعتمدتها اللجنة العلمية التي أشرفت على إعداد مشروع معلمة المغرب برئاسة الأستاذ محمد حجي ،وكانت اللجنة العلمية تتكون من اللجان الآتية :
الأولى : للتحرير والتنسيق : وتضم الأستاذان محمد حجي وأحمد التوفيق .
الثانية : للعلوم الإنسانية : وتضم الأساتذة محمد بنشريفة، إبراهيم بوطالب، سالم يفوت ، مصطفى ناعمي
الثالثة : للعلوم الدقيقة والجغرافية : عبد الله العوينة،مصطفى عياد، إدريس الفاسي، عبد المالك بنعبيد، محمد رمضاني
كانت أهداف الأستاذ المؤسس لهذه المعلمة تتوخى انتظام شمل الباحثين في مختلف التخصصات لإنجاز العمل الموسوعي ذي الحمولة الثقافية والفكرية والحضارية للتعبير عن هوية المجتمع المغربي بمختلف مظاهره وظواهره ، وتأكيدا للروح الجماعية التي حرص الأستاذ حجي عليها في تدبير شأن المعلمة ، فقد أشرك معه أزيد من ثلاثمائة باحث وأستاذ لتحرير المواد المختلفة، كل في ميدان تخصصه، وجعل لها مجلسا إداريا يضم نخبة من الأساتذة ولجانا علمية حسب التخصصات كما سبقت الإشارة للنظر في الموضوعات التي ستكوّن مادة المعلمة فيما بعد ، فكان موفقا في التوجيه والتسيير والإدارة مما حقق الحلم وأنجح العمل ، ومن ثم فالمعلمة ثمرة مجهود جماعي زرع بذرته ونمّاها وشحذ أقلام أصحابها أستاذنا محمد حجي ونجح في إخراجها في حلة أنيقة وفي طباعة فاخرة ، وصدر أول عدد لهذه المعلمة سنة 1989 عن مطابع سلا ، وآخر عدد صدر سنة 2008 وهو العدد الاستدراكي ، الرابع والعشرون ، وجاء في العنوان معلمة المغرب ، أما العنوان الفرعي فهو : « قاموس مرتب على حروف الهجاء ، يحيط بالمعارف المتعلقة بمختلف الجوانب التاريخية والجغرافية والبشرية والحضارية للمغرب الأقصى «.
أما تعريف الأستاذ حجي في افتتاحية العدد الأول فجاء فيه : « معلمة المغرب كتاب يحتوي كسائر الموسوعات على مادة علمية متنوعة بأقلام مجموعة من الكتاب تتمحور حول موضوع رئيسي ، هو هنا المغرب الأقصى ،وهي بذلك معجم معارفي ألفبائي يضم بين دفاته آلاف المواد التي تعنى بالتعريف بهذا البلد على كل المستويات في الماضي وفي الحاضر» .
من خلال هذا التعريف المقتضب والمركز تتضح الأهداف التي من أجلها كان السعي إلى تبنّيها موسوعة كما هو شأن الموسوعات ، ويضيف قائلا :» تهتم معلمة المغرب في مسيرتها الطويلة بالمكتشفات الأركيولوجية التي يرجع عهدها إلى ملايين أومئات آلاف السنين ، إلى احدث المعطيات الإدارية والسياسية والاجتماعية والعمرانية ، كمؤسسات الدولة ونظم الأقاليم والجماعات والهيئات السياسية والنقابية والعلمية وتسجيل الأحداث البارزة التي عرفها المغرب عبر حقبه التاريخية « ، ومن ثمّ « فمعلمة المغرب تسجل مرحلة معرفية معينة ، وتعطي صورة لما وصل إليه البحث حول المغرب في المغرب الحديث « ، وعن المعلمة يقول الأستاذ العميد محمد عزيز الحبابي :» معلمة المغرب معلمة متخصصة ستسّد فراغا عميقا ، وعلى رأس المشروع الأستاذ العميد محمد حجي ، إنه بطل من أبطال الثقافة « (من كلمة له بمناسبة صدور الجزأين الأول والثاني من المعلمة ، الملحق الثقافي لجريدة العلم ، 24 يبراير 1990 ) .
وفي التعريف بالموسوعة كعمل علمي هادف وبمعلمة المغرب كإنجاز رائد كتب الأستاذ أحمد السطاتي: « تتحرى الموسوعات حقول الفكر والعلوم والآداب في مختلف تجلياتها إن على صعيد كوني أووطني أو إقليمي ... ومعلمة المغرب إنجاز علمي هام يسد فراغا في مجال البحث العلمي والمعرفي ويستجيب لتطلعات الطلبة والباحثين وعموم المهتمين ،ولعلها أجمل هدية يمكن للجيل الحاضر والمقبل أن يفتخر بها « جريدة الاتحاد الاشتراكي 12 دجنبر 2002 .
أما مصادر المعلمة فهي متنوعة وكثيرة : تاريخية وجغرافية وأدبية ودينية وموسيقية وعلمية وفيزيائية وشفوية في بعض الأحيان .
لقد بذل الأستاذ حجي جهودا مضنية لإنجاح المشروع، فكان يقضي طول يومه بمقر الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر وهو أيضا مقر المعلمة ، يبحث وينقب ويستقبل من استكتبهم للمشروع موضحا الأهداف مشجعا على البحث والكتابة ،بابتسامة مشرقة ووجه بشوش وتواضع العلماء،فخلّد بذلك صفحة مشرقة في عطائه العلمي إضافة إلى مؤلفاته العديدة في التاريخ واللغة والأدب ، ( الزاوية الدلائية ، الحركة الفكرية في عهد السعديين ،أعلام مغاربة لهم علاقة بالبحر ،جولات تاريخية ،نظرات في النوازل الفقهية ، انبعاث الفقه وتطبيق الشريعة ،ومن الأعمال التي قام بتحقيقها :ابن الخطيب في سلا للعالم جعفر الناصري ، صلة الخلف بموصول السلف لمحمد بن سليمان الروداني ، الرحلة الحجازية لمحمد بن يحيى الولاتي ، ومن الكتب التي حققها موسوعة أعلام المغرب وتضم تسعة نصوص تراثية من بداية الإسلام إلى القرن الرابع عشر ، وخصص الجزء العاشر للفهارس ، فهرس المنجور ،ومن الكتب التي حققها بالاشتراك كتاب : زهر الأكم في الأمثال والحكم للحسن اليوسي ،تراث الأندلس : تكشيف وتقويم ،فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور للطالب محمد البرتلي ،)ومن الكتب التي عمل على ترجمتها إلى اللغة العربية « فاس قبل الحماية لروجي لوطرنوا الفرنسي ، رحلة الأسير موويط ، إلى غيرها من المؤلفات .
وبفضل تضافر الجهود وحرص الأستاذ محمد حجي على النجاح في مشروعه الذي اعتبره مشروعا وطنيا ، اغتنت المكتبة المغربية بهذا الوليد الجديد ( معلمة المغرب ) الذي يعطي فكرة واضحة عن المغرب الأقصى أرضا وحضارة وفكرا ،مع العلم أن مثل هذا العمل يجب أن تقوم به المؤسسات العلمية أو مؤسسات الدولة صاحبة الشأن لأن عمل الأفراد مهما كانت تضحيتهم وأريحيتهم وعلمهم لن يحقق طموحاتهم كما يتصورونها،فالمشروع يحتاج إلى تفرغ الباحثين وإلى توفير المصادر والمراجع المعتمدة وإلى تهيئ الظروف المادية والمعنوية للنجاح وإلى رصد الحوافز المشجعة للمتابعة بهمة ونشاط ،لكن همة العلماء الأفذاذ وأريحيتهم تخطت الصعوبات والمثبطات وأكدت ما للعلم من قوة في التحدي بالعمل الجاد لإثبات الهوية والحرص عليها مهما كانت الظروف .
لقد جاءت المعلمة كما يذكر الأستاذ حجي « لتسد الفراغ المرجعي المعرفي ولو بكيفية جزئية ومرحلية ,,, فتؤدي الرسالة المنوطة بها وتستجيب لحاجيات الباحثين والدارسين في جميع الميادين « العدد 1/ 8،9 ، وباختصار فالمعلمة موسوعة علمية رائدة كتب فيها الجميع بحرية تامة وبروح وطنية عالية تكشف عن حب المغاربة لوطنهم وعن تعلقهم برموزهم السياسية والوطنية والثقافية عبر مراحل التاريخ المختلفة .
وبصدور الجزء الأول أو الأجزاء الأخرى تباعا عمل الأستاذ بمساعدة أعضاء اللجنة العلمية على تقديم معلمة المغرب للباحثين والطلاب وغيرهم في رحاب مدرج الشريف الإدريسي بكلية آداب الرباط وفي بعض الأحيان بقاعة باحنيني بوزارة الثقافة ، يقدم مدير المعلمة عرضا مركزا عن جهود الباحثين وعن ظروف إنجاز المعلمة وعن الصعوبات وغير ذلك ، فالمعلمة كما يقول في كلمة التقديم « إن المعلمة تسجل مرحلة معرفية معينة وتعطي صورة تقريبية لما وصل إليه البحث في المغرب الحديث « ، كما يقدم كل عضو في اللجان الثلاث عرضا عن المواد التي أنجزت في العدد ، وعن المصادر المعتمدة وغيرها ، ويحضر هذه الجلسة الأساتذة المشاركون في تحرير المواد المختلفة والقادمون من مناطق المغرب المتعددة ، ويكون اللقاء عرسا ثقافيا بامتياز لما حققه المشروع العلمي من نجاح وإشراق .
وكان آخر عدد أشرف على تقديمه بعد إنجازه الأستاذ حجي يوم السبت 23 نونبر 2002 ،حيث قدم الجزأين الخامس عشر والسادس عشر للباحثين بمدرج الشريف الإدريسي بكلية آداب الرباط ، وكانت علامات المرض والإجهاد بادية عليه ،ومع ذلك أبى إلا أن يقيم الحفل المعتاد فرحا بالإصدار، مرحبا بالأساتذة الوافدين ، مؤكدا ما للمعلمة من مكانة عنده وهو في أشد الظروف الصحية قسوة ، وكانت وفاته مباشرة يوم 30 يناير 2003 .
وبوفاة الأستاذ حجي يستقر رأي المجلس الإداري للجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر على اختيار الأستاذ العميد إبراهيم بوطالب لتسيير الإدارة العلمية والإدارية لمعلمة المغرب لما عهد فيه من عطاء وعلم وتضحية وحسن استقبال ،ووفاء لروح الأستاذ حجي الذي كانت وصيته «المعلمة «، لم يتأخر الأستاذ إبراهيم بوطالب عن القيام بالمهمة المنوطة به أحسن قيام كما هو معهود فيه ببشاشة ورحابة صدر وتواضع جمّ ، فأشرف على الإعداد والمتابعة والتنسيق والتحرير بمساعدة الأساتذة الباحثين وبمساعدة المشرف الإداري على مكتب الجمعية الأستاذ محمد بلعربي الذي كان يتابع جمع المواد على اختلافها وعلى تصنيفها وتبويبها ، وبالكاتبة السيدة فاطمة التي تعمل بروح جماعية على رقن الموضوعات ،فأنجزالأستاذ العميد إبراهيم بوطالب بمساعدة كل هؤلاء ثمانية أعداد ، حرص على تنظيم حفل تقديمها كما كان عليه الأمر أيام مؤسسها الأستاذ حجي ، كالآتي :
قدم العددان 17، 18 بمشاركة نخبة من الأساتذة ، بمدرج الشريف الإدريسي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط يوم السبت 7 يبراير 2004 ، حيث أشار الأستاذ بوطالب في كلمته التقديمية إلى « الوفاء لروح المؤسس بمتابعة الجهود لإكمال إخراج الأعداد المتبقية ،منوّها بالمعلمة باعتبارها إبداعا وطنيا صرفا في أحسن صورة وأبهى حلّة ، لذا يحقّ لنا أن نعتزّ بإنجازها في هذه المرحلة الحافلة من تاريخنا المعاصر بما يبديه المغاربة، كل في مجال تخصصه،وبحسب طاقاته من الجهد والإقدام من أجل إعلاء شأن الوطن وربط الأمجاد السالفة بما علينا أن نضيف إليها من منجزات الخير «
قدم العددان 19 ، 20 بقاعة باحنيني بوزارة الثقافة يوم السبت 19 يبراير 2005
قدم الأعداد 21، 22 ،23 بمدرج الشريف الإدريسي بكلية آداب الرباط يوم السبت 18 مارس 2006 وتضمن العدد الثالث والعشرون فهرسا عاما للمعلمة اجتهد الأستاذ بلعربي على إعداده إعدادا محكما على الرغم من الصعوبات التي تواكب ذلك وكما يعرفها من يعاني منها من الباحثين المجتهدين .
وقد اتضح على الرغم من كون اللجنة العلمية أمَّلت أن يكون الفهرس العام هو خاتمة الأعداد أن العمل على إنجاز أعداد استدراكية وارد، فانصبت الجهود على إعداد :
العدد 24 وهو المستدرك الأول الذي تمّ تقديمه للباحثين بمدرج الشريف الإدريسي بكلية آداب الرباط يوم السبت 29 نونبر 2008
أما العدد الاستدراكي 25 فهو قيد الطبع . ، كما أن هيئة المعلمة تهيئ ملحقا خاصا عن الصحراء المغربية ، ارتكزعلى ما كتب عنها في أعداد المعلمة السابقة في مجلدين مع إضافات جديدة .
ولإعطاء فكرة عن مواد المعلمة يمكن التمثيل لذلك بصيغة مختصرة دون ترتيب :
التعريف بالرجال : ابن إبراهيم عباس المراكشي نسبا اشتهر بالتعارجي (وهو أب الوزير والسفير يوسف بن العباس ) من قضاة مراكش وأساتذتها ،أصدر كتابه القيم « الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام ،طبعت خمسة أجزاء منه في حياته سنة 1939 ، ثم طبعت الأجزاء الأخرى بعد وفاته في المطبعة الملكية بالرباط سنة 1983 في عشرة أجزاء . توفي سنة 1959 ، ومن أراد التوسع في ترجمة هذا العالم فلينظر معلمة المغرب، العدد الأول ص 84،85 ن حيث توجد لائحة المراجع المعتمدة .
عماد عبد الكبير : فنان ومطرب ولد بمدينة القنيطرة ، والتحق بجوق الكواكب بهذه المدينة ثم بالجوق الوطني لدار الإذاعة ، ولصفاء صوته وعذوبته أدى أزيد من ستين أغنية ,,, توفي سنة 1996 ، المعلمة ، العدد 18 ،ص 6177 .
التعريف بالقبائل : العوني : أسرة سلوية عريقة أصلها من قبيلة العونات الدكالية الهلالية ، انتقلت أوائل القرن العاشر (16) إلى سلا عقب اكتساح الاستعمار البرتغالي لبلادهم ، العدد 18 / 6210 .
التعريف بالمدن والجهات : العيون ، بوجدور ، الساقية الحمراء ،تشكل جهة العيون القلب النابض للجهات الصحراوية المغربية ، وذلك بسبب احتضانها لأنشطة اقتصادية مهمة تجمع بين الاستغلال المنجمي والبحري وباعتبارها أكبر تجمع بشري واقتصادي داخل التراب الصحراوي المغربي ، العدد 18/6242 .
الأودية : وادي غيس : يقع في إقليم الحسيمة بشمال المغرب ،ويعتبر أحد أهم الأودية التي تجري في الجزء الشرقي من الريف الأوسط إلخ ، الجزء 19 / 6369
الأسماك : فرس البحر : حيوان من الأسماك العظيمة البحرية ينتمي إلى فصيلة زمارات البحر ،يشبه الفرس في رقاع الشطرنج ،الخ العدد 19 / 6450 .
الحيوان : ابن آوى أو الذئب : من الثدييات اللاحمة المنتمية إلى فصيلة الضواري ، شكله بين الكلب والثعلب ، ويستغرق الحديث عنه وصفه وطريقة حياته ونسله إلى غير ذلك ، مع الإشارة إلى نعت سكان شمال إفريقيا له بالاحتيال والمكر وهي صفات يطلقها الأوربيون على الثعلب ، 1/ 74 .
التعريف بالنبات : الفلفل : من أهم النباتات المكونة للتوابل والبهارات ، وينتمي إلى فصيلة الباذنجانيات ، يتوطن في المناطق الحارة ويرجع أصله إلى أمريكا الاستوائية ، ويزرع في مناطق كثيرة من العالم العدد 19 / 6521
الزراعة : قصب السكر بالمغرب : عرف المغرب زراعة قصب السكر منذ وقت مبكر،ومادة قصب السكر من المواد الأولية التي ميزت تاريخ المغرب خلال القرن السادس عشر وشكلت أحد أعمدة الاقتصاد المغربي للدولة السعدية ، 19/ 6631 .
القصبات : القصبة الإسماعيلية بمكناس أشأها السلطان المولى إسماعيل العلوي بمكناس حاضرة الدولة ،وجعلها مستقرا وحصنا له ولمخزنه الجديد ، وأشرف بنفسه على تنسيق قصورها وحدائقها مستعينا بالأسرى المسيحيين حيث تؤكد المصادر أنه كان شديد العناية بشؤون البناء ، شغوفا به ، العدد 19 /6634 .
التعريف بالهيئات والمنظمات : الاتحاد المغربي للشغل : أقدم مركزية نقابية عمالية مغربية عرفت كيف تستوعب تقاليد نقابية من أصل غير مغربي لتدرجها في سياق وطني متميز ، كما أنها لم تقتصر في عملها على القضايا المطلبية الصرف بل ساهمت في الحياة الوطنية السياسية سواء في مرحلة النضال الوطني ضد نظام الحماية أو في مرحلة الاستقلال ، مما جعل من هذه الهيئة جزءا من المحيط النقابي المغربي ذي العناصر المتنوعة والمتشابكة . العدد 1/ 119 .
الكتلة الوطنية : تحالف أعلن عنه يوم 27 يوليوز 1970 بمدينة سلا بين حزبين رئيسيين من أحزاب الحركة الوطنية هما حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية وذلك بهدف تحقيق مجموعة من التطلعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر التنسيق والعمل المشترك . 20 / 6771 .
المعالم العلمية : القرويين : جامع بفاس من أكبر المباني الدينية الأصلية بالغرب الإسلامي ،وقد اشتهر بدوره الثقافي والفكري لاحتضانه جامعة القرويين التي تعتبر من أقدم المراكز العلمية والمؤسسات التربوية بالعالم الإسلامي ,,,, ويمثل جامع القرويين نموذجا حيا للعمل التطوعي والإحساني ،فقد شيدته المرأة الفاضلة الورعة فاطمة الفهرية خلال أواسط القرن الثالث الهجري إلخ ، العدد 19 /6624
العادات في الأفراح : أحواش : تطلق على الرقص الجماعي بجميع أشكاله بجنوب المغرب خاصة في المناطق التي تتداول فيها لهجة تاشلحيت ، وأحواش رقصات متتالية متناسقة فيما بينها على شكل لوحات منسجمة في تنوعها « العدد 1/190 .
الكمنجة: أو الكمان آلة موسيقية من ذوات الأوتار يوقع عليها بالقوس وهي تنتمي إلى آلة الفيول التي يعود ظهورها إلى بداية القرن السادس عشر ... وتعتبر الكمنجة في هيئتها المتطورة دخيلة على الموسيقى المغربية بأنواعها ، 20/ 6815.
هذه إضاءة عن معلمة المغرب ، وعن موادها وعن مؤسسها ومن حمل المشعل بعده ، وعن قيمتها العلمية ودورها في الحفاظ على الشخصية المغربية والاعتزاز بالهوية الوطنية عبر الأجيال والعصور .
وفي ختام هذا العرض المختصر عن عمل شاركت فيه بحب وتطوع ، يسعدني أن أزجي خالص عبارات الشكر والامتنان للملحق الثقافي المصري ومدير المركز الدكتور أحمد عفيفي وللسيد سفير الشقيقة مصر الأستاذ أبوبكر حفني محمود على ترحيبهما بتقديم هذا العمل في رحاب المركز ، كما أنني أتقدم إلى السيد وزير التعليم العالي المصري الدكتور هاني هلال بالشكر الجزيل على رعايته لهذه الأنشطة العلمية التي يقوم بها مثمر في بلاد المغرب ،ومثل هذه اللقاءات تؤكد روح التعاون الثقافي والعلمي بين البلدين الشقيقين مصر والمغرب وتعرب عن الرغبة في استئناف الأنشطة العلمية التي كانت تعقد بين مثقفي البلدين خلال عقد من الزمان ، منذ أواخر الثمانينات إلى أواخر التسعينات ، وكان يشارك فيها صاحب المعلمة الأستاذ محمد حجي بعروض متميزة لها طعمها في تمتين العلاقات العلمية والثقافية بين القطرين الشقيقين .
وشكرا لكم حضرات السيدات والسادة على حسن إنصاتكم وعلى رحابة صدركم .
نص المحاضرة التي ألقتها الأستاذة الباحثة في المركز الثقافي المصري بالرباط مساء يوم الخميس 19 جمادى الثانية 1431ه ، الموافق 3 يونيو 2010 م .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.