صدر أخيرا باللغة الفرنسية كتاب "وقائع سرية عن مازاغان -الجديدة 1850-1950" للصحافي والباحث المصطفى اجماهري. ويضع الكتاب، الذي يعد التاسع في سلسلة "دفاتر الجديدة"، مدينة الجديدة تحت مجهر التاريخ خلال قرن كامل يمتد من منتصف القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين، ويكشف للقاريء خلال هذه الحقبة المضطربة من تاريخ المغرب عدة وقائع غامضة أو مجهولة حتى الآن. ويتضمن الكتاب إثنين وعشرين واقعة سرية استغرقت من المؤلف حوالي سنتين من البحث والتنقيب في الكتابات المختلفة والأرشيفات العائلية والأجنبية فضلا عن مساءلة الشهود والمعاينة الميدانية للمواقع ذات العلاقة بالقضايا المثارة. ويبحث الكاتب مثلا في قصة الكاتبة السويسرية غريت أوير التي استقرت بالجديدة عام 1895، وسبب زيارة الكاتب والطيار الفرنسي أنطون دوسان إكزوبيري قلعة بولعوان، وكيفية مقتل ممثل النمسا بمدينة الجديدة سنة 1905، وحقيقة الخلاف بين جمارك الجديدة والقنصل البلجيكي، وسبب عدم تعمير سكة الحديد بين مازاغان ودار القايد تونسي في ثلاثينيات القرن الماضي، وسبب اغتيال العسكري الفرنسي ليسكول من قبل أحد أبناء الحوزية بضواحي الجديدة، وحكاية العائلات الأرمينية التي قطنت الجديدة. وربطا للحاضر بالماضي، يقترح الكاتب توظيف بعض الوقائع التاريخية التي جمعت المغرب أو مغاربة بدول أخرى في خلق مشاريع أو إحياء تظاهرات أو تنشيط لقاءات بتعاون مع الدول المعنية وذلك من أجل المساهمة في الإشعاع الثقافي والإنماء السياحي والاقتصادي وكذا توطيد العلاقة مع شعوب صديقة. ومن بين هذه الاقتراحات إحياء مسار سان إكزوبيري إلى قصبة بولعوان في إطار مغربي فرنسي، وتخليد ذكرى غريت آوير المزدادة بالنمسا والمتوفاة بألمانيا بمشاركة كتاب من الدولتين إلى جانب المغرب، وإحياء ذكرى إغراق الغواصة الفرنسية "ميدوز" من قبل الطيران الأمريكي في المياه المغربية عند الجرف الصفر خلال الحرب العالمية الثانية بتنظيم زيارات لهواة البحث الأركيولوجي والغطس البحري من المغرب وفرنسا وأمريكا. ومن بين هذه الاقتراحات أيضا خلق تظاهرة سنوية لهواة الطوابع البريدية بمقر البريد المركزي بالجديدة اعتبارا لكون الجديدة تعتبر أول مدينة مغربية تؤسس خدمة بريد خاص في القرن التاسع عشر، وإحياء مشروع المتحف التاريخي الذي كان اقترحه الباحث الفرنسي إيفان بتعاون بين المغرب والبرتغال وفرنسا. وفي تقديم للكتاب، تقول بريجيت لوبيز الأستاذة بجامعة ليل بفرنسا "إن المصطفى اجماهري بصفته مؤرخا وصحافيا يدعونا لمعايشة حقبة بلد بكامله يبحث عن هويته، داعيا القاريء لإعادة قراءة صفحات التاريخ المضطرب لمدينة ولمنطقة استراتيجية في قلب المغرب".