خالد الناصري: النقاش حول موعد الانتخابات القادمة ما يزال متواصلا بين الفاعلين السياسيين والإسراع لا يعني التسرع من المنتظر أن ينتهي النقاش بين الحكومة والأحزاب السياسية، خلال الأيام القليلة المقلبة، حول موعد الانتخابات التشريعية المقبلة والتي راج على نطاق واسع داخل الأوساط السياسية والإعلامية، أنها ستجرى خلال شهر أكتوبر المقبل. فإلى حدود أول أمس الخميس، موعد انعقاد المجلس الحكومي، لم يتم الحسم بعد، بشكل رسمي، في موعد هذه الانتخابات، حسب ما أكده خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خلال ندوة صحفية عقدها عقب اجتماع المجلس الحكومي الذي ترأسه الوزير الأول عباس الفاسي، حيث قال في هذا الصدد «إن النقاشات بين الفاعلين السياسيين حول تحديد موعد الاستحقاقات الانتخابية ما زالت لم تنته بعد. وأورد الوزير أن الجميع متفق على ضرورة الإسراع بإجراء الانتخابات التشريعية قبل موعدها المحدد، مع تأكيده على أن المصلحة في الإسراع لا تعني التسرع. وأوضح خالد الناصري، أن هناك تصورا مشتركا سيمكن الجميع من التعامل بما يلزم من السرعة، وليس التسرع، من أجل إعمال كافة مقتضيات الدستور الجديد والمجدد، على حد تعبير خالد الناصري، الذي أكد توصل الأحزاب السياسية بمجموعة من النصوص التي أعدتها وزارة الداخلية، من أجل فتح نقاش حولها في أفق التوصل إلى توافق بين جميع الفاعلين السياسيين، وذكر الوزير أن الأحزاب السياسية توصلت على الخصوص بمسودة القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، ومسودة القانون المتعلق بمراقبة الانتخابات الذي يحدد الضوابط القانونية والتنظيمية لملاحظة الانتخابات. وبخصوص باقي النصوص المتعلقة بمدونة الانتخابات والتقطيع الانتخابي ونمط الاقتراع، «فإنها ستعرض على الأحزاب السياسية في القريب العاجل»، حسب تصريح خالد الناصري، الذي أشار في ذات السياق إلى أن هذه القضايا «لا يزال التشاور والنقاش بشأنها قائما بهدف التوصل إلى تصور مشترك يحترم الحد الأدنى من القناعات المشتركة». وأضاف المسؤول الحكومي، أن كل ذلك سيمكن أيضا من «العمل على أن تكون الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، محطة متميزة في مسار المغرب المتجه نحو بناء ديمقراطية متقدمة يتوافق على مكوناتها جميع أبنائه كيفما كانت مرجعياتهم السياسية، في نطاق الممارسة الديمقراطية والاستقرار المؤسساتي والطموح للإصلاح السياسي والاجتماعي». إلى ذلك علمت بيان اليوم، أن القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، تضمن مجموعة من المقتضيات الجديدة من قبيل إلغائه لمفهوم الاتحادات الحزبية وتعويضه بمفهوم «الاندماج الحزبي»، وشروط تأسيس الأحزاب السياسية، وفرض اعتماد الديمقراطية والشفافية في اختيار الأحزاب لمرشحين في الانتخابات ووضع ضوابط لمنح التزكيات كاعتماد مبدأ التصويت بدل فرض مرشحين على القواعد الحزبية دون الأخذ برأيها. كما تضمن القانون الجديد مقتضيات تمنع الترحال السياسي ليس فقط في مجلس النواب بل امتد هذا المنع إلى الجماعات المحلية والجهات ومجلس المستشارين، وذلك انسجاما مع روح الدستور الجديد. من جانب آخر، أكد القانون التنظيمي الجديد على تمثيلية النساء والتي حددها في الثلث في أفق المناصفة، وتمثيلية الشباب في الأجهزة المسيرة على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي. وضاعف من الدعم المخصص للأحزاب السياسية، حيث أصبح الأمر يتعلق بثلاثة أنواع من الدعم المالي، الأول معمم على جميع الأحزاب، بشكل جزافي، دون استثناء من أجل تمويل أنشطتها، والثاني يخص الأحزاب التي حصلت على نسبة 3% على الأقل من الأصوات المعبر عنها في الانتخابات التشريعية، والنوع الثالث من الدعم المالي، تستفيد منه الأحزاب التي حصلت على نسبة 5% على الأقل من الأصوات المعبر عنها، وحسب تمثيليتها، بالإضافة إلى الدعم المخصص للحملات الانتخابية الذي تستفيد منه كل الأحزاب السياسية على حد سواء. وحسب تصريحات استقتها بيان اليوم من مصادر حزبية مختلفة، خلف القانون التنظيمي للأحزاب السياسية ومشروع قانون حول مراقبة الانتخابات، نقاشا أوليا وسط بعض الأحزاب السياسية، التي التقت، رغم إصرارها على ضرورة القراءة العميقة، حول ايجابية العديد من مضامينه، لكنها اختلفت في حجم انتقاداتها بخصوص جوانب تراها مؤثرة قد تضعف قوتها كفاعل مركزي في الحياة السياسية. فبالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية الذي اعتبر المسودة على العموم إيجابية على العديد من المستويات، خاصة توسيع مفهوم الحزب وتقوية الديمقراطية الداخلية وضمان استقرار الأحزاب وتمكينها من إمكانيات مادية للاضطلاع بمهامها، لم يستسغ إلغاء فكرة اتحادات الأحزاب من المسودة. ويرى أمين الصبيحي عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية المسؤول عن الانتخابات أن تركيز وزارة الداخلية على فكرة الإدماج بدل الاتحادات تعتبر صيغة من شانها حرمان حزبين أو أكثر من التلاقي حول أرضية سياسية للدخول للانتخابات بكيفية مشتركة، لما فيه مصلحة البلاد . وهو أمر لا يزعج كثيرا حزب العدالة والتنمية الذي يرى مع ذلك أن المسودة تتعارض في العديد من مضامينها مع روح الدستور الجديد الذي يذهب في اتجاه خلق شروط وآفاق أرحب للأحزاب السياسية. وأجمل جامع معتصم عضو المكتب السياسي للعدالة والتنمية هذا التراجع في مواصلة الداخلية تحكمها في الأحزاب السياسية والتشبث بمنطق الترخيص بدل التصريح بما يضرب في الصميم مبدأ حرية تأسيس الأحزاب التي ستصبح شروطها الأخرى « ثقيلة جدا». من جانبه، اكتفى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالتأكيد على ضرورة القيام بقراءة مستفيضة للمسودة التي وضعها الطيب الشرقاوي بين يدي الأحزاب يوم الأربعاء المنصرم ولم يتم التوصل بها إلا أول أمس الخميس. مما حرم العديد من أعضاء المكتب السياسي والمناضلين، يقول حسن طارق، من قراءتها . سعيد أمسكان الناطق باسم حزب الحركة الشعبية اكتفى هو الآخر بالتأكيد على أن حزب الحكة الشعبية توصل بالمذكرة الأولية حول قانون الأحزاب السياسية مكتفيا بالإشارة إلى أهم المضامين التي تتطلب قراءة عن قرب منها محاربة الترحال الحزبي. هذا وأكدت مصادر برلمانية لبيان اليوم أن الوزير الأول قد يصدر في الأيام القليلة القادمة مرسوما يعلن فيه بصفة رسمية عن عقد البرلمان لدورة استثنائية منتصف شهر غشت المقبل، ستخصص للنظر في مشاريع القوانين المعلقة، ولوضع الصياغة النهائية للقانون التنظيمي للبرلمان بما يتلاءم مع فصول الدستور الجديد، وللنظر أيضا في النصوص التنظيمية للانتخابات التشريعية التي يبدو أن الاتجاه يسير إلى تحديد موعدها شهر أكتوبر القادم . وهو موعد لا ترى الأحزاب السياسية، التي اتخذت مواقف معارضة أو متحفظة بخصوصه، أي مانع في اعتماده، شريطة الإسراع بالإصلاحات الضرورية التي تعزز ضمان نزاهة وشفافية الانتخابات.