واصل المحامون، أمس الأربعاء، لليوم الثالث على التوالي، احتجاجاتهم أمام مختلف المحاكم بالمغرب، ضدا على القرارالمشترك الصادرعن وزير العدل، والرئيس المنتدب لدى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، القاضي بفرض «جواز التلقيح»، على القضاة والمحامين والموظفين وعموم المواطنين من أجل ولوج محاكم المملكة. وقد تسببت هذه الاحتجاجات في شلل تام بالمحاكم، وتأخير للملفات والقضايا المعروضة على القضاء، خصوصا القضايا الجنائية التي يعتبر فيها حضور المحامي إجباريا. ورفع المحامون المحتجون، في مختلف المحاكم، لافتات، كما رددوا شعارات تطالب الحكومة بمراجعة هذا القرار والتخلي عنه، منها على سبيل المثال لا الحصر «صامدون صامدون للجواز رافضون» و «لا لعسكرة المحاكم» في إشارة إلى الإنزال الأمني الذي تعرفه المحاكم. ولحد الآن، اكتفت وزارة العدل باعتبارها الجهة الموكل إليها تنفيذ قرار إلزامية الإدلاء بجواز التلقيح كوثيقة للدخول إلى المحاكم على المحامين وباقي مرتفقي العدالة، بالتفرج، دون أن يصدر عنها أي قرار جديد، لإيجاد حل لهذا النزاع. وكان عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، قد صرح، في رده على سؤال بهذا الخصوص في مجلس النواب، عقب إصدار الدورية الثلاثية المتعلقة بإجبارية جواز التلقيح للمحامين، من طرف الوزارة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، بأن قانون إجبارية الجواز للولوج إلى المحاكم «يجب أن يطبق». وقد انضم الموظفون بوزارة العدل إلى المحتجين، بعدما تم منعهم من الالتحاق بمقرات عملهم، مهددين بخوض إضراب وطني لمدة 48 ساعة يومي الخميس و الجمعة 23 و 24 دجنبر الجاري. و في سياق متصل، اعتبر المحامي محمد الغلوسي، بهيئة المحامين بمراكش، أن احتجاج المحامين على طول خريطة الوطن، هو ضد مصادرة رأيهم والمس باستقلالية مهنة المحاماة، ومن باب واجبهم وأداء رسالتهم السامية. وأضاف الغلوسي، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، إن المحاماة مهنة شامخة ومستقلة يرفض رجالها ونساؤها تنفيذ أية تعليمات من أية جهةٍ كانت، وأنها عصية على التطويع وخاسر من يتشبث ببعض الأوهام لزعزعة صفوف الدفاع الذي شكل ولازال يشكل صخرة تتحطم عندها كل المناورات ومحاولة شق الصفوف بشحن طابور يمتهن الإشاعات والاتهامات. وأكد الغلوسي، أن المحامين يعتبرون أن القرار الثلاثي المشوؤم الرامي إلى تقييد حق الولوج المستنير للعدالة بفرض جواز التلقيح يشكل تناقضا مع الدستور والقانون والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان في الوقت الذي يلج الجميع المتاجر والمحلات التجارية الكبرى والمطاعم وغيرها دون أي قيد ، مشيرا بالمناسبة، إلى إن القرار يجسد في جوهره إنصياعا للسلطة التنفيذية في الوقت الذي يجب أن تظل السلطة القضائية الملجأ والملاذ لمخاصمة كل قرار إداري ذي طبيعة تنفيذية. وختم الغلوسي تصريحه لبيان اليوم، بالقول، إن القرار يشكل مسا بحقوق الدفاع وبضمانات المحاكمة العادلة، وأن المحامين حينما يحتجون ضد تقييد الولوج إلى العدالة كحق مقدس وسام، فهم ليسوا ضد التدابير الرامية إلى مواجهة وباء كورونا، وأنهم أول من تحمس وتعبأ وساهم ماديا ومعنويا في خوض المعركة ضد الوباء اللعين ومنهم من نال منه وهو في ريعان شبابه ،ولا هم ضد القانون لأنهم لا يدافعون عن أنفسهم أو أنهم يبحثون عن مكاسب فئوية ضيقة . فاحتجاجهم، يضيف المتحدث، هو دفاع عن المجتمع بكل شرائحه وفئاته، وهو تجسيد حي لحق المجتمع في العدالة والذي لن يتأتى إلا بضمان حق الجميع في الولوج إلى مرفق القضاء دون أية قيود، وهو دفاع عن استقلالية القضاء والدفاع عن كل التجاذبات والمصالح الضيقة.