مازال قرار فرض إلزامية الإدلاء بجواز التلقيح للولوج إلى المحاكم يثير الجدل والاحتقان وسط المحامين والموظفين بمختلف محاكم المملكة. فلليوم الثاني على التوالي، واصل المحامون انتفاضتهم إلى جانب موظفي المحاكم بتنظيم وقفات احتجاجية بعدة محاكم، صباح اليوم الثلاثاء، أعلنوا خلالها رفضهم قرار الإدلاء ب"جواز التلقيح" للولوج إلى المحاكم. كما اعتبر المحتجون هذا القرار "مسا حقيقيا بالحقوق والحريات التي من المفروض أن يضمنها قضاء مستقل حر ونزيه". وفي ظل غياب أي رد فعل من الهيئات الثلاث صاحبة القرار "المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ووزارة العدل" بناء على مذكرة ثلاثية، قاطع المحامون كذلك الجلسات الحضورية، كما نظموا وقفات احتجاجية متفرقة بعدد من المحاكم بالدارالبيضاء ومراكش وأكادير وغيرها، حسب مصادر "الصحراء المغربية"، استنكروا من خلالها القرار، رافضين إلى جانب بعض موظفي المحاكم، وضع حواجز أمام الأبواب الرئيسية للمحاكم، لمنع من لا يتوفر على الجواز الصحي منهم من الولوج وأداء واجبه المهني. فبعد الاحتجاجات التي نظمت داخل عدد من المحاكم، أمس الاثنين، ضد إلزام المحامين والموظفين بالإدلاء ب"جواز التلقيح" للولوج إلى المحاكم ودخول هذا القرار حيز التنفيذ، أكد نقباء هيئات المحامين بالدارالبيضاء ومراكش وأكادير – العيون، الذين تواصلت الجريدة معهم، أنهم سيستمرون في احتجاجاتهم الرافضة لقرار "منع المحامين من الولوج للمحكمة بسبب الجواز الصحي، ولو بشكل يومي". كما أعلنوا تشبثهم بالموقف الذي أعربت عنه جمعية هيئات المحامين بالمغرب، والتي أكدت تشبثها بالمبادئ المرجعية والدستورية المؤطرة للحقوق والحريات. وفي هذا الصدد، قال موافق الطاهر، نقيب هيئة المحامين بالدارالبيضاء، إن مجلس الهيئة ينظم اجتماعات يومية لاتخاذ القرارات المناسبة على ضوء تشبثه بموقفه الذي أصدره في بلاغ له بتاريخ 16 دجنبر الجاري، حيث أكد فيه رفضه المطلق للإجراءات التمييزية المرتبطة بفرض جواز التلقيح على مرتفقي العدالة لما في ذلك من مس حقيقي بالحقوق والحريات. وأوضح النقيب موافق، في تصريح ل "الصحراء المغربية"، أن الهيئة تتشبث إلى جانب جمعية هيئات المحامين بالمغرب بالحوار مع الهيئات صاحبة القرار، لكن بالمقابل تعلن "عدم استساغتها حيثيات القرار وتغييب المقاربة التشاركية المنصوص عليها دستوريا في اتخاذ إجراء من هذا النوع وفي غياب مؤسسة الدفاع، التي تشكل ركنا أساسيا من أركان العدالة". واعتبر أن هذا التغييب ترتب عنه إصدار قرار لم يأخذ بالاعتبار المبادئ الدستورية والتنزيل الأمثل للقانون المنظم لحالة الطوارئ الصحية.. ومع تأكيده استمرار المواقف الاحتجاجية لمحاميي ومحاميات أكبر هيئات المحامين بالمغرب ولو بشكل يومي تعبيرا عن رفضها للقرار، استنكر من جانبه ما وصفه ب"عسكرة المحاكم وتطويقها ووضع حواجز تمنع المحامين من الولوج إليها". وأعلن موافق الطاهر إصدار بلاغ ثان للهيئة في الأيام المقبلة، وعلق قائلا "فلتتحمل الجهات صاحبة القرار مسؤوليتها في التمييز في الولوج إلى المحاكم ومرافق العدالة ما بين الحاملين لجواز التلقيح وغير الحاملين له، لما في ذلك من ضرب لمبدأ المساواة في الولوج إلى العدالة". من جانبه، أكد محمد الحميدي، نقيب هيئة المحامين بمراكش، القرار نفسه بمواصلة الهيئة رفض القرار عبر مقاطعة جميع الجلسات بالمحاكم دون استثناء، إلى جانب خوض وقفة احتجاجية لمدة ساعة صباح كل يوم، احتجاجا على إلزام المحامين والموظفين بالإدلاء ب "جواز التلقيح" للولوج إلى المحاكم. وجدد موقف مجلس الهيئة الرافض لاعتماد جواز التلقيح كشرط أساسي لولوج المحاكم، والموازي لموقف جمعية هيئات المحامين بالمغرب المتشبث بالمبادئ والمرجعية الدستورية المؤطرة للحقوق والحريات. الموقف نفسه، أكده نورالدين خليل، نقيب هيئة المحامين بأكدير وكلميم والعيون، موضحا أن الهيئة "ترفض بشكل صريح تغييب المقاربة التشاركية في التعاطي مع تدبير قطاع العدالة، ما يفضي إلى أن من يعيق تدبير القطاع هي الجهات صاحبة المذكرة الثلاثية". واضاف قائلا "نحن لم نقم إلا برد الفعل والفعل هو الذي أدى إلى توقيف العمل داخل مرافق العدالة". ولفت إلى أن الهيئة ستستمر في الرفض المطلق للقرار الذي يعيق تدبير القطاع والمساس بالحق في الولوج المستنير للعدالة، فضلا عن رفض تضييع مصالح المتقاضين وحقوقهم وتقييد ولوجهم للعدالة بشرط تمييزي. كما ستواصل الهيئة، يضيف النقيب نور الدين خليل، التشبث بموقف مقاطعة كافة الجلسات بمختلف المحاكم على صعيد الهيئة، والاستمرار في الحضور ببذلهم يوميا وبكثافة أمام محاكم الاستئناف بأكادير والعيون وكلميم، مع تنظيم وقفات يومية لمدة ساعة صباح كل يوم. من جانبه، أكد محمد لطفي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للعدل المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل موقف المكتب الوطني للنقابة الصادر في 15 دجنبر الجاري، مشددا على أن "التلقيح حق اختياري ولا إكراه فيه، تفاديا للمس بالدستور والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان". ورفض لطفي، في تصريح ل"الصحراء المغربية" ما أسماه "التعدي على أجور الموظفين الذين يمكن أن يمسهم المنع من ولوج مقرات عملهم دون سند قانوني"، معتبرا منع "الموظفين والقضاة والمحامين وباقي مساعدي القضاء والمرتفقين غير المتوفرين على جواز التلقيح من القيام بمهامهم بالمحاكم، بمثابة إنكار للعدالة، ومس خطير بالحق في المحاكمة العادلة".