شهدت مختلف محاكم المملكة، أمس الاثنين، حالة شلل بسبب انسحاب المحامين من الجلسات احتجاجا على قرار فرض إجبارية التلقيح ومنع المحامين غير الملقحين من ولوج المحاكم. كما شهدت إنزالا أمنيا كبيرا بمداخلها تحسبا لوقوع احتجاجات وصدامات بين المحامين والموظفين المكلفين بعملية منع المحامين غير الملقحين من ولوج المحاكم. قرار منع المحامين والمتقاصين غير الملحقين من دخول المحاكم، أثار حفيظة محاميي المملكة، الذين عبروا عن تضامنهم من خلال الانسحاب من الجلسات وتنظيم آخرين وقفات أمام المحاكم احتجاجا على قرار المنع، الذي اعتبروه مجحفا من شأنه أن يضر بمصالح وحقوق المتقاضين. هذا الإجراء أثار حفيظة عدد من الجمعيات والهيئات المهنية، التي عبرت عن رفضها للقرار الثلاثي الصادر عن كل من وزارة العدل ورئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، واعتبرت قرار منعهم من الولوج إلى المحاكم بغير العادل وغير الدستوري بحكم أنه يتعارض مع مقتضيات الفصل 59 من الدستور، التي تقول إن الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور، تبقى مضمونة حتى في حالة الاستثناء، وليس حالة الطوارئ الصحية. وفي هذا الصدد، أدانت فيدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب إجراء منع المحامين من الدخول إلى المحاكم، واعتبرته اعتداء صارخا على حق المواطنات والمواطنين في الولوج للعدالة للدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، مستنكرة الإنزال الأمني الذي طوق مختلف المحاكم. كما اعتبرته الحق الذي لايقبل سوى التنظيم بتدخل من المشرع وحده في إطار احترام المبادئ الدولية لحقوق الإنسان. وأكد بلاغ الفيدرالية الذي توصلت "الصحراء المغربية" بنسخة منه، موقفه السابق، مجددا دعوته لعموم المحامين لرفض تقييد ولوجهم للمحاكم أوأدائهم لمهامهم في مختلف المحاكم والإدارات والمؤسسات العامة والخاصة بالإدلاء بجواز التلقيح. وسجل هؤلاء المحامون أن السلطة القضائية المكلفة دستوريا بضمان الأمن القضائي للمواطنين والتطبيق العادل للقانون من خلال الحفاظ على مسافة واحدة بين جميع المواطنين وبين أجهزة الدولة وإداراتها أصبحت أداة لتنفيذ قرارات إدارية تفتقد المشروعية، بعدما انحازت لتوجه حكومي وسياسي أضر بحيادها وسيؤثر على تعاطي القضاء مستقبلا مع أي طعن ضد القرارات الحكومية المتعلقة بجواز التلقيح. من جهة أخرى، دعت الفيدرالية مكاتب جمعيات المحامين الشباب إلى التعبئة من أجل رصد وتسجيل حالات منع المواطنين من الولوج إلى العدالة أو المس بحقوقهم في الدفاع. وأما هيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير وكلميم والعيون، فأصدرت بدورها بلاغا يؤكد من خلاله نقيب الهيئة أنه فوجئ صباج أمس بالمنع الذي مس المحامين في مختلف المحاكم محليا ووطنيا. وأورد البيان أنه تقرر مقاطعة كافة الجلسات بمختلف المحاكم ابتداء من أمس إلى حين الإعلان عن موقف جديد بناء على المستجدات. من جهته، اعتبر محمد الشمسي، محام بهيئة الدارالبيضاء، أن المنع من دخول المحاكم جريمة من شأنها شل مرفق عمومي، مشيرا إلى أنه على مستوى السند المتخذ في منع المحامين والقضاة والموظفين وعموم المتقاضين من المحاكم إلا عند الإدلاء بجواز التلقيح، فإن هذا المنع كان بواسطة رسالة تحمل توقيع كل من وزير العدل ورئيس النيابة العامة والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ماعتبره أمرا خطيرا يمس بالاستقلال الفعلي للسلطة القضائية. وأكد الشمسي أن جميع المحامين فوجئوا صباح أمس الاثنين بإنزال أمني أمام مختلف محاكم العاصمة الاقتصادية، وتم منع المحامين غير الملقحين من ولوج المحاكم، ما أثار حفيظتهم وأعلن المحامون الملقحون تضامنهم مع زملائهم وقاطعوا الجلسات على اعتبار أن التلقيح هو أمر اختياري وليس إجباريا. وتابع المحامي نفسه أن قرار المنع يمس بحرية وحقوق المتقاضين ويؤثر على السير العادي للجلسات، مؤكدا أن الحق في التقاضي يمثل الحق في الصحة والعلاج.