عاشت مختلف محاكم المملكة، خلال اليومين الماضيين، حالة شلل بسبب انسحاب المحامين من الجلسات احتجاجا على قرار فرض إجبارية التلقيح ومنع المحامين غير الملقحين من ولوج المحاكم. كما شهدت جل المحاكم إنزالا أمنيا كبيرا بمداخلها تحسبا لوقوع احتجاجات وصدامات بين المحامين والموظفين المكلفين بعملية منع المحامين غير الملقحين من ولوج المحاكم. وواصل أصحاب البذلة السوداء، أمس الثلاثاء رفضهم ولوج فضاءات المحاكم وحضور الجلسات، وقرروا التظاهر سلميا وحضاريا، احتجاجا على فرض " جواز التلقيح" مما دفع بالهيئات القضائية، إلى تأجيل الملفات المعروضة عليها. ويأتي احتجاج المحامين، ردا على القرار المشترك الصادر عن وزير العدل، والرئيس المنتدب لدى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، القاضي بفرض "جواز التلقيح" على القضاة والمحامين والموظفين وعموم المواطنين من أجل ولوج محاكم المملكة، ابتداء من يوم الاثنين الماضي، بمبرر أن أهمية القرار تكمن في " تعزيز المكتسبات التي حققها المغرب في إطار الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا"، حيث وجهوا تعليمات صارمة تمنع ولوج المحاكم بدون الإدلاء بجواز التلقيح، وذلك في دورية مشتركة وُجهت إلى وكلاء الملك والقضاة والمحامين. وفي هذا الصدد، أدانت فيدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب إجراء منع المحامين من الدخول إلى المحاكم، واعتبرته اعتداء صارخا على حق المواطنات والمواطنين في الولوج للعدالة للدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، مستنكرة الإنزال الأمني الذي طوق مختلف المحاكم. كما اعتبرته الحق الذي لايقبل سوى التنظيم بتدخل من المشرع وحده في إطار احترام المبادئ الدولية لحقوق الإنسان. وأكد بلاغ الفيدرالية الذي توصلت "الصحراء المغربية" بنسخة منه، موقفه السابق، مجددا دعوته لعموم المحامين لرفض تقييد ولوجهم للمحاكم أوأدائهم لمهامهم في مختلف المحاكم والإدارات والمؤسسات العامة والخاصة بالإدلاء بجواز التلقيح. وسجل هؤلاء المحامون أن السلطة القضائية المكلفة دستوريا بضمان الأمن القضائي للمواطنين والتطبيق العادل للقانون من خلال الحفاظ على مسافة واحدة بين جميع المواطنين وبين أجهزة الدولة وإداراتها أصبحت أداة لتنفيذ قرارات إدارية تفتقد المشروعية، بعدما انحازت لتوجه حكومي وسياسي أضر بحيادها وسيؤثر على تعاطي القضاء مستقبلا مع أي طعن ضد القرارات الحكومية المتعلقة بجواز التلقيح. من جهة أخرى، دعت الفيدرالية مكاتب جمعيات المحامين الشباب إلى التعبئة من أجل رصد وتسجيل حالات منع المواطنين من الولوج إلى العدالة أو المس بحقوقهم في الدفاع. وأما هيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير وكلميم والعيون، فأصدرت بدورها بلاغا يؤكد من خلاله نقيب الهيئة أنه فوجئ صباج أمس بالمنع الذي مس المحامين في مختلف المحاكم محليا ووطنيا. وأورد البيان أنه تقرر مقاطعة كافة الجلسات بمختلف المحاكم ابتداء من أمس إلى حين الإعلان عن موقف جديد بناء على المستجدات. من جهته، اعتبر محمد الشمسي، محام بهيئة الدارالبيضاء، أن المنع من دخول المحاكم جريمة من شأنها شل مرفق عمومي، مشيرا إلى أنه على مستوى السند المتخذ في منع المحامين والقضاة والموظفين وعموم المتقاضين من المحاكم إلا عند الإدلاء بجواز التلقيح، فإن هذا المنع كان بواسطة رسالة تحمل توقيع كل من وزير العدل ورئيس النيابة العامة والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ماعتبره أمرا خطيرا يمس بالاستقلال الفعلي للسلطة القضائية. وأكد الشمسي أن جميع المحامين فوجئوا صباح أمس الاثنين بإنزال أمني أمام مختلف محاكم العاصمة الاقتصادية، وتم منع المحامين غير الملقحين من ولوج المحاكم، ما أثار حفيظتهم وأعلن المحامون الملقحون تضامنهم مع زملائهم وقاطعوا الجلسات على اعتبار أن التلقيح هو أمر اختياري وليس إجباريا. وتابع المحامي نفسه أن قرار المنع يمس بحرية وحقوق المتقاضين ويؤثر على السير العادي للجلسات، مؤكدا أن الحق في التقاضي يمثل الحق في الصحة والعلاج.