صوت الرصاص أصبح «روتينًا» في سوريا وأثرياء يموّلون الثورة أصبح دوي الطلقات النارية في البلدات والمدن السورية أمرًا معتادًا تمامًا مثل هدير أبواق السيارات في الشوارع، في وقت يتواصل فيه الانتشار المكثف لقوات الأمن. لكن وعلى الرغم من العنف، زادت المقاومة شراسة، كما زاد المحتجون إصرارًا وغضبًا على حكومة لا تمنحهم أي أمل. وتقول صحيفة الغارديان البريطانية إن موجة الغضب في سوريا يقودها فتيان من الشعب انسدت الأبواب في وجوههم، لكن ذلك لا يعني أن أطراف المجتمع السوري الأخرى تقف مكتوفة الأيدي. فوراء هؤلاء الشبان والشابات شبكة من الأقارب والمعارف، تقدم الدعم إذا لم تشارك قدر المستطاع. فهذا أبو أحمد من حمص، لا يقف إلى جانب ابنه في المظاهرات اليومية التي يخوضها وحسب، بل بادر إلى تشكيل لجنة في الحي، مهمتها تنظيم هذه المظاهرات العفوية، والتنسيق مع باقي أحياء المدينة، وفقًا لما نقله موقع «بي بي سي» عن صحيفة الغارديان. ويقول أبو أحمد، وهو لقب مستعار، للصحيفة: «عندما أظهرنا أن لدينا خطة، أقبل علينا عدد متزايد من الناس، ومن بينهم الأطباء والأساتذة. إن العنف لا يشجّع العديد على الخروج، لكنه لم يقوّض الحركة الاحتجاجية». ولا تتوقف مظاهر التكافل عند هذا الحد. اذ يورد التقرير معلومات عن عدد من الأثرياء يقدمون الدعم المالي للمتضررين من جراء موجة الاحتجاجات في سورية. كما يتحدث عن أطباء يقيمون مستشفيات ميدانية لتقديم المساعدات الأولية للجرحى، وعن نساء يسهرن على طبع منشورات وتوزيعها لتنظيم احتجاجات قصيرة المدى للإفلات من قوات الأمن، وعن سكان مجهولين فتحوا أبواب بيوتهم للهاربين من متعقبيهم من تلك القوات. كي مون: يدعو لإجراء إصلاحات قبل فوات الأوان وقد حضّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأربعاء الرئيس السوري بشار الأسد على «إجراء إصلاحات الان قبل فوات الأوان»، وذلك بعد ثلاثة أشهر على بدء الاحتجاجات ضد النظام السوري. وقال بان كي مون خلال زيارة إلى الاوروغواي، المحطة ما قبل الأخيرة في جولة يقوم بها في أميركا الجنوبية، «ما زلت قلقا جدا إزاء الوضع في سوريا». وأضاف «مرة جديدة، أحث الرئيس السوري الأسد وسلطاته على حماية شعبهم واحترام حقوقه والإصغاء إلى مطالبه وتطلعاته وتحدياته وتوفير الظروف لعودة اللاجئين وتطبيق إصلاحات الآن قبل فوات الأوان». وأسفرت عملية قمع المتظاهرين ضد النظام السوري عن مقتل 1200 شخص واعتقال حوالي عشرة آلاف آخرين، حسب منظمات غير حكومية والأمم المتحدة، إضافة إلى نزوح أكثر من 8500 سوري إلى تركيا وخمسة آلاف آخرين إلى لبنان. أنقرة غاضبة على الأسد من جهة ثانية، عقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الأربعاء اجتماع «أزمة» مع مبعوث للرئيس السوري بشار الأسد، الذي يزور أنقرة حاليا، للبحث في الأزمة التي تواجهها سورية منذ ثلاثة أشهر وما رافقها من قتل للمئات واعتقال الآلاف ومحاصرة العديد من المدن من قبل قوات الأمن السورية. واستغرق اجتماع المبعوث، حسن تركماني، مع اردوغان قرابة ثلاث ساعات، عبّر فيه الأخير عن نفاد صبر أنقرة من أساليب القمع التي تتبعها الحكومة السورية ضد المحتجين، وبطء وتيرة الإصلاحات، وتفاقم الأوضاع الإنسانية. وعلى الرغم من عدم ظهور بيان حول الاجتماع، إلا أن اردوغان سبق أن قال انه سيتحدث مع الأسد «بلغة صارمة وقوية» بعد الانتخابات التركية التي انتهت الأحد الماضي. وسعت أنقرة منذ اندلاع الاحتجاجات إلى تشجيع دمشق على المباشرة بإصلاحات سياسية سريعة وواسعة لتجنب تصاعد الاحتجاجات، لكن المساعي التركية فشلت توترت العلاقات بين الجارين إلى حد كبير مع تصعيد الحكومة السورية من أعمال قمع التظاهرات، حيث وصفت تركيا تعامل قوات الأمن مع التظاهرات بأنه «وحشي». كما أدت العمليات العسكرية للجيش السوري في محافظة ادلب، وخاصة في بلدة جسر الشغور، إلى فرار نحو 8500 سوري إلى تركيا. وقام وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو بزيارة إلى مخيم اللاجئين السوريين في لواء الاسكندرون قرب الحدود السورية، حيث تجمع النساء والأطفال والرجال حوله وهم يهتفون للحرية وباسم اردوغان. وصرح داود اوغلو للصحافيين «سأتحدث مع تركماني الخميس بكل صراحة عما شاهدته وسمعته، حيث نواجه أزمة إنسانية وتطورات مثيرة للقلق». من جانبه أعلن تركماني قبل لقاء اردوغان إن النازحين السوريين سيبقون لفترة قصيرة في تركيا وسوف يعودون قريبًا إلى بيوتهم. جاءت زيارة تركماني بناء على طلب الأسد خلال اتصال الأخير بأردوغان لتهنئته بفوز حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، والذي يتزعمه اردوغان بفترة حكم ثالثة. الاف الفارين من بلدة معرة النعمان هذا وتواصل فرار آلاف السوريين من بلدة معرة النعمان الأثرية هربا من القوات والدبابات التي تتقدم بشمال البلاد، في حين جرت مظاهرات ليلية بعدة مدن تطالب بسقوط نظام بشار الأسد. وفي الأثناء أعلن ضابط آخر في الجيش انضمامه للمحتجين. فقد قال شاهد في قرية معرشمشة على أطراف معرة النعمان لرويترز هاتفيا إن «الجنود يطلقون النار بشكل عشوائي على ضواحي معرة النعمان لإفزاع السكان الأمر الذي جعل المزيد من الناس يهربون خلال الليل». وأضاف أن النيران قتلت رجلا يدعى محمد عبد الله وأن إطلاق الرصاص كان كثيفا إلى درجة أنه تم دفن الرجل في فناء منزله. وقال شاهد آخر إن «السيارات مستمرة في الخروج من معرة النعمان في كل اتجاه، الناس يحمّلونها بكل شيء». وكان الآلاف من سكان بلدة معرة النعمان قد بدؤوا في الفرار منها هربا من قوات الجيش. وقال شهود عيان إن مكبرات الصوت في مساجد معرة النعمان التابعة لمحافظة إدلب والتي تقع على الطريق السريع الذي يربط العاصمة دمشق بحلب ثانية المدن السورية الكبرى، كانت تحذر السكان من اقتراب قوات الجيش وتدعوهم إلى النجاة بأرواحهم وعائلاتهم. ويقول سكان إن القوات السورية تقدمت إلى معرة النعمان بعد اعتقال مئات الأشخاص في القرى القريبة من جسر الشغور، حيث جرت حملة عسكرية قبل أيام أعقبت إعلان الحكومة مقتل 120 رجل أمن في المنطقة على أيدي مسلحين. وقد تدفق سكان من معرة النعمان وجسر الشغور والقرى المحيطة بهما على حلب والقرى الواقعة في الصحراء إلى الشرق، بينما اتجه البعض إلى تركيا المجاورة التي فر إليها بالفعل أكثر من 8500 سوري. وأقامت السلطات التركية مخيمات مؤقتة لإيواء النازحين. علما بأن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان كان قد أعلن في وقت سابق أن بلاده لن تغلق أبوابها أمام السوريين الذين يحاولون النجاة بأرواحهم من أعمال العنف التي تشهدها بلادهم.