لازال النظام السوري يضرب بيد من حديد المتظاهرين الذين انتفضوا ضد القمع والظلم، حيث قتل ثمانية أشخاص، بينهم طفلان، أول أمس الأحد، عندما دخلت القوات الحكومة السورية، بالدبابات وناقلات الجنود المدرعة، عدة بلدات في محافظة حمص في محاولة لقمع الاحتجاجات، وفقا لعدة نشطاء حقوقيين. وقصفت قوات الأمن بلدة تلبيسة، وسقطت واحدة من القذائف على حافلة مدرسية تقل أطفالا، وفقا لمنظمي الاحتجاجات. وقال ناشطون سوريون إن القوات الحكومية قصفت مدينة حمص بالمدفعية يوم أمس الاثنين، مما أدى إلى سقوط ضحايا، عقب يوم على مقتل تسعة أشخاص في حملة قمع عنيفة تشهدها المنطقة. وقالت لجان التنسيق المحلية، وهي جماعة تساعد على تنسيق وتوثيق الاحتجاجات في البلاد، إن بلدة تلبيسة تعرضت مجددا، فجر أمس الاثنين، إلى قصف المدفعية، كما انتشر القناصة على أسطح المساجد. يُشار إلى أن السلطات السورية لا تسمح للإعلام الدولي بدخول أراضيها من أجل تغطية الأحداث الجارية هناك منذ أكثر من شهرين، مما يحول دون تأكيد التقارير الواردة حول الأوضاع في سوريا بصورة مستقلة. وتشهد سوريا مظاهرات شعبية حاشدة، انطلقت أساسا للمطالبة بإصلاحات سياسية وديمقراطية، وهي أكبر حركة احتجاجية، على الإطلاق، يواجهها نظام الرئيس بشار الأسد، منذ توليه رئاسة الدولة العربية خلفا لوالده حافظ الأسد، قبل ما يقرب من 11 عاما. تعذيب طفل حتى الموت نشر ناشطون سوريون على موقع «يوتيوب» شريط فيديو يظهر آثار التعذيب على جثة الفتى السوري حمزة علي الخطيب، 13 عاما، من الجيزة في محافظة درعا جنوب سوريا. وحسب المتحدث في الفيديو، فإن حمزة خرج في جمعة الغضب لرفع الحصار عن درعا، فتم اعتقاله وتعذيبه بأبشع الطرق. ويظهر الفيديو الطلقات التي اخترقت جسد الفتى السوري، والكدمات في أماكن متفرقة من جسده، وكسر عنقه وحتى قطع عضوه التناسلي. والطفل حمزة هو من بلدة الجيزة ويبلغ من العمر 13 عاما، واعتقل قرب صيدا في حوران سوريا يوم 29 أبريل الماضي أثناء محاولته إدخال الطعام إلى المحاصرين في مدينة درعا السورية. ومسقط رأس الطفل حمزة علي الخطيب هو بلدة الجيزة القريبة من درعا السورية، وقد أصبح حديثَ الساعة والصحف والمواقع الإلكترونية، ومن أجله نظم المحتجون يوما أطلقوا عليه «سبت الشهيد حمزة الخطيب». وأنشأت صفحة باسمه على موقع «فيسبوك» تجاوز عدد أعضائها سبعة آلاف في ست ساعات، وفي أقل من أربع وعشرين ساعة ارتفع العدد إلى أكثر من ستة عشر ألفا. وحتى الآن، لم تصدر رواية رسمية عن السلطات السورية حول هذه المسألة، لكن تلفزيون «الدنيا»، المقرب من الحكومة، استضاف طبيبا شرعيا أكد أن جثة الطفل كانت سليمة عندما عاينها، ولم يذكر الطبيب كيف قتل حمزة. كما وضع الناشطون صورة الفتى الخطيب على واجهة صفحة «الثورة السورية» مع عبارة «لن نسكت أبدا». وجاء في نص على الصفحة بشأن الفتى الخطيب: «اليوم سوريا كلها ستنتفض لأجلك (...) لأجل براءتك (...) لأجل دموع أمك، لأجل حرقة قلب أبيك (...) لأجل أبنائنا ستغضب سوريا (...) نعم ستغضب سوريا كلها لأجل حمزة». وأكد رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان، عمار قربي، لوكالة «فرانس برس» أن «أسرة الفقيد تسلمت جثمانه من السلطات يوم الأربعاء بوضعها الحالي الذي بدت عليه آثار التعذيب». وذكر ناشط آخر أن «قوات الأمن السورية قامت باعتقال والد الطفل علي الخطيب»، مرجحا أن يكون ذلك من أجل «إجباره على الإدلاء بتصريحات كاذبة». وحمل الناشط «المسؤولية الكاملة للنظام إن حصل أي مكروه لأبي حمزة». حمزة الخطيب والبوعزيزي أوضح الكاتب الصحفي صالح السعيدي أن الطفل حمزة الخطيب سيكون للسوريين رمزا أكبر من خالد سعيد أو البوعزيزي. وقال إن «الشهيد الخطيب هو نظير محمد الدرة»، وهو المكافئ السوري لحالته، مشبها الرئيس السوري بشار الأسد برئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون في تورطه في قتل طفل. وأكد السعيدي أن النظام السوري معتاد على القمع فقط، وهذه الحالة ليست الأولى، بل هي ممارسات سورية عادية، لكن هذه الوحشية والسادية تجاوزت العادة حين وجهت أدواتها إلى طفل صغير. وأشار السعيدي إلى أن آلة القمع السورية تكفي لقمع الشرق الأوسط بأكمله، ولكنها لم تكن معتادة على التعامل مع الجموع، وهو ما جعلها تستفيد من الخبرة الإيرانية في قمع المظاهرات، مستغربا الصمت والتواطؤ الدولي والعربي عما يحدث في سوريا. وتحولت قصة الطفل حمزة علي الخطيب، الذي عُرضت صور جثته وملأت الدنيا وشغلت الناس، إلى دافع إضافي يخرج من أجله المتظاهرون إلى الشوارع اليوم، متهمين أجهزة الأمن بتعذيب الطفل قبل قتله، فيما نفى متحدثون باسم السلطات التقارير عن التنكيل بالطفل، واعتبروها أمرا مستحيلا. اعتقال وتعذيب الصحفيين نشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية، أول أمس الأحد، شهادة الصحافي الجزائري «خالد سيد مهنّد» الذي اعتقل في معتقل المقر العام لجهاز الاستخبارات في كفرسوسة طيلة خمسة وعشرين يوما بعد دخوله إلى سوريا في بداية شهر أبريل الماضي لتغطية أخبار الاحتجاجات، تعرض خلالها للضرب والإهانة والتعذيب. واقتيد خالد في التاسع من أبريل من مقهى في باب توما في دمشق، على أيدي سبعة عناصر أمنية إلى مركز عسكري حيث أُخضع لتحقيق أولي. بعدها، سيق إلى معتقل في المقر العام للاستخبارات السورية في كفرسوسة حيث تعرض للضرب وهدّده أحد المحققين باقتلاع أعضائه التناسلية وحتى باقتلاع قلبه من صدره إن لم يجب عن أسئلة المحققين. ويروي خالد أنه من أول لطمة على وجهه سقط جسر أسنانه الاصطناعي من فمه، كما وضع سجّانوه أسلاكا كهربائية على أنحاء مختلفة من جسده لترويعه، وكلما كان يُجيب عن سؤال كان المحقق يضربه وينعته بالكاذب، كما عرض عليه التعامل مع الاستخبارات كجاسوس، لكنه رفض. وبعد تحقيقات متكررة معه، ساقوه إلى الزنزانة رقم (22) حيث أصبح اسمه في المعتقل وفقا لرقم الزنزانة. وفي السجن التقى خالد عشرات الموقوفين من المعارضة وقد بدت عليهم آثار التعذيب نتيجة مشاركتهم في الاحتجاجات. وقد أخرج من السجن بعد خمسة وعشرين يوما، إثر إضراب عن الطعام. كما أفرجت السلطات السورية ليل الأحد/ الاثنين عن الصحفي محمد زيد مستو بكفالة بعد اعتقاله لأكثر من شهر ونصف، وقال مستو إنه غادر السجن وهو بخير عدا حالة من الحزن التي يشعر بها حيال المعتقلين الآخرين الذين تركهم وراءه والقصص التي شهدها. وكشف محمد زيد مستو أنه يعاني من كسر في القدم كما أخبره بذلك طبيب أجرى له كشفا طبيا وأنه لا يحتاج إلى علاج لكونه كسرا بسيطا فقط، مشددا على أن الحملة التي قام بها زملاؤه في الدراسة في المعهد العالي للإعلام والاتصال في المغرب دفعت السلطات السورية إلى التعامل معه باحترام شديد. ووجّه إليه القضاء السوري تهم التحريض على التظاهر، والنيل من الوحدة الوطنية السورية عبر وسائل الإعلام والمحطات الأجنبية غير المشروعة بهدف إشاعة الأنباء الكاذبة، ليتم اختصار التهم لاحقا في تهمة النيل من هيبة الدولة، معلنا أن هنالك صحافيين آخرين لا يزالون قيد الاعتقال من لدن السلطات السورية. أكبر مظاهرة مناهضة لنظام الأسد في واشنطن تحركت الجالية السورية-الأمريكية في اتجاه العاصمة واشنطن من كل الولايات لتسجل بذلك أكبر حضور جماهيري مناهض لنظام بشار الأسد في أمريكا منذ انطلاق موجة الاحتجاجات في البلاد، تزامنا مع الضغوط المتزايدة على النظام السوري. وحمل السوريون-الأمريكيون أعلام سوريا وصور الضحايا وانطلقوا من أمام البيت الأبيض يجوبون شوارع العاصمة الأمريكية في اتجاه السفارة السورية بحثا عن صدى يعكس تذمرهم ونداءاتهم بوقف العنف على إخوانهم في داخل البلاد. إيران تزود سورية بخبراء وأسلحة قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن إيران تزود سورية بخبراء عسكريين وأسلحة ومعدات خاصة للمساعدة في قمع الاحتجاجات الجماهيرية. وتؤكد هذا في عددها ل28 ماي استنادا إلى «اثنين من المسؤولين الأمريكان ودبلوماسي من دولة حليفة». وحسب معلوماتهم، فإنه يجري كذلك إرسال خبراء من قوة «القدس» الخاصة التي تدخل ضمن تشكيلات فيلق «حرس الثورة الإسلامية» وحدات النخبة من القوات المسلحة الإيرانية. كما ستزوَّد سوية بأفراد شرطة وتجهيزات حربية تستخدم في تفريق المتظاهرين، بينها خوذ وهراوات وما شابه ذلك، وأسلحة ومعدات رصد إلكترونية حديثة تتيح، بالتحديد، الكشف عن هويات مستخدمي الشبكة الاجتماعية «فيسبوك» وموقع «تويتر» الذين يشاركون في الاحتجاجات ضد حكومة الرئيس بشار الأسد. وتكتب الصحيفة أن عدد الخبراء العسكريين الإيرانيين الذين يوجدون في سورية غير معروف. ولكن عددهم قد زاد في الآونة الأخيرة، كما تضيف، رغم تحذيرات الولاياتالمتحدة. ويلعب أفراد قوة «القدس» الخاصة، على حد الزعم، «دورا أساسيا» في قمع فعاليات الاحتجاج في سورية، و»على أقل تقدير منذ أواسط أبريل».