قال الصحافي والمحلل لشؤون الشرق الاوسط في صحيفة «ذي غارديان» البريطانية، ايان بلاك، إن قرار الرئيس السوري بشار الأسد إلغاء قانون الطوارئ السيء السمعة، هو أكبر تنازلاته لصالح المتظاهرين حتى الآن، ولكنه ربما جاء متأخراً أكثر من اللازم. وكتب روبرت فيسك في صحيفة «ذي اندبندنت» البريطانية على منوال مماثل قائلاً: ان «هناك في سوريا اولئك الذين يقولون ان الامر انتهى وان ليس هناك ما يستطيع بشار الاسد عمله لانقاذ نظامه. وسنرى». ويضيف فيسك: «لسنوات كثيرة فرض نظام التعذيب أفظع انتقام على معارضي كل من الرئيس وأبيه. كان هناك «الكرسي الالماني» الذي يكسر ظهور المعارضين، وكان هناك «الكرسي السوري» الذي يكسر ظهورهم بصورة أبطأ . ويتابع : «الرئيس الحالي يعرف ذلك كله وحاول وضع نهاية له. وقد نجح الى حد كبير وأثبت نظام حكمه أنه إنساني. لكنه لم ينجح كحاكم. وفي محاولاته اليائسة لإقناع السوريين بأنه يستطيع السيطرة على بلاده، اتهم امريكا وفرنسا ولبنان بالمسؤولية عن عنف المتظاهرين في بلاده». «لا احد في سوريا يصدق ذلك، والفكرة القائلة ان لبنان ، ناهيك عن امريكا وفرنسا ، يمكن أن يسبب مظاهرات، هي فكرة تدعو للسخرية. إن المشكلة تكمن...في أن سوريا تظل دكتاتورية وأن الاسد يبقى دكتاتوراً». وختم فيسك بالقول: «تعلم عائلة الاسد ما يجب عليها عمله لتطهير اسم العائلة. هل يستطيع بشار عمل ذلك؟ هل لديه السلطة لعمله؟ إن هذا هو الشيء الوحيد المهم الآن اذا كان يريد إنقاذ نظام حكمه». ومن ناحيته كتب إيان بلاك في «ذي غارديان» ان «من البديهي في «الربيع العربي» وغيره من فترات التغيير المفاجئ في الأنظمة السياسية القمعية، أن أخطر اللحظات هي الي تبدأ فيها الأنظمة بتلبية مطالب منتقديها. وخطوة إلغاء قانون الطوارئ ذات أهمية كبيرة، كونها تأتي بعد يوم من انتشار الاضطرابات في حمص، ثالث المدن السورية، حيث شارك الآلاف في المظاهرات وتم قمعهم بعنف من قبل قوات الأمن. ومن الصحيح أنه كما حذر ناشطو المعارضة وأكد الأسد، فإن صوت المحتجين يصل الى الاسد أخيراً. القوانين الجديدة ستبقي القيود على الحريات السياسية. لكن القيمة الرمزية للتغيير لاتزال كبيرة. كما أن التخطيط لإلغاء محكمة أمن الدولة خطوة أخرى كبيرة للأمام. وقد تشتري هذه الإجراءات الوقت، ويأمل السوريون المؤيدون للنظام الذين يشعرون بالضيق بسبب الضغط الخارجي والتوتر ازاء التغيير، بأن ينجح الأسد في الخروج من الأزمة، بما أن المظاهرات لم تبلغ بعد المدى الذي شوهد في تونس ومصر. لكن ذلك كله قد يكون حدث بعد فوات الأوان. قدرة الأسد على التغيير قد تكون محدودة. وتعتبر مساءلة الدولة قانونا غريبا مع عدم وجود إشارات على وضع حد لقانون يمنح المخابرات الحصانة من الملاحقة الفانونية. ومازالت العضوية في جماعة الاخوان المسلمين المحظورة جريمة يعاقب عليها بالإعدام. ومع ذلك فالتوقعات بأن الأمن السوري الذي يسيطر عليه نظام البعث على وشك السقوط، تبدو بعيدة جدا عن الملاحظة. ولو كان الأسد تجاوب مع الاحتجاجات من خلال إلغاء نظام الطوارئ على الفور لكان فعل ما هو أفضل. ولكن خطابه في نهاية مارس كان متحديا، حين حمّل «المؤامرات» الخارجية المسؤولية عن الغضب الجماهيري الذي بدأ في مدينة درعا الجنوبية. وثبت أن تعيين حكومة باهتة جديدة لم يكن أكثر فعالية، خصوصا وأن الرئيس هو الذي يفرض على وزرائه ما يجب عليهم أن يفعلوه. وقال نديم شحادة، محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الملكي للشؤون الدولية ( تشاتام هاوس) في لندن: «لا أحد يصدق هذه الحيل بعد الآن. انتهت اللعبة. والأمر أشبه بطلاق إلى حد ما، مجرد أن يرى الإنسان مرحلة ما بعد الزواج، فإن كل شيء سينهار». ويقول آخرون إن حافظ الأسد كان بإمكانه أن ينجو من خلال التشبث باستخدام القوة. أما بشار فلن يستطيع، حسب محمد بازي من مجلس العلاقات الخارجية، الذي أضاف: «يعود السبب إلى أنه يواجه نوعا مختلفا وغير متوقع من الضغوط المتجذرة في عمق المعاناة الشعبية». وهناك دلائل على أن النظام يشعر بالقلق من سرعة اتساع الاحتجاجات وحدتها، لكنه مرتبك في الوقت الذي يقدم فيه وعودا بالتغيير تعقبها ممارسات وحشية من جانب قوى الأمن. وكان من المثير للخوف أن الحكومة أعلنت أنها تواجه «تمردا مسلحا» في حمص وبانياس. لكن الاتهام بأن الثوار سلفيون من السنة المتطرفين، الذين كثيرا ما تتم مساواتهم بتنظيم «القاعدة»، والحريصين على تصعيد الصراع الطائفي يدعو لتخوف أكبر. ولايزال النظام قادرا على دفع الحشود للهتاف بشعارات مؤيدة للأسد. لكن أكثرها ترديدا، وهو «الله، سوريا، بشار وبس»، لا يدعو إلى الثقة، لأنه مستعار من ليبيا، حيث لا يمكن اعتبار معمر القذافي نموذجا ملهماً». ما هو موقف واشنطن من الأحداث الجارية في سوريا؟ تتابع الإدارة الأمريكية ما يحدث فى سوريا وتوجه انتقادات خجولة مقارنة مع ما حدث في تونس، مصر أو ليبيا، هذا ما يقوله البعض. بينما يعتبر آخرون أن طبيعة الانتقادات تتطور بتطور الأحداث على الأرض. مدير مكتب الدبلوماسية العامة في قسم الشرق الأوسط بالخارجية الأمريكية فيليب فرن، يتطرق إلى هذه المسألة. } ما هو الموقف الأمريكي اليوم مما يجري في سوريا؟
في التصريح الذي صدر عن البيت الأبيض، يصف الرئيس أوباما الأحداث في سوريا بالشنيعة، نسبة إلى رد فعل الحكومة السورية على التظاهرات. فالولايات المتحدة تدين بشدة استخدام العنف والقمع ضد المتظاهرين، وتعتبر أن هذه التصرفات غير مقبولة.
} في نفس الوقت، هناك انتقادات تتعرض لها إدارة أوباما بأن رد الفعل حول أحداث سوريا هو أضعف وأكثر تحفظاً من موقفها حول مصر أو ليبيا. هل توافق هذا الرأي؟
أنا لا أوافق هذا الرأي، لأن التصريحات التي أصدرها البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية بخصوص الأوضاع في سوريا، هي تصريحات شديدة اللهجة إلى درجة كبيرة. ولا أرى فرقاً، مثلاً، في المواقف الأمريكية تجاه تصرفات الحكومة المصرية وتصرفات الحكومة السورية. طبعاً هناك فرق واضح بين الأحداث في ليبيا وما يجري الآن في سوريا. على سبيل المثال، هدد العقيد القذافي بانتقام بشع من الشعب الليبي، واستخدم القصف الجوي ضد المدن الليبية والمدنيين فيها. لم نر تصرفات مماثلة للحكومة السورية. أما سفيرنا في سوريا السيد روبرت فورد، فهو يقدم يومياً للمسؤولين السوريين وجهة نظرنا من الأحداث هناك، ويحثهم على ضرورة إيجاد حل سياسي بدل استخدام العنف لحل المشاكل القائمة.
} إذا لم تأخذ القيادة السورية بهذه النصيحة، هل سنرى إجراءات ضغط أكبر من جانبكم؟
هناك الآن عقوبات ضد النظام السوري، مثل العقوبات المالية ومنع سفر لبعض المسؤولين السوريين، وعقوبات أخرى موجودة ضد النظام السوري. لكنني لا أستطيع أن أقول أنه ستكون هناك عقوبات إضافية. حالياً نحن نراقب ونتابع الأوضاع. لكن إذا حصل تدهور وتفاقم أكبر في الأوضاع، من الممكن اعتماد إجراءات أخرى.
} بخلاف تونس، سوريا هي لاعب خارجي محوري في المنطقة. هل هناك مخاوف من أن تدهور الوضع الداخلي هناك، ستكون له انعكاسات على السياسة الخارجية الإقليمية عموماً؟
تعتبر الإدارة الأمريكية أن لسوريا دورا مهما جداً في عملية السلام في الشرق الأوسط، وتود أن يكون هناك سلام شامل بين إسرائيل وكل جيرانها. لكن مصداقية النظام السوري بدأت تنخفض بسبب الأحداث القائمة هناك. وربما سينخفض معها دور النظام السوري في مفاوضات السلام إلى حدٍ ما، خاصة بعد رد فعل هذا النظام على التظاهرات.
} ما هي رسالتكم الأخيرة إلى المتظاهرين والحكومة السورية؟
نحن ندين استخدام العنف من كل الأطراف، سواء صدر عن الحكومة أو المتظاهرين. الحل الوحيد هو حل سياسي عبر المفاوضات والمناقشات بين المعارضة والنظام السوري. خبير ألماني: الأسد يواجه المجهول بعد أن خذل القوى العلمانية مع تصاعد سقف مطالب الشارع السوري المطالب بالديمقراطية والتغيير. بدأ نظام بشار الأسد بتقديم التنازلات تلو الأخرى من جهة واستخدام العنف المفرط ضد معارضيه من جهة أخرى. فهل هي بداية نهاية هذا النظام بعد أن تلاشى الخوف؟ أقر مجلس الوزراء السوري مشاريع مراسيم تشريعية تقضي بإلغاء حالة الطوارئ في البلاد وإلغاء محكمة امن الدولة العليا وتنظيم حق التظاهر السلمي. تلك المطالب، التي رغبت بتحقيقها منذ سنين شريحة واسعة من الشعب السوري. ويبقى السؤال، إذا ما كان رد فعل النظام السوري هذا على المطالب الشعبية سيوقف حركات التظاهر. حول ذلك يقول كارستن فيلاند، خبير الشأن السوري بمؤسسة كونراد اديناور في حديثه مع دويتشه فيله، إن تطورات الشارع السوري لا تختلف عن تلك التي شهدها الشارعان المصري والتونسي، حيث حاولت الأنظمة أن تخفف من حدة الاحتجاجات عن طريق تقديم التنازلات أو استخدام القوة أيضا. لكنه يثير نقطة أخرى بالقول «ما يميز سوريا، هي أن هناك اختلافات عرقية ودينية متعددة، وهناك خوف من عودة الحرب الأهلية والاضطرابات. بالإضافة إلى الخوف من الجديد المجهول». ويضيف كارستن فيلاند أن المعارضة في سوريا فقدت الأمل بتغيرات حقيقية في ترتيب هرم السلطة والنظام عموماً. ولكن النظام بدأ فعلا بتحقيق مطالب الجماهير الغاضبة بالشارع السوري، فهل ستؤدي هذه التنازلات إلى استتباب الأمور لصالح نظام حزب البعث مرة أخرى؟ يقول الخبير الألماني أن «واقع الحال هناك يشير إلى أن هذه التنازلات قد أصبحت بلا فائدة ولن تتمكن من تخدير الناس هناك أكثر، لأنها جاءت متأخرة جداً وقُدّمت من قبل النظام تحت ضغط الشارع. لقد بدأ نظام الأسد يفقد الورقة بعد الأخرى من يده. ويتنازل شيئا فشيئا، مثل إعادة الجنسية للأكراد و قانون الأحزاب، الذي ركن جانبا على الرف منذ عام 2005 . وهي سلسلة طويلة متراكمة من الإصلاحات التي لم يتم تنفيذها، والآن فجأة يحاول النظام أن ينفذها تحت الضغط الشعبي. اعتقد أن تقديم التنازلات قد أضحى بلا فائدة تعود على النظام.» نفس التكتيك ونفس الأخطاء استلهم الشارع المصري روح التغيير من نظيره التونسي، والبحريني واليمني والسوري من كليهما، لكن ردود فعل الأنظمة العربية تختلف باختلاف حركات التغيير نفسها والعكس أيضا صحيح. إلا أن أساليب الأنظمة عموما لا تختلف عن بعضها البعض محاولة تجريم من يقوم بالاحتجاج عليها. مثلما يقول فيلاندر، عندما يصف الطبقة المطالبة بالتغيير في هذه البلدان، بأنها تمثل شريحة واسعة ومختلفة من المتعلمين والمثقفين والشباب وحتى بعض الإسلاميين. وهي شريحة واسعة تطالب بحرية التعبير وحرية الانتماء السياسي والقضاء على الفساد. ويضيف فيلاندر بالقول «هذا الخليط من الانتقادات الموجهة للأنظمة هي انتقادات علمانية سلمية وليست عنيفة بطبعها. مثلما حدث في مصر عندما حاول النظام أن يجرّم هذه التحركات أو القضاء عليها عن طريق إطلاق اليد للعصابات الإجرامية». لكنه يصف الوضع الليبي بالمختلف قائلاً «رد فعل النظام العسكري والشديد على الاحتجاجات أدى إلى عسكرة المحتجين، فنحن نتحدث الآن في ليبيا عن ثوار وليس محتجين». وليعود إلى الملف السوري الساخن مرة أخرى محاولا المقارنة بين النظامين بالقول «ربما يتخذ النظام في سوريا نفس الإستراتيجية محاولا تشكيل صورة ضبابية للموقف، حتى لا يميز المرء بين المثقف والمعارض ورجل العصابة. ويبقى السؤال هل ستكون حركة الاحتجاجات مطبوعة بصورة المثقف المطالب بالتغيير السلمي، أم تطغى صورة العصابات العنيفة على حركة التغيير. هذا ما يشغل المجتمع السوري ويخشى الوصول إليه».
«الإسلامي الفزاعة» هتف مئات المتظاهرين في مدينة بانياس «لا اخوانجية ولا سلفية.. إحنا طلاب حرية.» في محاولة منهم للتعبير عن هوية المظاهرات المطالبة بالديمقراطية والتغيير وحرق ورقة السلفيين والإسلاميين التي يستخدمها النظام، الذي يتهم جماعات إسلامية مسلحة تعمل انطلاقا من بانياس «وتنشر الإرهاب» في سوريا. حول ذلك يقول الناشط الحقوقي السوري غياث نعيسي من باريس واصفا الهدف من محاولة النظام هذه بالقول «الهدف هو شق الصفوف وإثارة الخوف والقلق عند المواطنين السوريين العاديين، الذين يمتلك جزء كبير منهم توجها علمانيا يساريا مثلا. تخويف المجتمع من إمارات طالبانية، حسب وصف النظام. هذا سخف». لكنه لا ينفي رغم ذلك وجود هذه الحركات السلفية والجهادية، إلا انه يقول، إنها معزولة وضعيفة وقد تحاول أن تركب الموجة الآن. ويحاول الناشط الحقوقي السوري نقل مسؤولية ظهور هذه الحركات إلى النظام قائلاً «هي حركات كانت موجودة تحت أنظار النظام وربما دعمت من النظام أيضا. فالنظام يتحمل مسؤولية هذا الأمر وليس المواطنين العزل، الذين يعبرون عن رأيهم بشكل سلمي ومطالبين بالعدالة والحرية. وهي مطالب لا علاقة لها بالقرضاوي أو الشيخ عرعور أو الجماعات السلفية التافهه». حسب وصف الناشط الحقوقي السوري. أما الخبير الألماني كارستن فيلاند فانه يشير إلى أن هذه هي الوصفة، التي غالبا ما تستخدمها الأنظمة الشبيهة بالنظام السوري قائلا :«هذا هو أسلوب متبع من الأنظمة العلمانية الدكتاتورية، أن تثير المخاوف مستخدمة شبح الحركات الإسلامية وراسمة صورة كاذبة: أما نحن، كنظام مستقر علماني. أو الإسلاميين مع فوضى وعنف»، مشيرا إلى أن الفزاعة قد فقدت تأثيرها اليوم.
«التأريخ يقول لا» «المجتمع السوري مجتمع إسلامي سني معتدل وواقعي، ومحاور بطبعه». هكذا يصف فيلاند المجتمع السوري، الأمر الذي يدفعه للاعتقاد بأنه من الصعب تصور، فيما لو نشأ نظام ديمقراطي حر في سوريا. أن تصل قوة إسلامية متطرفة إلى السلطة. ويضيف «التأريخ السوري نفسه لا يقبل بهذه الفرضية. حتى لو بدأت بعض الحركات الإسلامية السلفية خارج سوريا بالتحرك. فهناك عوامل مختلفة على الساحة السورية. ويبقى أن من يقوم بالتحرك هي طبقة معتدلة داخل سوريا وليس خارجها». ولكن من يحرك الرغبة بالعنف في الشارع السوري، هل هو النظام نفسه أم حركات إسلامية متطرفة وعصابات إجرامية؟ يقول غياث نعيسي، محملا النظام مسؤولية انفجار العنف في الشارع السوري ويضيف: «غياب الأمن والاستقرار سببه سلوك الأجهزة الأمنية وفضاضتها في التعامل مع المواطنين العزل. وهم أناس يطالبون بحقهم ويعبرون عن رأيهم كما هو منصوص عليه في الدستور السوري الذي يطالبون بتعديله. لن يركن الشعب السوري إلا بعد أن تكون هناك استجابة واضحة وحقيقية لمطالبه المشروعة.» أي الطريقين؟ ولكن كيف سيكون التغيير؟ أي سيناريو يمكن أن يتفق مع الوصفة السورية : نظام يستخدم العنف ضد شعبه، حسب قول الناشط السوري. ومجتمع مسالم محاور بطبيعته، مثلما يرى كارستن فيلاند؟ وللإجابة على هذا السؤال يرسم فيلاند صورتين ممكنتين للأحداث القادمة في سوريا. فالسيناريو الأول حسب رأيه دموي. ويقول «إذا ما سقط النظام في سوريا فلن يسقط بطريقة سلمية بل بدموية. لا توجد هناك رموز قيادية بديلة في سوريا. ولا يوجد أيضا دور للجيش مثلما هو الحال في مصر. هناك وحدات خاصة تقوم بحماية الرئيس مثل وحدات أخ الرئيس الأسد ماهر الأسد. الاحتمالية الأكبر أن يكون هناك سقوط عنيف ودموي للسلطة». هذه هي الصورة المعتمة الأولى التي يرسمها خبير الشأن السوري. أما الصورة الأكثر تفاؤلا، فيحاول رسمها ناقلاً لوناً آخر من التاريخ السوري، لم يعتده جيل الشباب هناك. ويبدأ فيلاند رسم صورته بفرضية نقل سلمي للسلطة ويقول «لو تحقق ذلك، فانه أمر ليس بالغريب على سوريا، ففي الخمسينات والستينات كانت هناك تجارب ديمقراطية في سوريا». ثم يعرج على الحاضر لتبدأ الصورة بفقدان الضوء شيئا فشيئاً، حيث يقول إن نقل سلميا شفافا للسلطة، يكون الأسد طرفا فيه، كان مطلب الحركات المعارضة منذ العام 2002 . عندما طالبت هذه المعارضة أن يكون الأسد جزءا من الحل لا سببا في المشكلة. ويضيف كارستن فيلاند: «كانت هذه فرصة ثمينة لبشار الأسد، لكنه ضيعها على نفسه. كان من الممكن أن تشهد سوريا تغييراً تدريجياً للسلطة عن طريق حوار مع معارضة مدنية علمانية معتدلة. أما الآن فهو يواجه جماهير غاضبة مطالبة بالتغيير. يحاول أن يصفها بالإجرامية. ويحاول القضاء عليها بالقوة».