تقارب مغربي جزائري يبشر بعودة الدفء إلى العلاقات وفتح الحدود البرية في الأيام المقبلة زيارات متعددة قام بها مسؤولون مغاربة إلى الجزائر وتصريحات بقرب تذويب جليد الخلافات، ومشاركة متميزة للجزائر في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، والمقابلة المصيرية بين المنتخبين الجزائري والمغربي، ومبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربي اتجاه المغرب، وإعلان المغرب تشبثه باتحاد المغرب العربي كخيار استراتيجي، واللقاء غير الرسمي حول الصحراء المرتقب بداية الشهر المقبل، كلها عوامل ساعدت على التقارب بين الجارين الشقيقين. وبدأت تلوح في الأفق منذ نحو شهرين بوادر عودة الدفء إلى العلاقات بين المغرب والجزائر، وبدأت مشاورات سرية بين الجارين لإعادة فتح الحدود البرية المغلقة منذ حوالي 17 سنة. وذهبت الصحف الجزائرية في تفاؤلها إلى حد التبشير بقرب عقد قمة مغربية جزائرية في الأسابيع القليلة المقبلة، ستضع حدا لحالة الجفاء بين الجارين امتدت منذ 1994. وبدأت بوادر الانفراج في العلاقات بين البلدين، من خلال إعلان رئيس الدبلوماسية الجزائرية عن مبادرات سياسية يجري التحضير لها في أفق فتح الحدود البرية، ثم تلتها زيارة العمل التي قامت بها وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة إلى الجزائر، أمينة بنخضراء، وتوقيع برتوكول تعاون بين البلدين في مجال الطاقة. وتعزز هذا التقارب خلال المشاركة النوعية للجزائر في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس في دورة هذه السنة. وبينما لم يصدر أي رد فعل من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون حول ترتيبات لعقد لقاء بين رئيسي دبلوماسية البلدين، والذي ستكون من بين نقط جدول أعماله فتح الحدود بينهما، أكدت مصادر مطلعة أن استعدادات تجري للقاء مرتقب بين الطيب الفاسي الفهري ومراد مدلسي في مقبل الأيام، دون تحديد موعد ذلك. وأشارت ذات المصادر إلى أن موقف المغرب من دعوة دول مجلس التعاون الخليجي للانضمام إليها، كان له تأثير سحري على الجزائر. وكان الطيب الفاسي الفهري قد صرح غداة دعوة انضمام المغرب لمجلس التعاون لدول الخليج العربي أن المغرب متشبث باتحاد المغرب العربي كخيار استراتيجي. وتأتي هذه التحركات قبل أيام قليلة فقط عن موعد الجولة السابعة من المفاوضات غير الرسمية حول الصحراء بنيويورك تحت إشراف الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس، وهو الاجتماع الذي ستحضره الجزائر، تمهيدا للجولة المقبلة من المفوضات الرسمية. واستقبلت الجزائر دعوة دول مجلس التعاون الخليجي المغرب للانضمام إليه، بكثير من القلق، حيث اعتبر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في اجتماع عاجل غداة المبادرة الخليجية بقصر المرادية، قرار قيادة المجلس بأنه غير واقعي، ومبادرة غير ودية منتقدة المملكة العربية السعودية بأنها وراء تلك المبادرة. وهو ما دعا قادة الجزائر لطلب توضيحات من دولة قطر، حليفها الاسترتيجي في المنطقة. ونقلت وسائل إعلام جزائرية الأسبوع الماضي أن أمير دولة قطر أبلغ الجزائر أن بلاده سعت بكل الوسائل الممكنة إلى عدم اتخاذ مثل هذه المبادرة، غير أن المملكة العربية السعودية، على حسب ما نقلته الصحف الجزائرية، غداة زيارة حمد بن جاسم آل ثاني إلى الجزائر، دافعت بقوة عن المبادرة واعتبرتها «قضية كرامة» بالنسبة إليها. وبدت الصورة أكثر وضوحا لدى قادة الجزائر، بأن تحالفات المغرب لم تعد تقتصر فقط على حلفائه التاريخيين، فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدةالأمريكية، بل تمتد إلى معظم دول الخليج العربي. ونقل مصدر إعلامي جزائري على لسان أحد قادة الجيش المتقاعدين قوله «إن المملكة المغربية تتوفر الآن على عمق استراتيجي متفرد في العالم العربي، فبالإضافة إلى تجدرها في إفريقيا الناطقة بالفرنسية، ها هي الآن تنفتح على واحدة من التكتلات الأكثر انغلاقا في العالم». وهو ما دفع الجزائر إلى اتخاذ قرار تسريع التقارب مع المغرب. وبينما بشرت بعض الصحف الجزائرية بكثير من التفاؤل عن قرب لقاء على مستوى القمة بين قائدي البلدين، يجري التحضير للقاء بين وزيري الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، الطيب الفاسي الفهري، ونظيره الجزائري، مراد مدلسي. وتجرى الترتيبات في الأيام الأخيرة لفتح الحدود مؤقتا بين البلدين، بمناسبة المقابلة المصيرية التي ستجمع يوم 4 يونيو المنتخبين الجزائري والمغربي برسم تصفيات كأس إفريقيا والتي سيحتضنها الملعب الجديد بمدينة مراكش لاستقبال المشجعين الجزائريين الذين سينتقلون إلى المغرب لمؤازرة فريقهم في نزاله الكروي مع المنتخب المغربي. ويعود تاريخ إغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر إلى سنة 1994، غداة التفجيرات التي استهدفت فندق «أطلس آسني» بمراكش، والتي تورطت فيها عناصر جزائرية. ورغم محاولات التقارب بين البلدين إلا أن مشكل فتح الحدود بين الجارين ظل دائما يصطدم بتعنت الجزائر، رغم قرار جلالة الملك بإعلان فتح الحدود من طرف واحد، حيث رفضت الجزائر منذ آنذاك التجاوب مع القرار المغربي.