يزخر طريق الفلسطينيين نحو الوحدة بالعقبات التي أحبطت جهودا سابقة للمصالحة بين حركتي فتح وحماس وقد تحبطها مجددا. وتتوقف مسألة ما إذا كانت الجماعتان تستطيعان التغلب على التحديات هذه المرة على الأرجح على مسار الاضطرابات السياسية التي تجتاح المنطقة والتي أوصلتهما إلى هذه المرحلة مما أدى إلى ما وصفه أحد المحللين بأنه اتفاق أبرم بدافع «الحاجة لا القناعة». وكون الاتفاق الذي وقع في القاهرة يوم الأربعاء الماضي جبهة موحدة فيما يسعى الفلسطينيون إلى اعتراف الأممالمتحدة بدولة مستقلة لهم في سبتمبر. لكنه لا يقدم حلولا واضحة لبعض أصعب المشاكل التي تواجهها فتح وحماس. وتمخض صراعهما عن ظهور إدارتين إحداهما تحكم قطاع غزة والأخرى تحكم الضفة الغربية. ولا تبشر البوادر الأولى بالخير. فحركة حماس تقول إن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية التي قمعت نشطاءها في الضفة الغربية اعتقلت ستة متعاطفين معها منذ التقى خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في مصر. وتعتبر إدارة الأمن في الضفة الغربية وقطاع غزة أحد الموضوعات المحتمل أن تثير خلافات في «التفاهمات» التي تم التوصل إليها بوساطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير مصر حاليا والذي تسلم السلطة من الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير. ولن يدرج الأمن على جدول أعمال حكومة التكنوقراط الجديدة المتصورة في الاتفاق. وستكون مهمتها الأساسية إعادة إعمار غزة وإجراء انتخابات في غضون عام. وفي الوقت الحالي يبدو أن الجانبين وضعا جانبا مسألة كيفية توحيد قوات الأمن الداخلي التابعة لإدارتين متنافستين. وهذا يعني استمرار الأمر الواقع مما سيؤدي إلى مواصلة حماس السيطرة على قطاع غزة. يقول المعلق السياسي الفلسطيني هاني المصري المرتبط بجهود المصالحة عن كثب انه ستكون هناك حكومة تحكم وضعين مختلفين وان هذا الموقف الذي يشبه اللغم سيعني أن تتعامل الحكومة الجديدة مع الانقسام لا أن تنهيه. واتفق الجانبان على إنشاء لجنة أمنية عليا غير أن تفاهمات القاهرة لا تحدد مهامها. واستطاعت السلطة الفلسطينية بمساعدة حلفائها الغربيين بناء قوات أمن جديدة مدربة على حفظ القانون والنظام في مدن الضفة الغربية والحيلولة دون تكرار ما حدث في غزة عام 2007 حين اقتنصت حركة حماس السيطرة على القطاع. وطورت حماس بدورها قوات أمن تابعة لها في غزة مع الاحتفاظ بجناحها العسكري المكرس للصراع المسلح مع إسرائيل وهو هدف يعارضه عباس الذي يحبذ التفاوض لا القتال. ولا يشير اتفاق القاهرة كيف سيعقد الجانبان مصالحة بشأن الاختلاف الأساسي في المنهج تجاه إسرائيل والذي هو في قلب انقسامهما غير أن المصري قال إن الاتفاق يشير إلى أن حماس قررت وقف إطلاق النار في الوقت الحالي. ومن النقاط غير الواضحة في التفاهمات أيضا دور كيان القيادة الفلسطينية الجديد الذي يهدف إلى إدارة الأمور لحين إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وهي قضية أخرى أحبطت محاولات التوصل إلى الوحدة لفترة طويلة. وتنضوي تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية عدة فصائل ويقودها عباس وقد قادت المفاوضات مع إسرائيل على مدى العقدين الماضيين. وحماس ليست عضوا فيها. ويتحدث اتفاق القاهرة عن كيان مؤقت للقيادة لا يمكن وقف قراراته. وستكون حماس جزءا منه لكن صلاحياته لم تتضح بعد. وقد يستغرق اتفاق الجانبين على تشكيلة الحكومة الجديدة عدة أشهر. وينص الاتفاق على أن تكون حكومة تكنوقراط من المستقلين. ويأمل الفلسطينيون من خلال إبعاد حماس عن الحكومة وإبعادها عن السياسة تفادي تكرار المقاطعة الغربية التي واجهتها السلطة الفلسطينية حين فازت حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006 . وربما لا يكون الأمر بهذه البساطة. فقد قال مانحون غربيون من بينهم الولاياتالمتحدة إن على الحكومة الجديدة الالتزام بشروط منها الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف.. وهما شرطان ترفضهما حماس. واتخذت إسرائيل التي وصفت اتفاق المصالحة بأنه ضربة للسلام إجراءات بالفعل فجمدت تحويل عائدات الضرائب التي تجمعها بالنيابة عن السلطة الفلسطينية. وقال باسم زبيدي المعلق السياسي الفلسطيني إن «العقبات الخارجية» التي تضعها إسرائيل أو المانحون قد تمثل تحديا كبيرا آخر لاتفاق الوحدة. وأضاف أن التوصل إلى اتفاق حقيقي بشأن القضايا التي تقع في قلب الانقسام ومن بينها تبني جدول أعمال سياسي مشترك سيستغرق سنوات. ومضى يقول إن هذه الأمور كبيرة وشديدة التعقيد ولن تتم بين عشية وضحايا. وقال إن من الممكن أن يبدأ الجانبان بخطوات صغيرة مثل تشكيل الحكومة وإجراء انتخابات.