خطوة تاريخية وهامة تلك التي خطتها حركتا «فتح» و «حماس» أول أمس الأربعاء بتوصلهما إلى اتفاق مصالحة يعبد الطريق أمام توقيع اتفاقية وفاق وطني تضم كافة الفصائل الفلسطينية و تشكيل حكومة انتقالية تمهيدا لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية طال انتظارهما. وتكمن أهمية الاتفاق الذي قد يتم التوقيع عليه يوم الأربعاء القادم بالقاهرة, في كونه تم تحت إشراف السلطة الجديدة بمصر, وهو ما يشكل نصرا قوميا للحكومة المصرية الجديدة وعودة فعلية لها إلى الاصطفاف جنب طموحات الشعوب العربية في الوحدة و درء الانقسام. وفي هذا الصدد ينتظر أن تقوم الحكومة المصرية بتدابير في الاسبوع المقبل تهدف للإسهام في رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني في غزة كما صرح بذلك نبيل العربي وزير خارجية مصر من دون ان يكشف طبيعة هذه الاجراءات التي يرجح انها تتعلق بفتح معبر رفح على الحدود بين مصر والقطاع وهو المنفذ الوحيد لقطاع غزة الى العالم الخارجي والذي لا تتحكم فيه اسرائيل اعداد: خليل جبران اعلنت حركتا فتح وحماس أول أمس الاربعاء انهما توصلتا الى اتفاق شامل للمصالحة يقضي بتشكيل حكومة انتقالية تتولى الإعداد لانتخابات رئاسية وتشريعية في غضون عام على الاكثر فيما أعلنت القاهرة ان كافة الفصائل الفلسطينية ستدعى لتوقيع «اتفاقية الوفاق الوطني خلال الايام القليلة المقبلة». وصرح نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى ابو مرزوق في مؤتمر صحافي مساء الاربعاء ان الفصائل الفلسطينية ستوقع اتفاق المصالحة الاربعاء المقبل في القاهرة. وقال ان المشاورات لتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة التي تم الاتفاق عليها ستبدأ «بعد ان تأتي الفصائل وتوقع (الاتفاق) يوم الاربعاء المقبل». واوضح القيادي في حماس عزت الرشق لفرانس برس ان التوقيع سيتم بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل. وفور الإعلان عن هذا الاتفاق، صرح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس يجب ان «يختار بين السلام مع اسرائيل والسلام مع حماس».وردت الرئاسة الفلسطينية مؤكدة ان على نتانياهو ان «يختار بين السلام والاستيطان». وفيما اكد البيت الابيض الاربعاء ان اي حكومة وحدة فلسطينية مقبلة ينبغي ان «توافق على مبادىء اللجنة الرباعية الدولية وان تنبذ العنف وتحترم الاتفاقات المعقودة في الماضي وتعترف بحق اسرائيل في الوجود»، اعتبر ابو مرزوق ان «الرباعية اندثرت هي وشروطها ولم نأت على ذكرها في الاتفاق». من جهته، اعرب رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف سلام فياض في بيان عن أمله «في أن يشكل هذا الاتفاق خطوة أساسية وهامة للشروع الفوري في إعادة الوحدة للوطن، التي طالما اعتبرناها خطوة ضرورية لتمكين شعبنا من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كامل أرضنا المحتلة منذ عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف». بدوره قال اسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس في بيان انه « تلقى اليوم اتصالا من فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر محمد بديع هنأه بتوقيع الاتفاق بين حركتي حماس وفتح في القاهرة». وثمن هنية «الجهود المصرية من أجل تحقيق المصالحة واستعادة الوحدة وإنهاء الحصار». اما احمد بحر النائب الاول لرئيس المجلس التشريعي في حكومة حماس فاعتبر ان توقيع الاتفاق «حدث تاريخي في حياة ومسيرة شعبنا، ويؤشر إلى مرحلة جديدة من الوحدة والوفاق والعمل الوطني المشترك». وكانت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية نقلت عن بيان مصري رسمي بعد ظهر أمس الأول ان لقاء بين حركتي فتح وحماس أسفر عن «تفاهمات كاملة حول كافة النقاط محل البحث بما فى ذلك تشكيل حكومة انتقالية ذات مهام محددة وتحديد موعد الإنتخابات». واضاف البيان ان هذه التفاهمات «تتيح الفرصة أمام مصر للدعوة لعقد لقاء شامل يضم كافة التنظيمات والقوى والفصائل الفلسطينية للتوقيع على اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني في القاهرة خلال الأيام القليلة القادمة». وكان وفد من حركة فتح يضم رئيس كتلتها في المجلس التشريعي الفلسطيني عزام الاحمد وعضو لجنتها المركزية صخر بسيسو وآخر من حركة حماس ترأسه نائب رئيس مكتبها السياسي موسى ابو مرزوق التقيا في حضور رئيس المخابرات المصرية اللواء مراد موافي لمدة خمس ساعات تقريبا قبل الإعلان عن هذا الاتفاق. وصرح عزام الاحمد لفرانس برس انه قام بتوقيع الاتفاق عن حركة فتح بينما وقعه ابو مرزوق عن حماس موضحا انه «يتضمن ورقة المصالحة المصرية (التي سبق ان وقعتها فتح في اكتوبر الماضي) اضافة الى وثيقة تفاهمات حول الملاحظات التي ابديت (من جانب حماس) على الورقة المصرية والاتفاق على تشكيل حكومة من شخصيات مهنية». وشدد على ان الاتفاق يقضي «باجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال سنة بحد اقصى» وبتشكيل «حكومة من شخصيات وطنية مهنية». من جهته، قال القيادي في حماس محمود الزهار في تصريحات صحافية انه «تم التوقيع على الورقة المصرية والملحقات التي صارت جزءا منها». واوضح انه تم «الاتفاق على تشكيل حكومة من شخصيات وطنية يتم التوافق عليها». وكشف انه تمت تسوية النقاط الخمس التي كانت محل خلاف بين الحركتين وهي المتعلقة بالانتخابات والإشراف عليها وتوقيتها وتشكيلة الحكومة ومهامها وطريقة تشكيل اللجنة الأمنية العليا. وأوضح انه تم الاتفاق على «تشكيل لجنة انتخابات حسب التوافق الفلسطيني وتم الاتفاق على أن تقوم الفصائل الفلسطينية بترشيح ما لا يزيد عن 12 من القضاة لعضوية محكمة الانتخابات». وتابع ان الاتفاق يشمل «اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني بشكل متزامن في مدة اقصاها عام واحد» مضيفا انه تمت تسوية النقطة الخلافية المتعلقة ب»اللجنة الأمنية العليا التي اتفق على تأليفها من ضباط مهنيين بالتوافق». وأكد أن الحكومة ستتشكل من «كفاءات وطنية وستكون مهمتها التهيئة للانتخابات كما تم الاتفاق على تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني». وسئل عزام الاحمد في المؤتمر الصحافي المشترك مع ابو مرزوق عن ضمانات تنفيذ هذا الاتفاق فقال ان الجامعة العربية ستشرف على تنفيذه وهذه ضمانة ولكن الاساس هو إرادتنا». وشدد على ان اسرائيل «استخدمت ورقة الانقسام الفلسطيني للتهرب من التزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني بموجب القرارات الدولية وكذلك استخدمته الولاياتالمتحدة للتهرب من مسؤولياتها». وقال ان هذا الاتفاق هو «تلبية لمطالب الشباب الفلسطيني الذي خرج يهتف +الشعب يريد انهاء الانقسام+ و+الشعب يريد انهاء الاحتلال+». واكد ابو مرزوق ان «الاجواء الجديدة في الدول العربية كان لها بلا شك اثر على كل التحركات السياسية في المنطقة» في اشارة الى الانتفاضات الشعبية المطالبة بالديموقراطية والتي ادت حتى الان الى الاطاحة بالرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك. وكان وزير الخارجية المصري نبيل العربي صرح في مقابلة نشرتها صحيفة الشروق المستقلة صباح الاربعاء انه يعتزم «القيام بزيارة قريبة الى رام الله للدفع بجهود تحقيق المصالحة الفلسطينية» واشار الى انه تلقى «تأكيدات وتعهدات من السلطة الفلسطينية للتعاون نحو دفع المصالحة الفلسطينية». واكد العربي ان «الانقسام الفلسطيني لا يمكن ان يستمر بينما العمل جار لضمان الاعتراف بالدولة الفلسطينية». واضاف ان الدبلوماسية المصرية تسعى الان لحشد التأييد لعقد «مؤتمر دولي تحت مظلة الاممالمتحدة وربما برعاية اميركية» يتم خلاله التوصل الى اتفاق لانهاء النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي من دون العودة الى صيغة المفاوضات الثنائية «التي ولدت ميته»، وفق تعبيره. كما اكد العربي ان القاهرة «ربما تتخذ الاسبوع المقبل بعض الخطوات التي تهدف للاسهام في رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني في غزة» من دون ان يكشف طبيعة هذه الاجراءات التي يرجح انها تتعلق بفتح معبر رفح على الحدود بين مصر والقطاع وهو المنفذ الوحيد لقطاع غزة الى العالم الخارجي والذي لا تتحكم فيه اسرائيل. وشدد على ان مصر «لا يمكن ان تتجاهل المعاناة غير الانسانية» في غزة «ليس فقط لانها تحترم مسؤولياتها المقررة بمقتضى القانون الدولي ولكن أيضا لانها لا يمكن ان تتخلى عن مسؤولياتها ازاء الشعب الفلسطيني الشقيق وقد خلق هذا الاتفاق الفلسطيني عدة ردود فعل غاضبة في إسرائيل حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن على السلطة الفلسطينية أن تختار إما السلام مع إسرائيل أو السلام مع حماس. و في بيان أصدره بعد الإعلان عن الاتفاق على تشكيل حكومة فلسطينية انتقالية, قال نتانياهو أن عباس لا يمكنه أن يأمل في إبرام اتفاق للسلام مع إسرائيل إذا مضى قدما في اتفاق المصالحة مع حركة حماس. وجاء في بيان رئيس الوزراء أن إسرائيل لا يمكن أن تقبل حماس شريكا في المفاوضات لأنها تسعى لتدمير إسرائيل و تطلق صواريخ على مدنها و أطفالها بحسب تعبيره. ورأى نتانياهو في الإعلان المفاجئ عن اتفاق المصالحة الفلسطينية دليلا على ضعف السلطة الفلسطينية و يدفع إلى التساؤل عما إذا كانت حماس ستسيطر على الضفة الغربية مثلما فعلت في قطاع غزة على حد قوله. ومن جهته قال وزير الخارجية افيغدور ليبرمان لاذاعة الجيش الاسرائيلي «تم مع هذا الاتفاق تخطي خط احمر(..) نملك ترسانة كبيرة من الاجراءات مثل الغاء وضع الشخصية الهامة لابو مازن (محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية) وسلام فياض (رئيس الوزراء الفلسطيني) مما سيمنعهما من التحرك بحرية» في الضفة الغربية. واضاف «يمكننا ايضا تجميد تحويل الضرائب المقتطعة في إسرائيل لحساب السلطة الفلسطينية». وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو اكد مجددا الليلة قبل الماضية ان على الرئيس الفلسطيني محمود عباس «ان يختار بين السلام مع اسرائيل والسلام مع حماس» التي تسيطر على قطاع غزة. وبحسب ليبرمان، فإن هذا الاتفاق سيترجم عبر «الافراج عن المئات من إرهابيي حماس المعتقلين لدى السلطة الفلسطينية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)». كما اعتبر ليبرمان ان الانتخابات المقررة العام المقبل بموجب الاتفاق ستسمح لحماس «بالسيطرة» على الضفة الغربية. واضاف «نأمل ان يحافظ المجتمع الدولي برمته على الشروط التي حددتها اللجنة الرباعية -الولاياتالمتحدة، الاتحاد الاوروبي، روسياوالاممالمتحدة- للفلسطينيين وهي وقف اعمال العنف والاعتراف باسرائيل وبالاتفاقات المبرمة في الماضي في وقت ترفض حماس ايا من هذه الشروط.». وأكد وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك من جهته ان «الاحداث الاخيرة تقوي الحاجة الى الاعتماد حصرا على انفسنا». وقال «الجيش والاجهزة الامنية ستتعامل بقبضة حديدية لمواجهة اي تهديد او تحد.» في المقابل، دعا حاييم رامون احد قادة حزب كاديما الوسطي المعارض رئيس الوزراء الاسرائيلي الى تقديم خطة للسلام. وقال «ان حال المراوحة يشكل كارثة علينا جميعا من وجهة نظر سياسية وامنية، ان لم تطلق اسرائيل مبادرة سياسية فإن اللجنة الرباعية ستعترف في نهاية المطاف بحماس». واضاف رامون «على اسرائيل ان تعلن انها ستغادر الاراضي -الفلسطينية- الا انها ستحافظ على مجمعات المستوطنات - في الضفة الغربية - مع تبادل للاراضي كتعويض. ان تقديم مبادرة سيبعد خطر عزلة دولية» عن اسرائيل.