الرباط احتضنت «المكتبة الوطنية» في الرباط أخيراً، استعادةً لأعمال الطوبوغرافي الفرنسي تيوفيل جان دولاي (1970-1896). المعرض من «تنظيم السفارة الفرنسية»، و»جمعيّة أصدقاء تيوفيل جان دولاي»، ويحتفي بذاك الضابط الفرنسي الذي تحوّل إلى أبرز جغرافي في تاريخ المغرب. جاب دولاي منذ عام 1924، العديد من المناطق المغربيّة، بهدف رسم خارطة للبلد. كانت تلك الجولات وراء إنتاج فني غزير في مجال الرسم والتشكيل. يُبرز المعرض تلك الغزارة في رسم حال الحياة المغربية اليومية، بين المساجد، والواحات، وفضاءات أخرى. زار دولاي المغرب بصفته ملازماً أول، لكنّه سرعان ما تحول إلى جغرافي بارز. كأحد أنشط الأعضاء في جمعية الجغرافيين المغاربة، أسهم في تأسيس «مجلة الجغرافيا المغربيّة» قبل أن يصبح رئيس تحريرها. ومنذ مطلع ثلاثينات القرن الماضي، بدأ ينشر رسومه في كتب فنية. ويضم سجله أيضاً العديد من اللوحات التي خلّدت عبوره في بلاد المغرب، والعديد من هندسات القلاع التي عرضتها «المكتبة الوطنيّة». قبل دولاي، كانت العديد من المناطق المغربية لا تزال من دون تخطيط طوبوغرافي، بسبب وعورتها. وكان دولاي أحد رواد رسم الخرائط، من خلال التصوير من الجو. هكذا، بدأ عمله من جبال الريف، وأنجز أول خريطة عام 1925، وحالما حلّت سنة 1930، أصبح للمغرب خارطة شبه متكاملة بفضله. لم يكتف تيوفيل جان دولاي بالتقاط الصور فقط، بل أسهم أيضاً عبر «مجلة الجغرافيا المغربية»، وخصوصاً زاويته «خارطة المغرب»، في تكوين تصور خرائطي مهم للبلاد. كرّس دولاي جهده وعمله للمناطق الجبلية، والمجالات السياحية، والعمليات الاستعمارية. وفي ثنايا هذه الاهتمامات والتخصّصات، كان شديد الاهتمام بتاريخ المغرب ومستقبله تحت الهيمنة الفرنسية. ويظهر ذلك على نحو واضح في نصوص رحلاته في جنوب المغرب، حيث يشرك قرّاءه في بعض أزمنة المغرب المجهولة والخطيرة. خلّف تيوفيل جان دولاي العديد من الرسوم الفنية، التي تظهر العادات المحليّة، والقرى والمساجد والأبواب والأسوار والجبال، حيث قضى أوقاتاً ممتعة، وهو يتزحلق على ثلوجها... لا شك في أنّ أعماله حُقّقت أساساً في خدمة المستعمر، لكن علينا الاعتراف أيضاً بأنّها مثّلت، بالنسبة إلى المغرب والعالم، إنجازاً معرفياً كبيراً.