في تطور مفاجئ يعود الملف النقابي لكتاب الضبط إلى الواجهة، بحيث أعلنت النقابة الديمقراطية للعدل العضو بالفيدرالية الديمقراطية للشغل عن خوض إضراب وطني جديد لمدة 72 ساعة، ابتداء من يوم غد الثلاثاء وإلى غاية يوم الخميس القادم، مع تنظيم وقفات احتجاجية بالمحاكم في اليوم الأول من الإضراب، وذلك كرد على ما اعتبروه إقدام الحكومة على خرق اتفاق 14 فبراير المبرم بين الطرفين، والذي شكل التوقيع عليه حينها مخرجا من المأزق الخطير الذي كان قد وصل إليه قطاع العدل نتيجة الإضرابات المتتالية التي خاضها على مدى تسعة أشهر موظفو كتاب الضبط بمختلف محاكم المملكة. وربط المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل اتخاذه لهذا القرار التصعيدي، بمبرر عدم احترام الحكومة للالتزامات التي أخذتها على عاتقها من خلال ما جاء به اتفاق 14 فبراير الموقع بين الطرفين، إذ لم تباشر تعديل المادة الأولى من المرسوم 403 الخاص بالترقية، كما لم تقم بفتح قنوات الحوار حول مضامين النظام الأساسي مع القطاعات الوزارية المعنية. وأوضح عبد الصادق السعيدي الكاتب العام للنقابة الديمقراطية للعدل في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، أن تشبث النقابة بخوض إضراب وطني يأتي نتيجة عدم احترام الحكومة لاتفاق 14 فبراير، إذ أن هذا الاتفاق بالذات ينقسم إلى محورين: الأول يهم المادة الرابعة من النظام الأساسي للوظيفة العمومية، والثاني يتعلق بالمادة الأولى من المرسوم 403 الخاص بالترقية، وهذا الأخير كما تشير إلى ذلك الجدولة الزمنية لتنفيذ الاتفاق، والتي حدد لها نهاية شهر فبراير الماضي، لم يطله أي تعديل». وردا على سؤال لبيان اليوم، بخصوص عدم تراجع النقابة عن خوض الإضراب بالرغم من مصادقة المجلس الوزاري المنعقد يوم الجمعة الماضي على تعديل المادة الرابعة من النظام الأساسي للوظيفة العمومية بما يمنح كتابة الضبط نظاما أساسيا خاصا، وإمكانية اعتبار هذه المصادقة بأنها تندرج في إطار تفعيل مضامين اتفاق 14 فبراير سالف الذكر، أكد السعيدي «بكون هذا التعديل يخص جزءً من الاتفاق وليس مجموع نقط الاتفاق، الأمر الذي يبرر تشبث النقابة بقرار الإضراب». هذا وأوضحت النقابة في بلاغ عممته زوال يوم الجمعة الماضي على وسائل الإعلام، أنها تعتبر نفسها في حل من مقتضيات الاتفاق سالف الذكر، وأن هذا القرار تم اتخاذه خلال انعقاد اجتماع لمجلسها الوطني بتاريخ 31 مارس بالرباط، والذي كان قد خصص للوقوف على مستجدات الوضع القطاعي وآفاق العمل النضالي والتنظيمي للنقابة وذلك في سياق المطالبة بضرورة تحسين أوضاع العاملين بالقطاع، كما تم خلاله الوقوف مليا عند تطورات الوضع الوطني وآفاق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي التي من شأنها إنجاح ورش الإصلاح السياسي والدستوري الذي أعلنه جلالة الملك في خطابه ل 09 مارس 2011. ودعت النقابة في هذا الصدد إلى الاستجابة لمطالب شغيلة قطاع العدل، العادلة والمشروعة، وذلك بالإخراج الفوري لنص القانون الأساسي لهيئة كتابة الضبط وفق الصيغة المتوافق عليها، وإقرار ترقية استثنائية لكل العاملين بالقطاع المستوفين للشروط النظامية للترقي، وكذا إقرار تدابير قانونية فورية لتمكين التقنيين من حقهم في الإدماج وتعويضات النظام الأساسي والوفاء بالاتفاقات المبرمة في هذا السياق بدل البحث عن حلول ترقيعية هجينة وخارج القانون لتأجيل الأزمة، يشير البلاغ. ويلاحظ أن الحركة الاحتجاجية الجديدة تطبعها سمة التصعيد بشكل واضح، الأمر الذي يبرز توتر العلاقات بين الجانبين، إذ وصل الأمر بالنقابة إلى حد اتخاذ قرار آخر يقضي بتنظيم وقفة احتجاجية وطنية «لمناهضة الفساد والمفسدين بقطاع العدل» يوم الجمعة 22 أبريل الجاري، وذلك احتجاجا على ما اعتبرته استمرارا لانتشار مظاهر الفساد المزمن بوزارة العدل، من مثل التمديد لمسؤولين بلغوا سن التقاعد، أو إبقاء البعض منهم في نفس المنصب لمدة فاقت العشرين سنة، والإعفاء المزاجي لبعض القضاة أو توريث منصب القضاء لأسر بعينها، هذا فضلا عن عقد جمعيات عمومية خارج إطارها الزمني المفترض لإقرار هيآت على المقاس. هذا وحاولت الجريدة الاتصال بمسؤولي وزارة العدل عدة مرات لاستيضاح رد الحكومة حول حالة الشد والجذب الجديدة والمفاجئة والتي تطبع علاقتها مع النقابة الديمقراطية للعدل، والتي تأتي عقب حلول موعد تفعيل مضامين اتفاق 14 فبراير المبرم بين الطرفين، لكننا لم نتمكن من ذلك، بسبب «الانزعاج الشديد الذي أبداه الوزير محمد الطيب الناصري حين سماعه بخبر دخول النقابة في حركة احتجاجية جديدة»، حسبما أكده لنا مصدر من داخل الوزارة.