جمعية هيئات المحامين بالمغرب تدخل على الخط كوسيط لإيجاد مخرج لحالة الاحتقان أكد وزير العدل محمد الناصري أن الوزارة استجابت لجميع مطالب النقابات الممثلة لموظفي كتابة الضبط، ولم يبق أدنى مبرر لخوض الحركة الاحتجاجية الجديدة التي دعت إليها إحدى التمثيليات النقابية، معتبرا استمرار حركة الإضرابات داخل القطاع بأنها تشكل خطرا لكونها تمس بالسير العادي لإحدى المؤسسات الدستورية في الدولة. وأوضح الناصري خلال ندوة صحفية صباح أول أمس الخميس بمقر وزارته «أن الحكومة تعاملت بإيجابية مع المطالب التي تقدمت بها التمثيليات النقابية لكتاب الضبط، وأنها استجابت لجميع تلك المطالب سواء فيما يخص تعديل المادة الرابعة من القانون الأساسي للوظيفة العمومية أو تعديل المادة الأولى من المرسوم 403 الخاص بالترقية، رغم أنها لم تكن في السابق مطروحة ضمن لائحة المطالب، هذا فضلا عن مباشرة الإجراءات لصرف التعويضات سواء تلك المستحقة للموظفين عن سنة 2010 أو تلك المتعلقة بالحساب الخاص..». وأضاف أن الوزارة أقرت بمشروعية مطالب هذه الفئة من الموظفين ودورها المحوري في قطاع معتبرا «أنهم أصحاب حق»، وأنه، بحكم مهنته السابقة كمحام، والتي مارسها على مدى ما يناهز خمسة عقود، يعرف بشكل دقيق العمل الذي يقوم به كتاب الضبط، والدور المحوري الذي يقومون به داخل القضاء، مشيرا إلى أنه يقوم بتنفيذ التعليمات الملكية التي تلقاها حينما أوكل إليه جلالة الملك مهمة وزارة العدل، والتي تخص العمل على تحسين أوضاع كتاب الضبط بل وإجراء الإصلاح الشمولي للمنظومة القضائية. وقال إن الوزارة «دافعت عن هذه الفئة بل وبذلت مجهودات جبارة من أجل الإسراع في إعداد مشروعي التعديلين وعرضتهما على الأمانة العامة للحكومة ثم وزارتي المالية وتحديث القطاعات العامة، وحصلت بناء على ذلك رغم انعكاساته المالية المهمة على موافقة وزارة المالية ثم الموافقة المبدئية للحكومة، حيث كان من نتائجه إقرار تعويضات مهمة لفائدة كتاب الضبط، حيث سيحصل موظفو أدنى سلم على أجر صافي محدد في مبلغ 3320.31 درهما، أما أعلى سلم فسيصل مبلغ الزيادة الشهرية إلى 2.916 درهما، ليصبح صافيه الشهري 16.640 درهما. وأشار أن هذا العرض الذي يشمل تحسنا ملموسا لوضعية كتاب الضبط، حيث أن الغلاف المالي البالغ 250 مليون درهم والذي خصصته وزارة المالية لوزارة العدل للزيادة في أجور الموظفين، يمثل 20 في المائة من الزيادة في الأجور الحالية، مستغربا رفض النقابة الديمقراطية للعدل نص الاتفاق وتشبثها بالإضراب، ووضعها شروطا من قبيل موافقة الحكومة دون مناقشة لنص التعديلات المتفق عليها بين وزارة العدل والنقابات والخاصة بالنظام الأساسي والتعويضات والمرسوم 403 الخاص بالترقية. واعتبر الوزير بأن وضع هذا الشرط غير مستساغ على اعتبار أنه لا يمكن طرح مشروع قانون أو تعديلات على أعضاء الحكومة ومطالبتهم بالمصادقة عليها دون إبداء أي رأي ، وكذا الأمر حين طرحها أمام المجلس الوزاري الذي يترأسه جلالة الملك . وأكد الوزير على خطورة الأوضاع التي وصل إليها سير قطاع القضاء نتيجة الإضرابات المتتالية التي يخوضها كتاب الضبط، مسجلا أن «الإضراب حق مشروع ولكن يجب أن لا يضر بحقوق الآخرين، ويصبح تعسفا، واستبعد تنفيذ إجراء الاقتطاع من أجور المضربين، «رأفة بأوضاعهم»، على حد تعبير المسؤول الحكومي . وقال الناصري أن هذه الإضرابات التي تمت خلال 2010 وبداية 2011 ترتب عنها ضياع مائة يوم عمل، وأن الإضراب أضر بمصالح المواطنين والمحامين وكتاب الضبط أنفسهم.. وهي مصالح متعلقة بصرف التعويضات والترقيات والتنقيلات، كما تسبب في تعطيل عمل النيابة العامة، وحدوث الاكتظاظ داخل السجون، ذلك أن كل يوم يضاف إلى عدد المعتقلين الاحتياطيين ما بين 30 إلى 50 معتقلا بسجن عكاشة مثلا. وعبر وزير العدل عن استغرابه من التشبث بالإضراب، علما أن الحكومة أبدت استعدادها للإسراع في تنفيذ مطالب فئة كتاب الضبط، ووضعت جدولة زمنية لذلك تنطلق مع بداية الدورة الربيعية لمجلس النواب، وبدا الوزير متحفظا بخصوص الإفصاح عن الدافع الحقيقي وراء رفض النقابة الديمقراطية للعدل المقربة من حزب الاتحاد الاشتراكي، وما إن كان الأمر يتعلق بأمور سياسية داخلية. هذا وفي تطور مفاجئ لحالة الشد والجذب التي يعرفها توقيع الاتفاق الخاص بمطالب كتاب الضبط بين وزارة العدل من جهة والنقابة الديمقراطية للعدل من جهة أخرى، أعلن صباح أول أمس الخميس بالرباط عن لجوء كلا الطرفين (الوزارة والنقابة) إلى جمعية هيئات المحامين بالمغرب طلبا للتوسط والتقريب بينهما لإيجاد مخرج للمأزق الخطير الذي وصلت إليه الأوضاع بقطاع العدل والذي ينذر بالكارثة. هذه الوساطة أعلن عنها النقيب عبد السلام البقيوي رئيس جمعية هيئات المحامين في ندوة صحفية نظمت من طرف أعضاء مكتب الجمعية لإطلاع الرأي العام على الأزمة المادية الخطيرة التي بات يعرفها قطاع المحاماة بالمغرب الذي يشغل أكثر من 10 آلاف مساعد ويضمن قوت 50 ألف أسرة على اعتبار أن عدة مكاتب وصلت إلى حافة الإفلاس نتيجة الإضرابات المتتالية على مدى تسعة أشهر والتي يخوضها موظفو كتاب الضبط بمختلف محاكم المملكة. وقال النقيب إن الجمعية توصلت بمراسلة من الوزارة لحضور اللقاءات المزمع عقدها بين هذه الأخيرة والنقابة، كما توصلت بخصوص نفس الموضوع بمراسلة من قبل النقابة، مبديا موافقة هيئات المحامين واستعدادهم للدخول وسيطا بين الطرفين. وأوضح المتحدث أن كل فئة لها الحق في الدفاع عن مصالحها لكن شرط ألا يضر ذلك بمصالح الآخرين؛ وأنه في ظل هذه الظرفية، يجب أن يتحمل كل طرف مسؤوليته فيما يشهده القطاع، مناشدا من جهة الحكومة بالإسراع بتنفيذ مطالب شغيلة العدل، والنقابات من جهة أخرى بتغليب لغة الحوار لوضع حد لحالة الاحتقان لأن الأمر يتعلق بقطاع جد حساس وبمصلحة الوطن. وحذر في ذات الوقت من مغبة استمرار هذه الأوضاع والتي يمكن أن تكون نتائجها وخيمة على المجتمع برمته، حيث أن جمعية هيئات المحامين بالمغرب قررت، في حالة عدم التوصل إلى اتفاق، تنظيم وقفة احتجاجية أمام مجلس النواب والخروج في مسيرات.