هدفنا هو إذكاء الحوار لأن الثقافة تحتاج إلى إعادة نظر مستمرة انعقد بالرباط، لقاء ثان حول السبل الكفيلة للنهوض بالثقافة المغربية، وبالمناسبة تستضيف بيان اليوم الناقد الدكتور محمد برادة، بصفته عضوا فاعلا ضمن اللجنة الداعية لهذا الحوار الوطني، لتقريبنا من بعض الهواجس والطموحات التي تسكنهم. * من بين المحاور الأساسية التي اقترحتم للنقاش ضمن اللقاء الأخير حول الثقافة المغربية، ما يتعلق بتمتين الحداثة الثقافية، كيف تمت معالجة هذه المسألة؟ - مسألة الحداثة الثقافية وتمتين جذورها في الحقل الثقافي، تتصل بمسألتين اثنتين: كيف نفهم الحداثة؟ هل هي وصفة جاهزة أم أنها أداة للنقد والمقارنة وتغليب أسئلة المستقبل على ميراث الماضي؟ أنا أختار المعنى الثاني وأفرق بين الحداثة والتحديث، وأستحضر القيم الأساسية التي انبنت عليها الحداثة، تاريخيا، في أوروبا والعالم، وهي قيم العقلانية والعلمانية وتمثيل المجتمع السياسي -أي الدولة- للمجتمع المدني. والمسألة الثانية هي أنه لا يمكن تحقيق الحداثة من دون تجسيدها في طريقة تنظيم المجتمع، على أساس من الصراع الديمقراطي الذي يتيح لقيم الحداثة أن تتجسد في مجموع مجالات المجتمع، وليس فقط في الثقافة أو الفن. من هنا يمكن أن نفهم الإجهاضات المتكررة لمشروع النهضة العربية منذ أواخر القرن التاسع عشر، لأنها ظلت دائما حداثة هشة تفتقر إلى التكامل عن الوضع الاعتباري للمنتج الثقافي. * ماهي في نظركم الشروط الأساسية التي ينبغي توفرها، لخلق مناخ ثقافي صحي؟ - المسألة الثقافية تتطلب شرطين أساسيين: دمقرطة الثقافة عن طريق ضمان حق التثقيف وتوفير وسائله ووسائطه؛ ثم الديمقراطية الثقافية التي تتمثل في توفير الشروط لكي ينتج المثقفون والمواطنون ثقافتهم المتفاعلة من أسئلة المجتمع حسب الفترات المختلفة. والمنتجون الثقافيون في حاجة إلى توفير الحد الأدنى من الشروط التي تتيح لإنتاجهم الوصول إلى الجمهور الواسع، وهذه خطوة ضرورية لتحقيق «استقلالية» الحقل الثقافي، أي أن تصبح العلاقة مباشرة بين المنتجين والمتلقين، ما يضمن للمبدع أن يتعيش من إنتاجه وأن يستغني عن وصاية ومساعدة الدولة وذوي المال، لكن قبل أن نصل إلى ذلك، لا مناص من أن توفر الدولة والمؤسسات، مساعدة للمنتجين الثقافيين. * ما هي تطلعاتكم حول الوضع الاعتباري للمنتج الثقافي؟ - هناك قضايا كثيرة تستحق التحليل والحوار، ولذلك أنا أرى أننا في حاجة ماسة إلى استمرارية الحوار بعمق، من دون أن نربطه بوسائل التنفيذ، لأن ذلك يعود إلى من سيتصدون إلى تطبيق برامج محددة في الزمان؛ بينما أسئلة الثقافة متجددة دوما ومتطلعة إلى المزيد من الاستيعاب والتحليل. * ماهي الخطوات القادمة التي ستقدمون عليها لتحقيق مطالبكم؟ - نحن لا نتوفر على إطار تنظيمي، يخول لنا أن نسطر المطالب؛ وإنما نحن جماعة من المثقفين والمنتجين في الحقل الثقافي، نسعى إلى الحوار المستمر حول تجليات الثقافة وتحولاتها وأسئلتها المتناسلة. بعبارة ثانية، إن الهدف هو إذكاء الحوار لأن الثقافة تستدعي ذلك وتحتاج إلى إعادة نظر مستمرة. ونأمل أن تكون خلاصة الحوارات حاملة لتحليلات ومقترحات يفيد منها العاملون في هذا المجال.