يشهد مسرح المركز الثقافي محمد المنوني بمكناس، مساء يومه الخميس، حفل انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمهرجان مكناس الدولي للمسرح الذي تنظمه فرقة مسرح الشامات بقيادة الدراماتورج والمخرج بوسلهام الضعيف، تحت شعار “مكناس خشبة لمسارح العالم”، والذي يستمر إلى غاية 3 دجنبر القادم. حفل الافتتاح، الذي سينطلق على الساعة السابعة مساء، والذي سينشطه الفنانان رشيد فكاك وسعاد خويي، سيتميز بالإعلان عن الفائزين بجائزة حسن المنيعي للنقد المسرحي؛ وتكريم شخصيات مسرحية وازنة من المغرب والعالم العربي كالممثلة اللبنانية نضال الأشقر، والمخرج الجزائري شريف الزياني، والمخرج المغربي عبد الواحد عوزري؛ كما سيتميز بالعرض المسرحي الافتتاحي بعنوان “شامة” لفرقة أقواس من الدارالبيضاء، تأليف محسن زروال، إخراج عادل أبا تراب، تشخيص عبد الله شيشا، حنان الخالدي، جمال العبابسي. وستتسم هذه الدورة، المنظمة بشراكة مع وزارة الثقافة والشباب والرياضة (قطاع الثقافة) والجماعة الحضرية لمكناس ومجلس العمالة ومجلس الجهة والمعهد الفرنسي، ببرمجة متنوعة وغنية، موزعة بين الفرجات المسرحية الموجهة للعموم، والورشات التكوينية في فنون وتقنيات المسرح لفائدة الشباب وهواة الفن الرابع، واللقاءات الثقافية بين الفنانين والجمهور حيث سيتم عقد جلسات مفتوحة مع الفرق المسرحية المشاركة، وحفلات لتقديم وتوقيع إصدارات مسرحية جديدة، كما ستتميز البرمجة بإطلاق “شاحنة مسرحية” لفرقة “فرجة للجميع” ستجوب بعض الساحات والفضاءات العمومية. وبخصوص العروض المسرحية التي يقترحها المهرجان على جمهوره، هذه السنة، فإنها تكتسي طابعا فسيفسائيا حقيقيا، بحيث سيتأتى لعشاق المسرح أن يشاهدوا فرجات فنية من مختلف الثقافات والآفاق، من أوربا وإفريقيا وآسيا والعالم العربي والمغاربي، وأعتقد أنه لأول بالمرة ستزورنا في المغرب فرقة مسرحية من إيران، وهي فرقة ميتيه (Myth) التي ستقدم مسرحية بعنوان “الرجل الأربعون أو المرأة الثامنة والعشرون” بقاعة السجلماسي بكلية الآداب على الساعة الرابعة مساء يوم الإثنين ثاني دجنبر القادم. وستتعزز هذه المشاركة الإيرانية الأولى من نوعها في مجال المسرح بمشاركات دولية أخرى وازنة من كل من فرنسا، بلجيكا، إيطاليا، إسبانيا، ليتوانيا، تونس، مصر، الجزائر، السينغال، مالي، بالإضافة إلى المغرب الذي حرص المهرجان أن تعكس مشاركته الطابع التعددي المتنوع للثقافة المغربية؛ بحيث سيشاهد المتفرجون، فضلا عن العرض الافتتاحي، تجربة جديدة للفنانة لطيفة أحرار مع فرقة تيفسوين للمسرح الأمازيغي من الحسيمة، التي ستقدم مسرحية “دون قيشوح” يوم السبت (30 نونبر الجاري) على الساعة السابعة مساء بالمركز الثقافي المنوني؛ وسيلتقي الجمهور أيضا مع عرضين مغربيين أخريين هما مسرحية “غربة” لفرقة “كوميدراما” من وجدة يوم غد الجمعة بنفس الفضاء، ومسرحية “الحال” لفرقة “دوكافار” من الدارالبيضاء، التي ستعرض يوم الأحد فاتح دجنبر. فيما يخص القيمة المضافة لباقي الأنشطة الموازية، من لقاءات وجلسات ستلتئم يوميا، سيشهد المهرجان لقاء من طراز رفيع، وربما لأول مرة بالمغرب كذلك، ويتعلق الأمر بزيارة جاك طيفاني (المدير السابق لمؤسسة جان فيلار) والذي سيلقي محاضرة بعنوان “جان فيلار ومهرجان أفينيون – اللامركزية المسرحية”، وذلك يوم السبت 30 نونبر بالمعهد الفرنسي بمكناس على الساعة الثالثة بعد الزوال.. ومن بين الأمور الجديرة بالانتباه والتنويه، في هذه الدورة، حرص المنظمين على تنويع فضاءات العرض، بحيث لم يتم الاكتفاء فقط بالقاعات المغلقة كمسرح المنوني ومسرح المعهد الفرنسي ومركز فندق الحنة وقاعة السيجلماسي بكلية الآداب… بل تم الانفتاح على الفضاءات العامة من ساحات عمومية ومواقع أثرية كساحة نيم، وساحة باب منصور لعلج، والساحة المركزية بوفكران، والموقع الأثري سجن قارة.. وهي كلها فضاءات أعدت لاستقبال الفرجات المسرحية وتقريبها من الجمهور العريض.. ولعل في هذه الالتفاتة للأماكن التراثية التي تزخر بها المدينة تثمينا للثقافة المغربية في مختلف تجلياتها الحضارية والتاريخية والفنية والمعمارية والجمالية.. من جانب آخر يلاحظ سكان المدينة وزوارها أن الهوية البصرية للمهرجان اكتسحت الفضاء المرئي للعابرين، وكست ألوانها وملصقاتها ولافتاتها بأحجام مختلفة الجدران والأسوار والشارع العام، حتى أنها كادت تغير ملامح المدينة وأحيائها وساحاتها وطرقاتها.. ويشاهد المارة، هذه الأيام، قبيل افتتاح المهرجان، أسرابا من الدراجات الهوائية حاملة لوحات إشهارية لتسويق وترويج أخبار المهرجان.. وكوكبات من الشباب يوزعون مطبوعات وبرنامج المهرجان.. شبان وشابات يجوبون الشوارع وملتقيات الطرق وواجهات المقاهي بسلاسة ومرح.. وبحب، حب المسرح والناس والحياة.. ولعل المسعى العام من هذه المقاربة التواصلية الاحترافية يتوخى نفخ روح جديدة في شرايين المدينة، وإدخال البهجة في قلوب وعيون ساكنتها وزوارها.. حتى تعيش المدينة مهرجانها، وتعيش برمتها لحظات الاحتفال المسرحي هنا والآن.. وحتى يساهم المهرجان في تكريس مدينة مكناس بالفعل كقبلة للمسرح وعشاقه، وجعلها خشبة لمسارح العالم، وعاصمة عالمية للمسرح…