سجل العديد من المراقبين إقدام التلفزيون المغربي، بقناتيه، في الفترة الأخيرة على توفير مساحات حوار حول شأننا السياسي، وبالتالي التفاعل مع الحركية الجارية في المجتمع والانفتاح على مختلف الآراء، فقد نجحت مساء أول أمس مثلا حلقة برنامج (مباشرة معكم) التي يقدمها الزميل جامع كولحسن على القناة الثانية، في شد الانتباه، خصوصا من حيث إشراك الصوت الرافض لكل شيء، وتمكين ممثله من رفع كل الشعارات وترديد ذات المعجم على شاشة التلفزيون، وحضر كذلك من رد عليه من زوايا متعددة، وفي النهاية تمكن المغاربة من التعرف على الوجوه وعلى المواقف وعلى المعنى وأيضا على اللامعنى، وفي الأخير كسبت (دوزيم) نقطة لصالحها، نتمنى أن تكون مقدمة لنجاحات مهنية أخرى، ولتغيير حقيقي في الأداء. ليس المهم الآن أن نعرض تقييما تقنيا ومهنيا للحلقة وللبرنامج المذكور، ولكن الغاية أن نشير إلى أن للتلفزيون، وأيضا للإذاعة، دور جوهري في مسلسل التحول السياسي والديمقراطي، ومن شأن تخليصهما من العتاقة ومن كثير تكلس أن يساهم في تثمين وتطوير لحظتنا السياسية. لقد تابعنا في الأسابيع الأخيرة بعض تململ في القناة الأولى أيضا، وبرزت إشراقات في قناة (ميدي1تيفي)، ما يدفعنا إلى المطالبة بشجاعة أكبر، والإقدام على تسريع أجرأة وتنفيذ إصلاح شمولي للإعلام السمعي البصري العمومي، وأيضا لوكالة المغرب العربي للأنباء، بما يكرس تغييرا جذريا في المنظومة الإعلامية الوطنية، من شأنه الانتقال بنا إلى امتلاك إعلام يستحقه المغرب والمغاربة. اليوم تقام احتجاجات في مؤسسات القطب السمعي البصري العمومي، حيث يرفع المهنيون العاملون بها مطالب مادية واجتماعية ومهنية، وينادون أيضا (من أجل إعلام عمومي مواطن في خدمة الشعب ويرسخ قيم الحداثة والديمقراطية)، ويستعد صحفيو وكالة المغرب العربي للأنباء لخوض احتجاج مماثل، وسبق للنقابة الوطنية للصحافة المغربية أن تقدمت للحكومة بمذكرة مفصلة حول الإصلاح الشامل للقطاع، كما صدر بلاغ عن الفيدرالية المغربية لناشري الصحف في السياق نفسه، علاوة على أن إصلاح الإعلام وتأهيله لم يكونا غائبين كشعارات وكمطالب خلال مختلف الاحتجاجات والديناميات النضالية التي عاشتها مدننا في الفترة الأخيرة. وكل هذا الترافع من داخل الجسم المهني ومن داخل المجتمع بكل تعبيراته السياسية والثقافية والحقوقية والجمعوية، يستحق إجابات تستحضر طبيعة المرحلة مغربيا، وأيضا ما بات يمثله الإعلام، وخصوصا التلفزيون، في عالم اليوم. إن بعض (الفلتات) الجميلة مؤخرا في قنوات الرباط والدار البيضاء وطنجة، خصوصا على صعيد البرامج الحوارية، تعطي الدليل أنه بإمكان صحفيينا أن يصنعوا لحظة تلفزيونية تمتلك شروط النجاح المهني، وهم، ومعهم جمهور المشاهدين، في حاجة إلى تغيير الموقف والعقلية تجاه الإعلام العمومي وتجاه أدواره وأشكال تدبيره. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته