أحرص في (مشارف) على الانخراط في أهم السجالات الثقافية الوطنية لكن بمسؤولية. فالسجال الذي يستغني عن بلورة الأفكار ومقارعتها بشخصنة الخلافات والنيل من الخصوم باللمز المُغرض والتنابز المتحامل ليس مجاله (مشارف). يعتبر برنامج (مشارف) من المواعيد الثقافية النادرة على المحطات التلفزيونية المغاربية والعربية. ينتظره المثقفون بشغف وشوق باعتباره نافذة متميزة على عوالم الفكر والثقافة والأدب. برنامج يحظى بنجاح خاص بين عموم المهتمين الذين لا يلهيهم عنه ضجيج الاتساع الإعلامي الفضائي والصخب التلفزيوني.. والسر في نجاح البرنامج بين عموم المثقفين وكذا نجاحه في الوصول إلى جمهور جديد للثقافة خصوصا في أوساط الشباب متعلق بالتأكيد بكون معده ومقدمه من أهل الإبداع والثقافة. شاعر وأديب شاب ومبدع أنيق، أحسن إدارة البرنامج وأجاد تقديمه وجمع فيه بين بشاشة المحيا وأناقة العبارة. اقتربنا من المبدع الشاعر ياسين عدنان لمحاورته والحديث عن "مشارف"، مساره ورهاناته وآفاقه وكذا كواليسه وما يعترضه من عراقيل. الزميل ياسين عدنان، برنامج (مشارف) موعد استثنائي في المشهد التلفزيوني الوطني، موعد متميز على أكثر من صعيد في وقت عمّ فيه الحديث عن ركود بضاعة الإعلام الثقافي.. نودّ أن ننطلق معكم من البدايات.. كيف بدأ المشروع ومن كان وراء الفكرة ومن ساهم في إنجازها وإنجاحها؟ ماذا كانت الأهداف والطموحات؟ وكيف خرج برنامج (مشارف) إلى الوجود؟ حصل كل شيء بالصدفة. استدعاني الأستاذ محمد نور الدين أفاية، المفكر المعروف، مرة إلى برنامجه القيّم (مدارات) الذي كان يعده ويقدمه على شاشة القناة المغربية الأولى. ويبدو أن الحلقة تلك خلفت أصداء لم يتوقعها لا الضيف ولا المُضيف. بعدها عاد أفاية إلى مشاغله وعدت أنا إلى قصيدتي وإلى عملي في الصحافة الثقافية العربية حيث كنت أراسل حينها كلا من الحياة اللندنية ودبي الثقافية وزوايا اللبنانية. وذات يوم اتصل بي أفاية الذي غادر التلفزيون إثر تعيينه عضوا في المجلس الأعلى للسمعي البصري (الهاكا) يطلب لقائي بإلحاح. غادرتُ مراكش باتجاه الرباط للقائه. وهناك قدم لي رئيس قسم الإنتاج الجديد بالتلفزيون. لم يكن المسؤول الجديد غير الأخ إدريس أولحيان مخرج برنامج (مدارات). فهمت أن أولحيان الذي كان يفكّر في تعزيز البرمجة الثقافية في القناة بموعد أسبوعي جديد قد استشار أفاية في الأمر ويبدو أنهما توافقا معاً على اقتراحي لهذه المهمة. طبعاً وجدتُ المسؤولية ثقيلة. ف(مدارات) كان برنامجا محترما جدا في الوسط الثقافي المغربي. لذا اعتبرتُ تفكير صاحبي (مدارات) في شخصي لأقترح عليهما ثم على المشاهد المغربي مشروع موعد ثقافي جديد له نفس أفق (مدارات) وبنفس جديته مسؤولية حقيقية. وهكذا جاء (مشارف) شقيقا أصغر ل(مدارات)، وأنا ما زلت حتى اليوم أفخر بهذه الأخوّة. نريد أن نسألك أيضا عن الإعداد القبلي ل(مشارف). كيف تعد البرنامج وعلى أي أساس تختار الضيوف، هل تحكم الظرفية الثقافية اختياراتك أم أن هناك أجندة قبلية توجه عملك؟ برنامج (مشارف) يحتاج أيضاً الاطلاع على مؤلفات وأعمال كثيرة لمحاورة هذا المفكر أو ذاك المبدع؟ حدثنا عن هذه المكابدة الممتعة التي تعيشها وأنت تحضر لحصتك وتهيئ حلقاتك الأسبوعية؟ طبعاً الإعداد بالنسبة ل(مشارف) ليس قبليا فقط، بل دائم مستمر. فالوتيرة الأسبوعية للبرنامج تفرض عليّ الانشغال يوميا بالبحث عن محاور جديدة للبرنامج منقباً عن الجديد المُغري بالنقاش في كل ما أقرؤه من الأبحاث الأكاديمية المتخصصة حتى صفحات الثقافة في الصحف السيارة. وتبقى أول خطوة وأهم خطوة في الإعداد هي القراءة. لكن لحسن الحظ كانت القراءة دائما شغفي الأول، ومع (مشارف) كنت سعيدا وأنا أرى هذا الشغف يتحوّل إلى مهنة. هذا مهم جداً، لأنه لولا هذا الشغف لما تمكنت من أن أحفظ للبرنامج حيويته منذ 2006 حتى اليوم. أما بالنسبة للأجندة، فالبرنامج يحاول ضمان حد أدنى من التوازن بين مختلف حقول الكتابة الفكرية والأدبية، وأيضا ما بين مختلف الأجناس الإبداعية والحساسيات الفكرية والأجيال الأدبية، وهذا ما جعل (مشارف) يبدو برنامجا متنوّعاً ينتقل بسلاسة من الاشتباك مع الأسئلة الفكرية الشائكة إلى مناقشة الظواهر السوسيوثقافية والفنية التي قد تبدو للبعض خفيفة وربما لا تستحق النقاش في برنامج ثقافي رصين. لكن الأهم هو أننا لا نستضيف الأدباء والمفكرين للدردشة معهم. ف(مشارف) ليس فسحة للدردشة والمسامرة، وإنما هو فضاء للنقاش حول قضايا أدبية وأسئلة فكرية وخيارات إبداعية بعينها. لذا يصعب أن تجد ضمن الحلقات التي أنجزناها لحد الآن وهي تشرف على المائتين حلقة لا تنتظم حول سؤال محدد، ولا تتأمل في قضية أو ظاهرة بعينها أو على الأقل ليس لها سؤال مركزي. الدردشة المفتوحة مع الأديب حول بداياته وآخر أعماله وكذا علاقاته بالسابقين واللاحقين والمُجايلين ليست من شأن (مشارف). ولدي الكثير من الأصدقاء تمنيتُ استضافتهم لكنني لم أستطع، ببساطة لأنني لم أجد مدخلا واضحا ومحدّدا للحوار معهم. لا يمكن محاورة شخص بدون قضية وبدون موقف وبدون وجهة نظر وبدون رؤية ذاتية للعالم في برنامج هدفه الأساسي الترويج للأفكار وإتاحة المجال لمختلف الحساسيات الفكرية والإبداعية للتعبير عن ذاتها من خلال الوسيط التلفزيوني. أما سؤالك عن الظرفية، فطبعاً الظرفية تحكم أحيانا، فقد استضفتُ كلاّ من أدونيس وسعدي يوسف بمناسبة اليوم العالمي للشعر، إذ لا يمكنني أن استضيف قاصا في مثل هذه المناسبة. واستضافةُ أديبة شابة حتى ولو لم يكن هناك إجماع على أهمية تجربتها يبقى أقرب إلى الذوق السليم من استضافة اسم فكري كبير حينما تكون المناسبة هي اليوم العالمي للمرأة مثلاً. من جهة أخرى، أحرص في (مشارف) على الانخراط في أهم السجالات الثقافية الوطنية لكن بمسؤولية. فالسجال الذي يستغني عن بلورة الأفكار ومقارعتها بشخصنة الخلافات والنيل من الخصوم باللمز المُغرض والتنابز المتحامل ليس مجاله (مشارف). عودا على قضية البعد الثقافي للبرنامج، ألا يجد المنشط أحيانا نفسه متجاوزا من قبل الضيف حين يغوص ربما في تفاصيل فكرية أو إبداعية لا قبل للمذيع بها أو أنه قد لا يجد الحيز الكافي للإلمام بها جميعها.. الثقافة بحر لا حد له... هل من تحدّ في هذا المنحى؟ طبعاً لا يمكنك أن تحيط بكل مجالات الإنتاج الفكري والثقافي. لكن مع ذلك يمكن للمنشط بل ويجب عليه أن يقرأ لضيوفه في حدود موضوع الحلقة على الأقل. ولحسن الحظ أنا أشتغل وحدي في الإعداد للبرنامج وأقرأ بنفسي. لهذا بالضبط أتحكم في مسار النقاشات التي يفتحها البرنامج، ولا أعيش ذلك الارتباك الذي يعيشه بعض المقدمين حينما يفاجئهم الضيف بجواب يبعثر أوراقهم ويجعلهم عاجزين عن ارتجال سؤال أو تعليق أو استطراد مناسب. شخصياً لا أسأل ضيوفي إلا عن قراءة ومعرفة، ولا أسأل عمّا لم أُحِط به من قبل. ولهذا بالضبط لا تفاجئني أجوبة الضيوف التي كثيرا ما أخمّنها سلفاً. السؤال نصف الجواب وحينما تقرأ لضيفك وتعدّ له العدة فأنت بالسؤال لا تستفهم فقط وإنما توجه النقاش وتحفر لكل حديث مجرى يناسبه وتفتح للضيف من خلال أسئلتك نوافذ وكوات غالبا ما تكون لك فكرةٌ مسبقة عما ستفتحك عليه. وفي الكثير من الأحيان أهيئ النقاط التي أرغب في مناقشتها بتدرّج انطلاقا من تخميني لأجوبة الضيف وهو ما يعطي الجلسة سلاسة وبناءً تصاعديا يجعل فكرة الضيف وأطروحته تصير مع نهاية الحلقة أكثر وضوحاً مما يُعزِّز الموقف الحجاجي للضيف وللحلقة ككل. أحيانا أجد مشكلة مع بعض الأكاديميين الذين يصرون على استعمال الأجهزة المفاهيمية الخاصة بحقول اشتغالهم. وعادة ما أطالب مثل هؤلاء الضيوف بالاعتناء بالأفكار وبأسلوب بسطها للجمهور العام بلغة واضحة بدل الاستغراق في المصطلحات. لأن المشاهد في هذه الحالة يحس كما أن الضيف بصدد الاستعراض وهذا يربكه ويُسرِّب التوتر إلى نفسه. إن أحد أهداف (مشارف) الأساسية هو تقريب الشأن الثقافي والنقاش الثقافي من عموم المشاهدين. لهذا فالجهد كله ينصب على إعادة صياغة الأسئلة الثقافية والآراء والتصورات الفكرية بلغة رشيقة سلسة لا تتعالى على المشاهدين ولا تفرّط بالمقابل في حدود الرصانة والمسؤولية الواجب مراعاتها في برنامج ثقافي. لابد لكل مبحر في مجال من المجالات من نماذج يقتدي بها ورموز يستلهمها في مساره.. ما هي النماذج للبرامج الثقافية وللمذيعين الثقافيين الذين يلهمون الأستاذ ياسين عدنان أو يقتدي برؤيتهم للأمور...؟ مثلا كنت أتابع (مدارات) محمد نور الدين أفاية وكنت أحترم هذا البرنامج بشكل خاص. هناك أيضا برنامج (أقواس) للأديب محمد الهرادي. هناك أيضا (وجوه وقضايا) للأديبة بديعة الراضي. أعتقد في الحقيقة أن القناة الأولى كانت موفقة في عدد من البرامج الثقافية السابقة التي أنتجتها. وسبب هذا النجاح هو أن القناة كانت في الغالب تلجأ إلى أدباء ومثقفين. أما عربياً، فقد كنت أتابع باهتمام حصة الروائي واسيني الأعرج على الفضائية الجزائرية، كما أنني أتابع حتى اليوم باهتمام ما يقدمه الصديق الشاعر زاهي وهبي على شاشة المستقبل. هذا عن السمين أما الغث فهو الطاغي مع الأسف. أذكر مرة أنني كنت رفقة سعدي يوسف في أواسط التسعينات بفندق حسان بالرباط نستعد لمغادرة الفندق حينما هجمت عليه إعلامية حسناء وطلبت منه حوارا قصيراً. طبعاً وبإغراء من جمالها استجاب سعدي وطلب مني أن أنتظره نصف ساعة. لكن بعد بضع دقائق فقط جاء الرجل ساخطا. سألته عن السبب فأخبرني أن زميلتنا العزيزة طلبت منه دقائق قبل بداية التصوير أن يتفضل بتقديم نفسه لتتعرف عليه أكثر. ما هي في تقديرك أهم حلقة أنجزتها من البرنامج أو لنقل أهم ضيف سجلت معه البرنامج؟ ليس مجال السؤال المفاضلة بين الضيوف بل بين إنجازكم أنتم. متى كنتم أسعد بعد تسجيل اللقاء وتقديمه؟ طبعا لا مجال للمفاضلة. فمثلما قلت لك لكل حلقة سؤالها، وأنا معني بالأسئلة والمحاور أكثر مما يعنيني الضيوف. لكنني بالتأكيد كنت سعيدا باستضافة أدونيس في حلقة حول الشعر والفكر، وسعدي يوسف في حلقة حول الشعر والأمكنة، وأحمد فؤاد نجم في جلسة حول الكتابة للبسطاء، وإدمون عمران المليح حول الحضور اليهودي في الثقافة المغربية، كما أسعدتني كل تلك الحلقات التي استضفتُ فيها وجوها كان من المستحيل أن تتخيلها تطل من شاشة التلفزيون المغربي الرسمي على المغاربة بدءا بعبد اللطيف اللعبي حتى الفنان الملتزم سعيد المغربي، واللائحة ليست قصيرة على كل حال. هناك أيضا بعض الحلقات التي واكبنا فيها بعض المحطات الأساسية كالاستحقاقات الانتخابية مثلا حينما كانت الأحزاب تتنافس عبر الشاشة على استقطاب الناخبين بخطابات وردية متشابهة وشعارات مكرورة فاستضفت الدكتور محمد سبيلا في حلقة خصصناها لتشريح الخطاب السياسي. وهي الحلقة التي أثارت لحظة بثها الكثير من الاهتمام. أخشى أنني بمسايرتك قد سقطت في المطب، والحال أنني مقتنع فعلا بأن لا مجال للمفاضلة. فحتى الحلقات التي استضفتُ خلالها أدباء شبابا غاضبين أو عاطلين عن العمل أو في مهن يعتبرها البعض بسيطة أثمرت في رأيي لحظات حوار قوية لا أخفي اعتزازي بها. وما قصة العبارة الأنيقة التي تختتمون بها البرنامج: "دامت لكم مسرّة القراءة وصداقة الكتاب"؟ انحبكَت بالصدفة أول مرة.. هكذا عفوَ الخاطر فحافظتُ عليها، ثم اكتشفت أن جمهور البرنامج قد ارتبط بها فرسَّمتُها تحية شبه قارة تماما كتوقيع شخصي. لكن الحقيقة هي أن القراءة، إضافة إلى كونها عادة وتقليدا وهاجسا ورهانا، تبقى مسرّة حقيقية. والمؤسف اليوم هو أن قلة فقط تستطيبُ هذه المسرّة وتنعم بها. نشر الكاتب منتصر حمادة في صحيفة القدس العربي مقالا أعرب فيه عن مخاوفه من إعدام البرنامج، النافذة الثقافية اليتيمة في التلفزيون المغربي.. هل لنا أن نطمئن على (مشارف) ونستفسر عن مشاكله ومعوقاته؟ قرأت ما كتبه الزميل منتصر حمادة في (القدس العربي) من منطلق الغيرة على الثقافة وعلى الإعلام الثقافي في المغرب. والحقيقة أنني أقدم (مشارف) منذ أبريل 2006 وأعتقد أن البرنامج قد راكم تجربة مهمة لحد الآن ونجح في تحقيق مجموعة من أهدافه الأساسية. وعموما لكل تجربة تلفزيونية عمرها الافتراضي، لذا إذا توقف (مشارف) فقد توقفت قبله برامج أخرى لا تقل أهمية. وأعتقد أن هناك مجال لتقديم المزيد من الأفكار واقتراح المزيد من مشاريع البرامج من طرفي ومن طرف آخرين لتعزيز البرمجة الثقافية في التلفزيون المغربي. يجب أن تكسب الثقافة مساحات جديدة على الشاشة لأن التلفزيون كوسيط صار يلعب اليوم دورا محوريا في صناعة الرأي العام والذوق العام كذلك. وعلينا أن نختار، هل نريد شعوبا يقظة لها حد أدنى من المعرفة الوعي والقدرة على التمييز؟ أم نريد كائنات استهلاكية هشة لا مناعة لها ومستعدة لابتلاع أي خطاب مهما كان سطحيا وحتى لو كان خطيرا وقاتلاً وتتلقى الفرجة السطحية والتفاهات برضى وتسليم؟ عموماً حاجة التلفزيون إلى الثقافة وأهمية الوسيط التلفزيوني في الترويج للثقافة والخطاب الثقافي يفتحنا على نقاش طويل وجدي لا يسمح المجال بالاسترسال فيه الآن. لكن ولكي أجيبك على سؤالك مباشرة، (مشارف) لا يزال مستمراً ومتواصلا حتى اليوم. وأنا حالياً بصدد التهييء لتصوير الحلقات التي سيشرع في بثها مباشرة بعد رمضان. هل يستعد برنامج (مشارف) لاستضافة الشاعر ياسين عدنان لتقديم تجربته الشعرية والأدبية، أم أن علينا أن ننتظر طويلا لمشاهدة هذا اللقاء؟ طبعاً لا يمكني أن أستضيف نفسي في برنامج أعده وأقدمه لاستحالة التنفيذ أولاً، ثم لأن الأمر خلافا لما تعتقد ليس أولوية إلى هذا الحد. فهناك أدباء مغاربة تجاربهم أهم بكثير من تجربتي ولم تتمّ استضافتهم بعد في البرنامج. هذا إضافة إلى أنني أحرص على أن أترك مسافة ما بين الكاتب وحساسيته واختياراته الذاتية وما بين الإعلامي الذي يشرف على البرنامج. وفي هذا الإطار، أخبرك أنني لم أدع قط أخي طه عدنان ولا صديقي سعد سرحان إلى البرنامج ولا أفكر في استضافتهما لأنني أخشى أن مثل هذه الاستضافة قد تضعني في موقف من يستغل حصته التلفزيونية لأغراض شخصية وهذا ما أتفاداه. وكلّ من طه وسعد يفهمان موقفي ويوافقان عليه بشكل تلقائي. لم نحاوركم في هذا اللقاء كشاعر وقاص بل كمعد ومنشط لبرنامج (مشارف)، لكن لا بأس من سؤال يربط بين البعدين. هل يجد الشاعر في خضم الانشغالات المهنية مجالا للعزلة الضرورية للإلهام الشعرية والرؤية الشاعرة.. أم ربما أنكم تنظرون إلى الشعر كما بول فاليري على أنه مجال إجهاد Transpiration لا ميدان إلهامinspiration وإشراق؟ ما جديد الإبداع؟ المؤكد أن البرنامج يأخذ مني الكثير من الوقت، بل أكثر مما كنت أتوقع حينما خضت غمار التجربة أول مرة. لكن مع ذلك فقد أصدرت في الفترة الأخيرة كتاب (مراكش: أسرار معلنة) الذي ألفته بالاشتراك مع صديقي سعد سرحان. وأعكف حاليا على كتاب شعري جديد. دفاتر شعرية عن السفر والعواصم ومحطات العبور. وأرجو صادقاً أن يعيدني هذا الكتاب الجديد إلى المعترك لأنني صرت فعلا أخشى على الشاعر فيَّ من انشغالات الإعلامي.