نبيل بنعبد الله: الحزب بصدد صياغة مذكرة للإصلاحات سيعرضها أمام حلفائه الجهوية المتقدمة تعتبر أحد المداخل الأساسية للإصلاح المنشود حدادة: هناك حالة عربية جديدة سيطال تأثيرها كل منظومة القيم بالمنطقة كشف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، على أن الظرفية الحالية التي يعرفها المغرب، بارتباط مع التطورات الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، تستدعي أكثر من أي وقت مضى تسريع وتيرة الإصلاحات السياسية بالبلاد، وإعطاء نفس جديد للإصلاح لقطع الطريق أمام أي محاولات لتبخيس العمل السياسي بالمغرب. وقال نبيل بنعبد الله، خلال استقباله للأمين العام لحزب الشيوعي اللبناني، خالد حدادة، أمس بالرباط إن الحزب بصدد صياغة مذكرة بالإصلاحات السياسية والدستورية والاقتصادية والاجتماعية التي سيطرحها أمام حلفائه، والتي قد يرفعها إلى الملك. وأثار الأمين العام مع نظيره اللبناني مجمل القضايا الوطنية والإقليمية التي تعرفها الساحة في الوقت الراهن، مشددا على أن المغرب عرف مسلسل الانفتاح الديمقراطي منذ سنوات، وارتفعت وتيرة هذا المسلسل منذ عقد التسعينيات من القرن الماضي، ويحتاج الآن إلى سرعة أعلى بالنظر إلى الحراك الاجتماعي الذي يعرفه المجتمع والذي تميز بالمظاهرات التي دعا إليها الشباب في 20 فبراير الماضي. ولم يقلل نبيل بنعبد الله من حدة التظاهرات، ولم يهول من وقعها، واعتبر أنها مرت في أجواء سلمية وحضارية، إلا أنه أكد على ضرورة الإنصات لمطالب الشباب المعبر عنها خصوصا ما يتعلق بالإصلاح الدستوري ومحاربة الفساد، والتي تشكل العمود الفقري للمطالب التي رفعتها الأحزاب التقدمية بالمغرب، وكان دائما يتم التعبير عنها بشكل عادٍ. وأشار بنعبد الله إلى أن الحراك الذي تعرفه الساحة الوطنية ودعوات التظاهر تختلف عن مثيلاتها في باقي الدول العربية الأخرى، لأن المغرب عرف انفتاحا ديمقراطيا، ومسيرة إصلاحات متواصلة بدأت منذ سنوات، ومطالب معبر عنها من طرف الأحزاب السياسية والمجتمع. وحذر مع ذلك من التعامل بتبسيط مع هذا الحراك، لأن الطريقة التي مرت بها المظاهرات وإن كانت هادئة، يجب التعامل معها بما يكفي من الرجاحة، لأن بعض الأوساط المحركة لها، خصوصا الإسلامية واليسارية المتطرفة قد تستغلها لرفع سقف مطالبها. واستهجن الأمين العام للحزب ما اعتبره «الانحرافات السياسية الجديدة» التي تروم التراجع عن المكتسبات التي تحققت بالمغرب منذ التناوب التاريخي. وهي المواقف التي أكد عليها الحزب خلال العديد من المحطات أبرزها مؤتمره الأخير، والتي دعا فيها أيضا إلى إقرار جيل جديد من الإصلاحات. وقال إن هناك توجهين لتقييم هذا الحراك الاجتماعي، الأول يسير في اتجاه النظر ببساطة إلى مجريات الأمور، وأن المسيرات والمظاهرات مرت في أجواء سلمية وحضارية، ولا داعي للتوجس منها، والاتجاه الثاني، الذي ينخرط فيه حزب التقدم والاشتراكية إلى جانب القوى السياسية الفاعلة في المجتمع والنخب والكفاءات، الذي يرى أنه من الضروري إعطاء إشارات قوية وإعطاء نفس جديد للإصلاح. واعتبر نبيل بنعبد الله أن الجهوية المتقدمة التي أعلن عنها جلالة الملك، يمكن أن تعتبر أحد المداخل الأساسية للإصلاح المنشود، باعتبارها تتيح إمكانية الإصلاح الدستوري لتنسحب على مجمل الإصلاحات السياسية بالبلاد. وأكد الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، خالد حدادة، أن الحراك الاجتماعي الذي تعرفه المنطقة العربية يولد حالة عربية جديدة تضع خطا فاصلا بين الفترة السابقة والفترة التالية. سيطال تأثيرها كل منظومة القيم، وسيمهد لحالة جديدة تطال الجانب الرسمي العربي، خصوصا جامعة الدول العربية والثروات العربية. ومن شأنها أن تعيد النظر في القضية الفلسطينية، وتجاوز الانقسام في الصف الفلسطيني، وإعادة النظر في الثروات العربية وتنظيمها لتحقيق التنمية الشاملة. واعتبر حدادة أن الأحزاب اليسارية العربية «لا يمكن أن تكون خارج إطار هذه الثورات التي تعرفها المنطقة» مع مراعاة ظروف كل بلد. وقال خالد حدادة في تصريح لبيان اليوم إن زيارته للمغرب ولقاءه مع الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يأتي في سياق تطوير العلاقات التاريخية بين الحزبين، مستطردا أن الظروف التي تعرفها المنطقة العربية الآن التي تؤرخ لعالم عربي جديد، آفاقها متعلقة بمدى تطور الأمور في المنطقة، وتطور الحركات الشعبية التي تقع بها. ولا يمكن القول إن العالم العربي بعد هذه الحركات هو نفسه ما قبل تلك الحركات، وبالتالي فمحاور العمل العربي المشترك، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي أو الحزبي، يجب أن تتعبأ لمواكبة هذا الحراك. وشدد على أهمية مثل هذه اللقاءات لوضع تصور مشترك على أساسه تبني نظرة مشتركة لكل قوى اليسار في العالم العربي. وأردف بالقول «إننا نعتقد أن هذا اللقاء واللقاءات التي ستليه استمرار لما بدأناه في أكتوبر في إطار الأحزاب اليسارية العربية، ثم في الشهر الماضي خلال الاجتماع الاستثنائي لأحزاب اليسار العربي، الذي نظمناه كحزب وشارك فيه حزب التقدم والاشتراكية. ويأتي اللقاء في إطار زيارة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني للمغرب، بدعوة من الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، عقب المساهمة المتميزة للحزب في لقاء الأحزاب اليسارية العربية الذي استضافه الحزب الشيوعي اللبناني مؤخرا، وكذا في سياق التطورات والتحولات الكبرى التي عرفتها وتعرفها مجموعة من الدول العربية. ويرافق خالد حدادة كل من أريج شما، عضو المكتب السياسي، وغسان عبد الله، عضو اللجنة المركزية للحزب. وتتوخى هذه الزيارة تبادل المعطيات والتحاليل حول الأوضاع العامة بالمغرب ولبنان، وتدارس سبل تقوية وتطوير العلاقات الثنائية بين الحزبين بما يضمن اضطلاعهما بدورهما كاملا، إلى جانب باقي القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية بالبلدين، في تحقيق طموحات الشعبين في الحرية والتقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. ولتسليط الأضواء على هذه اللقاءات، سيعقد الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني لقاء مع الصحافة الوطنية يوم الخميس 3 مارس 2011 على الساعة السادسة مساء بفندق الرباط بمدينة الرباط.