إجماع على الحاجة إلى إطار الكتلة لمواصلة الإصلاحات والبناء الديمقراطي بالمغرب أجمع قادة أحزاب التقدم والاشتراكية والاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن الكتلة الديمقراطية هي الخيار الأنسب لمواصلة الإصلاحات السياسية، ودعوا إلى تحيين ميثاقها، واستلهام عبر ودروس ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال. وقال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، خلال المهرجان الخطابي الذي نظمته أحزاب الكتلة مساء أول أمس الخميس بالرباط تخليدا للذكرى السابعة والستين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، إن الكتلة الديمقراطية لم تستنفد دورها ومهامها، ولازالت العديد من مضامين ميثاقها مطروحة بإلحاح، وإن كانت بصيغ مختلفة. مشددا على أن قناعة حزب التقدم والاشتراكية راسخة في ضرورة تقوية التحالفات الطبيعية مع مكونات الكتلة وفصائل اليسار ومع سائر القوى الحية في المجتمع التي تشاطره المضامين العامة للمشروع المجتمعي الذي يناضل من أجله. وعبر عن أمله أن يكون التقاء أحزاب الكتلة الديمقراطية فاتحة الطريق أمام مزيد من الأعمال والمبادرات المشتركة. هذه القناعة الراسخة، يقول نبيل بنعبد الله، هي أساس المبادرة التي أقدم عليها التقدم والاشتراكية اتجاه حلفائه الأساسيين، والتي تتوخى توفير الشروط الكفيلة بإنجاز عمل سياسي مشترك، ونفخ روح جديدة في الحياة السياسية، من أجل الرقي بالعمل السياسي والحزبي. وهي التي تستدعي الشروع في استعجال في بلورة الجيل الجديد من الإصلاحات من أجل إعطاء دفعة قوية للمشروع الديمقراطي الذي طالما دافعت عنه أحزاب الكتلة، لقطع الطريق أمام ما أسماه «الجيل الجديد من الانحرافات» التي صار المشهد السياسي المغربي يشهدها منذ الانتخابات التشريعية لسنة 2007، التي قد تزيد من تعميق العزوف السياسي إذا لم يوضع لها حد. وأوضح الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن الحزب دق ناقوس الخطر من مخاطر الجيل الجديد من الانحرافات، وحث حلفاءه الطبيعيين، وفي مقدمتهم أحزاب الكتلة الديمقراطية، للتعبير بشكل موحد عما تحتاجه البلاد من إصلاحات جوهرية وعميقة، وإجراءات جريئة، واتخاذ مبادرات مشتركة من قبيل التعبئة الشاملة للدفاع عن القضية الوطنية، وبلورة المواقف المناسبة لإصلاح المنظومة الانتخابية، بما يضمن تأهيلا حقيقيا للحقل السياسي في أفق استحقاقات 2012. وشدد نبيل بنعبد الله على ضرورة حشد وتكتيل القوى الوطنية والديمقراطية للدفاع عن وحدة البلاد الترابية وسيادتها الوطنية، على ضوء تطورات ملف القضية الوطنية بعد أحداث العيون المؤلمة، التي أضحت تستدعي إعادة نظر شاملة دقيقة وموضوعية وبناءة للكيفية التي دبرت وتدبر بها الشؤون المتعلقة بالقضية الوطنية، خاصة في الأقاليم الجنوبية، في أفق استدراك ما يمكن استدراكه وتصحيح ما ينبغي تصحيحه. مشيرا إلى أنه يجب الانطلاق من واقع أن هناك إجماعا وطنيا أكيدا حول قضية الصحراء، ولكنه إجماع على المبدأ وليس على طرق تدبير الملف. ودعا نبيل بنعبد الله إلى تقوية الجبهة الداخلية من خلال إيجاد الحلول المناسبة للمطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة، ومواصلة مسار البناء والتنمية، في ظل الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي، وتعزيز الممارسة الديمقراطية، وضمان حق الممارسة الفعلية للحريات الفردية والجماعية، في إطار دولة القانون والمؤسسات. ودعا نبيل بنعبد الله إلى استلهام الدروس والعبر من ذكرى 11 يناير، والحرص على وحدة الصف الوطني الديمقراطي والتنسيق مع القوى الحية والجادة بالبلاد، والاعتماد على جماهير الشعب، وخاصة الشباب. وعبر الأمين العام لحزب الاستقلال، عباس الفاسي، خلال المهرجان الخطابي الذي نظم تحت شعار «صيانة الوحدة الترابية وتعزيز مسار الإصلاحات والديمقراطية»، عن تفاؤله الكبير لاجتماع أحزاب الكتلة الديمقراطية، التي كان تأسيسها سنة 1992 حدثا تاريخيا، ولازالت تعد بالكثير لتحقيق الإصلاحات المنشودة. واعتبر أن تخليد ذكرى المطالبة بالاستقلال يأتي للوفاء للمبادئ التي جسدها الموقعون عليها، ولكفاحهم وشجاعتهم ودفاعهم عن كرامة الشعب المغربي ووحدته الترابية. وقال عباس الفاسي إن الكتلة الديمقراطية ليست موجهة ضد أحد، وكان تأسيسها من أجل الإصلاحات والبناء المؤسساتي والديمقراطي ونزاهة الانتخابات، داعيا إلى ضرورة تحيين برنامجها الموحد قبل الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2012. وأبرز أن الكتلة منذ تأسيسها لعبت دورا مع المغفور له الملك الحسن الثاني، ولا زالت إلى اليوم تقوم بدور مهم مع جلالة الملك محمد السادس، وظلت منذ سنة 1998 مشاركة أو تقود الحكومات المتعاقبة، واكتفى بالتذكير أن حصيلتها على الصعيد المؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي، وفي الميادين الثقافية والدبلوماسية تعتبر حصيلة إيجابية. ونبه الأمين العام لحزب الاستقلال إلى وجود خصوم للديمقراطية في المغرب، الذين لا يروقهم أن تتمتع الأحزاب السياسية باستقلالية قراراتها، لأن المغرب، بحسبه «يستحق أحزاب تتمتع باستقلالية قراراتها»، مطالبا بضرورة تقوية الجبهة الداخلية، من أجل تجاوز سلبيات تدبير ملف الصحراء المغربية الذي يعتبر منتهيا لولا مناورات وإصرار الجزائر على عرقلة أي جهود لتسوية النزاع المفتعل. ومن جهته شدد الكاتب الأول بالنيابة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فتح الله ولعلو، على أن تأسيس الكتلة الديمقراطية، باعتبارها امتدادا طبيعيا للحركة الوطنية، كان الهدف منها تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مشيرا إلى المكاسب التي تحققت في العقدين الأخيرين، بفضل نضال الأحزاب المكونة لها في كل الميادين وعلى أكثر من صعيد، خصوصا في مجالات ترسيخ الحريات العامة، والنهوض بالتنمية في الميادين الاجتماعية والثقافية وغيرها. وقال فتح الله ولعو في الكلمة التي ألقاها نيابة عن الكاتب الأول للحزب، إن استحضار روح ذكرى 11 يناير 1944، يتمثل في تثبيت وصيانة الوحدة الترابية ومجابهة مختلف المؤامرات التي تحاك ضدها، دفاعا عن الكيان الوطني وسيادة المغرب واستقلاله. ومواصلة التأهيل السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وترسيخ قيم المواطنة وتسريع وتيرة الانتقال الديمقراطي، و تعزيز مكانة المغرب كقطب جهوي وفاعل. ودعت كلمة الكاتب الأول بالنيابة للاتحاد الاشتراكي إلى تحديد آفاق جديدة للدور الذي ينبغي للكتلة الديمقراطية أن تقوم به للرقي بما تحقق، على ضوء التطورات التي عرفتها التجربة المغربية، والتحولات العميقة التي شهدها العالم، يهدف تقويم ما أظهرته من اختلالات أو أخطاء، والعمل على مطابقة تصورات الكتلة مع المطامح المستجدة للشعب المغربي ولأجياله الصاعدة. ودعا إلى المزيد من التعبئة لنشر وترسيخ قيم الوطنية الصادقة ونبذ ومحاربة مختلف مظاهر تمييع السياسة والعمل السياسي لمواصلة حمل مشعل العمل الوطني لخدمة مصلحة المغرب والمغاربة، وتشييد مغرب الديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية. وبالمقابل طالب الكاتب الأول بالنيابة للاتحاد الاشتراكي بالتمسك بالمشروع المغاربي والتعجيل بإحياء دينامية الاتحاد المغاربي بإرادة جماعية وحدوية صادقة، بالموازاة مع الارتباط الدائم والعضوي مع تطوير البناء الديمقراطي الوطني، باعتبارهما الإطار الأمثل لكسب رهانات العولمة وتحاشي تداعياتها السلبية على الأقطار المغاربية المنفردة، والانخراط الناجع في التحولات التي تعرفها الحكامة الاقتصادية بالعالم، وتلبية طموحات الشعب المغربي في الرقي الاجتماعي والحضاري، وفي إنجاز الاستقرار المنشود.