ارتفاع وتيرة الضغوط الدولية من أجل دفع «القائد» إلى التنحي والغرب يفكر بفرض حظر جوي القذافي: لن أرحل.. والعالم لا يفهم النظام في ليبيا دخلت الانتفاضة ضد العقيد معمر القذافي يوم أمس الثلاثاء أسبوعها الثالث لكن الزعيم الليبي بقي متمسكا بالسلطة رغم سقوط عدة مدن في غرب البلاد في أيدي المعارضة والضغوط المتزايدة من الغرب من أجل رحيله وبينها فكرة فرض منطقة حظر جوي. وفي اليوم الخامس عشر لانتفاضة لا سابق لها، لم يعد القذافي وقواته يسيطرون إلا على طرابلس ومنطقتها. لكن المعارضة لم تعد تتردد في تحدي السلطة في ضواحي العاصمة. وفي عدة أحياء يكتب شبان شعارات مناهضة للقذافي على الجدران فيما تستعد المعارضة المتمركزة في بنغازي (شرق) لمسيرة نحو طرابلس. أما اقتصاديا، فان الزعيم الليبي أصبح مهددا بعدما سيطر المحتجون على أبرز حقول النفط في البلاد. وأعلنت المعارضة عن استئناف وشيك لصادرات النفط انطلاقا من شرق البلاد. وتطرح المجموعات الدولية تساؤلات حول سبل إنهاء عدم الاستقرار في ليبيا وهي تفكر خصوصا بحظر المجال الجوي الليبي. من جهتها تخشى المعارضة أن تجردها عملية عسكرية تقوم بها المجموعة الدولية، من انتفاضتها في وقت ينشر فيه الجيش الأميركي قوات بحرية وجوية في محيط ليبيا. وأعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن أي عمل عسكري يشمل السفن الأمريكية، غير مرتقب في ليبيا. فيما أكدت سوزان رايس مبعوثة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة أمس الثلاثاء أن واشنطن ستواصل الضغط سياسيا واقتصاديا على الزعيم الليبي معمر القذافي إلى أن يتنحى. وأضافت في مقابلة مع شبكة «ايه.بي.سي» التلفزيونية إنه من السابق لأوانه الحديث عن دعم ملموس للثوار الليبيين الذين يطالبون بتنحي القذافي مشيرة إلى أنه لم تظهر بعد كتلة معارضة موحدة. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت الاثنين أن الجيش الأمريكي يعيد نشر قواته البحرية والجوية في المناطق المحيطة بليبيا، فيما تدرس الدول الغربية احتمال التدخل ضد الزعيم الليبي معمر القذافي. من جانبها أعلنت باريس أن كل الخيارات موضع درس بينها حظر الطيران فوق الأراضي الليبية وهو أمر يتطلب تدخل حلف شمال الأطلسي وموافقة من الأممالمتحدة. وأبدت ايطاليا تأييدها لحظر الطيران فوق ليبيا، لكن بحسب كندا «يبدو أنه ليس هناك توافق» حول مثل هذا الإجراء. وبعد الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة، فرض الاتحاد الأوروبي الاثنين حظرا على مبيعات الأسلحة إلى ليبيا، كما قرر تجميد أرصدة ومنع منح تأشيرات دخول للعقيد القذافي و25 من المقربين منه. وقررت النمسا تجميد أرصدة معمر القذافي والمقربين منه الذين تستهدفهم عقوبات الاتحاد الأوروبي، كما أعلن البنك المركزي النمسوي الثلاثاء. ونفت السلطات الليبية معلومات تم الحصول عليها من شهود حول غارات جوية شنتها القوات الموالية للقذافي. وفي الأيام الماضية، رصد المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم رحلات يشتبه في أنه تم خلالها تهريب أسلحة بين بيلاروسيا وليبيا. وإزاء الضغط المتزايد، بقي القذافي الذي يحكم البلاد منذ أكثر من أربعين عاما، متمسكا بموقفه. وأكد القذافى أنه «لن يغادر ليبيا أبدا» معتبرا العقوبات التي فرضتها الأممالمتحدة على بلاده «غير شرعية». ورفض القذافى في تصريح خاص لهيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى) أمس الثلاثاء ما يتردد عن أن وجوده في السلطة يعد العقبة الرئيسية في طريق التغيير مشددا على أن وجوده هو ما أدى إلى إحداث التغيير في ليبيا «فهو ليس رئيسا وإنما زعيم ثورة». وكان القذافي قال في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي» الأميركية و»بي بي سي» وصحيفة تايمز البريطانيتين «إنهم يحبونني. كل شعبي معي. إنهم مستعدون للموت لحمايتي»، وأضاف «أنتم لا تفهمون النظام هنا، والعالم لا يفهم النظام هنا، سلطة الشعب. (لا توجد) أبدا مظاهرات في الشوارع» مضيفا «لا يوجد أي شخص ضدنا، ضدي. لماذا تنظيم المظاهرات؟» وردا على سؤال عما إذا كان سيستخدم أسلحة كيميائية للبقاء في السلطة قال «لقد تخلصنا من كل هذا. إنه أمر من الماضي وانتهينا منه». وأضاف القذافي الذي كان يتحدث بلغة انكليزية ركيكة بحسب مراسلة «إيه بي سي» كريستيان أمانبور: «هل يعقل أن يستخدم أي رجل حساس أسلحة كهذه ضد عدوه؟ فكيف بالأمر إذا كان ضد شعبه؟». لكن القذافي قال أيضا إن الولاياتالمتحدة تخلت عنه. مضيفا «إنها خيانة. إنهم بلا أخلاق. فوجئت لأنه لدينا تحالف مع الغرب لمحاربة القاعدة والآن ونحن نحارب القاعدة، تخلوا عنا». وبحسب «إيه بي سي» فإن القذافي قال «ربما يريدون احتلال ليبيا»، مكررا بإصرار انه لا يستطيع الاستقالة لأنه ليس رئيسا ولا ملكا. كما نقلت ال»بي بي سي» عن القذافي قوله إنه يتحدى الذين يتحدثون عن وجود أموال له في الخارج. وقال إنه «سيضع إصبعيه في عيني من يقول ذلك». وحول ردة فعله إزاء قرار بريطانيا الخاص بتجميد الأصول المملوكة له ولعائلته، قال القذافى إنه «فى حال تجميد أي أرصدة ليبية فان الدولة الليبية هي من ستتعامل مع هذا الأمر»، إلا أنه حذر من أن هذا الإجراء «من شأنه الإضرار بمصالح البريطانيين». وأضاف «أتحدى السلطات البريطانية أن تعثر على أي حسابات بنكية لديها، أنا لا أحب المال ولا أمتلك حسابات بنكية في الداخل أو الخارج». ودعا القذافي الأممالمتحدة أو أي منظمة أخرى إلى إرسال «بعثة لتقصي الحقائق» في ليبيا. وقال مراسل ال»بي بي سي» جيريمي باون إن المقابلة أجريت في أحد مطاعم طرابلس مؤكدا إن القذافي بدا مرتاحا خلالها. وكرر القذافي إن المتظاهرين نزلوا إلى الشوارع تحت تأثير مخدرات جلبها «أشخاص من الخارج»، مؤكدا إنهم استولوا على أسلحة وأن مؤيديه تلقوا أوامر بعدم الرد بإطلاق النار. وقال لباون «إنها القاعدة. لقد دخلوا إلى قواعد عسكرية واستولوا على أسلحة وهم يروعون الشعب الآن». وتابع الزعيم الليبي إن «الناس الذين حصلوا على الأسلحة من الشبان بدأوا الآن بتسليمها بعدما زال تأثير المخدرات». ورأى القذافي في المقابلة نفسها إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما هو «رجل جيد» لكنه ضحية «تضليل». وقال إن «التصريحات التي سمعتها منه يجب أن تصدر عن شخص أخر». وأكد أن «أمريكا ليست شرطي العالم». ورأت السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة سوزان رايس أن تصريحات القذافي هذه تدل على أنه «يعيش في الأوهام». مضيفة أن حديثه إلى الصحافيين وضحكه معهم في الوقت الذي يرتكب فيه مجازر ضد شعبه يؤكد إلى أي حد هو ليس مؤهلا للحكم. واتهمت الولاياتالمتحدة الاثنين الحكومة الليبية بالتشويش على بث محطات إخبارية أجنبية مؤكدة أن هذه المبادرة تخالف ما أعلنه القذافي بأن الوضع هادىء في البلاد. ويستعد الغرب لمساعدة المعارضين الذين أنشأوا «مجلس وطنيا مستقلا» مكلفا بتمثيل «المدن المحررة». وفي شرق البلاد، أعلنت المعارضة السيطرة على عدة مدن حول العاصمة وفي الغرب بينها نالوت (230 كلم غرب طرابلس) والزاوية (60 كلم غرب العاصمة). ويبدو أن مدينة مصراته الاستراتيجية شرق البلاد أصبحت تحت سيطرة المعارضة. لكن قوات موالية للقذافي قامت مساء الاثنين في مصراته بإطلاق النار على مارة، مما أوقع قتيلين فيما أصيب شخص بجروح، كما قال شاهد في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس. وفي طرابلس، نصب ناشطون مؤيدون للقذافي مراكز مراقبة في العاصمة ومحيطها فيما يتم تقنين الخبز والوقود، كما قال أحد السكان. ولم يسجل ارتفاع في أسعار النفط الثلاثاء في التعاملات الأسيوية مقارنة مع الارتفاع الكبير الذي سجل منذ بداية الاضطرابات في الشرق الأوسط، لاسيما بعدما وعدت السعودية بضمان استقرار السوق النفطية. وارتفع سعر برميل النفط الخفيف 44 سنتا ليصل إلى 41.97 دولارا لكنه تجاوز الأسبوع الماضي 100 دولار فيما بلغ سعر برميل نفط برنت بحر الشمال 42.112 دولارا مرتفعا ب62 سنتا بعدما قارب سعره ال120 دولارا قبل عدة أيام. من جانب آخر، أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الثلاثاء أن الوضع على الحدود بين ليبيا وتونس بلغ مستوى «الأزمة» بعد فرار ما بين 70 ألفا و75 ألف شخص من ليبيا منذ 20 فبراير الماضي.