لعبت الحركات والأحزاب الشيوعية في العالم العربي دورا مهما في نشر الفكر التحرري، من خلال تكسير حواجز المجتمع التقليداني الذي كانت ولا زالت تشهده الدول العربية، من حيث الهيمنة الذكورية، وتركيز السلطة في يد أيديولوجيات فكرية واقتصادية معينة.. ومن هذا المنطلق، ظلت الحركات والأحزاب الشيوعية العربية وإلى اليوم، تدافع عن الشعوب العربية وتناضل إلى جانبها، من خلال تأطير الاحتجاجات والمسيرات المطالبة بالاستقلال، الحرية، العدالة الاجتماعية، والكرامة.. أو العمل على إحداث تغييرات تكتونية من داخل المؤسسات الدستورية للدول، التي توجد بها بعض الأحزاب التقليدية. واهتماما من بيان اليوم بالموضوع، ارتأت الجريدة أن تسلط الضوء على تجربة الأحزاب الشيوعية في العالم العربي، من خلال هذه الزاوية الرمضانية، التي سنقف من خلالها عند شذرات من تاريخ، ومنجزات وتجربة هذه الأحزاب، بالإضافة إلى الأهداف والمشاريع النضالية والفكرية والاقتصادية التي لا زالت تناضل لأجلها حاليا. ترخيص متأخر تونس 2/2 كان شهر مارس من سنة 2011، هو التاريخ الرسمي للترخيص القانوني من وزارة الداخلية للحزب، وذلك، عقب سقوط حكم زين العادين بن علي. وتبنى الحزب في سنواته الأولى التوجه الماركسي اللينيني، لكنه خفف مع مرور السنوات من أيديولوجيته فتبني الديمقراطية آلية للنضال السياسي، وانفتح على تيارات أخرى تختلف عن توجهه. وظل حزب العمال التونسي معارضا قويا للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وكان الوحيد الذي رفض التوقيع على ما يسمى الميثاق الوطني الذي قدمه الرئيس عام 1988 لتنظيم الحياة السياسية، ووافقت عليه بقية القوى والأحزاب السياسية. والحزب ذاته، خاض صراعا سياسيا ضد نظامي الرئيسين الحبيب بورقيبة وبن علي، وصراعا أيديولوجيا ضد حركة الاتجاه الإسلامي التي غيرت اسمها لاحقا إلى حركة النهضة، لكنه راجع في نهاية التسعينيات خطابه ومواقفه من الحركة المذكورة وطالب بإطلاق معتقليها. وذهب الحزب أبعد من ذلك، فأجرى حوارات مع بعض قادتها، ودخل في تحالف سياسي معها ضمن ما عرف بلجنة 18 أكتوبر التي طالبت بإطلاق الحريات العامة وإنهاء الاستبداد السياسي، وضمت حقوقيين وسياسيين من بينهم إسلاميون ويساريون وقوميون وعلمانيون. تعرض الحزب للكثير من الملاحقات والمطاردات، وتم اعتقال ومحاكمة عدد من قادته وكوادره خلال فترة حكم بن علي التي امتدت 23 عاما وكان زعيمه حمة الهمامي من أكثر هؤلاء تعرضا للمحاكمات والاعتقالات، حيث أمضى أكثر من عشر سنوات -على فترات متقطعة- في السجون والمعتقلات في فترتي حكم بورقيبة وبن علي. ورغم سقوط بن علي عقب ثورة 14 يناير عام 2011، بقى الحزب معارضا، حيث طالب بإسقاط الحكومة التي شكلها محمد الغنوشي، وأسس مع آخرين جبهة سياسية أطلق عليها جبهة 14 يناير، طالبت بحماية الثورة ومعاقبة الفاسدين والمسؤولين عن جرائم الماضي، واعتبرت أن الخطوات التي اتخذت لم ترق إلى مستوى القطيعة مع الماضي. وفي مارس 2011 منحت وزارة الداخلية الترخيص القانوني للحزب، وفي 10 يوليو 2012 سيغير الحزب اسمه وحذف كلمة الشيوعي فأصبح حزب العمال التونسي. وعين حمة الهمامي أمينا عاما للحزب خلال مؤتمره العام في يوليو 2011. ولم يترشح الحزب لانتخابات المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر 2011، ودخل في تحالف يضم حوالي 12 حزبا يساريا تحت اسم الجبهة الشعبية، عقد بعدها مؤتمره الوطني الرابع في يونيو 2014 . وترشح الأمين العام للحزب لأول مرة للانتخابات الرئاسية في 23 نونبر 2014 باسم الجبهة الشعبية التي حصلت على 25 مقعدا في الانتخابات البرلمانية في 26 أكتوبر 2014. وحصل الهمامي على المرتبة الثالثة في السباق الرئاسي ب7.82% من الأصوات، ورفض المشاركة في الحكومة آنذاك لخلافه مع حزب نداء تونس ورفض مشاركة حركة النهضة. وللحزب تنظيم شبابي يدعى اتحاد الشباب الشيوعي التونسي يصدر نشرية “إلى الأمام”. كما يضم الحزب إلى جانب منظمته الشبابية منظمة مساواة النسائية واليسار النقابي الناشط داخل هياكل اتحاد الشغل. وينتمي الحزب لندوة الأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية (الوحدة والنضال) ذات التوجه “الألباني”.