رسمياً.. الأمن الوطني يقدم جميع خدماته الإدارية للمواطنين عبر موقع إلكتروني    ريال مدريد يتوج بكأس القارات للأندية لكرة القدم    الأندية المشاركة في بطولة القسم الممتاز لكرة القدم النسوية تعلن استنكارها لقرار العصبة الوطنية وتأثيره السلبي على مسار البطولة        فريق مستقبل المرسى ينتزع فوزًا ثمينًا على حساب فريق شباب الجنوب بوجدور        الرئيس الموريتاني يحل بالمغرب في زيارة خاصة    الولايات المتحدة.. الاحتياطي الفدرالي يخفض سعر الفائدة الرئيسي للمرة الثالثة خلال 2024    بنك المغرب يتوقع تراجع التضخم إلى 0.8% في الفصل الرابع من 2024    الملك يعزي الرئيس ماكرون في ضحايا إعصار تشيدو بأرخبيل مايوت    ما هي التحديات الكبرى التي تواجه القيادة السورية الجديدة؟    برعاية مغربية .. الفرقاء الليبيون يتوصلون إلى اتفاق جديد في بوزنيقة    حجز آلاف الأدوية المهربة في مراكش    النقض يرفض طلب "كازينو السعدي"    وزير الخارجية الشيلي: العلاقة الشيلية المغربية توفر إمكانيات كبيرة للتعاون    الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي يخضع للرقابة بسوار إلكتروني لمدة سنة بعد إدانته بتهم الفساد واستغلال النفوذ    فرنسا تقيم الخسائر بعد إعصار مايوت    شباب جمعية "أسوار فاس" يواصلون الإبهار بعروض مسرحية متنوعة بطنجة    تسجيل أول حالة إصابة خطيرة بإنفلونزا الطيور في أمريكا    النقيب عبد الرحيم الجامعي يراسل عبد الإله بنكيران حول بلاغ حزبه المتعلق بعقوبة الإعدام    الرجاء يستجدي جامعة كرة القدم لمساعدته في رفع المنع من التعاقدات    مؤجلات الجولة 31 من الدوري الاحترافي .. الوداد ضيف ثقيل على الجيش الملكي بالقنيطرة والكوديم يتحدى نهضة بركان    تألق رياضي وتفوق أكاديمي للاعبة الوداد الرياضي سلمى بوكرش بحصولها على شهادة الدكتوراه    لماذا أرفض الرأسمالية ؟    حزب العدالة والتنمية يواجه رئيس الحكومة بتهم تنازع المصالح بعد فوز شركته بصفقة تحلية المياه    بوريطة يؤكد الحاجة الماسة إلى "روح الصخيرات" لحل الملف الليبي    كلمة .. شعبنا آيل للانقراض    شركة "أطلنطاسند" للتأمين تعلن عن تقليص مدة الخبرة والتعويض إلى 60 دقيقة فقط    معاناة متجددة لمرضى السل بفعل انقطاع الدواء باستمرار        وداعا أمي جديد الشاعر والروائي محمد بوفتاس    فاس.. انطلاق أشغال الدورة العادية السادسة للمجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة    زيان يسقط فجأة خلال محاكمته ويُنقل للإسعاف    المغرب وإسبانيا يعيشان "أفضل لحظة في علاقاتهما الثنائية" (ألباريس)    الناظور.. ارتفاع معدل الزواج وتراجع الخصوبة    حفل توقيع "أبريذ غار أوجنا" يبرز قضايا التعايش والتسامح    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    جمعيات تعبر عن رفضها لمضامين مشروع قانون التراث الثقافي    مزور يشرف على انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ بالبيضاء    أزمة اللحوم الحمراء بالمغرب بين تراجع الأغنام وسياسات الاستيراد    تداولات الافتتاح ببورصة الدار البيضاء    اختيار الفيلم الفلسطيني "من المسافة صفر" بالقائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي    تطوان تُسجّل حالة وفاة ب "بوحمرون"    مزرعة مخبرية أميركية تربّي خنازير معدلة وراثيا لبيع أعضائها للبشر    علماء يطورون بطاطس تتحمل موجات الحر لمواجهة التغير المناخي    حماس تصف محادثات الدوحة حول الهدنة بأنها "جادة وإيجابية" وإسرائيل تنفي توجه نتانياهو للقاهرة    كأس إيطاليا: يوفنتوس يفوز على كالياري برياعية ويتأهل لربع النهاية    الكعبي عقب استبعاده من جوائز الكرة الذهبية: "اشتغلت بجد وفوجئت بغيابي عن قائمة المرشحين"    دبي تطلق خدمة التوصيل بالطائرات بدون طيار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط    كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملف عن المرأة في السينما المغربية وقراءة في أفلام اليوم السادس من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة
نشر في بيان اليوم يوم 10 - 03 - 2019

يسلط الفيلم الطويل “هلا مدريد فيسكا بارصا” للمخرج عبد الإله الجوهري، الضوء على واقع اجتماعي من زمننا المعاصر، من خلال عرض وقائع من المعيش اليومي لسكان أحياء شعبية، وهناك رجل متسلط، له يد طويلة -كما جاء على لسان أحد ضحاياه- يقدم نفسه لهؤلاء السكان باعتباره إنسانا محسنا ومؤمنا، غير أن الغرض من ذلك هو أن يشبع رغباته في التسلط على الناس والتحكم فيهم، إلى حد أنه يسعى إلى أن يستقطبهم لمناصرة فريق معين لكرة القدم هو ريال مدريد، ما دام أنه يعشق هذا الفريق، هكذا تم تقديم نوع من الصراع في هذا الوسط الاجتماعي البئيس، بنوع اتسم بروح باعثة على السخرية، سيما وأن التنافس الرياضي القائم بين فريقين أجنبين يصير الشغل الشاغل لمواطنين مغاربة، يشغلهم عن مشاكلهم الاجتماعية والعائلية، لا بل يشغلهم حتى عن قيامهم بفرائض الصلاة في أوقاتها.
لقد تم تقديم واقع يطغى عليه الفساد والاستبداد، حيث من يملك المال بمقدوره أنه يفعل ما يشاء دون أن يتعرض للمحاكمة، يمكن له أن يرتكب جريمة القتل دون محاسبة، ويعتبرها مجرد زوبعة وستهدأ، كما يمكن له تهدئتها بإلهاء الناس بأمور تافهة، غير أنه في نهاية الشريط سيتم إبراز أن الظروف لم تعد كما كانت عليه في السابق، وأن لا أحد بمنجى من المحاسبة على كل فعل شنيع ارتكبه، حتى لو حصل على الحصانة البرلمانية.
لقد تمت معالجة هذه الوقائع بأسلوب بسيط، لا يخلو من تشويق، جاءت مشاهد الشريط مطبوعة بالحركية، بالنظر إلى وجود صراع بين المتواطئين مع الفساد وبين الرافضين له وإن تطلب ذلك التضحية بحياتهم.
ياسمينة
تمحور الفيلم القصير “ياسيمنة” للمخرج علي الصميلي حول مشاكل الهجرة، خاصة الهجرة غير القانونية، من خلال تطرقه لأسرة مغربية مقيمة بفرنسا، ستقوم الشرطة بإلقاء القبض على الأب لتهجيره إلى بلده، فيما ستفر ابنته ياسمينة وتتشبث بالبقاء، حتى بمعزل عن أسرتها، سيما وأنه كان ينتظرها موعد هام، وهو مشاركتها في مقابلة مصيرية لكرة القدم، باعتبارها حارسة المرمى، ذلك أنه لديها شغف كبير بهذه الرياضة، ومن ثم سيتم إبراز معاناة هذه الفتاة، فهي من جهة قلقة على مصير والدها، ومن جهة أخرى، كيف سيكون بمقدورها أن تختبئ عن الشرطة وتتمكن بالتالي من الحضور والمشاركة في المقابلة المصيرية السالفة الذكر. كان لديها إصرار على أن تثبت وجودها باعتبارها إنسانة متفوقة وليست مجرد مهاجرة غير قانونية، وعند أوان المقابلة التي تمرنت لها جيدا، كانت حاضرة في الموعد، وقامت بشكل جنوني بتحفيز زميلاتها على مقاومة الخصم، وهي تصرخ بحدة حتى في اللحظات التي لم يكن داع لذلك، مما جعل جميع اللاعبات سواء من فريقها أو من الفريق الخصم، يصبن بالذهول، ويتوقفن عن الحركة. ماذا يعني هذا؟ إنه شكل من أشكال الاحتجاج تقدمه البطلة ياسمينة، احتجاج على واقع حيث لم يعد يجد فيه الإنسان مكانا للعيش. احتجاج على شكل صرخة مدوية، تعني في ما تعنيه أن من حقها أن تعيش مكرمة هي وأسرتها، وأنه لا معنى لعبارة هجرية سرية.
MKS
يستحضر هذا الفيلم القصير للمخرج إدريس الروخ سنوات الاحتقان السياسي، حيث يقوم البطل بسرد تجربة الاعتقال، غير أن الطريف في هذا الشريط أن الاعتقال كان قد تم عن طريق سوء الفهم، حيث كان المعتقل الذي يهوى فن الرسم، يعشق فتاة تدعى حورية، ومن شدة هيامه بها، كان يخط إسمها على الجدران، وبالنظر إلى أن تلك الحقبة من زمن المغرب كانت مطبوعة بسنوات الرصاص، فقد اختلط في ذهن السلطات ذلك الإسم مع الحرية، واعتقدت أن الأمر يتعلق بالمطالبة بالحرية، مما دفع بها إلى البحث عن صاحب المخطوط وإلقاء القبض عليه، وبهذا الصدد تم استحضار أشكال التعذيب القاسية جدا، التي كانت سائدة في ذلك الإبان، والتي كان يتم اللجوء إليها لاستنطاق المعتقلين السياسيين.
وبعد قضائه لعشرين سنة في هذه الظروف الشديدة القسوة من الاعتقال التعسفي، وإطلاق سراحه، سيتمرد على الواقع وسيصر على أن يحكي تجربته لكل من يصادفه في طريقه، وخلال ذلك سيلتقي بمن كان يعشقها والتي كان قد اعتقل بسببها، ربما للتأكيد على أنه مهما تجبر الظلم فإن الحق لا بد أن يكون الانتصار حليفه في نهاية المطاف.
طفح الكيل
موضوع آخر من واقعنا المعيشي، ذلك الذي تطرق له الشريط السينمائي الطويل “طفح الكيل” للمخرج محسن البصري، حيث جرت وقائعه بالكامل تقريبا داخل إحدى المستشفيات، ونقل بعمق المشاكل التي يتخبط فيها ميدان الصحة، من قبيل الازدحام وتأخير مواعيد الفحص وغياب آليات التطبيب والرشوة والإهمال وانعدام الراحة.. إلى غير ذلك من المشاكل، وتصل المأساة إلى ذروتها، حين تضطر إحدى الأسر إلى الاستغناء عن ابنها لأنها لم تجد المال لكي تعالجه، مما طرح مشكل الغاية من الإنجاب ما دام الواقع لا يشجع على العيش بل على الانتحار، هل من أجل التناسل فقط؟
أبرز هذا الشريط كذلك صوت الرافض لهذا الواقع الذي يضطرهم لبيع مدخراتهم من أجل العلاج، صوت لم يكن يتردد في التنديد جهرا، والإعلان عن تعجبه لاستكانة الناس وعدم قيامهم بالمطالبة بالتغيير ورد الاعتبار لكرامتهم التي تهدر كل يوم في المستشفيات وفي غيرها من المؤسسات العمومية التي من المفروض أن تقدم خدماتها للمواطنين بدون استبزازهم.
لقد قدم هذا الشريط إذن صورة سوداء عن جانب أساسي من الواقع المغربي، وهو المتعلق بوضعية المستشفيات ببلادنا، ليس بطريقة توثيقية جافة، بل بروح إبداعية، تأخذ بعين الاعتبار الخط الدرامي المتصاعد والشحنة العاطفية المؤثرة.
المرأة في السينما المغربية
شكل موضوع المرأة محورا رئيسيا في العديد من أفلام الدورة العشرين للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، فهي إما لها دور ثانوي، وإما الدور المطلق، على سبيل المثال الفيلم الطويل “نذير” الذي عرض ضمن المسابقة الرسمية، حيث تظهر البطلة لوحدها على امتداد عمر الشريط الذي تبلغ مدته تسعين دقيقة، أغلب المشاهد تدور في زنزانة، حيث تقضي البطلة حكما بالسجن المؤبد، حياة كاملة ستجسدها البطلة نذيرة في هذه الزنزانة، حيث الوقت لا يصير له أي معنى، وحيث أن على السجينة أن تخلق إيقاعها الحياتي الخاص الذي يساعدها على تحمل العيش مدى الحياة في الأسر، كما أن هناك أفلاما أخرى خلال هذه الدورة قدمت المرأة التي تملك إرادة قوية، مثلما هو الحال في الفيلم القصير “قلق”، أو المرأة المثقفة التي تحمل فكريا تقدميا، على سبيل المثال الفيلم القصير “سفسطة”، أو المرأة التي تتمرد على الرجل المتسلط في الفيلم الطويل “هالا مدريد فيسكا بارصا”، وهناك صور أخرى للمرأة كما عرضت في هذه الدورة، من قبيل المرأة التي تبحث عن الحب المستحيل في الفيلم الطويل “التمرد الأخير”، كما أن هناك الفتاة المراهقة التي تشتغل عاملة بالبيوت والتي تحاول أن تتخلص من هذا الوضع الاجتماعي ولو عبر العالم الافتراضي، كما تجسد ذلك في الفيلم القصير “حياة الأميرة” إلى غير ذلك من أفلام هذه الدورة التي حضرت فيها المرأة ممثلة ومحورا رئيسيا ومخرجة كذلك، المناسبة كان لبيان اليوم لقاء مع مجموعة من الفاعلين في حقلنا السينما:
رئيس جمعية نقاد السينما بالمغرب خليل الدمون: عن المخرجات السينمائيات
هناك تطور مهم في ما يخص المرأة في السينما المغربية على الأقل من الناحية العددية، حيث أنه في البداية كانت هناك مخرجة واحدة، هي فريدة بليزيد، التي تعتبر أقدم سينمائية مغربية في مجال الإخراج، ثم جاءت في ما بعد بعض المخرجات اللواتي تمرسن على الإخراج التلفزيوني، ولكن اليوم نلاحظ أن هناك نوعا من السينما التي وراءها نساء مخرجات ليس لكونهم نساء، ولكن باعتبارهن لهن تصور خاص في الإخراج السينمائي، من قبيل: نرجس النجار التي أعطت زخما مهما، باعتبارها جاءت بأفلام تعالج قضايا المرأة ولكن برؤية خاصة بها، حيث عالجت في فيلمها الأول “العيون الجافة: منطقة بها مجموعة من الطابوهات، سواء من حيث موضوعه الذي يعالج قضايا مجتمع جد منغلق، وينعكس ذلك على سلوكيات المرأة، وعلى حمولتها وموقعها داخل هذا المجتمع، أو في إطار الفيلم الذي أنجزته بالاشتراك مع مخرجين، تناولت من الناحية السينمائية تقنية خاصة بها، حيث عالجت قضية الحدود، وكان استعمالها للكاميرا بطريقة مختلفة تماما، هناك كذلك مجموعة من المخرجات اللواتي اقتحمن عالم السينما، كما هو الحال بالنسبة لفريدة بورقية، التي جاءت من التلفزيون، وهي في الحقيقة سينماها، وإن كانت قد أنجزت أفلاما للسينما، فإن ذلك كان برؤية تلفزيونية، بمعنى أن فيها الحدث وفيها النجوم وفيها كذلك النهاية السعيدة، ففيلمها السينمائي الطويل “طريق العيالات، نجد به نوعا من الفرجة، من خلال وجود نساء يواجهن صعوبة في الحياة، ولكن أنا أركز كثيرا على الجانب المتعلق بالكتابة السينمائية، فريدة بورقية تظل دائما مرتبطة بالكتابة السينمائية التلفزيونية ويهما الجمهور، فهي محافظة من ناحية البحث في الكتابة السينمائية الجديدة وبالتالي تبقى سينما فريدة بورقية سينما عادية جدا، المهم في ما يخص علاقة المرأة بالسينما، هناك مخرجات شابات سواء على مستوى الفيلم القصير أو على مستوى الفيلم الوثائقي، لا يجب أن نغفل مخرجة جريئة هي ليلى المراكشي في فيلمها “مروك” وحتى في فيلمها الآخر: “القصبة”، نجد فيه بحثا وتناولا لقضايا عصرية، وكذلك ليلى الكيلاني في الجانب المتعلق بالوثائقي، فهي مخرجة هامة جدا، وهناك فيلم جميل جدا لياسمين قصاري يحمل عنوان “الراكد” الذي يعد من أحسن الأفلام المغربية، هؤلاء المخرجات هن اللواتي الآن يجعلن السينما غنية، ليس فقط على المستوى الوطني بل حتى على المستوى الأفريقي، نادرا ما نجد سينما حية بنسائها في أفريقيا مثلما نجد في المغرب، هناك بطبيعة الحال مصر وجنوب أفريقيا، ولكن في المغرب هناك نساء يبحثن سواء على مستوى التيمات أو على مستوى الكتابة السينمائية.
الممثل زكريا عاطفي: ليس هناك بطلة سينمائية
الخزانة السينمائية المغربية صارت ممتلئة، بعد مائة سنة من التجربة المدعاة للافتخار، السينما المغربية تطرقت لعدة مواضيع، يبقى موضوع المرأة ذا طبيعة لا نقول هشة، ولكن لم ينل حظه وحتى إذا ناله، فهو لم يعط للمرأة تلك الأهمية، لحد الآن لدينا بطل الفيلم ولكن ليس لدينا بطلة الفيلم بمعنى البطولة المطلقة، تلك التي تصنع الحدث، فهي إما نجدها تشخص دورا ثانويا، وإما في الكورال، فقد شاهدنا في هذه الدورة أفلاما عن النساء بصفة عامة، ولكنه متفرقات في الدوار، كل واحدة لها قصتها التي تتعلق بالمرأة ولها علاقة بالمسائل التي ليست إيجابية بقدر ما هي سلبية في اتجاه معين، وهذا ينم عن نقص، خصوصا عندما نعقد مقارنة مع السينما الأمريكية أو الأوروبية، حيث نجد المرأة بطلة بصفة مطلقة في أفلامهم، وأتمنى أن يفكر كتاب السيناريو والمخرجون السينمائيون في هذه المسألة، ويسندوا للمرأة دور البطلة، فكما أن لدينا بطلات في الرياضة، نحب أن نرى بطلات في أشياء أخرى.
المخرج السينمائي عبد الإله الجوهري: أغلب الأفلام التي تناولت موضوع المرأة، تم بمنظور تجاري محض
السينما المغربي هي بين قوسين سينما شابة، بالنظر إلى عمرها، وبالنظر كذلك إلى أن السينما المغربية في بدايتها بالنظر للإمكانيات التي تتوفر عليها والتراكمات التي حققتها لحد الآن، حيث تم تجاوز خمسمائة فيلم كسينمائي طويل، وبالتالي ما زالت لم تتبلور في سينمانا مجموعة من التصورات والرؤى حول مجموعة من المواضيع، وبالأساس صورة المرأة في السينما المغربية، للأسف أغلب الأفلام التي تناولت موضوع المرأة، تم ذلك بمنظور تجاري محض، ومحكومة بكليشيهات مستوردة من الأفلام الغربية الأمريكية والهندية وما شابه ذلك، المرأة في تسعين في المائة من الأفلام المغربية هي معادل لسلعة، تستهلك مثلما تستهلك كل السلع، لكن هذا لا يمنع أن هناك أفلاما مغربية التي تصور المرأة التي تقدم نفسها باعتبارها إنسانة لها عواطف وجوارح وموقف، ويحضرني بهذا الصدد فيلم أعتبره من أجمل الأفلام المغربية الذي يتضمن رؤية قوية عن المرأة وهو فيلم باديس لمحمد عبد الرحمان التازي الذي نجد فيه شخصيتين نسائيتين شخصتهما الممثلة المغربية وكية الطاهري وممثلة إسبانية، يواجهان المجتمع الرجولي ويتعرضان للرجم ومع ذلك لا يهتمان، لأن ما يهمهما أنهما أخذا مصيرهما بأيديهما وإن كانت النهاية تراجيدية، من الممكن كذلك الحديث عن الفيلم السينمائي الذي كنت قد قمت بإخراجه، وهو فيلم “ولولة الروح” الذي نجد فيه المرأة الأولى التي هي المناضلة الطالبة، والتي قدمتها باعتبارها المعادلة للشهيدة سعيدة المنبهي، وأيضا الشيخة التي قدمتها ليس كما يصورها الإعلام الرسمي والأفلام التجارية، ولكن باعتبارها مناضلة فنانة حقيقية تقد الفن وتقدس مكانتها بصفتها امرأة.
الناقد السينمائي الحبيب ناصري: موضوع المرأة ينبغي تعميق البحث فيها
تشكل “تيمة” المرأة في الإبداع الإنساني، قيمة رمزية دالة على العديد من التمثلات، إذ من خلالها من الممكن أن نمسك ببعض العناصر الموضحة لطبيعة وموقف المجتمع من المرأة ككل. ترى ما طبيعة حضور المرأة في سينمانا المغربية؟
موضوع كهذا من الممكن تأطيره بالعديد من الأسئلة، من قبيل ما طبيعة عدد من يشتغلن وراء الكاميرا ببلادنا؟ أقصد ما نسبة حضور مخرجاتنا المغربيات، بالمقارنة مع فئة الذكور؟. وما هي نوعية حضور هذه المرآة كقيمة ثقافية وفنية في أعمالنا السينمائية سواء تلك التي صيغت من طرف النساء آو الذكور؟
نماذج من السينما المغربية
إن موضوع صورة المرأة في السينما المغربية، من المواضيع التي ينبغي تعميق البحث فيها، لاسيما وأننا أمام مجال إبداعي يرتبط بشكل أو بآخر بطبيعة التمثلات والتصورات المتداولة عن هذا الكائن الذي لازال لم ينل حقه الطبيعي وسط مجتمع ذكوري.
حينما نعود ومن جانب يتعلق بكيفية حضور المرأة في خطابنا السمعي البصري، نجد أن جنس الإشهار ببلادنا، كان ولا يزال يستحضر المرأة ضمن سياق جسدي تبضيعي تجاري صرف. بمعنى أن إشهارنا المغربي، ومع الأسف الشديد ومن موقع البحث عن الربح ولاشيء آخر غير الربح، نجده يسوق صورة نمطية عن المرأة مرهونة بنظرة مطبخية سلبية، بمعنى انه يحصر صورتها ضمن ‘رؤية' ‘بقالية'، تجارية، مما يرسخ هذه الصورة في لاوعي العديد من الفئات المتلقية لطبيعة هذا الخطاب النمطي.
ضمن سياقات سينمائية أخرى من الممكن القول إن حضور المرأة في العديد من النماذج السينمائية المغربية الموقعة بصيغة أنثوية يتراوح بين التوظيف النمطي الجسدي التقريري المباشر دون توظيفات رمزية جمالية دالة ومولدة للعديد من المعاني/الدلالات، على سبيل المثال صورة المرأة في العيون الجافة لنرجس النجار، أو التوظيف الحدوثي/الخرافي الرمزي الدال، والمولد للعديد من التوظيفات الجمالية لاسيما في سياقها المكاني/المائي، وهنا نستحضر كمثال فيلم الراقد لياسمين قصاري، أو طبيعة تقافية شعبية تراثية دالة، وهنا من الممكن استحضار تجربة المخرجة المغربية الوثائقية ايزة جنيني، سواء تعلق الآمر بأفلامها عن “العيطة” آو عن النوبة الذهبية/الموسيقى الأندلسية آو عن موسم مولاي عبد الله الخ.
إن الحديث عن طبيعة حضور المرأة في هذا الشكل التعبيري السينمائي المغربي، قد يكون أحيانا مناقضا تماما لطبيعة حضوره في أشكال فنية أخرى لاسيما في مجال الشعر. هنا تصبح رمزية المرأة لها دلالات جمالية دالة ومولدة للعديد من الاستعارات. فهل يفهم من هذا الكلام أن الشعر خصب صورة المرأة عكس ما يمكن إيجاده في السينما؟
الموقع الذي نوجد فيه وطبيعة إطلالاتنا على ما نشاهد وطبيعة صورنا الثقافية وأنماطنا الفكرية وطبيعة إشباعاتنا الإيديولوجية هي من يحرك العديد من التوظيفات الخاصة بهذه المرآة التي هي في نهاية المطاف مكرمة في جميع الديانات السماوية، بل حتى الأساطير المؤسسة لنمط فكري سابق أعطاها أبعادا رمزية متعددة ومتنوعة.
الفيلم الوثائقي المغربي
ورهانات صورة مغايرة عن المرأة
من الممكن الجزم، أن صورة مغايرة تنتظرنا جميعا في هذا الشكل التعبير/الفكري الذي لازال، يناضل من أجل نزع شرعيته ونوعيته وفنيته وجماليته الثقافية في منظومتنا السمعية البصرية والتربوية والثقافية ككل.
حضور المرأة في الفيلم الوثائقي سواء الموقع من طرف الأنثى أو الذكر، أو هما معا، قادر على الدفع بتطوير وانتشال هذه الصورة النمطية المرسخة خصوصا في الإشهار ونماذج فيلمية أخرى. أقول هذا الكلام في سياق ما تعرفه العديد من الدول من توظيف ثقافي وتربوي وفني ومهني، يتعلق ب”استغلال” هذا الجنس الفني في تقوية وعي/لاوعي المتلقي.
لازالت صورة المرأة في فيلم “الرقص خارج القانون”، لمخرجه المغربي العبودي، والذي حصل على تنويه خاص من لجنة تحكيم المهرجان الوطني للفيلم بطنجة الأخير، “تطاردني”، بنوع من الحرج الثقافي والفني والجمالي. حقيقة صادمة وجرأة قوية وضرورية ودالة هنا. إذ الأمر يتعلق بكيفية، نبذ المجتمع لفتاة أنجبت خارج قيمه المتداولة، وطبيعة تبعات ذلك. وحدها الأم بقيت وفية لابنتها حاضنة لها متابعة لأخبارها، لا سيما وأنها امتهنت الرقص (شيخة)، وأنجبت في هذا السياق الخمري/الجنسي حيث إشباع اللذة والرقص خارج القانون.
على سبيل الختام
أعتقد أن صورة المرأة، في السينما المغربية، يشكل اليوم موضوعا جوهريا في مجال البحث العلمي، لاسيما وأن هذه السينما راكمت أفلاما عديدة، من الممكن الاشتغال عليها، في أفق استخراج مجموعة من العناصر والمكونات التي توضح لنا كيفية هذا الحضور، وفق منهجية ما.
مبعوث بيان اليوم إلى طنجة: عبد العالي بركات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.