تفشت عدوى الاحتجاجات العمالية أول أمس الأحد في مصر حتى شملت فئات مختلفة من الشعب وصلت إلى أفراد الشرطة للمطالبة برفع الأجور وتعيين المؤقتين وذلك في وقت حذر رئيس حكومة تسيير الأعمال الفريق احمد شفيق من أن تؤدى هذه المطالب إلى خراب اقتصادي. وبدأت هذه الاحتجاجات مع نهاية ثورة الشباب، التي كسرت حاجز الخوف وأطاحت بالرئيس حسني مبارك من رئاسة البلاد، إذ انضم العمال المطالبين بمزايا مالية مع الثوار في ميدان التحرير في الأيام الأخيرة للثورة وتحديدا يومي الخميس والجمعة. واشتدت الاحتجاجات العمالية اليوم حتى شملت قطاعات عديدة في الدولة منها القطاعات الوزارية والبنوك والجامعات والمؤسسات الصحفية والسكك الحديدية والشرطة. وفى هذا الصدد تظاهر قرابة خمسة آلاف عامل يعملون بعقود مؤقتة في الهيئة القومية للسكك الحديدية مطالبين بتعيينهم فورا. وقال المتحدث الإعلامي باسم الهيئة محمد حجازي إن المفاوضات بين قيادة الهيئة والعمال المتظاهرين وصلت إلى طريق مسدود خاصة أن الاستجابة لمطالب العمال تحتاج إلى موارد مالية ليست في مقدرة الهيئة. وأوضح في تصريحات بثتها وكالة أنباء (الشرق الأوسط) إن العمال تجمهروا فوق قضبان السكك الحديد وأمام مدخل محطة مصر وفي محافظتي الإسكندرية وأسوان لمنع دخول وخروج القطارات ما أدى إلى تعطيل حركة القطارات . كما تظاهر مئات من ضباط وأفراد الشرطة المصرية أمام مقر وزارة الداخلية وبميدان التحرير في وسط القاهرة للمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية وزيادة مرتباتهم. وطالبوا كذلك بتحديد ساعات العمل بثماني ساعات فقط وتحسين الرعاية الصحية المقدمة لهم ولأسرهم. وقال المتظاهرون إن مرتباتهم لا توازى حجم المخاطر التي يتعرضون لها خلال أدائهم لمهام عملهم، ولا عدد الساعات التي يقضونها في السهر على أمن الوطن والمواطن. وامتدت المظاهرات إلى قطاع البنوك حيث نظم العاملون ببنك التنمية والائتمان الزراعي وقفة احتجاجية أمام مقر البنك مطالبين بتغيير قيادات البنك ومستشاريه وإعطاء فرصة للشباب لتولى المناصب القيادية وتثبيت العمالة المؤقتة وتحسين الأجور. كما تظاهر نحو 500 من العاملين بمقر البنك الأهلي الرئيسي ضد رئيس البنك مطالبين بالتحقيق معه فيما وصفوها بمخالفات مالية. وشملت المظاهرات أيضا بنك التنمية الصناعية إذ طالب 800 موظف بالبنك بإقالة رئيس مجلس الإدارة الذي اتهموه بإهدار المال العام واتباع منهج الوساطة والمحسوبية . ووصلت الاحتجاجات العمالية كذلك إلى بنوك مصر والقاهرةوالإسكندرية في الوقت ذاته تظاهر نحو 2000 من الأئمة المعينين بمديرية أوقاف الإسكندرية أمام مسجد القائد إبراهيم مطالبين بإقرار كادر خاص لأجورهم ورفعها. وطالب الأئمة بإلغاء تدخل الأجهزة الأمنية في أعمالهم وتحديد الموضوعات التي يتناولونها في خطبهم مسبقا. وتظاهر كذلك قرابة 500 موظف بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وطالبوا بتعيين المؤقتين وإقالة وزير التعليم هاني هلال ووضع هيكل جديد للرواتب ومراجعة حوافز ومكافآت كبار موظفي الوزارة . وشملت المظاهرات كذلك وزارة الصحة احتجاجا على سياسات وزير الصحة السابق حاتم الجبلي في دعم صناعة الدواء الأجنبي على حساب الدواء المحلي وللمطالبة بإقالة اشرف بيومي رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيادلة وكمال صبره رئيس قطاع الصيدلة بالوزارة. وعقد مجلس إدارة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر اجتماعا طارئا موسعا بحضور حسين مجاور رئيس الاتحاد و ورؤساء 24 نقابة عمالية ناقش فيه القضايا العمالية وكيفية التعامل مع معطيات المرحلة المقبلة. وأكد مجاور أنه لن يتم تسييس الحركة النقابية العمالية ولن يتم إنشاء حزب عمالى لأن اتحاد العمال يقوم بدوره في حماية حقوق ومكتسبات العمال وطالب بإعداد حصر للمشاكل العمالية في مختلف القطاعات تمهيدا لعرضها على رئيس حكومة تسيير الأعمال أحمد شفيق. من جانبه، حذر شفيق من أن تؤدى هذه المطالب الفئوية إلى خراب اقتصادي مشيرا إلى أن استمرار هذه المطالب والاحتجاجات والاعتصامات تكلف الاقتصاد المصري الملايين كل يوم . وقال لا يمكن تلبية هذه المطالب بين يوم وليلة وإلا حدث خراب اقتصادي للبلد منوها بان إحدى الهيئات بلغ سقف الطلبات فيها إلى نصف مليار جنيه. ودعا العمال إلى التمسك بالحكمة والعقل حتى لا يحدث دمار اقتصادي موضحا أن أصحاب المطالب الفئوية فئة ركبت موجة شباب ميدان التحرير الناضجة ذات الملامح والأهداف الواضحة والتي احترمها العالم. وتعهد بأن تشهد الفترة المقبلة انتظاما فى العمل في مختلف قطاعات الدولة وأن يكون تقييم العاملين وفقا لما يبذلونه من جهد وتفان في العمل وليس عن طريق الواسطة والمحسوبية . ودعا شفيق شباب مصر إلى المشاركة بكل قوة لإعادة عجلة الاقتصاد ودفعها إلى الأمام وذلك حتى ينطلق الاقتصاد المصري إلى آفاق جديدة متجاوزا الخسائر الاقتصادية التى تمر بها البلاد في الوقت الراهن. وأشار إلى أن العالم ينظر إلى مصر بعقل متفتح وأن كثيرا من الدول الكبرى عرضت تقديم منح وقروض ميسرة لدعم الاقتصاد المصري معربا عن تفاؤله بالمرحلة المقبلة .