دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر المواطنين إلى وضع حد للتظاهر والاعتصام وتهيئة ما سماه المناخ المناسب لإدارة شؤون البلاد في هذه المرحلة إلى حين تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة. تزامن ذلك مع إخلاء الجيش ميدان التحرير من المعتصمين وسط استمرار احتجاجات واعتصامات عمالية ونقابية تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية والوظيفية. وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانا خامسا تلي في التلفزيون الرسمي أهاب فيه "بالمصريين الشرفاء أن يدركوا أن الوقفات الاحتجاجية تؤدي إلى آثار سلبية وتتسبب في الإضرار بأمن البلاد، لما تحدثه من إرباك في مرافق الدولة". وأشار البيان إلى أن تلك الاحتجاجات "تؤثر سلبيا على توفير متطلبات الحياة وتؤدي أيضا إلى إرباك عجلة الإنتاج وتعطيل مصالح المواطنين وتؤثر سلبا على الاقتصاد وتهيئ المناخ لعناصر غير مسؤولة وأعمال غير مشروعة". كما أهاب بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة "في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار وضمان استمرار الإنتاج، بالمواطنين والنقابات القيام بدورها على الوجه الأكمل، كل في موقعه"، وأعرب عن أمله من الجميع تهيئة المناخ المناسب لإدارة شؤون البلاد إلى أن يتم تسليمها للسلطة المدنية الشرعية المنتخبة. وفي أول تعليق على البيان الخامس قال عبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة كفاية للجزيرة "نحن قلقون جدا من البيان العسكري الأخير الداعي لوقف التظاهر". من جانبه قال مصطفى شوقي عضو ائتلاف ثورة الغضب للجزيرة إنه يؤيد إعطاء فرصة للجيش لإدارة البلاد، لكنه أشار إلى أن استمرار حكومة أحمد شفيق يؤجج مشاعر الناس التي ترفضها لوجود رموز النظام القديم فيها. وطالب شوقي القوات المسلحة بأن تأخذ بعين الاعتبار مطالب الاعتصامات في أماكن العمل لأن هؤلاء لديهم مطالب واضحة مع استمرار وزير العمل ورئيس اتحاد العمال -اللذين وصفهما بأنهما فاسدان- في منصبيهما. ودعا إلى ضرورة إقالة بعض الوزراء ومحاكمة آخرين لعدم وجود ثقة بين حكومة شفيق والناس لأنها تمثل رمزا للنظام السابق. كما طالب شوقي القوات المسلحة بالإسراع في إعادة تشكيل الحكومة في غضون عشرة أيام بما يتناسب مع تطورات الوضع الجديد لتكون حكومة تكنوقراط تترأسها شخصية وطنية مستقلة تدير المرحلة الانتقالية، كي يطمئن المصريون على ثورتهم. إخلاء التحرير وجاء البيان العسكري الأخير بعد ساعات من تطويق قوات من الشرطة العسكرية التابعة للجيش بضع عشرات من المحتجين المعتصمين في ميدان التحرير وسط القاهرة، وطلبت منهم مغادرة الميدان وإلا واجهوا الاعتقال. وقال يحيى صقر أحد المحتجين لوكالة رويترز إن أمامهم مهلة نصف ساعة لمغادرة الميدان الذي تطوقه الشرطة العسكرية، مضيفا أن ضابطا كبيرا أبلغهم أنهم سيعتقلون في حال عدم الالتزام بهذه المهلة. لكن شاهدا من رويترز قال إن آلاف المحتجين الذين يلوحون بعلم مصر عادوا بعد ذلك بقليل إلى الميدان مما تسبب في توقف حركة المرور. ووقعت مشادات بين الجنود والمحتجين أمس في حين نجح الجيش في تسيير حركة المرور بالميدان وأصر بعض المحتجين على البقاء عاقدين العزم على متابعة تنفيذ مطالبهم بالحكم المدني وإرساء نظام حر وديمقراطي. في تطور متصل نظم عدد من ضباط الشرطة المصريين مظاهرة احتجاج حاشدة حول مقر وزارة الداخلية تتبرأ من قرارات وزير الداخلية السابق حبيب العادلي. واتهم الضباط الوزير بأنه وراء ما حدث أثناء المظاهرات. كما دخل مئات من رجال الشرطة المصرية بزيهم الرسمي وبملابس مدنية ميدان التحرير اليوم لإبداء تضامنهم مع المحتجين الذين أطاحوا بنظام حسني مبارك، وذكر شهود أنهم كانوا يلوحون بأعلام مصر ويرددون هتافات تبدي تضامنا مع المحتجين وقال رجال الشرطة إنهم يريدون تكريم شهداء الثورة. لقاء في هذه الأثناء قال قياديان في الثورة الشعبية -التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك- إنهما اجتمعا صباح اليوم مع قادة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يرأسه المشير محمد حسين طنطاوي، وبحثا معهم مسيرة الإصلاح الديمقراطي في البلاد. وكتب وائل غنيم وعمر سلامة على موقعهما على الإنترنت قائلين إنهما التقيا الجيش "لمعرفة وجهة نظره حيال المسار الديمقراطي في مصر وتوضيح وجهة نظرنا له بشأن ذلك". يأتي هذا الاجتماع بعد يوم من إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قيامه بإدارة شؤون البلاد لمدة ستة أشهر أو لحين إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بعد إجراء تعديلات دستورية. وأعلن المجلس أيضا حلّ مجلسي البرلمان (الشعب والشورى), وتعليق العمل بالدستور، في حين تعكف لجنة على صياغة دستور معدل. وكلف المجلس الحكومة الحالية التي يرأسها أحمد شفيق بالاستمرار في أعمالها إلى حين تشكيل حكومة جديدة, وإجراء انتخابات مجلسي الشعب والشورى والانتخابات الرئاسية. وقد رحبت قيادات الثورة الشعبية المصرية وقوى سياسية أخرى بما اعتبروه أولى خطوات المجلس العسكري الأعلى نحو الانتقال إلى الديمقراطية, ومنها حل مجلسي الشعب والشورى وتجميد الدستور. لكن تلك القيادات والقوى الأخرى تلح في المقابل على إلغاء الطوارئ وإطلاق المعتقلين بما يحقق كل المطالب الأساسية للثورة. وشدد مجلس أمناء ثورة 25 يناير في بيان أصدره أمس على هذين المطلبين, وأعلن أنه سينظم يوم الجمعة المقبل مسيرة مليونية احتفالا بالنصر واستكمالا للثورة حتى تحقق كل مطالبها. ومن المقرر الإعلان يوم الجمعة المقبل بمناسبة المسيرة المليونية المرتقبة عن تشكيل مجلس أمناء على الثورة يضم جميع أطياف المجتمع.