أيد الغربيون وفي طليعتهم الأميركيون أول أمس السبت نشر الديموقراطية في العالم العربي تلبية لتطلعات الشباب, داعين في الوقت نفسه إلى عملية انتقالية منظمة في مصر خوفا من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط برمته. ورأت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمام مؤتمر الأمن في ميونيخ أن الأجواء «مؤاتية» لهبوب «عاصفة» على الشرق الأوسط, محذرة في الوقت نفسه من «مخاطر الفوضى» في المنطقة. ودعت كلينتون إلى نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط حيث «لم نر الديمقراطية والاقتصاد يسيران في الاتجاه نفسه». لكنها حذرت من أن «ثمة مخاطر ملازمة للانتقال إلى الديمقراطية» موضحة أن «ذلك يمكن أن يولد الفوضى وانعدام الاستقرار على المدى القريب, وربما أسوأ من ذلك». وقالت إن «الانتقال لا يمكن أن ينجح الا اذا كان مدروسا وموضع تشاور وشفافا», معتبرة «من المهم دعم العملية الانتقالية التي أعلنت عنها الحكومة المصرية». ولكن السفير الأميركي السابق في القاهرة, فرانك فيسنر الذي أوفده الرئيس باراك اوباما إلى مصر, أعلن أول أمس أنه من الضروري أن يبقى مبارك في الحكم لكي يشرف بنفسه على عملية الانتقال. وسرعان ما نأت الحكومة الاميركية بنفسها عن هذه التصريحات, مؤكدة ان فرانك فيسنر, الدبلوماسي الواسع النفوذ الذي التقى مبارك بطلب من اوباما هذا الأسبوع «كان يتحدث باسمه وليس باسم الحكومة الأميركية». ووصف فيسنر مبارك بأنه «صديق قديم» للولايات المتحدة, وقال خلال مناقشة في اطار المؤتمر حول الأمن في ميونيخ بجنوب ألمانيا, شارك فيها من الولاياتالمتحدة عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة, انه يرى أن «بقاء مبارك رئيسا للبلاد أمر حيوي. إنها فرصة له لتحديد ماذا سيترك (خلفه). لقد كرس ستين عاما من حياته في خدمة بلاده, إنها اللحظة المثالية بالنسبة اليه لتحديد المسار الواجب سلوكه». وأضاف «يجب التوصل إلى تفاهم وطني حول الظروف المناسبة للانتقال إلى المرحلة التالية» و»على الرئيس أن يبقى في منصبه لتطبيق هذه التغييرات». ومن ناحيته, قال نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لنظيره المصري إن «إجراءات فورية» للإصلاحات الديموقراطية أمر ضروري من اجل التجاوب مع الثورة المتصاعدة في مصر. وسأل بايدن خلال اتصال هاتفي نائب الرئيس المصري عمر سليمان «عن التقدم في فتح مفاوضات صادقة ولا تستثني أحدا من اجل مرحلة انتقالية في مصر نحو حكومة ديموقراطية للتجاوب مع تطلعات الشعب المصري». وأضاف البيان أن بايدن «أشار إلى ضرورة وضع برنامج بإصلاحات ملموسة مع جدول زمني واضح واتخاذ إجراءات فورية تظهر للرأي العام وللمعارضة أن الحكومة المصرية ملتزمة بإجراء إصلاحات». وأوضح أن بايدن أعرب أيضا عن «قلقه حيال الهجمات المتواصلة ضد المجتمع المدني ودعا إلى إطلاق سراح الصحافيين وناشطي حقوق الإنسان الذي اعتقلوا بدون أي مبرر». من جانبها, أبدت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل حذرا إذ دعت إلى تغيير «منظم» في مصر. واستشهدت ميركل بتجربتها لعملية إعادة توحيد ألمانيا عام 1989 موضحة «لم نشأ أن ننتظر يوما واحدا», فدعت المصريين إلى التريث والصبر والعمل لتحقيق تغييرات «منتظمة وسلمية». وتحدثت المستشارة الألمانية عن «شراكة جديدة» بين الاتحاد الأوروبي ومصر وقالت «يجب أن يكون التغيير منظما, ونحن في الاتحاد الأوروبي, نريد أن نساعد على تحقيق هذا التغيير». واعتبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن تحقيق «استقرار اكبر» في مصر يتطلب تغييرا سريعا في البلاد. وأعلن «إلى الذين يقولون إن علينا الالتصاق بالنظام لأنه يمثل الاستقرار, أقول إن لا استقرار اليوم في مصر. إننا بحاجة إلى تغيير, إلى إصلاحات وعملية انتقال للتوصل إلى مزيد من الاستقرار». وأضاف «أخشى كلما طال الوضع أن يتعزز موقف الذين يريدون إقامة دولة مصرية لا نريدها», بدون أن يوضح ما إذا كان يتحدث عن قيام نظام أصولي أو عسكري. وشدد على «وجوب تشجيع المحادثات» بين الأطراف المصريين بهذا الهدف. من جهتها اعتبرت اللجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط (الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا) التي اجتمعت على هامش مؤتمر الأمن, أن الأزمة في مصر والمنطقة تؤكد «وجوب» استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين بهدف التوصل إل اتفاق سلام شامل بين الدولة العبرية والدول العربية. ووصفت وزير خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون الاجتماع بأنه «ايجابي جدا» مؤكدة بشأن الوضع في مصر أن «الديموقراطية عملية لا تتم تلقائيا. وشددت على وجوب أن يدعمها الاتحاد الأوروبي «على المدى البعيد». ودعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف جميع الأطراف إلى «الحوار» لإخراج مصر من المأزق, معتبرا أن على «جميع المجموعات الوازنة» على الساحة الدولية أن تتدخل للتشجيع على إيجاد حل. وأخيرا لفت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى أن «الأممالمتحدة لطالما طالبت بالتغيير» نحو مزيد من الديموقراطية منذ 2002 «ولا سيما في الدول العربية». وكانت دول الاتحاد الأوروبي ال27 طالبت خلال قمة الجمعة في بروكسل ببدء عملية الانتقال الديمقراطي فورا في مصر, ملوحة بإمكان تعليق المساعدة الأوروبية لهذا البلد.