شكل عام 2010 علامة فارقة ومميزة في كرة القدم، والتي شهدت تنظيم أكبر عرس كروي في العالم على ملاعب القارة السمراء، وهو ما سمح للعديد من المدربين في تحقيق النجاح وتتويج عطائهم الشخصي في حين أخفق آخرون؛ أسماء سطرت اسمها بالألقاب والإنجازات وأسماء توارت تحت سحابة الإخفاق والفشل. وكالعادة كان للقارة العجوز نصيب وافر من الإنجازات التي حققتها الكرة العالمية من طرف مدربين كبار غطت أسماؤهم الرنانة على البقية، فليس من شك أن مورينيو وديل بوسكي وتاباريز عاشوا أزهى فتراتهم فيما كانت سنة 2010 سنة للنسيان لدى العديدين أمثال بينتيز ومارادونا، بينما أثبت راييفاتش وشحاتة قوة الكرة الإفريقية على مقارعة الكبار. **+**+** ولعل أسعد مدربي الكرة في هذا الوقت هو الإسباني فيسنتي ديل بوسكي لأنه نجح في تسطير تاريخ جديد للكرة الإسبانية بعدما قاد منتخب بلاده لتدوين اسمها في لائحة المتوجين بكأس العالم، متصدرة بذلك لائحة أفضل منتخبات العالم. وإن كان البعض يرى أن ديل بوسكي قد استلم منتخب الفلامنجو جاهزا من طرف مواطنه والمدير الفني الأسبق لويس أراغونيس، ودخل بطولة العالم متوجا بكأس أمم أوروبا والمرشح الأول للظفر بلقب البطولة، لكن تبقى لديل بوسكي لمسته في إنجاز إسبانيا؛ كيف لا؟ والكل يتذكر إنجازاته الكبيرة مع ريال مدريد مطلع الألفية الثالثة، وبالتالي ليس غريبا أن ينجح الإسباني في تنظيم المنتخب وقيادته إلى اللقب الأهم في الكرة العالمية، وليكون 2010 الأفضل في مسيرة هذا المدرب وفي تاريخ إسبانيا. بينما لا يبدو البرتغالي جوزي مورينيو مكترثا لإنجازاته الكثيرة سواء مع بورتو أوتشيلسي أو أنتر ميلانو، والتي أغرت نادي ريال مدريد على التعاقد معه مقابل أعلى أجر يتقاضاه مدرب في العالم، بعدما بات اسمه مرادفا للنجاح أينما رحل. ليغدو أكثر المدربين شهرة بسبب غروره واعتزازه الشديد بنفسه، مثيرا متابعة دائمة من طرف الصحافة والكاميرات التي تسعى إلى اقتناص أي خبر عن هذا المدرب المشاكس والمثير للجدل. وليس أحد ينكر إنجازات الداهية حين أعاد تشيلسي إلى سكة الألقاب بعد فترة صيام طويلة لعقود، ثم نجح مع بطل إيطاليا في خطف ثلاثية تاريخية، ولم يكتف مورينيو بهذه الإنجازات الرائعة فقد قرر دخول تجربة جديدة مع ريال مدريد، في محاولة جاهدة لإعادة النادي إلى سكة الألقاب. وإلى جانب كل من ديل بوسكي ومورينيو، لا يمكن إغفال صانع الأمجاد مع برشلونة الإسباني وصاحب السداسية التاريخية موسم 2009، بيب غوارديولا، فالمدرب الإسباني نجح في قيادة فريقه لتحقيق لقب الليغا رغم خروجه من دوري الأبطال وكأس الملك، وهو من المرشحين لنيل جوائز الفيفا ولو أن حظوظه تبدو ضئيلة بسبب إنجازات ديل بوسكي ومورينيو الكبيرة. ونجح في تكريس هيمنة برشلونة على الكرة العالمية، مما دعا المسؤولين في النادي إلى تقديم شيك على بياض لإبقائه مع البلوغرانا خوفا من إغراءات كبرى الأندية الأوروبية التي تسعى إلى استقدام المدرب الإسباني الأنيق. ولن ينسى رافاييل بينتيز هذه السنة السوداء في مشواره التدريبي، حين فسخ لمرتين عقده مع كل من ليفربول وأنتر ميلان في أقل من 6 أشهر. حيث فسخ المدرب الإسباني عقده بالتراضي مع ليفربول بسبب النتائج المتواضعة التي حققها مع الفريق وحرمته من التأهل إلى دوري الأبطال باحتلاله المركز السابع، قبل أن يتوجه إلى إيطاليا لتدريب بطل أوروبا، ويفشل في الحفاظ على مستوى الفريق الإيطالي، حيث لم يشفع فوزه مع الفريق بكأس العالم للأندية للاستمرار في منصبه. ويبدو أن كأس العالم شكل فيلما مرعبا للمدربين، حين أخفق ثلاثة من أفضل مدربي أوروبا في تحقيق نتائج إيجابية، ويتعلق الأمر بكل من مارتشيلو ليبي مدرب الأزوري وخروج بطل 2006 من الدور الأول، وفابيو كابيلو الذي لم ينجح في تقديم شيء يذكر مع المنتخب الإنجليزي ليخرج من الدور الثاني على يد الألمان، ولتستمر عقدة منتخب الأسود مع الكأس الذهبية، ولم يكن أبناء موليير أفضلا حالا وودعوا المونديال مبكرا لتنتكس أحلام دومنيك في لعب دور متقدم بالمونديال الإفريقي، ورافعا علامة استفهام حول الوضع التي آلت إليه الكرة الفرنسية منذ خروج أسطورتها زين الدين زيدان. أما في أمريكا اللاتينية فقد كانت سنة 2010 رائعة للأروغواي، وبالضبط لمدربها أوسكار تاباريز والذي بات بطلا قوميا بعد أن نجح في قيادة منتخب بلاده إلى الحصول على المركز الرابع بنهائيات كأس العالم، رغم هزيمته في مباراة الترتيب على يد منتخب المانشافت بقيادة خواكين لوف الذي نجح في الإشراف على منتخب شاب وقاده للحصول على الرتبة الثالثة بمونديال جنوب إفريقيا. بينما شكلت السنة خيبة أمل كبيرة للنجم الأرجنتيني مارادونا عندما فشل في قيادة منتخب بلاده في بطولة كأس العالم، وهو الذي كان مرشحا للعب نهائي البطولة غير أن آماله انخسفت على يد الماكينات الألمانية في مباراة الربع، ليتوضح أن مسيرة مارادونا كلاعب أسطوري لم تشفع له في خوض تجربة التدريب والنجاح في قيادة ترسانة النجوم التي ضمها منتخب التانغو. وبالقارة السمراء برز كل من حسن شحاتة مدرب المنتخب المصري، ولامين نداي مدرب مازامبي الكونغولي والصربي ميلوفان راييفاتش مدرب غانا، وقاد شحاتة منتخب بلاده لتحقيق لقب بطولة إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي محققا إنجازا كبيرا على صعيد الكرة الإفريقية، رغم أنه فشل في حجز مقعد له بمونديال جنوب إفريقيا. أما لامين نداي فيعيش أسعد أيامه مع مازامبي بعدما قاد الفريق للفوز بكأس أبطال إفريقيا للمرة الثانية على التوالي، قبل أن يسيطر على الحضور الإفريقي ببطولة العالم للأندية ببلوغه المباراة النهائية وإطاحته ببطلي أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية في إنجاز غير مسبوق لناد إفريقي. ولن تنكر الكرة الإفريقية العمل الرائع الذي قام به الصربي ميلوفان راييفاتش حين تأهلت غانا إلى دور الثمانية ببطولة كأس العالم، كما بلغت نهائي كأس إفريقيا وخسرت على يد المنتخب المصري، وليستحق راييفاتش لقب الأفضل إفريقيا ويدخل ضمن لائحة أفضل المدربين بالعالم.