للدقيقة ثمنها والفراغ مؤشر سلبي كيف نبني منتخبا كبيرا يعيد الثقة المفقودة للجمهور؟ لاعبون اعتزلوا، آخرون اقتربوا والشماخ بخصائص القائد الجديد جيل 2005 مقهور ووصيف 2004 انتهت صلاحيته أمام وضع كهذا الذي يعيشه المنتخب الوطني حاليا، وعلى ضوء عقد الأهداف الموقع باسم الوزارة الوصية مع جامعة الكرة والذي سطر تضاريس المرحلة المقبلة وما ينبغي إدراكه من رهانات، تبرز للواجهة نقطة هامة ومفصلية تتعلق بكيفية صياغة منتخب وطني جديد في أفق الخمسية القادمة للتوصل لفريق قادر سنة 2015 في حال الظفر بشرف تنظيم التظاهرة القارية، أن يكون في مستوى الحدث ويعيد العناق مع الألقاب والتتويجات. الوضع الحالي يقول باعتزال أسماء ارتبطت كثيرا بآخر الإنجازات المحققة للأسود ولو على قلتها، ويقول بأفول عطاء آخرين، ويقول أيضا بأن جيل 2005 الذي كان يعول عليه فقد غاياته بتدهور أعضاء من ارتبطوا به، فكيف السبيل لتشكيل منتخب كبير وبمواصفات محترمة؟ وما هي أسسه؟ وبأي قاعدة سيتشكل؟ نهاية منتخب.. بداية منتخب هل كان اعتزال لاعب واحد من حجم نور الدين نيبت وحده كافيا ليعري العديد من الحقائق المرتبطة بالعجز عن إيجاد الخلف الطبيعي والمثالي لتسلم المشعل؟ وهل كان تعليق الركراكي لحذاء الدولية وقبله شيبو وطلال بمثابة التأشير على نهاية فترة حتى وإن لم ينجح الفريق الوطني خلالها من تأكيد نفسه والظفر بلقب أو التأهل لأحد كأسي العالم (20022006)، إلا أنها على الأقل ارتبطت بالظهور المشرف والأداء المحترم لأسود كانت تنافس بضراوة داخل الأدغال الإفريقية. وأخيرا وهذا هو السؤال المهم، أليس من الحضور بمكان أن يرتبط مسار منتخب وسيرورته بلاعب أو لاعبين وبغيابهما يتعطل الإيقاع، فتضيع النغمة ويتدهور الحال؟ وهذا واقع عايشناه رفقة المنتخب الوطني بإيقاعات النكسة والتراجع الخطير على مستوى النتائج. مبدئيا ومن أجل وضع تقطيع صريح وواحد لجيل المنتخب الحالي يصعب ذلك، على عكس ما ترسخ سابقا حين كان الوضوح والسهولة يميزان تحديد جيل 1986 مثلا أو حتى جيل 1998، لأنه في لحظة من اللحظات اختلطت الأمور وغاب الإستقرار والتوازن وغابت الإستمرارية، ما جعل التدقيق في هوية منتخب واحدة صعبة إن لم تكن مستحيلة. ومع ذلك ما ظل راسخا في الذاكرة سيما بعد فترتي (2002 و2005) هو منتخب 2005 والوصافة التاريخية بتونس كثاني أكبر إنجاز بعد 1976 واللقب الوحيد، وبخروجه أولا من سباق مونديال 2006 وثانيا بمشاركته الباهتة في ذات السنة في أمم إفريقيا بمصر، وبختام الخروج الكارثي من سباق جنوب إفريقيا 2010 يكون آخر مسمار قد دق في نعش هذا المنتخب، وبالتالي نهاية منتخب وبداية التفكير في آخر، يستجيب للمرحلة القادمة ورهاناتها المسطرة منها القريبة وحتى المتوسطة ووفق مواصفات أكثر دقة ومدروسة بالملم. لوزارة تقلص سقف الأحلام بدا مخجلا ومثيرا لكثير من علامات الإستفهام الممزوجة بالتذمر أن تشرك وزارة الشباب والرياضة ومعها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في التوثيق على عقد الأهداف الرابط بينهما لغاية 2014، من خلال الإكتفاء بسقف أحلام ضعيف وكأننا شعب مبتدئ في كرة القدم وذلك من خلال التأكيد على أن بلوغ ربع نهاية كأس إفريقيا 2012 بعد التأهل طبعا هي أقصى ما يمكن تحقيقه. ولعل اليأس وفقدان الثقة بالذات كما ترجمتها النتائج الراهنة وكما بلورتها الإخفاقات المتعاقبة، هي من جعل هذا الهدف الضعيف والمتوسط والذي لا يلبي حجم الطموحات ورغبة الجمهور يحضر في مسودة الوزارة. البعض يقول بأن الهدف واقعي إذا ما نحن نظرنا لواقع آخر المشاركات القارية والتي لم تكن الحصيلة أفضل من دور الربع سنة (1998 ببوركينافاصو، دون ذكر استثناء بلوغ النهائي سنة 2004)، فإن رهان الوزارة والجامعة توفق مع المحطة السابقة، وبالتالي كان الهدف متوازنا بما تمليه المعطيات لا بما ينظر إليه الجمهور ومعه الإعلام وحتى اللاعبين، على أن التأهل للمونديال القادم 2014 يبدو تحصيل حاصل وأمر واقع مفروض بحكم قيمة التظاهرة وضرورة المشاركة فيها، لاستعادة الوضع الطبيعي قاريا. بلا قائد، كيف تقلع الطائرة؟ منذ نونبر 2009 والمباراة الكارثية التي وثقت للخروج الكارثي من المونديال الجنوب إفريقي، إلى حدود يونيو القادم التاريخ الذي حدده رئيس الجامعة كأجل مضبوط لتسمية الناخب الوطني الجديد سيمضي 8 أشهر على إيقاعات الفراغ وعلى إيقاعات تضييع الوقت، 8 أشهر في عرف كرة القدم هي فترة كبيرة وهامة، وهي فترة كان من الممكن أن تستثمر على نحو جيد واحترافي، لأنها تمثل مرحلة رابطة بين فراغ سابق على مستوى النتائج وما سيعقب من مراحل التصحيح المرجوة. برأي النقاد والخبراء، أن يتم تضييع وإهدار ثمانية أشهر كاملة دون مدرب في وقت المتنافسون وباقي المنتخبات الإفريقية الأخرى تعيش حالة من الإستقرار، معناه أننا نضيع وقتا آخر وأشواط أخرى على درب تدارك ما فات وتدارك الفوارق العملاقة المرجوة بيننا وبين شركائنا في التنافس قاريا. لذلك لا يمكن الحديث بشكل واضح وحاسم عن الأهداف المسطرة وعن المخططات الموضوعة دون الرجوع للقائد الذي سيتحمل المسؤولية ودون الرجوع لوصفة الربان الذي بإمكانه أن يقلع بالطائرة، وفي غياب المدرب والتناقض الحاصل في مواقف الجامعة وأهدافها يبرز أن ما ينتظرنا على درب البناء أمر عسير وصعب وشاق، لأنه كان سيكون أفضل بكثير لو تم تعيين من سيأخذ بزمام الأمور وتم ترك مساحة عريضة أمامه لطرح اختياراته وتجريب العناصر التي بإمكانها تسلم المشعل في المرحلة المقبلة وهنا تبرز أولى الأخطاء على درب التخطيط، وهو خطأ استراتيجي كبير ولا يغتفر. أسماء خالفت قطار الألقاب نيبت إعتزل فتاه خط الدفاع، وادو غرق في وحل المشاكل فأصبح عرين الأسود مفتوحا أمام مصراعي الخصوم، طلال تمرد فكانت المحصلة كارثية، بعدهم اعتزل الركراكي وشيبو وكان تأثير ذلك قويا على الأداء بشكل عام. غير أن ما يهم في القراءة التالية هو عدد اللاعبين الذين بإمكانهم تحمل المسؤولية في المرحلة المقبلة، من جيل ما زال لم يبلغ عتبة الثلاثين من أعمارهم، إذ أن أسماء سفري، أو قيسي وحتى السكتيوي، قادوري، زازا ووادو لا يمكن أن تشكل الهيكل العام للمنتخب المراهن عليه، بالمقابل البقية التي عايشت وجايلت كل هؤلاء بدورها خالفت قطار الألقاب، ومردودها لم يكن في السياق الذي بإمكانه أن يجعل الأحلام والآمال تكبر وتتعاظم.. جواد الزاييري الذي يعيش نضجه الكروي المفترض في سن 28 سنة والذي بإمكانه البقاء لخمس سنوات إضافية في الملاعب باختمار تجربة كبيرة، لم يقدم طيلة الفترة التي قضاها رفقة الأسود ما يعطي الضمانات المؤكدة على أنه سيكون أهل لتحمل المسؤولية، حجي من اللاعبين القلائل الذين واظبوا بانتظام على تأكيد حضورهم منذ 2000 غير أنه لا يمكن المراهنة عليه كلاعب للفترة المقبلة الممتدة ل 2015 أو على الأقل بنفس الإشعاع السابق، خرجة وباعتبار المركز الذي يشغله كلاعب وسط غالبا ما يمتد عطاؤه وبشكل أفضل لما بعد الثلاثين كحالة أحمد حسن المصري بدوره من الجيل الذي تمرس بشكل كبير، لكنه وتحت طائل الإصابات لا يمكن الحسم بجاهزيته لربح الرهانات المستقبلية المسطرة، وكابوس قدم وصفات خجولة للاعب خالف التوقعات ولم يقدم بدوره ما يشفع له الإستمرارية، وليطرح السؤال إذن من بإمكانهم أن يشكلوا هيكل البناء للفترة المقبلة؟ الشماخ القائد لجيل طموح بإلقاء نظرة موسعة على ما هو موجود بالساحة حاليا ومن أسماء بإمكانها أن تتحمل المسؤولية بعزم وإصرار مع ضمانات نجاحها مستقبلا في إعادة البريق المفقود للأسود، يأتي مروان الشماخ لعامل السن أولا وثانيا لمقدراته الفنية الكبيرة وثالثا للنضج والعالمية التي بلغها، على رأس اللائحة كقائد للمرحلة وكلاعب بإمكانه أن يعوض أشياء كثيرة فاتته رفقة المنتخب الوطني ولم توازي نجاحه وألمعيته رفقة بوردو في مسار احترافي أكثر ن موفق. الشماخ في الفترة المقبلة سيكون فوق الثلاثين بقليل وبمواصفاته الأخلاقية والفنية هو القائد الحقيقي مجسدا صورة كربونية لما قدمه إيطو رفقة الكامرون أو دروغبا رفقة كوت ديفوار، ومعه تبرز أسماء من قبيل الواعد جدا المهدي بنعطية المنتقل في صفقة رائعة لأودينيزي الإيطالي والذي قدم ما يكفي من علامات الأمان والإطمئنان على مركز الأوجاع داخل الأسود (متوسط الدفاع)، وبحراس من طينة كريم فكروش أولا المطالب بالبحث عن فضاء احترافي يليق بمؤهلاته وهو في سن 26 سنة رفقة خالد العسكري والوافدين من الخارج (أمسيف والزعري)، وحتى كريستيان بصير الذي سيتلقى دروسا إضافية في التمرس، وبجانب هذا الجيل الموصوف بالقديم نوعا ما هناك نبيل باها غير المحظوظ في مسار دوليته برغم انتمائه لأقوى دوري عالمي، ومبارك بوصوفة المبدع الدائم بتوازن عطائه، وخاصة عادل تاعرابت المراهن على نجميته العالية وعامل سنه وما قدمه في آخر لقاءات الأسود، ثم لاعبين من طينة الخليط التالي (هرماش، الأحمدي والحمداني المتبقون من رعيل الأولمبي، وأيت فانا وعبد الحميد الكوثري ثم عبد الله كونكو المتردد في حضوره الفرنسي) ومعهم أسماء قد تبزغ مع شمس الأيام القادمة، خاصة من الخارج وأخرى بدرجة أقل من لاعبي البطولة الذين سيستفيدون من وضع أريحي في المعاملة والمادة في انتظار أن يقدموا أداء يليق بما هو أمامهم فوق الميدان، هكذا يجب أن تدار الأمور وفق ما نهجه التوانسة ومعهم المصريون. الأولمبي نواة البناء الأولى ولأن استحقاقات مزودجة من قبيل الألعاب الأولمبية بلندن 2012 وبموازاتها الكأس القارية بغينيا الإستوائية والغابون وكأس إفريقيا أخرى للشبان، فإن هذا يعني ضرورة أن يتم الإحتكام للمنطق الذي يجسده المنتخب الغاني أولا الذي بلغ النهائي القاري بأسماء لاعبيه الذين صنعوا الذهب بمصر للشبان وحتى المنتخب البنيني المتطور والأنغولي بدرجة أقل، وكلهم استفادوا من منتخبات أولمبية تمت المجاهدة لأجل الحفاظ عليها. يجب أن يكون الربان القادم للمنتخب الأول هو ذاته المشرف على الأولمبيين في إطار عملية التواصل وجعل الفريق الثاني بوابة الإقلاع صوب الأول، وأن يشكل نفس المدرب المرآة العاكسة للوجوه التي تصلح للمرحلة، لأن خوض غمار تصفيات قارية شرسة سيتيح أمامنا فرصة لربح الكثير من الجهد والوقت ومحفزا لأسماء شابة محلقة في الخارج على الإلتحاق بفريقها الوطني، في تكرار لما كان قد نهجه هنري ميشيل سابقا. والآن المنتخب الأولمبي بدون مدرب، الشبان أيضا وحتى الكبار والمنافسات على الأبواب، والطموحات حاضرة والأهداف مسطرة، فبأي شكل سيتم ربحها؟ فالشفوي والتخطيط لا يفيد في شيء ويذكرنا بالملاعب الكرطونية التي جعلتنا نفوز بكؤوس وتظاهرات تنظيميا على الورق فقط، بالدارجة «والله ما فورتي لا قفلتي». كيف يقرأ الربابنة مستقبل منتخب 2015 الزاكي بادو: النوم في العسل لا يفيد «أعتقد بأن التخطيط لا يجب أن يشمل منتخب 2015 فقط وإنما الرهانات والمحطات التي تسبقه ومنها كأس إفريقية أخرى ل 2012 وكأس العالم بالبرازيل، وهذا ما يعني أن النوم في العسل لا يفيد في شيء، وكل يوم تأخير محسوب بالدقيقة والثانية وسندفع ثمنه غاليا. بخصوص كيف ندبر منتخبنا للمحطة المذكورة، فأنا أقول أن التدبير يجب أن يكون أولا بالإستقرار وبمعرفة المدرب وبوضع برنامج عمل طويل المدى وباستراتيجية مختلفة وبإطار من الوضوح، علينا أن نعرف أولا وأخيرا ما الذي نريده بالضبط وما الذي نريده كأهداف». محمد فاخر: منتخب بطل تدبيره سنوات «كما يقول المثل «زواج ليلة تدبيرو عام»، فأنا أقول أن منتخب بطل بمواصفات عملاقة يجب أن يكون تدبيره لسنوات. شخصيا 2015 لا تبدو لي بعيدة وإذا ما كان يعني أن ننظم تظاهرة لنفوز بها فقبلا هناك كأسين إفريقيتين 2012 و2013 لا يجب إغفالهما، وثانيا هناك مونديال قادم علينا أن نحضر فيه.. يجب أن ننظر وفق تحليل موضوعي للأسماء الممارسة، نبدأ بالدولية ونقسمها حسب معدل الأعمار ونواصل البحث قصد الوصول لمنتخب قوي قادر على تمثيلنا بالشكل الذي نتطلع إليه». مصطفى مديح: البناء يجب أن يبدأ من الأمس «إذا كان الهدف هو بناء منتخب كبير للمحطات الموضوعة في الأجندة الدولية فأنا أظن أن كل يوم نمضيه متأخرين لا ينفعنا في شيء، البناء يجب أن يكون من الأمس وليس اليوم أو الغذ، هناك غموض يلف الوضعية من هو أصلا القائد الجديد وبأي فلسفة وأهداف سيتحدث.. أعتقد أن وضع منتخبات الشبان والأولمبي يثير الرعب ويجعلني غير مطمئن لما يمكن أن يكون ، ثم هناك لاعبو المنتخب الحالي وضرورة معرفة وضعيتهم وأعمارهم وصلاحيتهم للمرحلة المقبلة».