جنوب إفريقيا مستعدة لبطولة العالم لكرة القدم 2010، لكن هناك مخاوف من عدم قدوم أعداد كافية من المشجعين والصحفيين الأجانب إلى البلد المُضيف. منظمو المونديال واثقون من أن جنوب إفريقيا ستشهد في صيف العام الحالي عرساً كروياً. قبل مائة يوم تقريباً من انطلاق بطولة العالم لكرة القدم 2010 أعرب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جوزيف بلاتير، عن ثقته بجنوب إفريقيا وقدراتها على تنظيم البطولة العالمية على أكمل وجه. وأكد بلاتير أنه لم يشكّ يوماً بقدرة هذا البلد الإفريقي على تنظيم المونديال، على الرغم من أن الاتحاد الدولي كان يمارس بين الحين والآخر ضغوطاً على منظمي البطولة للإسراع في التحضير للبطولة العالمية من جميع النواحي. وبذلك بدّد بلاتير الشكوك التي كانت تراود البعض بضرورة أن يُفكّر الاتحاد الدولي لكرة القدم ” فيفا ” في إيجاد بديل لجنوب إفريقيا لتنظيم البطولة العالمية. كأس القارات 2009 اختبار ناجح وما يُعزز موقف بلاتير هي بطولة كأس القارات 2009 الناجحة التي استضافتها جنوب إفريقيا صيف العام الماضي، حيث أثبت هذا البلد الإفريقي دون أدنى شك أنه قادرٌ على تنظيم بطولات عالمية كبيرة من جميع النواحي، الأمنية والتنظيمية وتوفير الأجواء الكروية الحماسية والمثيرة اللازمة. كما أن حفل قرعة كأس العالم الذي أُجري في شهر ديسمبر الماضي والذي تابعه مئات الملايين من عشاق الكرة بشكل مباشر على شاشات التلفزيون فتح شهية مشجعي كرة القدم على العرس الكروي العالمي الذي يُنظّم لأول مرة في القارة السمراء. 38 مليار يورو وفي إطار الاستعدادات لبطولة العالم لكرة القدم استثمرت حكومة جنوب إفريقيا منذ عام 2006 مبالغ هائلة فاقت 38 مليار يورو خُصّصت بالدرجة الأولى للبنية التحتية، مثل الطرق والمطارات ومصادر الطاقة ووسائل النقل. ولتنظيم المباريات على العشب الأخضر تم تخصيص حوالي ثلاثة مليارات ومائتي مليون يورو أُنفقت في توسيع ملاعب كرة القدم المتوفرة أصلاً وبناء ملاعب جديدة وبهيجة تليق بهذا الحدث الرياضي الكبير. وبعد كل هذه الاستثمارات الهائلة تأمل حكومة جنوب إفريقيا بالطبع في تحقيق انتعاش اقتصادي في البلاد عبر استضافة منافسات البطولة العالمية. غير أن بعض الخبراء والمُحللين الماليين العالميين يشكون في أن تعود بطولة العالم لكرة القدم بفائدة مالية على جنوب إفريقيا، مشيرين في ذلك إلى كوريا الجنوبية التي استضافت مع اليابان بطولة العالم 2002، حيث لم تنجح كوريا الجنوبية المضيفة آنذاك في تحقيق الفوائد الاقتصادية المرجوة. لذا كان من المفروض أن تُنفق المليارات في مشاريع الطاقة والبناء، بدلاً من إنفاقها في بناء ملاعب مثيرة. مخاوف من ملاعب فارغة من جانبها تبرر حكومة جنوب إفريقيا المبالغ الهائلة التي أنفقتها في التحضير للمونديال بسعيها إلى استضافة هذا العرس الرياضي بنجاح كبير، وبسعيها أيضاً إلى تحقيق مكاسب اقتصادية وعائدات طويلة الأمد على البلاد عبر جعلها بدلاً سياحياً يقصده الملايين، بل وعشرات الملايين من السياح في المستقبل. لكن المشكلة تكمُن في أن أعداد عشاق كرة القدم المتوقّع قدومهم من الخارج إلى جنوب إفريقيا لن ترقى إلى المستوى المرجو. فالاتحاد الدولي لكرة القدم ” فيفا ” يتوقع حضور 350 ألف زائر فقط بدلاً من 500 ألف شخص، أي أقل بكثير مما كان متوقعا. هذا بالإضافة إلى أن عملية بيع البطاقات داخل البلاد تسير أيضاً ببطء شديد ومُقلق بالنسبة للكثيرين. لكن وعلى الرغم من كل ذلك وصف رئيس اللجنة المنظمة للبطولة العالمية داني جوردان المخاوف من الملاعب الفارغة أثناء المباريات بأنها غير مبررة على الإطلاق، مع أن هناك مخاوف من إجراء بعض المباريات أمام أعداد قليلة من الجمهور، وهو ما يُقلّل من إثارة تلك اللقاءات والأجواء الحماسية المرافقة لها. خفض أسعار البطاقات مجددا وللحيلولة دون ذلك لجأ الاتحاد الدولي لكرة القدم ” فيفا ” مجدداً إلى خفض أسعار البطاقات، وبالتحديد للجنوب إفريقيين، إلى ما يعادل 14 يورو للبطاقة الواحدة بعد أن كان سعرها يساوي 80 يورو. وبهذه الخطوة يأمل الاتحاد الدولي لكرة القدم في أن تُقام جميع مباريات المونديال أمام مدرجات مليئة، حتى لو لم تأت الأعداد المرجوة من المشجعين من خارج البلاد. صحيحٌ أن الأمين العام ل ” فيفا ” جيروم فالك قال إن هذه الخطوة تأتي بناء على حسن نية من الاتحاد الدولي اتجاه البلد المُضيف، لكن الحقيقة هي أن الاتحاد الدولي لكرة القدم وعلى رأسه جوزيف بلاتير يخشى بالفعل أن تُقام بعض مباريات المونديال أمام أعداد قليلة من المشجعين. غير أن ذلك لا يُقلل من ثقة بلاتير الذي كان من أكبر المؤيدين لتنظيم بطولة العالم في القارة السمراء بأن جنوب إفريقيا ستشهد صيف العام الحالي عرساً كروياً مثيرا بغض النظر عن أعداد المشجعين الذين سيأتون إلى جنوب إفريقيا من خارج البلاد.