أدى قتل عناصر الجيش الجزائري لاثنين من الصحراويين كانا ينقبّان عن الذهب، في الآونة الأخيرة، إلى عودة الغليان إلى مخيمات تندوف، حيث تحتجز "البوليساريو" صحراويين، وطاردت عناصر الجيش الجزائري المواطنين الصحراويين جنوب مخيم الداخلة التابع لمخيمات تندوف وسط منجم للتنقيب عن الذهب، وعمدت إلى استهدافهما بإطلاق النار عليهما، ليلجآ إلى الاختباء في حُفر التنقيب. وباستحضار الاعتداءات التي يمارسها الجيش الجزائري والتي لا تمث لحقوق الإنسان بصلة، وآخرها قتل الصحراويين بدون رحمة ولا شفقة، يتبادر إلى الذهن الموقف الذي سيتخذه المجتمع الدولي تجاه هذه الواقعة الشنعاء. وفي هذا الصدد قال الخبير في العلاقات الدولية، عبد الفتاح الفاتحي، في تصريح ل"برلمان.كوم" إن المجتمع الدولي مطالب بفتح تحقيق في الحادث لتحديد المسؤولية وترتيب الجزاءات القانونية وتحميل الدولة الجزائرية المسؤولية عن حادث حصل في مجالها الترابي وهي المعنية بحماية اللاجئين في المخيمات وبمحيطها. وأضاف أن الوقائع تؤكد بأن الجنود الجزائريين كثيرا ما تعمدوا إطلاق النار على المنقبين الصحراويين، الأمر الذي يتسببت في إصابات مميتة. "وكثيرا ما تعمدت دوريات العسكر الجزائري قتل اللاجئين الصحراويين بدم بارد في عديد من الحالات السابقة تتعلق بمهربين للمحروقات أو منقبين عن الذهب". وأبرز المتحدث أن انسداد الأفق الاقتصادي والمعيشي وحتى السياسي لنزاع الصحراء يدفع شباب المخيمات إلى البحث عن مصادر للعيش، بعد احتراف قيادة البوليساريو المتاجرة في المساعدات الغذائية الدولية المخصصة لمخيمات اللاجئين بتندوف. وأكد المتحدث أن تزايد المعاناة يدفع "بالكثير من اللاجئين إلى احتراف سلوكات غير شرعية، حتى أن البعض منهم انخرط في أعمال الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل والصحراء أو احترف التجارة المحرمة في الصحراء الإفريقيه أو عند المعابر الحدودية، ولعل استمرار الرفض الجزائري وجبهة البوليساريو تطبيق توصية مجلس الأمن الدولي المتعلقة بإحصاء سكان مخيمات تندوف يعد الشجرة التي تخفي غابة الإتجار بالمساعدات الغذائية التي حولت عددا من قادة جبهة البوليساريو إلى رجال أعمال في عدد من العواصم الأوروبية". وتابع الفاتحي في ذات التصريح، من الطبيعي أن نشهد التعامل الدوني مع الصحراويين اللاجئين عبر إحراقهم أو قتلهم بدم بارد من لدن الجزائر، التي كثيرا ما كانت تدعي دفاعها عن المبادئ الإنسانية وتقرير مصير الشعوب. وأعتقد، يقول الفاتحي، بأن المستقبل سيزيد من التهاب الوضع الاجتماعي في المخيمات ويستدعي خروج اللاجئين للبحث عن مصادر دخل لتعويض النقص في المواد الغذائية وسيقع مزيد من الاصطدام مع مليشيات جبهة البوليساريو أو العسكر الجزائري. وأكد المتحدث أن إحراق منقبين صحراويين عن الذهب في حفر التنقيب مخالف لقواعد العمل الإنساني، سيما أن الواقعة لا تمثل تهديدا لأمن وسلامة الجنود الجزائريين، وهو ما يثير استغرابا لاستعمالهم القوة المفرطة المنهي عنها حتى في المواجهات المعلنة. وأعتقد بأن واقعة حرق باحثين عن الذهب داخل بئر التنقيب هو قتل عمد بشع، تم بدم بارد وعن سبق إصرار وترصد وهي جريمة يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني. وحيث أن الثابث أن الضحيتين قتلا بدم بارد على يد عسكريين جزائريين نفذوا أوامر عسكرية منافية للأخلاق، ويجعل الواقعة جريمة إنسانية غاية في الخطورة.