يبدو أن الأغلبية الحكومية برئاسة أمين عام حزب العدالة والتنمية، عبد الاله بنكيران، تعاني من بوادر تصدع بسبب خلافات عميقة حول الرئاسات والتموقعات على مستوى المجالس الجهوية والجماعية، خاصة بين طرفيها الرئيسيين، حزبي “البيجيدي” والأحرار، وهو ما من شأنه، برأي بعض المحللين، أن يؤدي إلى انفراط عقد هذه الأغلبية. ذلك ما يؤكده فشل ثلاث اجتماعات متتالية لهذه الأغلبية في التوصل إلى تسويات ترضي الأطراف، خاصة العدالة والتنمية والأحرار، في التوافق على تقاسم الجهات الأربع التي فازت الأغلبية فيها ، فضلا عن الاشكال الذي يطرحه تموقع كل طرف في عدد من المدن الكبرى التي حصل فيها حزب العدالة والتنمية على أكبر عدد من المقاعد دون أن تحسمها بالأغلبية. وطبقا لمصادر متطابقة فإن قياديي حزب المصباح يرفضون خضوعهم لما أسموه ب “ابتزاز” حلفائه داخل الأغلبية الحكومية وسعيهم إلى الهيمنة على جهات ومدن كبرى احتل فيها العدالة والتنمية المرتبة الأولى ولم ينل فيها هؤلاء الحلفاء سوى عددا محدودا جدا من المقاعد، مثل جهة سوس ماسة. وفيما سيحاول اجتماع جديد ينتظر أن يلتئم في وقت لاحق اليوم الثلاثاء، التوصل إلى توافق ما، تسربت أخبار عبر مصادر حزبية وإعلامية مقربة من العدالة والتنمية ، أفادت أن بنكيران خرج من الاجتماع غاضبا بسبب ما وصفته هذه المصادر ب"تعنت" مزوار، ورفضه قبول الخضوع لمنطق الاغلبية للتحالف في مجموعة من المدن، وعلى رأسها تطوان ، التي تردد أن القيادي في الأحرار، رشيد الطالبي العلمي،مصر على تولي رئاسة بلديتها. حزب المصباح ، الذي نقل عن بعض قياديه وصفه لمطالب الأحرار ب”الابتزاز” ، نشر على موقعه الالكتروني بلاغا فور الإعلان عن فشل المفاوضات بين أطراف الأغلبية، أكد فيه “عدم استبعاد إمكانية التحالف مع باقي الأحزاب الوطنية الراغبة في ذلك"، في إشارة إلى رغبته في فتح باب التحالف مع أحزاب المعارضة، في إشارة إلى الاستقالال والاتحاد الاشتراكي. وإن كان الحزب قد أكد في ذات البلاغ حرصه على “احترام منطق الأغلبية الحكومية في تحالفاته وإشراكها ما أمكن في تدبير الجماعات الترابية التي حصل بها الحزب على الأغلبية المطلقة”، فقد رأى البعض في ذلك، قرارا للحزب ، بعد فشل المفاوضات داخل الأغلبية، يقضي بإمكانية تخليه عن حلفائه والبحث عن حلفاء جدد داخل المعارضة، حيث أشار البلاغ صراحة إلى “عدم استبعاد إمكانية التحالف مع باقي الأحزاب الوطنية الراغبة في ذلك”. مقابل ذلك يبدو أن التجمع الوطني للأحرار له توجه آخر، حيث أنه في الوقت الذي يؤكد فيه زعيمه صلاح الدين مزوار “وفاءه” لميثاق الأغلبية الحكومية ورغبته في عقد تحالفاته في إطارها، يتحدث في الآن ذاته عما أسماه ب “الخصوصيات المحلية”، موضحا ذلك بالقول “إن له علاقات جيدة مع جميع الفاعلين السياسيين”. وأضاف أن التزامه سياسيا مع الأغلبية “لا يعني الصدام مع باقي المكونات السياسية”، في إشارة على ما يبدو إلى حزب الأصالة والمعاصرة الخصم اللدود لحزب بنكيران. ومن كل هذا يخلص المحللون، إلى أنه إذا لم ينجح الاجتماع المقبل في التوصل إلى حل مرض لمختلف الأطراف، فإن هذه الخلافات ستلقي لا محالة بظلالها على تماسك الأغلبية الحكومية مما يهددها بالتصدع ، الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة حول قدرة هذه الأغلبية على استكمال مشوار السنة والنصف المتبقية من ولايتها ، في انتظار الانتخابات التشريعية القادمة ل2016.