طفت على سطح الحوار الاجتماعي والسياسي الدائر في المغرب مطالب مشتركة وملحة تدعو الى تجديد النخب السياسية، وإلى رحيل شيوخ العمل الحزبي والنقابي وتعويضهم بفاعلين ملتزمين وغير فاسدين. وإذا كان الشارع العربي يغلي في عدة دول مع ما حققه من نجاحات هنا، وإخفاقات هناك، ومع ما يعد به من آفاق واعدة في مناطق أخرى، فقد بات من الظاهر أيضا أن بعض الحركات الحقوقية في المجتمع المدني المسيس بالمواقف المدسوسة، وبالزعامات المقنعة، تسعى جاهدة إلى الركوب على موجة الاحتجاجات التي تعرفها بلدان أخرى، ليس من أجل المساهمة في إصلاحات داخلية بل من إجل التستر على الفساد وسوء التدبير وضعف الحكامة التي تنخر مؤسساتها من كل جانب. وعوض ان ينكب هؤلاء الشيوخ “المسوسون” على إصلاح الذات ومراجعة أحوال بيوتهم الداخلية وتنقيتها من الفساد والتنحي عن المسؤولية لفائدة نخب جادة ووجوه جديدة، هاهم يرفعون تحدي البقاء ضدا على الطبيعة التي تقضي بتغير الاجيال، وضدا على مبدإ الديمقراطية وروح التناوب من أجل إفساح المجال لدماء قادرة على مواكبة التغيير المنشود. ويشكل المغرب نموذجا للوضعية المذكورة حيث وجوه سياسية فاشلة عمرت طويلا وتسببت في شل حركة أحزابها ونقاباتها، لكنها ترفض الرحيل والتقاعد، ووجوه “حقوقية” هرمت ولا زالت تتشبث بشتى الوسائل، بما في ذلك التضامن فيما بينها، بثدي القطاع الحقوقي الذي ترضع منه وتحلبه منذ عشرات السنين، حتى صارت عالة على القطاع وصار طردها ومحاربتها من أولوية الأولويات للسير بالحقل الحقوقي وبالمجتمع المدني نحو الأمام. لقد آن الأوان للتحلي بالجرأة والشجاعة لمساءلة بعض الوجوه كالجد الحميد أمين، والمعطي منجب، وفؤاد عبد المومني والنويضي و”الهانم” خديجة الرياضي، على سبيل المثال لا الحصر، عن حصيلة عقود من احتكارهم للمسؤولية في العمل الحقوقي والجمعوي في المغرب. لقد سبق لبرلمان.كوم أن فجر فضائح مالية وأخلاقية أبطالها بعض هذه الكائنات الحقوقية والجمعوية التي يؤرقها منبرنا الذي تعتبره عدوها الأول تنعته بشتى النعوت سواء في بلاغاتها أو اجتماعاتها الرسمية أو خلال “قصاراتها الليلية”. لقد سبق لبرلمان.كوم أن كشف عن فضائح أخلاقية لهؤلاء الكائنات التي تتخذ من الحداثة ومن مبدإ الحريات الفردية مظلة وغطاء لربط علاقات جنسية متشعبة، أبطالها يعرفهم الجميع داخل هذه الفضاءات منهم من يرفضها ويتحدث عنها وراء الكواليس دون التصريح بها علنا، ومنهم من يتستر عليها لسبب أو لآخر. وقد ضاق الحال ببعض انواع النضال حتى اصبح بعض القياديين لا تحلوا لهم السهرات الا جانب فتيات في أعمار أحفادهم. لقد كشف برلمان.كوم حجم التمويلات الخارجية التي تعد بملايين اليوروهات التي حصلت عليها الجمعية المغربية لحقوق الانسان على سبيل المثال، وكانت تتصرف فيها بشكل ديكتاتوري وبدون رقيب “الهانم” خديجة الرياضي والجد الحميد أمين وغيرهما. وكشفنا أيضا أن الجمعية المغربية كانت تناقش، خلال مؤتمراتها تقاريرها الأدبية لكنها لا تجرؤ على التداول في التقارير المالية التي يتم تمريرها بإجماع تحت تصفيقات الحضور، بذريعة عنصر الثقة بين الرفاق. ولعل هذا ما دفع بحزب الطليعة إلى الانسحاب من الجمعية المذكورة التي يسيطر عليها حزب النهج الديمقراطي المتطرف، وهو الحزب الذي تنتمي إليه “الهانم” الرياضي. وهنا يحق لنا أن نتوقف لندعو إلى فتح الملف المالي، وكيفية صرف التمويلات الخارجية ومحاسبة ومعاقبة المفسدين وكل أنواع الاختلاسات، قصد الدخول في مرحلة جديدة وإعادة الثقة بين الأعضاء. وهي فرصة للدعوة إلى مساءلة “الهانم” الرياضي والجد عبد الحميد أمين عن مصدر وظروف تمويل دراسة أبنائهم في الجامعات الغربية بمصاريف باهضة، في الوقت الذي يدعيان فيه الوقوف إلى جانب الفقراء وأبناء الشريحة الواسعة من الشعب ومشاركتهم معاناتهم. نعم نقولها ونعيدها: يجب على الرفاق التحلي بالصدق والمصداقية وبالجرأة والشجاعة للقيام بمكاشفة تفضي إلى محاكمة داخلية للماركسي اللينيني فؤاد عبد المومني كي يبرر سر ثروته، فلعل مثل هذه الصدمات “الكهرو رفاقية” تساعده على التخلي عن سلوكات الشيخ المراهق، فقد انكشف أمره وتعرت أسراره. أما المعطي منجب، الذي يقدم نفسه مؤرخا و حقوقيا، قبل أن يرتمي على عالم الصحافة برغبة الاسترزاق، وهنا يمكن للحديث أن يطول دون حرج، فلو كان يعيش في أمريكا لكان مصيره السجن لعدة أسباب أولها التهرب الضريبي. فأمريكا تعتبر تأدية الضرائب شرطا أساسيا من شروط المواطنة، وكل إخلال بهذه الشرط يؤدي مباشرة إلى السجن. لقد سبق لموقع برلمان.كوم أن كشف كيف تهرب منجب من تأدية واجبه الضريبي، وكيف امتنع خلسة عن التصريح ببعض مداخيل شركته، “مركز ابن رشد للدراسات والإعلام” الذي يتلقى تمويلات من الخارج. كما سبق أن أخبرنا أنه بعد مراقبة إدارة الضرائب لحسابات المعطي منجب، طالبته سنة 2015 بتسوية الوضع، قبل أن ترفع القضية على أنظار القضاء. ويُستفاد من وثيقة اطلع عليها آنذاك موقع "برلمان .كوم"، أنه يتوجب على المعطي منجيب أداء ضريبي بمبلغ 1.267.111,36 درهم من بينها 468.999,97 درهم كغرامات تأخير، وذلك بعد عملية مراجعة حسابات شركته همت الفترة بين 2011 و 2014 . وفي توضيح أدلى به مصدر موثوق، فإن المبلغ الإجمالي لهذه الضريبة تم احتسابه على أساس مراجعة وثائق المحاسبة التي يتوفر عليها المعطي منجيب، والتي مكنت على الخصوص من اكتشاف وجود رقم معاملات غير مصرح به بمبلغ 371.138,80 درهم، ونفقات مبالغ فيها قدرها 426.695,48 درهم. يذكر أن "مركز ابن رشد للدراسات والإعلام" الذي يوجد مقره الاجتماعي في الرباط، هو شركة ذات مسؤولية محدودة برأسمال قدره 10.000 درهم تم تأسيسها في غشت 2009 ويملكها المعطي منجب وشقيقته فاطمة منجب، واتخذا لها تسمية” مركز للدراسات” عوض “مكتب للدراسات” كمحاولة منهما للتغطية والتملص من الضرائب، بل وأيضا كمحاولة للإيهام بأن الأمر يتعلق بمؤسسة ذات طابع جمعوي. وكان برلمان.كوم قد كشف أيضا بأن منجب قام بتحويلات خارج إطار القانون من حساب الشركة لفائدة أخته وزوجته. وبعد اندلاع الفضيحة، حاول منجب حشد مساندة وطنية ودولية مدعيا أنه مستهدف من طرف المخزن. ورغم الشكوك التي أبداها حقوقيون تجاهه في هذه القضية، فإنه وجد في “الهانم” خديجة الرياضي السند القوي، لغاية في نفس يعقوب. ومنذ ذلك الحين أطلق المعطي منجب عنان لسانه للكذب حيث ادعى إصابته بمرض وهمي، وزعم كذبا أنه ممنوع من السفر الى الخارج قبل أن يتبين أن الرجل شارك في ندوات مؤدى عنها بكل من قطر وتركيا. أكاذيب منجب تكاثرت وأثارت السخرية مثل تلك التي ادعى فيها تحريض عزيز الرباح القيادي في حزب المصباح، على قتله، وتلك الكذبة التي زعم فيها أنه موضوع تجسس من طرف إسرائيل لفائدة المغرب. وجدير بالذكر أن هذا “المناضل” ضد الريع والفساد، هو أيضا أستاذ شبح في الجامعة بالرباط، ويفضل المشاركة في الندوات خارج المغرب التي تدر عليه مداخيل بالعملة الصعبة، عِوَض احترام التزاماته مع طلبته. و حينما تطالبه الوزارة الوصية بالحضور، يخرج لنا منجب رواية المؤامرة ضده و استهدافه من طرف المخزن، بما يعني “ناكل الغلة، ونسب الملة”. وفي محاولات عدة للتأثير على القضاء، نظم المعطي عدة ندوات عشية جلسات محاكمته، واحتضن قضية توفيق بوعشرين وتنكر للضحايا المشتكيات، خاصة الزوجة التي عانت من جبروت بوعشرين وهي حامل. والأدهى من كل هذا أن عذا الشخص يشن حملة إعلامية شرسة ضد وطنه وضد الصحافة التي تنتقده وذلك على صفحات جريدة “القدس العربي”، التي تمولها قطر والتي اتخذ منها مسؤولها بالمغرب، الفلسطيني محمود معروف، منبرا للهجوم على المغرب ومؤسساته. ومن يعرف جيدا محمود معروف، فهو يعرف لا محالة أنه يحمل جواز سفر يمني، ويعيش بين ظهرانينا منذ عقود، وأبناؤه لا يعرفون وطنا آخر غير المملكة المغربية التي تحتضنهم وتؤمن لهم مقاما مطمئنا، لكنه يكن للبلد الذي يأويه عداء كبيرا، إذ لا يتوقف عن تمجيد انفصاليي البوليساريو والتطبيل لحركاتهم في تيندوف وكأنه يعيش بهذه المدينة (حبذا !). كما أن السمى معروف لا يكل ولا يمل من تضخيم الحركات الاجتماعية والاحتجاجية التي يعرفها المغرب ويمارسها المغاربة بكل حرية، ولا يتردد في تبخيس الجهود التي يقوم بها المغرب في مجالات التنمية والديمقراطية.لكنه، في المقابل، لا يكتب كلمة واحدة عن الفساد ولا عن التصفيات السياسية والجسدية العديدة التي ترتكب بشكل شبه يومي بين الفصائل الفلسطينية، باسم القضية الفلسطينية. وهذا موضوع آخر سنعود إليه مستقبلا. وبالعودة إلى “المؤرخ” والموظف الشبح، فإن آخر ما كتبه على صفحات جريدة “القدس العربي”، مقالا مليءا بالكذب والمغالطات المجانية تهجم من خلاله على الصحافة وعلى ما أسماه ب”تخبط” المصالح الأمنية في قضية عمر الراضي، علما أن جل الصحافيين عبروا عن تضامنهم مع هذا الأخير، وعلما أن القضاء هو الذي استدعاه وأمر باعتقاله و ليست المصالح الامنيية، حسب بلاغ رسمي تجاهله “المؤرخ”. وبالمناسبة، نود مساءلة المعطي منجب هل كان يتوصل بأجر مادي مقابل مقالاته، أم أنه يدخل ضمن لائحة المتعاونين والمراسلين الذين اشتكوا محمود معروف لإدارة “القدس العربي” بسبب عدم توصلهم بأجورهم التي قالوا إن محمود معروف استحوذ عليها شخصيا. أمثال المعطي منجب الذين يجمعون بين الجشع والكذب والفضائح الأخلاقية، لا يقدمون قيمة مضافة للحقل الحقوقي وللمجتمع المدني، بل هم الملوثون الحقيقيون لهذه المجالات الحيوية والنبيلة التي لا يمكن أن تتطور وتزدهر بدون إزاحتهم وترك المجال للطاقات الشابة التي تزخر بها.