فجأة عاد المؤرخ المعطي منجب إلى الواجهة الإعلامية بعد غياب دام عدة أشهر، ليتساءل المتتبع عن سر هذه العودة وتوقيتها وأهدافها. منجب اختار كموضوع لعودته هاته تحقير رئيس الحكومة عبد الاله ابن كيران وتبخيس عمله وانتقاد صلاحيات الملك محمد السادس وفؤاد عالي الهمة ومنير الماجيدي وعبد اللطيف الحموشي، وهو موضوع “سيكسي” (sexy) باستعمال قاموس الصحافة الفرنسية، بمعنى أنه يلقى اهتماما وإقبالا من طرف الرأي العام، خاصة وأن المغرب مقبل على إجراء انتخابات تشريعية جد هامة بالنسبة لمستقبل البلاد. أن يخوض المعطي منجب في الحياة السياسية لبلده فذلك أمر طبيعي وحق مشروع لا ينازعه فيه أحد. لكن أن يخرج منجب خرجته المدوية على بعد عشرة أيام من محاكمته التي ستنطلق يوم الأربعاء 29 يونيو الجاري، فالأمر لا يعدو أن يكون محاولة للضغط على القضاء. منجب يقول لرئيس الحكومة “ليست لك سلطة”، و كأنه يطلب منه أن يثبت العكس ويضغط على وزيره في العدل كي يحكم القضاء لصالحه. ويقول إن السلطة بين أيدي الهمة والماجدي والحموشي ليظهر في دور المظلوم إن لم يكن الحكم في صالحه. لكن ما لا يقوله المعطي منجب، هو أنه تلقى تمويلات باهظة من الخارج وثبت أنه قام بتحويلات لحساب زوجته وأخته. وحين سأله رفاقه في “النضال” عن حقيقة الأمر لم يستطع منجب نفي التهمة وحاول التستر وراء ادعاءات من قبيل استهدافه من طرف النظام وقام بإضراب عن الطعام وادعى منعه من مغادرة التراب الوطني و تعرضه للمضايقات بل والتهديد بالقتل رغم تكذيب وزارة الداخلية لكل هذه الإدعاءات. طبعا، لم يبلع أصدقاء المعطي، بمن فيهم رفاقه في الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، هذه الادعاءات. ولذلك لم يحظ بالمساندة التي كان ينتظرها منهم. مشكلة المعطي منجب ليست مع بنكيران، ولا مع الملك والهمة والماجدي والحموشي، بل مع القضاء، ومع مديرية الضرائب التي وجهت له في ديسمبر الماضي إنذارا من أجل أداء مبلغ 1.267.111,36 درهم مستحق لمصلحة الضرائب، داخل أجل شهر، إذا أراد تجنب فرض غرامات تأخير عليه. وجاء هذا الإنذار الذي نشره في حينه موقع برلمان.كوم إثر عملية مراجعة ضريبية همت الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى 2014، خضع لها المعطي منجب المتابع بسبب مخالفات مالية تتعلق بتسيير مكتب الدراسات المسمى "مركز ابن رشد للدراسات والإعلام" الذي يملكه المعطي وشقيقته فاطمة منجب والكائن مقره الإجتماعي بالرباط. ويُستفاد من وثيقة اطلع عليها موقع برلمان.كوم أنه يتوجب على المعطي منجب أداء ضريبة بمبلغ 1.267.111,36 درهم من بينها 468.999,97 درهم كغرامات تأخير. وهذا المبلغ موزع ما بين الضريبة على الشركات تتعلق برقم المعاملات (565.600,19 درهم)، وضريبة متراكمة على القيمة المضافة (498.122,67 درهم)، وضريبة على الشركات تتعلق بفوائد الأسهم (203.388,50 درهم). نفس الوثيقة تبرز أن المبلغ الإجمالي لهذه الضريبة تم احتسابه على أساس مراجعة وثائق المحاسبة التي يتوفر عليها المعطي منجب، والتي مكنت على الخصوص من اكتشاف وجود رقم معاملات غير مصرح به بمبلغ 371.138,80 درهم، ونفقات مبالغ فيها قدرها 426.695,48 درهم. لهذه الأسباب يصعب على المعارضين والحقوقيين مساندة المعطي منجب في خرجته الإعلامية التي، لنفرض أنها حق، فالمراد منها باطل.