تناسلت العديد من الحكايات والأساطير حول تاريخ ظهور الشاي بالمغرب وباقي بلدان العالم، حيث لا يمكن تخيل أن هذا المشروب البسيط قد حيكت حوله حكايا غابرة وطرائف غريبة طبعت نمط حياة اجتماعية تغيرت على مدى العصور والأزمان. فمن بين الروايات التي لا يعرفها العديد من المغاربة، أن الشاي أو ما يعرف بالدارجة العامية “أتاي” كان مشروبا حكرا على السلاطين وعلية القوم، بل كان مشروبا لا تمسه النساء لا من قريب أو من بعيد. وفي هذا الصدد، يقول البشير، المتخصص في تعمار “أتاي” في المناسبات في حديث مع “برلمان.كوم” إن مشروب الشاي الذي يكاد يرتشفه المغاربة بصفة عامة مرتين في اليوم على الأقل وربما بطريقة تكاد تضاهي شرب الماء، كان نادرا وحكرا على طبقة دون أخرى وبسبب قلته أيضا، فقد كان حكرا على الرجال بحيث لم تكن النساء آنذاك تحضى بامتياز احتسائه أو حتى الاقتراب من مكوناته”. وأضاف البشير، وهو رجل في عقده السابع، أن مساعي المرأة المغربية ظل لحقبة من حقب ندرة وغلاء الشاي، تتمحور حول كيفية رشفه واحتسائه كما يفعل الرجال، إلى أن تمكنت بعضهن من تحصيل حق شربه، إذ اعتبرن من علية القوم عكس اللواتي كن يقبعن في مخابئهن كما تخبأ أكياس الشاي والسكر عن مرمى عيونهن. وعن سبب منعه عن النساء، يورد ذات المتحدث أن الفقهاء كانوا يعتقدون أن الشاي يحتوي على مادة مخدرة لا تختلف كثيرا عن الخمر، كما كانوا يعتبرون أن هيئته وآنيته وطقوسه تشبه جلسات الخمر، مضيفا أن ذات الفقهاء حرموا شربه بسبب طول جلسات رشفه التي تشغل العباد عن الصلاة. وحسب ماجاء في مجموعة من كتب التاريخ، فإن جل القصص والحكايات أجمعت على أن الفضل في اكتشاف الشاي يعود إلى آلاف السنين مع إمبراطور صيني كان يدعى (شين نانج) الذي اعتاد على غلي الماء وشربه للحفاظ على صحته، إلى أن تفاجأ يوما وهو بصدد غلي الماء بسقوط وريقات من الشجر في الكوب، ليقوم بإخراجها ويتذوق مشروبه بعدما لاحظ تغير لونه إلى الأصفر، ليجده منعشا وذا نكهة ليست كباقي النكهات التي عدلت مزاجه، ليتم تداول النبتة تحت إسم “شا” والمشروب بإسم “الشاي”. وبخصوص تعرف المغاربة على المشروب السحري، فتفيد عدد من المعطيات أنه دخل إلى المملكة في مطلع القرن الثامن عشر خلال فترة حكم السلطان إسماعيل، إذ يعد الإنجليز أول من أدخلوه وقدموه كهدايا للسلطان ورجال البلاط، وبعد فترة من الزمن انتشر استعمال هذا المشروب رويدا رويدا إلى أن وصل إلى طبقات المجتمع أجمعه. ولم يعرف باقي العامة طعم الشاي إلا عند مطلع القرن العشرين، حيث احتل مكانة خاصة لدى الأسر المغربية، ورافق انتشاره، طقوسا مميزة، وازدهرت على إثره حرفة صناعة الأكواب والصواني والأباريق الخاصة به؛ والتي غالبيتها تصنع من النحاس أو الفضة مرفوقة بنقوش للزينة. وحري بالذكر أنه وبالرغم من انتشار الشاي في باقي دول أوروبا وأمريكا وإفريقيا، إلا أنه تم رفض شربه من قبل الكنيسة عند الغرب لاعتبارات لخصتها هي الأخرى في أنه يفسد أخلاق الرجال، ليكون بالتالي للقارة الإفريقية خصوصا الشمال امتياز استوراده واحتسائه كل وفق طقوسه مع بعض التعديلات على مكوناته.