صدر مؤخرا عن دار النشر (مليكة) كتاب «الشاي بالمغرب الصحراوي .. من الغرابة إلى الأصالة»، لمؤلفه أحمد البشير ضماني، والذي تم طبعه بدعم من وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أقاليم الجنوب بالمملكة، وذلك ضمن سلسلة «تاريخ ومجتمعات المغرب الصحراوي». وفي تقديمه لهذا الكتاب، الذي يقع في 204 صفحات من الحجم الكبير، كتب الأستاذ عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة ومحافظ ضريح محمد الخامس، أن هذا الكتاب المصور «يعد حلقة نيرة من حلقات الدراسات القيمة عن الشاي وآدابه واحتفالياته في المغرب وخاصة في مناطقه الصحراوية، حيث أن الشاي يكون له متعة لأهاليها ولحواسهم من سمع وبصر وشم وذوق». واعتبر المريني في هذه المقدمة أن «صخب الشاي وهو يسكب في الكؤوس من «البراد» التقليدي فيه متعة للسمع وللبصر قبل تذوقه واحتسائه، علاوة على أن الشاي عندهم هو أهم ما يقدم لضيوفهم، كما يجسد رابطة الصداقة والألفة والمحبة في جلساتهم العامة والحميمية التي يطول مقامها وتحلو أحاديثها». من جانبه، أبرز صاحب الكتاب في مقدمته أن «من ينظر إلى الشاي لدى ساكنة المغرب الصحراوي قد لا يتصور بأنهم حديثو العهد به، فلم ينتشر تعاطيه في جميع الأوساط ومختلف الفئات إلا منذ زمن ليس بالبعيد»، موضحا في هذا الصدد أن «محاولة تحديد تاريخ الشاي إلى المغرب والكيفية التي انتشر بها ليعم كل مناطق البلاد ومختلف الفئات الاجتماعية متوسعا نحو الجنوب ليشمل مجموع الغرب الصحراوي تبقى محور جدل واسع». وأشار الكاتب في هذا المقام إلى أن الشاي «بدأ بالانتشار المتسارع جغرافيا مباشرة بعد وصوله إلى المغرب الصحراوي في أوائل القرن التاسع عشر، دون أن يواكب ذلك انتشار اجتماعي». وعزا المؤلف هذا التباين بخصوص دخول الشاي إلى المغرب «لكون أن تناول الشاي بقي مقتصرا على بلاط السلطان وحاشيته والأغنياء لزمن طويل، ولم يعمم إلا في وقت متأخر للغاية، فلم يكن يشرب بالبوادي حتى مطلع القرن العشرين»، ليصبح بعد ذلك في متناول الأسر المتواضعة. ورصدا لظاهرة انتشار الشاي في المغرب الصحراوي، أفاد صاحب الكتاب بأن «الشاي في الوقت الحاضر أصبح مشروبا يتعاطاه الجميع» و»رمز كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، يقدم في المناسبات العامة والخاصة، في المنازل والفنادق والمطاعم والمقاهي والمنتزهات، بمخيمات الرحل وقصور الواحات»، ليخلص إلى القول بأن هذا المشروب صار «يشكل أهم مكونات السفر والترحال» بالنسبة للمجتمع الصحراوي، مع ما يرافق ذلك من طقوس إعداده واقتناء لأوانيه المتعددة. وليميط اللثام عن القيم الثقافية والإشعاع الحضاري لظاهرة انتشار الشاي في المغرب الصحراوي، تطرق مؤلف الكتاب إلى عدة مواضيع منها على الخصوص «دخول الشاي إلى المغرب» وأسباب انتشاره، قواعد إعداد الشاي، و»الأصل في أواني الشاي وأسمائها» والشاي كموضوع للتفكير وتغير العادات وتحول المجتمع، معززا كل هذه المواضيع بصور فوتوغرافية التقطها الفنان هرفي نيغر. يشار إلى أن صاحب الكتاب أحمد البشير ضماني، (من مواليد 1964)، هو باحث في تاريخ وتراث المغرب الصحراوي، وحاصل على دبلوم الدراسات المعمقة في الأدب الحديث من جامعة محمد الخامس بالرباط، ويعمل حاليا متصرفا ممتازا في الإدارة الترابية.